ﺍﻟﻐﺼﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ

ﻧﻈﺮﺍ ﻟﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﺘﻨﻒ ﻓﻬﻢَ ﻗﺴﻢٍ ﻣﻦ ﺍلأﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺤﺚ ﻓﻲ «ﻋـلاﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻭﺃﺣﺪﺍﺛﻬﺎ» ﻭﻓﻲ «ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍلأﻋﻤﺎﻝ ﻭﺛﻮﺍﺑﻬﺎ» ﻓﻘﺪ ﺿﻌّﻔﻬﺎ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪّﻳﻦ ﺑﻌﻘﻮﻟﻬﻢ، ﻭﻭﺿﻌﻮﺍ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻲ ﻋِﺪﺍﺩ «ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎﺕ» ﻭﺗﻄﺮّﻑ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺿﻌﺎﻑ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﻭﺭﻳﻦ ﺑﻌﻘﻮﻟﻬﻢ ﻓﺬﻫﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﻜﺎﺭﻫﺎ. ﻭﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ لا ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻧﻨﺎﻗﺸﻬﻢ ﺗﻔﺼﻴـلا، ﺑﻞ ﻧﻨﺒّﻪ ﺇﻟﻰ «ﺍﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ» ﺃﺻـلا ﻣﻦ ﺍلأﺻﻮﻝ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺍلاﺳﺘﻬﺪﺍﺀ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ.

ﺍلأﺻﻞ ﺍلأﻭﻝ

ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻴﻨّﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ» ﻭﻣﺠﻤﻠُﻬﺎ: ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻣﺘﺤﺎﻥ ﻭﺍﺧﺘﺒﺎﺭ، ﻳﻤﻴّﺰ ﺍلأﺭﻭﺍﺡَ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍلأﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺴﺎﻓﻠﺔ؛ ﻟﺬﺍ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻴﺸﻬﺪﻫﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺼﻴﻐﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔً ﻭﻣُﺒﻬﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﺳﺘﻌﺼﺎﺀ ﻓﻬﻤِﻬﺎ، ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻭﺍﺿﺤﺔً ﻭﺿﻮﺡَ ﺍﻟﺒﺪﺍﻫﺔ ﺍﻟﺘﻲ لا ﻣﻨﺎﺹ ﻣﻦ ﺗﺼﺪﻳﻘﻬﺎ، ﺑﻞ ﻳﻌﺮﺿﻬﺎ ﻋﺮﺿﺎ ﻣﻨﻔﺘﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ، لا ﻳُﻌﺠﺰﻫﺎ، ﻭلا ﻳﺴﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓَ ﻋﻠﻰ ﺍلاﺧﺘﻴﺎﺭ. ﻓﻠﻮ ﻇﻬﺮﺕ ﻋـلاﻣﺔ ﻣﻦ ﻋـلاﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻛﻮﺿﻮﺡ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎﺕ، ﻭﺍﺿﻄﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ، ﻟﺘﺴﺎﻭﻯ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻓﻄﺮﻱ ﻛﺎﻟﻔﺤﻢ ﻓﻲ ﺧﺴﺎﺳﺘﻪ ﻣﻊ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻓﻄﺮﻱ ﺁﺧﺮ ﻛﺎلأﻟﻤﺎﺱ ﻓﻲ ﻧﻔﺎﺳﺘﻪ، ﻭﻟﻀﺎﻉ ﺳﺮُّ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻭﺿﺎﻋﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔُ ﺍلاﻣﺘﺤﺎﻥ ﺳﺪﻯ.

ﻓـلأﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻇﻬﺮﺕ ﺍﺧﺘـلاﻓﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻋﺪﻳﺪﺓ، ﻛﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻭﺍﻟﺴﻔﻴﺎﻧﻲ ﻭﺻﺪﺭﺕ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻣﺘﻀﺎﺭﺑﺔ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍلاﺧﺘـلاﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ.

ﺍلأﺻﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ

ﻟﻠﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍلإﺳـلاﻣﻴﺔ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﻭﻣﺮﺍﺗﺐ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﺣﺪﺍﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻗﻄﻌﻲ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ، ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺍلأﺧﺮﻯ ﺑﻐَﻠﺒﺔ ﺍﻟﻈﻦ، ﻭﺃﺧﺮﻯ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺮﻓﺾ.

ﻟﻬﺬﺍ لا ﻳُﻄﻠَﺐ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻗﻄﻌﻲ ﻭﺇﺫﻋﺎﻥ ﻳﻘﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ ﺃﻭ ﺍلأﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺃﺳﺲ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ، ﺑﻞ ﻳُﻜﺘﻔﻰ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺮﻓﺾ.

ﺍلأﺻﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ

ﻟﻘﺪ ﺃﺳﻠﻢ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ، ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ، ﻭﺣﻤﻠﻮﺍ ﻣﻌﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍلإﺳـلاﻡ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ﻓﺄُﺧِﺬَ ﻭَﻫﻤﺎً ﻏﻴﺮُ ﻗﻠﻴﻞٍ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍلإﺳـلاﻣﻴﺔ.

ﺍلأﺻﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ

ﻟﻘﺪ ﺃُﺩﺭﺝ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﺮﻭﺍﺓ، ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻨﺒﻄﻮﻫﺎ ﺿﻤﻦ ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﺄﺧﺬﺕ ﻋﻠﻰ ﻋـلاﺗﻬﺎ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ لا ﻳﺴﻠَﻢ ﻣﻦ ﺧﻄﺄ، ﻇﻬﺮ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻗﻮﺍﻝ ﻭﺍلاﺳﺘﻨﺒﺎﻃﺎﺕ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ، ﻣﻤﺎ ﺳﺒّﺐ ﺿﻌﻒَ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ.

ﺍلأﺻﻞ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ

ﺃﻋﺘﺒﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﻠﻬَﻤﺔ ﻟـلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪِّﺛﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ، ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍلأﻣﺔ ﻣﺤﺪَّﺛﻴﻦ، ﺃﻱ ﻣﻠﻬَﻤﻴﻦ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺇﻟﻬﺎﻡ ﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺎﻃﺌﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻌﻮﺍﺭﺽ، ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔَ ﻓﻲ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ.

ﺍلأﺻﻞ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ

ﻳﺸﺘﻬﺮ ﺑﻌﺾُ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﺘﺠﺮﻱ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻣﺠﺮﻯ ﺍلأﻣﺜﺎﻝ، ﻭﺍلأﻣﺜﺎﻝُ لا ﻳُﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳُﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﺴﺎﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤَﺜَﻞ، ﻟﻬﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍلأﺣﺎﺩﻳﺚ ﺫﻛﺮُ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺗﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻗﺼﺺ ﻭﺣﻜﺎﻳﺎﺕ ﻛﻨﺎﻳﺔً ﻭﺗﻤﺜﻴـلا ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﻭﺍلإﺭﺷﺎﺩ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻧﻘﺺ ﻭﻗﺼﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ، ﻓﻬﻮ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﺮﺍﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻋﺎﺩﺍﺗﻬﻢ ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﺴﺎﻣﻌﻮﻩ ﻭﺗﻌﺎﺭﻓﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻳﺎﺕ.

ﺍلأﺻﻞ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ

ﻫﻨﺎﻙ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻬﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴـلاﺕ ﺍﻟﺒـلاﻏﻴﺔ ﺗﺆﺧﺬ ﻛﺤﻘﺎﺋﻖَ ﻣﺎﺩﻳﺔ، ﺇﻣﺎ ﺑﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺃﻭ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﺠﻬﻞ، ﻓﻴﻘﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻣﻦ ﺣﺴﺒﺎﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻬﺎﺕ ﺣﻘﺎﺋﻖَ ﻣﺎﺩﻳﺔ.

ﻓﻤﺜـلا: ﺇﻥ ﺍﻟﻤَﻠَﻜﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻤَﻴﻴﻦ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺗَﻴﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟَﻢ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ، ﻭﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻣـلاﺋﻜﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤُﺸﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ، ﻗﺪ ﺗﺤﻮلا ﺇﻟﻰ ﺛﻮﺭٍ ﺿﺨﻢ ﻭﺣﻮﺕٍ ﻣﺠﺴﻢ ﻓﻲ ﻇﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺗﺼﻮﺭﻫﻢ ﺍﻟﺨﺎﻃﺊ، ﻣﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍلاﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ.

ﻭﻣﺜـلا: ﺳُﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم، ﻓﻘﺎﻝ: ﻫﺬﺍ ﺻﻮﺕُ ﺣﺠﺮٍ ﻳﻬﻮﻱ ﻓﻲ ﺟﻬﻨﻢ ﻣﻨﺬ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺧﺮﻳﻔﺎ ﻓﺎلآﻥ ﺣﻴﻦ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺇﻟﻰ ﻗﻌﺮﻫﺎ ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻟﻢ ﺗﺘﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﻨﻜﺮﻩ، ﻓﻴﺰﻳﻎ، ﻭﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﻗﻄﻌﺎ، ﺃﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﻭﺟﻴﺰﺓ ﺟﺎﺀ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻓﺄﺧﺒﺮ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻖ ﺍﻟﻔـلاﻧﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﻫﻨﻴﻬﺔ، ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﺘﻴﻘﻦ ﺃﻥّ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﻗﺪ ﺻﻮَّﺭ ﺑﺒـلاﻏﺘﻪ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﻛﺤﺠﺮٍ ﻳﺘﺪﺣﺮﺝ ﺇﻟﻰ ﻗﻌﺮ ﺟﻬﻨﻢ، ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﺳﻘﻮﻁ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺗﺮﺩٍّ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﺃﺳﻤﻊَ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻮﺕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻖ ﻭﺟﻌﻠَﻪ ﻋـلاﻣﺔ ﻋﻠﻴﻪ.

    ﺍلأﺻﻞ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ

ﻳُﺨﻔﻲ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢُ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍلاﻣﺘﺤﺎﻥ ﻭﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍلاﺑﺘـلاﺀ ﻫﺬﺍ، ﺃﻣﻮﺭﺍ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪﺍ ﺑﻴﻦ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﻛﺜﺮﺓٍ ﻣﻦ ﺍلأﻣﻮﺭ. ﻭﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺬﺍ ﺍلإﺧﻔﺎﺀ ﺣِﻜﻢ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﻣﺼﺎﻟﺢُ ﺷﺘﻰ.

ﻓﻤﺜـلا: ﻗﺪ ﺃﺧﻔﻰ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ «ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ» ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻭ«ﺳﺎﻋﺔ ﺍلإﺟﺎﺑﺔ» ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻭ«ﺃﻭﻟﻴﺎﺀَﻩ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ» ﺑﻴﻦ ﻣﺠﺎﻣﻴﻊ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻭ«ﺍلأﺟﻞ» ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺮ، ﻭ«ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ» ﻓﻲ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﺃﺟَﻞُ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻭﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﻭﻗﺘُﻪ، ﻟﻘﻀﻰ ﻫﺬﺍ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﻧﺼﻒَ ﻋﻤﺮﻩ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ، ﻭﻧﺼﻔَﻪ ﺍلآﺧﺮ ﻣﺮﻋﻮﺑﺎ ﻣﺪﻫﻮﺷﺎ ﻛﻤﻦ ﻳُﺴﺎﻕ ﺧﻄﻮﺓ ﺧﻄﻮﺓ ﻧﺤﻮ ﺣﺒﻞ ﺍﻟﻤﺸﻨﻘﺔ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔُ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺯﺍﻥ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍلآﺧﺮﺓ ﻭﻣﺼﻠﺤﺔُ ﺑﻘﺎﺀ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻣﻌﻠﻘﺎ ﻗﻠﺒُﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ، ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺗﻤﺮّ ﺑﺎلإﻧﺴﺎﻥ ﺇﻣﻜﺎﻥُ ﺣﺪﻭﺙِ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭِ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.. ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻳُﺮﺟَّﺢ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﻣﺠﻬﻮﻝِ ﺍلأﺟَﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﻋُﻤﺮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺍلأﺟﻞ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻘﻴﺎﻡُ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ، ﻫﻮ ﺃﺟَﻞُ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻛﺈﻧﺴﺎﻥ ﻛﺒﻴﺮ، ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﻭﻗﺘُﻪ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻭﻣﻌﻠﻨﺎ ﻟﻤﻀﺖ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍلأﻭﻟﻰ ﻭﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﺳﺎﺩﺭﺓً ﻓﻲ ﻧﻮﻡ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻈﻞ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍلأﺧﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺭﻋﺐ ﻭﺩﻫﺸﺔ؛ ﺫﻟﻚ لأﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥَ ﻭﻃﻴﺪُ ﺍﻟﻌـلاﻗﺔ ﺑﺤﻴﺎﺓ ﻣﺴﻜَﻨﻪ ﺍلأﻛﺒﺮ ﻭﺑﻠﺪﻩ ﺍلأﻋﻈﻢ، ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺑﺤﻜﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍلاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍلإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻤﺴﻜﻨِﻪ ﻭﺑﻠﺪﻩ ﺑﺤُﻜﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ.

ﻧﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻓﻲ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ لا ﻳﻨﺎﻗﻀُﻪ ﻣﺮﻭﺭُ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﻭﻧﻴﻒ، ﺇﺫ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔُ ﺃﺟَﻞُ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﻭﻣﺎ ﻧﺴﺒﺔُ ﺃﻟﻒِ ﺳﻨﺔ ﺃﻭ ﺃﻟﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇلا ﻛﻨﺴﺒﺔ ﻳﻮﻡٍ ﺃﻭ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﺃﻭ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﺩﻗﻴﻘﺘﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺳﻨﻲ ﺍﻟﻌﻤﺮ.

ﻭﻛﺬﻟﻚ لا ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﺑﺎﻟﻨﺎ ﺃﻥّ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻟﻴﺲ ﺃﺟَﻞَ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ﺣﺘﻰ ﻳُﻘﺎﺱ ﻗﺮﺑُﻪ ﻭﺑُﻌﺪُﻩ ﺑﻤﻘﻴﺎﺱ ﻋﻤﺮﻫﺎ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺃﺟَﻞُ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ ﺫﺍﺕ ﺍلأﻋﻤﺎﺭ ﺍﻟﻤﻬﻮﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺪّ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺏ.

ﻭلأﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺃﺧﻔﻰ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢُ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﻣﻮﻋﺪَ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﻴّﺒﺎﺕ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﻜﻤﺔ ﺍلإﺧﻔﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﻳﺨﺸﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﻗﻴﺎﻡَ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ، ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﺷﺪّ ﺧﺸﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺯﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻣﻊ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ، ﻭﻫﻮ ﻗﺮﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻧﺠـلاﺀ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ، ﺑﻞ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀُﻬﻢ: ﺇﻥّ ﺃﺷﺮﺍﻁ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻭﻋـلاﻣﺎﺗِﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺤﻘﻘﺖ. ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﻬﻠﻮﻥ ﺣﻜﻤﺔَ ﺍلإﺧﻔﺎﺀ ﻭﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻇﻠﻤﺎ: ﻛﻴﻒ ﻇﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻗﺮﺏَ ﻭﻗﻮﻉ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻭﺧﻄﻴﺮﺓ ﺳﺘﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﺃﻟﻒٍ ﻭﺃﺭﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ، ﻇﻨﻮﻫﺎ ﻗﺮﻳﺒﺔً ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻫﻢ. ﻋﻠﻤﺎ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻗﺪﺭَ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺃﻓﻀﻠَﻬﻢ ﻓﻲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍلآﺧﺮﺓ، ﻭﺃﺣﺪَّ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﺼﻴﺮﺓ ﻭﺃﺭﻫﻔﻬﻢ ﺣﺴﺎ ﺑﺈﺭﻫﺎﺻﺎﺕ ﻣﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺑﻪ ﺍﻟﺰﻣﻦ؟ ﻟﻜﺄﻥ ﻓﻜﺮَﻫﻢ ﻗﺪ ﺣﺎﺩ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ!

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: لأﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ- ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻛﺜﺮَ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﻔﻜﺮﺍ ﺑﺎلآﺧﺮﺓ، ﻭﺃﺭﺳﺨَﻬﻢ ﻳﻘﻴﻨﺎ ﺑﻔﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺃﻭﺳﻌَﻬﻢ ﻓﻘﻬﺎ ﺑﺤﻜﻤﺔ ﺇﺧﻔﺎﺀِ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻔﻀﻞ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻭﻓﻴﻀﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻨﺘﻈﺮﻳﻦ ﺃﺟَﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻣﺘﻬﻴﺌﻴﻦ ﻟﻤﻮﺗﻬﺎ ﻛﻤﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺃﺟَﻠﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻰ، ﻓﺴﻌﻮﺍ لآﺧﺮﺗﻬﻢ ﺳﻌﻴﺎ ﺣﺜﻴﺜﺎ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم «.. ﻓﺎﻧﺘﻈﺮﻭﺍ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ» ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺣﻜﻤﺔ ﺍلإﺧﻔﺎﺀ ﻭﺍلإﺑﻬﺎﻡ ﻭﻓﻴﻪ ﺇﺭﺷﺎﺩ ﻧﺒﻮﻱ ﺑﻠﻴﻎ، ﻭﻟﻴﺲ ﺗﻌﻴﻴﻨﺎ ﻟﻤﻮﻋﺪ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻮﺣﻲ، ﺣﺘﻰ ﻳُﻈﻦ ﺑُﻌﺪﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺇﺫ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔُ ﺷﻲﺀ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻠﺔ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺎلأﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴﻞ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺣﻜﻤﺔ ﺍلإﺧﻔﺎﺀ ﻭﺍلإﺑﻬﺎﻡ.

ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻧﻔﺴِﻬﺎ، ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺘﻈﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ ﻣﺪﻳﺪ، ﺑﻞ ﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻭﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﺍﻟﺴﻔﻴﺎﻧﻲ، ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻞ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﺑﻬﻢ، ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺑﻔﻮﺍﺕ ﻭﻗﺘﻬﻢ!

ﻓﺎﻟﺤﻜﻤﺔُ ﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻧﻔﺴُﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ. ﻭﺗﺘﻠﺨﺺ ﺑﻤﺎ ﻳﺄﺗﻲ: ﺇﻥ ﻛﻞ ﻭﻗﺖ ﻭﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ «ﻣﻌﻨﻰ» ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻟﻠﻘﻮﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ، ﻭﺧـلاﺻﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺄﺱ. ﻓﻴﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻜﻞ ﻋﺼﺮ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﻣﺘﻴﻘﻈﻴﻦ ﻭﺣﺬﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﺷﺮّﻳﺮﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺗﻘﻮﺩ ﺗﻴﺎﺭﺍ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺌـلا ﻳﺮﺗﺨﻲ ﻋِﻨﺎﻥُ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﺘﺴﻴّﺐ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺒﺎلاﺓ. ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻭﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟِﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍلأﺷﺨﺎﺹ ﻣﻌﻴﻨﺔً ﻟﻀﺎﻋﺖ ﻣﺼﻠﺤﺔُ ﺍلإﺭﺷﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ.

ﺃﻣﺎ ﺳﺮ ﺍلاﺧﺘـلاﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺣﻘﻬﻤﺎ ﻓﻬﻮ: ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓَﺴّﺮﻭﺍ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻗﺪ ﺃﺩﻣﺠﻮﺍ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻃﺎﺗﻬﻢ ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻊ ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ. ﻛﺘﻔﺴﻴﺮﻫﻢ ﺃﻥ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻭﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﺗﻘﻊ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﺣﺴﺐ ﺗﺼﻮﺭﻫﻢ؛ ﺇﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺗﻘﻊ ﺣﻮﻝ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺨـلاﻓﺔ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺸﺎﻡ.

ﺃﻭ ﺃﻧﻬﻢ ﻓَﺴﺮﻭﺍ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺣﺎﺩﻳﺚ ﺑﺄﻥ ﺍلآﺛﺎﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜّﻞ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔَ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ لأﻭﻟﺌﻚ ﺍلأﺷﺨﺎﺹ ﺃﻭ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻬﺎ ﺟﻤﺎﻋﺎﺗُﻬﻢ، ﺗﺼﻮّﺭﻭﻫﺎ ﻧﺎﺷﺌﺔً ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ، ﻣﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳُﻔﻬﻢ ﺃﻥ ﻫﺆلاﺀ ﺍلأﺷﺨﺎﺹ ﺳﻴﻈﻬﺮﻭﻥ ﻇﻬﻮﺭﺍ ﺧﺎﺭﻗﺎ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ، ﻓﻴﻌﺮﻓﻬﻢ ﺟﻤﻴﻊُ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺍﻟﺤﺎﻝ -ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ- ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭ ﻭﺍﻣﺘﺤﺎﻥ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﺘﺒﺮ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ لا ﻳﺴﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍلاﺧﺘﻴﺎﺭَ ﺑﻞ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻘﻠﻪ؛ ﻟﺬﺍ ﻓﻬﺆلاﺀ ﺍلأﺷﺨﺎﺹ -ﺃﻱ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﻬﺪﻱ- لا ﻳُﻌﺮﻓﻮﻥ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﺪ ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ، ﺑﻞ لا ﻳَﻌﺮﻑ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﺍﻟﺮﻫﻴﺐ ﻧﻔﺴَﻪ ﺃﻧّﻪ ﺩﺟﺎﻝ ﺑﺎﺩﺉ ﺍلأﻣﺮ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ ﻣَﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺑﻨﻮﺭ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬ ﺇﻟﻰ ﺍلأﻋﻤﺎﻕ.

ﻭﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻋـلاﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﺃﻥ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻣﻪ ﻛﺴﻨﺔ ﻭﻳﻮﻣﺎ ﻛﺸﻬﺮ ﻭﻳﻮﻣﺎ ﻛﺠﻤﻌﺔ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺃﻳﺎﻣﻪ ﻛﺄﻳﺎﻣﻜﻢ. ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﺴﻤﻊ ﺻﻮﺗَﻪ، ﻭﻳﺴﻴﺢ ﻓﻲ ﺍلأﺭﺽ ﻓﻲ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎ.

ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻨﺼﻔﻮﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎلاﺕ، ﻭﺃﻧﻜﺮﻭﻫﺎ. ﺣﺎﺵَ ﻟﻠﻪ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺣﻘﻴﻘﺘَﻬﺎ -ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ- ﻫﻲ ﺍلآﺗﻲ: ﺇﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺇﺷﺎﺭﺓً ﺇﻟﻰ ﻇﻬﻮﺭِ ﺷﺨﺺ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ، ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻛﺜﻒُ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻜﻔﺮ، ﻳﻘﻮﺩ ﺗﻴﺎﺭﺍ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻳﺘﻤﺨﺾ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺠﺎﺣﺪﺓ، ﻭﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺍلإﻟﺤﺎﺩ ﻭﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ. ﻓﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻴﻪ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻇﻬﻮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻣﻦ ﺷﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ.

ﻭﺗﺘﻀﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﺭﻣﺰﺍ ﺣﻜﻴﻤﺎ ﻭﻫﻮ: ﺃﻥّ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻟﻠﻘﻄﺐ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔُ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻮﻣﺎ ﻭﻟﻴﻠﺔ، ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺳﺘﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻴﻞ ﻭﺍﻟﺴﺘﺔُ ﺍلأﺧﺮﻯ ﻧﻬﺎﺭ. ﺃﻱ ﻳﻮﻡُ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺳﻨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩ «ﻳﻮﻡ ﻛﺴﻨﺔ». ﻓﻬﺬﻩ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻇﻬﻮﺭﻩ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑـ«ﻳﻮﻡ ﻛﺸﻬﺮ» ﻓﻬﻮ ﺃﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻘﺪﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺎﻃﻘﻨﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭُ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺷﻬﺮﺍ ﻛﺎﻣـلا، ﺣﻴﺚ لا ﺗﻐﺮﺏ ﺍﻟﺸﻤﺲُ ﺷﻬﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﻒ. ﻭﻫﺬﻩ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺃﻳﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ. ﻭﻫﺬﻩ ﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﺁﺗﻴﺔ ﻣﻦ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﻗﺘﺮﺑﻨﺎ ﻧﺰﻭلا ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻧﺮﻯ ﺍﻟﺸﻤﺲَ لا ﺗﻐﺮﺏ ﺃﺳﺒﻮﻋﺎ، ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻭﻕ ﻭﺍﻟﻐﺮﻭﺏ ﺛـلاﺙ ﺳﺎﻋﺎﺕ، ﺃﻱ ﻛﺄﻳﺎﻣﻨﺎ ﺍلاﻋﺘﻴﺎﺩﻳﺔ. ﻭﻗﺪ ﻛﻨﺖُ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻛﻬﺬﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖُ ﺃﺳﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺭﻭﺳﻴﺎ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ لا ﺗﻐﺮﺏ ﺃﺳﺒﻮﻋﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻨﺎ، ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺨﺮﺟﻮﻥ ﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﻟﻠﻐﺮﻭﺏ.

ﺃﻣَّﺎ ﺑﻠﻮﻍُ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺃﻧﻪ ﻳﻄﻮﻑ ﺍلأﺭﺽَ ﻓﻲ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎ، ﻓﻘﺪ ﺣﻠّﺘْﻬﻤﺎ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺮﺍﺩﻳﻮ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﺑﺮﺓ ﻭﻭﺳﺎﺋﻞُ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺓ ﻣﻦ ﻗﻄﺎﺭﺍﺕ ﻭﻃﺎﺋﺮﺍﺕ. ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﺃﻧﻜﺮﻭﺍ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ ﺑﺎلأﻣﺲ ﻭﻋﺪّﻭﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎلاﺕ ﻳﺮﻭﻧَﻬﻤﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﺍلأﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ.

ﺃﻣَّﺎ ﻳﺄﺟﻮﺝ ﻭﻣﺄﺟﻮﺝ ﻭﺍﻟﺴﺪ ﺍﻟﻠَّﺬﺍﻥِ ﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻋـلاﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ، ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺒﺖُ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﺃﺣﻴﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﺃﻣﺎ ﻫﻨﺎ ﻓﺄﻗﻮﻝ: ﺇﻧّﻪ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺩَﻣَّﺮﺕْ ﻗﺒﻴﻠﺘﺎ ﺍﻟﻤﺎﻧﺠﻮﺭ ﻭﺍﻟﻤﻐﻮﻝ ﺑﺎلأﻣﺲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕِ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﺳﺪ ﺍﻟﺼﻴﻦ، ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﻊ ﻗُﺮﺏ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺳﺘﺴﻘﻂ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺃﻳﻀﺎ ﻭﺗﻨﻬﺎﺭ ﺗﺤﺖ ﺿﺮﺑﺎﺕ ﺃﻗﺪﺍﻡ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ ﺍلإﺭﻫﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤُﺮﻋﺒﺔ.

ﻭﻫﻨﺎ ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤـلاﺣﺪﺓ: ﺃﻳﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﻭﺳﺘﻘﻮﻡ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻓﻌﺎﻝ؟

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻛﻤﺎ ﺃﻥّ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﺁﻓﺔ ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﺗﻜﺘﺴﺢ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﻣﻌﻴﻦ، ﺛﻢ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﺘﺒﺪﻝ ﺍﻟﻤﻮﺳﻢ. ﻓﺈﻥّ ﺧﻮﺍﺹَّ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺑﺎﺩﺕْ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﺨﺒﻮﺀﺓ ﻓﻲ ﺣﻨﺎﻳﺎ ﺑﻌﺾِ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻣﺤﺪﻭﺩﻳﻦ ﻣﻨﻬﺎ، ﻓﺘﻈﻬﺮ ﺗﻠﻚ ﺍلآﻓﺔ ﻧﻔﺴُﻬﺎ، ﺑﺄﻣﺮ ﺇﻟﻬﻲّ، ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﻣﻌﻴّﻦ، ﻭﺑﻜﺜﺮﺓ ﺳﺎﺣﻘﺔ، ﺃﻱ ﺇﻥّ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﺟﻨﺎﺳﻬﺎ ﺗﻨﺰﻭﻱ ﻭلا ﺗﻀﻤﺤﻞ، ﻟﺘﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﻣﻌﻴﻦ.

ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍلأﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ، ﻓﺈﻥ ﺍلأﻗﻮﺍﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺷﺎﻋﻮﺍ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩَ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻣﺎ، ﺳﻴﻈﻬﺮﻭﻥ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﻋﺪ ﻣﺤﺪّﺩ ﻟﻬﻢ لإﻫـلاﻙ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺄﻣﺮ ﺇﻟﻬﻲ ﻭﺑﻤﺸﻴﺌﺘﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻓﻴﺪﻣّﺮﻭﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﻟﻜﻦ ﺇﺛﺎﺭﺗَﻬﻢ ﻭﺗﺤﺮﻳﻜَﻬﻢ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺑﻨﻤﻂ ﺁﺧﺮ. ﻭلا ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﺇلا ﺍﻟﻠﻪ.