ﻣﺰﻳﺔ ﺍﻟﺠﺰﺍﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ

ﺇﻥّ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻗﺪ ﻳﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ ﻛﻲ ﻳُﻌﺪّ ﺍلأﺫﻫﺎﻥ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ ﻭﻳُﺤﻀﺮ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻟـلإﻳﻤﺎﻥ ﺑﺄﻓﻌﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻓﻲ ﺍلآﺧﺮﺓ. ﺃﻭ ﺇﻧﻪ ﻳﺼﻮّﺭ ﺍلأﻓﻌﺎﻝَ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﺍلآﺧﺮﺓ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻘﺘﻨﻊ ﻭﻧﻄﻤﺌﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻤﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪﻩ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﺋﺮﻫﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﺓ.

ﻓﻤﺜـلا: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺳﻮﺭﺓ «ﻳﺲ».. ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺤﺸﺮ، ﻳﺜﺒﺖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﻳﺴﻮﻕ ﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻴﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﺑﺴﺒﻊ ﺃﻭ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺻﻮﺭ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ:

ﺇﻧﻪ ﻳﻘﺪّﻡ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﺍلأﻭﻟﻰ ﺃﻭلا، ﻭﻳﻌﺮﺿﻬﺎ ﻟـلأﻧﻈﺎﺭ ﻗﺎﺋـلا: ﺇﻧﻜﻢ ﺗﺮﻭﻥ ﻧﺸﺄﺗﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻄﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻘﺔ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻀﻐﺔ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻀﻐﺔ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻨﻜﺮﻭﻥ ﺇﺫﻥ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﺍلأﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺑﻞ ﺃﻫﻮﻥُ ﻣﻨﻪ؟ ﺛﻢ ﻳﺸﻴﺮ ﺑ ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا﴾ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍلآلاﺀ ﻭﺫﻟﻚ ﺍلإﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍلإﻧﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻌﻤﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﻨﻌﻢ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻌﻢ، ﻟﻦ ﻳﺘﺮﻛﻜﻢ ﺳﺪﻯً ﻭلا ﻋﺒﺜﺎ، ﻟﺘﺪﺧﻠﻮﺍ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﺗﻨﺎﻣﻮﺍ ﺩﻭﻥ ﻗﻴﺎﻡ. ﺛﻢ ﺇﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﺭﻣﺰﺍ: ﺇﻧﻜﻢ ﺗﺮﻭﻥ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﻭﺍﺧﻀﺮﺍﺭ ﺍلأﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﻤﻴﺘﺔ، ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺴﺘﺒﻌﺪﻭﻥ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﻟﺤﻄﺐ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻭلا ﺗﻘﻴﺴﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ؟ ﺛﻢ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﺠﺰ ﻣَﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ ﻋﻦ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻭﺇﻣﺎﺗﺘﻪ ﻭﻫﻮ ﺛﻤﺮﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻳﺪﻳﺮ ﺃﻣﺮَ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﻭﻳﺮﻋﺎﻫﺎ ﺃﻥ ﻳﻬﻤﻞ ﺛﻤﺮﺗﻬﺎ ﻭﻳﺘﺮﻛﻬﺎ ﻟـلآﺧﺮﻳﻦ؟! ﻓﻬﻞ ﺗﻈﻨﻮﻥ ﺃﻥ ﻳُﺘﺮﻙ ﻟﻠﻌﺒﺚ «ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﺨﻠﻘﺔ» ﺍﻟﺘﻲ ﻋُﺠﻨﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺟﺰﺍﺋﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ، ﻭﻳﻬﻤﻞ ﺛﻤﺮﺗَﻬﺎ ﻭﻧﺘﻴﺠﺘﻬﺎ؟ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺤﻴﻴﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻣَﻦ ﺑﻴﺪﻩ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ، ﻭﺗﺨﻀﻊ ﻟﻪ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺧﻀﻮﻉ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻟﻤﻄﻴﻌﻴﻦ لأﻣﺮﻩ ﻓﻴﺴﺨﺮﻫﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﴿ﻛُﻦْ ﻓَﻴَﻜُﻮﻥُ﴾ ﺗﺴﺨﻴﺮﺍ ﻛﺎﻣـلا.. ﻭﻣَﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻳﺴﻴﺮ ﻭﻫﻴّﻦ ﻛﺨﻠﻖ ﺯﻫﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﺇﻳﺠﺎﺩ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺳﻬﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻛﺈﻳﺠﺎﺩ ﺫﺑﺎﺑﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ.. ﻓـلا ﻭﻟﻦ ﻳُﺴﺄﻝ ﻟﻠﺘﻌﺠﻴﺰ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ: ﴿ﻣَﻦْ ﻳُﺤْﻰِ ﺍﻟْﻌِﻈَﺎﻡَ﴾؟

ﺛﻢ ﺇﻧﻪ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﴿ﻓَﺴُﺒْﺤَﺎﻥَ ﺍﻟَّﺬﻯ ﺑِﻴَﺪِﻩِ ﻣَﻠَﻜُﻮﺕُ ﻛُﻞِ ﺷَﻲْﺀ﴾ ﻳﺒﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻴﺪﻩ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻭﻋﻨﺪﻩ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻳﻘﻠّﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻭﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻴﻒ ﺑﻜﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻭﻳﺴﺮ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻛﺘﺎﺏ، ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍلآﺧﺮﺓ ﻫﻤﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻛﻤﻨﺰﻟﻴﻦ ﻳﻐﻠﻖ ﻫﺬﺍ ﻭﻳﻔﺘﺢ ﺫﺍﻙ. ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺍلأﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺪلاﺋﻞ ﻫﻲ ﴿ﻭَإِﻟَﻴْﻪِ ﺗُﺮْﺟَﻌُﻮﻥَ﴾ ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﻳﺤﻴﻴﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺮ، ﻭﻳﺴﻮﻗﻜﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺸﺮ، ﻭﻳﻮﻓّﻲ ﺣﺴﺎﺑَﻜﻢ ﻋﻨﺪ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺎﺕ ﻗﺪ ﻫَﻴﺄﺕ ﺍلأﺫﻫﺎﻥ، ﻭﺃﺣﻀﺮﺕ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺤﺸﺮ، ﺑﻤﺎ ﺃﻇﻬﺮﺕ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﺋﺮﻫﺎ ﺑﺄﻓﻌﺎﻝٍ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.

ﻫﺬﺍ، ﻭﻗﺪ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻓﻌﺎلا ﺃﺧﺮﻭﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺤﺴﺲ ﻭﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻧﻈﺎﺋﺮﻫﺎ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ، ﻟﻴﻤﻨﻊ ﺍلإﻧﻜﺎﺭ ﻭﺍلاﺳﺘﺒﻌﺎﺩ.

ﻓﻤﺜـلا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ…﴾ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ…﴾ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ…﴾ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ.

ﻓﺘﺮﻯ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻮَﺭ ﺗﺬﻛﺮ ﺍلاﻧﻘـلاﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﺳﻴﺮ ﺩﻫﺸﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻳﻀﻴﻖ ﺍﻟﻌﻘﻞُ ﺩﻭﻧَﻬﺎ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺣﻴﺮﺓ. ﻭﻟﻜﻦ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻳﺮ ﻧﻈﺎﺋﺮَﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻳﻒ ﻭﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺇلا ﻭﻳﻘﺒَﻠﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻭﻳﺴﺮ.

ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺴﻮﺭ ﺍﻟﺜـلاﺙ ﻫﺬﻩ ﻳﻄﻮﻝ، ﻟﺬﺍ ﺳﻨﺄﺧﺬ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻧﻤﻮﺫﺟﺎ، ﻓﻤﺜـلا: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ ﺗﻔﻴﺪ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺔ: «ﺳﺘُﻨﺸﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﺟﻤﻴﻊُ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔً ﻋﻠﻰ ﺻﺤﻴﻔﺔ». ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ ﻓـلا ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻌﻘﻞُ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺳﺒﻴـلا، ﺇلا ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﺍﻟﺮﺑﻴﻌﻲ ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻠﻨﻘﺎﻁ ﺍلأﺧﺮﻯ ﻧﻈﺎﺋﺮَﻫﺎ ﻭﺃﻣﺜﻠﺘﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻈﻴﺮ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ﻭﺍﺿﺢ ﺟﻠﻲّ، ﻓﻠﻜﻞ ﺛﻤﺮ ﻭﻟﻜﻞ ﻋﺸﺐ ﻭﻟﻜﻞ ﺷﺠﺮ، ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻭﻟﻪ ﺃﻓﻌﺎﻝ، ﻭﻟﻪ ﻭﻇﺎﺋﻒ. ﻭﻟﻪ ﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﻭﺗﺴﺒﻴﺤﺎﺕ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗُﻈﻬﺮ ﺑﻪ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ. ﻓﺠﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻋﻤﺎﻝ ﻣﻨﺪﺭﺟﺔ ﻣﻊ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺑﺬﻭﺭﻩ ﻭﻧﻮﺍﻩ ﻛﻠﻬﺎ. ﻭﺳﺘﻈﻬﺮ ﺟﻤﻴﻌُﻬﺎ ﻓﻲ ﺭﺑﻴﻊ ﺁﺧﺮ ﻭﻣﻜﺎﻥ ﺁﺧﺮ. ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻔﺼﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺃﻣﻬﺎﺗﻪ ﻭﺃﺻﻮﻟﻪ ﺑﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﺸﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﺻﺤﺎﺋﻒ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺑﻨﺸﺮ ﺍلأﻏﺼﺎﻥ ﻭﺗﻔﺘﺢ ﺍلأﻭﺭﺍﻕ ﻭﺍلأﺛﻤﺎﺭ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻋﻴﻨﻨﺎ ﺑﻜﻞ ﺣﻜﻤﺔ ﻭﺣﻔﻆ ﻭﺗﺪﺑﻴﺮ ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ ﻭﻟﻄﻒ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ … ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻗﺲ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍلأﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻮﺍﻝ. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻚ ﻗﻮﺓ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﻓﺎﺳﺘﻨﺒﻂ.

ﻭلأﺟﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻚ ﻭﻣﻌﺎﻭﻧﺘﻚ ﺳﻨﺬﻛﺮ ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ ﺃﻳﻀﺎ. ﻓﺈﻥ ﻟﻔﻆ ﴿كُوِّرَتْ﴾ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺩ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻫﻮ ﺑﻤﻌﻨﻰ: ﻟُﻔّﺖ ﻭﺟُﻤﻌﺖ. ﻓﻬﻮ ﻣﺜﺎﻝ ﺭﺍﺋﻊ ﺳﺎﻃﻊ ﻓﻮﻕ ﺃﻧﻪ ﻳﻮﻣﺊ ﺇﻟﻰ ﻧﻈﻴﺮﻩ ﻭﻣﺜﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ:

ﺃﻭلا: ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ ﺭﻓﻊ ﺳﺘﺎﺋﺮ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﻭﺍلأﺛﻴﺮ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻋﻦ ﺟﻮﻫﺮﺓ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻀﻲﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﺎﻟﻤﺼﺒﺎﺡ، ﻓﺄﺧﺮﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﺰﻳﻨﺔ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﻭﺃﻇﻬﺮﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﻭﺳﻴﻠﻒّ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﺓ ﺑﺄﻏﻠﻔﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺗﻨﺴﺪ ﺃﺑﻮﺍﺑُﻬﺎ.

ﺛﺎﻧﻴﺎ: ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﻮﻇﻔﺔ ﻭﻣﺄﻣﻮﺭﺓ ﺑﻨﺸﺮ ﻏـلالاﺕ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻓﻲ ﺍلأﺳﺤﺎﺭ ﻭﻟﻔّﻬﺎ ﻓﻲ ﺍلأﻣﺎﺳﻲ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺘﻨﺎﻭﺏ ﺍﻟﻠﻴﻞُ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻫﺎﻣﺔ ﺍلأﺭﺽ، ﻭﻫﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﻣﺘﺎﻋﻬﺎ ﻣﻘﻠﻠﺔً ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ، ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻤﺮ -ﺇﻟﻰ ﺣﺪٍ ﻣﺎ- ﻧﻘﺎﺑﺎ لأﺧﺬﻫﺎ ﻭﻋﻄﺎﺋﻬﺎ ﺫﻟﻚ، ﺃﻱ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﺔ ﺗﺠﻤﻊ ﻣﺘﺎﻋﻬﺎ ﻭﺗﻄﻮﻱ ﺩﻓﺎﺗﺮ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ﺑﻬﺬﻩ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ، ﻓـلاﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﻳﻮﻡ ﺗُﻌﻔﻰ ﻣﻦ ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ، ﻭﺗُﻔﺼَﻞ ﻣﻦ ﻭﻇﻴﻔﺘﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺒﺐ ﻟـلإﻋﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﺰﻝ. ﻭﻟﻌﻞّ ﺗﻮﺳّﻊ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﻫﺪﻩ ﺍﻟﻔﻠﻜﻴﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻘﻌﺘﻴﻦ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺗﻴﻦ ﺍلآﻥ ﺍﻟﻠﺘﻴﻦ ﺗﺘﻮﺳﻌﺎﻥ ﻭﺗﺘﻀﺨﻤﺎﻥ ﺭﻭﻳﺪﺍ ﺭﻭﻳﺪﺍ، ﺗﺴﺘﺮﺟﻊ ﺍﻟﺸﻤﺲ -ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ- ﻭﺑﺄﻣﺮ ﺭﺑﺎﻧﻲ ﻣﺎ ﻟﻔّﺘﻪ ﻭﻧﺸﺮَﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍلأﺭﺽ ﺑﺈﺫﻥ ﺇﻟﻬﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻮﺀ، ﻓﺘﻠﻒ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻬﺎ. ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺰﺓ:  ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﻣﻬﻤﺘﻚ ﻣﻊ ﺍلأﺭﺽ، ﻓﻬﻴّﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﻬﻨﻢ ﻟﺘﺤﺮﻗﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺒﺪﻭﻙ ﻭﺃﻫﺎﻧﻮﺍ ﻣﻮﻇﻔﺔ ﻣﺴﺨﺮﺓ ﻣﺜﻠﻚ ﻭﺣﻘﺮﻭﻫﺎ ﻣﺘﻬﻤﻴﻦ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ . ﺑﻬﺬﺍ ﺗﻘﺮﺃ ﺍﻟﺸﻤﺲُ ﺍلأﻣﺮ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﻘﻊ.

   ﻧﻜﺘﺔ ﺍﻟﺒـلاﻏﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ

ﺇﻥّ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻗﺪ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ، ﺛﻢ لأﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﺤﻮّﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻛﻠﻴﺔ ﻭﻳﺠﻴﻞَ ﺍلأﺫﻫﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺜﺒّﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻘﺼﺪ ﺍﻟﺠﺰﺋﻲ ﻭﻳﻘﺮﺭﻩ ﻭﻳﺆﻛﺪﻩ ﺑﺎلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻛﻠﻴﺔ.

ﻓﻤﺜـلا: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ (ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻟﺔ:١). ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﻤﻴﻊ ﻣﻄﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻳﺴﻤﻊ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺴﻤﻊ ﺑﺎﺳﻤﻪ «ﺍﻟﺤﻖ» ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ، ﺣﺎﺩﺛﺔ ﻟﻤﺮﺃﺓ -ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺄﻟﻄﻒ ﺗﺠﻞٍ ﻣﻦ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﺃﻋﻈﻢ ﻛﻨﺰ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺮﺃﻓﺔ ﻭﺍﻟﺤﻨﺎﻥ- ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻭﻫﻲ ﻣﺤﻘﺔ ﻓﻲ ﺩﻋﻮﺍﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻭﺷﻜﻮﺍﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﻪ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ ﺑﺮﺣﻤﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻛﺄﻱ ﺃﻣﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﺑﺎﺳﻢ «ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ» ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺷﻔﻘﺔ ﻭﻳﺮﺍﻫﺎ ﺑﺎﺳﻢ «ﺍﻟﺤﻖ».

ﻓـلأﺟﻞ ﺟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺼﺪ ﺍﻟﺠﺰﺋﻲ ﻛﻠﻴﺎ ﺗﻔﻴﺪ ﺍلآﻳﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻊ ﺃﺩﻧﻰ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻭﻳﺮﺍﻫﺎ، ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻊ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻭﻳﺮﺍﻩ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻨﺰّﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺑﺎ ﻟﻠﻜﻮﻥ لاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺃﺟﻤﻊ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻟﻢ ﻭﻳﺴﻤﻊ ﺷﻜﻮﻯ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ، ﻓﺎﻟﺬﻱ لا ﻳﺮﻯ ﻣﺼﺎﺋﺒﻬﻢ ﻭلا ﻳﺴﻤﻊ ﺍﺳﺘﻐﺎﺛﺎﺗﻬﻢ لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺑﺎ ﻟﻬﻢ. ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺟﻤﻠﺔ: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ ﺗﺒﻴﻦ ﺣﻘﻴﻘﺘﻴﻦ ﻋﻈﻴﻤﺘﻴﻦ. ﻛﻤﺎ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﻤﻘﺼﺪ ﺍﻟﺠﺰﺋﻲ ﺃﻣﺮﺍ ﻛﻠﻴﺎ.

ﻭﻣﺜﻞ ﺛﺎﻥ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (ﺍلإﺳﺮﺍﺀ:١).

ﺇﻥّ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﺨﺘﻢ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺔ ﺑ ﴿إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺫﻛﺮﻩ ﺇﺳﺮﺍﺀ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ صلى الله عليه وسلم ﻣﻦ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ -ﺃﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍلأﻗﺼﻰ- ﻭﻣﻨﺘﻬﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺠﻢ.

ﻓﺎﻟﻀﻤﻴﺮ ﻓﻲ ﴿إِنَّه﴾ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صلى الله عليه وسلم. ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺭﺍﺟﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم، ﻓﺈﻥ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺒـلاﻏﺔ ﻭﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﺗﻔﻴﺪﺍﻥ ﺃﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ، ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﻭﺍﻟﻌﺮﻭﺝ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺳَﻤِﻊ ﻭﺷﺎﻫَﺪَ ﻛﻞَّ ﻣﺎ لاﻗﻰ ﺑَﺼَﺮﻩ ﻭﺳﻤﻌَﻪ ﻣﻦ ﺍلآﻳﺎﺕ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﺭﺗﻘﺎﺋﻪ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟـلأﺳﻤﺎﺀ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻰ، ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺏ ﻗﻮﺳﻴﻦ ﺃﻭ ﺃﺩﻧﻰ. ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺣُﻜﻢ ﻣﻔﺘﺎﺡٍ ﻟﺴﻴﺎﺣﺔٍ ﻛﻠﻴﺔٍ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻌﺠﺎﺋﺐ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ.

ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ﺭﺍﺟﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﻫﻜﺬﺍ: ﺇﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺩﻋﺎ ﻋﺒﺪَﻩ ﺇﻟﻰ ﺣﻀﻮﺭﻩ ﻭﺍﻟﻤﺜﻮﻝ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ، ﻟﻴﻨﻴﻂ ﺑﻪ ﻣﻬﻤﺔً ﻭﻳﻜﻠّﻔﻪ ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ؛ ﻓﺄﺳﺮﻯ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍلأﻗﺼﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﺠﻤﻊ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ. ﻭﺑﻌﺪ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻣﻌﻬﻢ ﻭﺇﻇﻬﺎﺭﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﻟﻮﺍﺭﺙ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ لأﺻﻮﻝ ﺃﺩﻳﺎﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ، ﺳَﻴَّﺮﻩ ﻓﻲ ﺟﻮﻟﺔٍ ﺿﻤﻦ ﻣُﻠﻜﻪ ﻭﺳﻴﺎﺣﺔٍ ﺿﻤﻦ ﻣﻠﻜﻮﺗﻪ، ﺣﺘﻰ ﺃﺑﻠﻐﻪ ﺳﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﻓﻜﺎﻥ ﻗﺎﺏ ﻗﻮﺳﻴﻦ ﺃﻭ ﺃﺩﻧﻰ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﺮ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮﺍﺟﺎ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻋُﺮﺝ ﺑﻪ ﻋﺒﺪ، ﺇلا ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻳﺤﻤﻞ ﺃﻣﺎﻧﺔً ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ، ﻭﻣﻌﻪ ﻧﻮﺭ ﻣﺒﻴﻦ ﻳﻨﻴﺮ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻭﻳﺒﺪﻝ ﻣﻦ ﻣـلاﻣﺤﻬﺎ ﻭﻳﺼﺒﻐﻬﺎ ﺑﺼﺒﻐﺘﻪ. ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻥ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻔﺘﺎﺣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻔﺘﺢ ﺑﻪ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺍﻟﻤﻘﻴﻢ.

ﻓـلأﺟﻞ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﺼﻒ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﻔﺴَﻪ ﺑ ﴿إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ﻛﻲ ﻳُﻈﻬِﺮ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻣﺎﻧﺔ ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ، ﻣﻦ ﺍﻟﺤِﻜﻢ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﺸﻤﻞ ﻋﻤﻮﻡ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ، ﻭﻳﻌﻢ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ، ﻭﻳﺤﻴﻂ ﺑﺎﻟﻜﻮﻥ ﺃﺟﻤﻊ.

ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺁﺧﺮ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ( ﻓﺎﻃﺮ:١).

ﻓﻔﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﺇﻥّ ﻓﺎﻃﺮ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ ﺫﺍ ﺍﻟﺠـلاﻝ ﻗﺪ ﺯﻳّﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ ﻭﺑﻴّﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﻛﻤﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ لا ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﻳﻦ ﻭﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺮﻓﻌﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺎ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻭﺍﻟﺜﻨﺎﺀ. ﻭﺇﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺯﻳّﻦ ﺍلأﺭﺽ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺑﻤﺎ لا ﻳﺤﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﻭﺍلآلاﺀ. ﻓﺘﺤﻤﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕُ ﻭﺍلأﺭﺽ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﻧﻌﻤﻬﺎ ﻭﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﻌَﻤﻴﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻭﺗﺜﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻃﺮﻫﺎ  ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ . ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥّ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻨﺢ ﺍلإﻧﺴﺎﻥَ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻥ ﺍلأﺭﺽ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﻭﺃﺟﻨﺤﺔ ﻳﺘﻤﻜﻨﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺪﻥ ﺍلأﺭﺽ ﻭﻣﻤﺎﻟﻜﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻣﻨﺢ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﻗﺼﻮﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ، ﻛﻲ ﺗﺴﻴﺢ ﻭﺗﻄﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﻣﻤﺎﻟﻜﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳﺔ ﻭﺃﺑﺮﺍﺟﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ لاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ. ﻓﺎﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﺬﺑﺎﺑﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺡ ﻟﺘﻄﻴﺮ ﻣﻦ ﺛﻤﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﺍﻟﻌﺼﻔﻮﺭ ﻟﻴﻄﻴﺮ ﻣﻦ ﺷﺠﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺮﻯ، ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﺃﻭﻟﻲ ﺃﺟﻨﺤﺔ ﻟﺘﻄﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺰُﻫَﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻱ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﺯُﺣَﻞ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ: ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﻨﺤﺼﺮﻳﻦ ﺑﺠﺰﺋﻴﺔ ﻭلا ﻳﻘﻴﺪﻫﻢ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻌﻴﻦ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﺳﻜﺎﻥ ﺍلأﺭﺽ ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻲ ﺃﺭﺑﻊ ﻧﺠﻮﻡ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ.

ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ، ﺃﻱ ﺗﺠﻬﻴﺰ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﺑﺎلأﺟﻨﺤﺔ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻋﻈﻤﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺗﺆﻛﺪﻫﺎ ﺑﺨـلاﺻﺔ ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾