ﻧﻜﺘﺔ ﺍﻟﺒـلاﻏﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ

ﻗﺪ ﺗﺬﻛﺮ ﺍلآﻳﺔ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﺮﻓﻪ ﺍلإﻧﺴﺎﻥُ ﻣﻦ ﺳﻴﺌﺎﺕ، ﻓﺘﺰﺟﺮﻩ ﺯﺟﺮﺍ ﻋﻨﻴﻔﺎ، ﺛﻢ ﺗﺨﺘﻤﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﻟﺌـلا ﻳﻠﻘﻴﻪ ﺍﻟﺰﺟﺮ ﺍﻟﻌﻨﻴﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻟﻘﻨﻮﻁ.

ﻓﻤﺜـلا: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آَلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا * تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ (ﺍلإﺳﺮﺍﺀ:42-44).

ﺗﻘﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺔ: ﻗﻞ ﻟﻬﻢ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻣُﻠﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﺮﻳﻚ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮﻟﻮﻥ لاﻣﺘﺪّﺕ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻋﺮﺵ ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ ﻭﻟﻈﻬﺮﺕ ﻋـلاﺋﻢُ ﺍﻟﻤﺪﺍﺧﻠﺔ ﺑﺎﺧﺘـلاﻝ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ، ﻭﻟﻜﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﺍﻟﻄﺒﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﻬﺮﻳﺔ، ﺟﺰﺋﻴَّﻬﺎ ﻭﻛﻠﻴَّﻬﺎ، ﺻﻐﻴﺮَﻫﺎ ﻭﻛﺒﻴﺮﻫﺎ، ﺗﺴﺒّﺢ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﻧﻘﻮﺷﻬﺎ، ﻭﺗﻘﺪّﺱ ﻣﺴﻤّﻰ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺫﺍ ﺍﻟﺠـلاﻝ ﻭﺍلإﻛﺮﺍﻡ، ﻭﺗﻨﺰّﻫﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻳﻚ ﻭﺍﻟﻨﻈﻴﺮ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥّ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺗﻘﺪّﺳﻪ ﻭﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺗﻪ ﺑﻜﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻨﻴّﺮﺓ ﻣﻦ ﺷﻤﻮﺱ ﻭﻧﺠﻮﻡ، ﻭﺑﺤﻜﻤﺘﻬﺎ ﻭﺍﻧﺘﻈﺎﻣﻬﺎ.. ﻭﺇﻥّ ﺟﻮ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻳﺴﺒّﺤﻪ ﻭﻳﻘﺪّﺳﻪ ﻭﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺘﻪ ﺑﺼﻮﺕ ﺍﻟﺴﺤﺎﺏ ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺮﻋﺪ ﻭﺍﻟﺒﺮﻕ ﻭﺍﻟﻘﻄﺮﺍﺕ.. ﻭﺍلأﺭﺽ ﺗﺴﺒّﺢ ﺧﺎﻟﻘﻬﺎ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻭﺗﻮﺣﺪﻩّ ﺑﻜﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﻣﻮﺟﻮﺩﺍﺕ.. ﻭﻛﺬﺍ ﺗﺴﺒّﺤﻪ ﻭﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺘﻪ ﻛﻞُّ ﺷﺠﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﺷﺠﺎﺭﻫﺎ ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﺃﻭﺭﺍﻗﻬﺎ ﻭﺃﺯﺍﻫﻴﺮﻫﺎ ﻭﺛﻤﺮﺍﺗﻬﺎ.. ﻭﻛﻞُّ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﺻﻐﻴﺮ ﻭﻣﺼﻨﻮﻉ ﺟﺰﺋﻲ ﻣﻊ ﺻﻐﺮﻩ ﻭﺟﺰﺋﻴﺘﻪ ﻳﺴﺒّﺢ ﺑﺈﺷﺎﺭﺍﺕ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻧﻘﻮﺵ ﻭﻛﻴﻔﻴﺎﺕ ﻭﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺣﺴﻨﻰ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﺗﻘﺪّﺱ ﻣﺴﻤﻰ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺫﺍ ﺍﻟﺠـلاﻝ ﻭﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺘﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺎﻟﻜﻮﻥ ﺑﺮﻣّﺘﻪ ﻣﻌﺎ ﻭﺑﻠﺴﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ، ﻳﺴﺒّﺢ ﺧﺎﻟﻘَﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻣﺘﻔﻘﺎ ﻭﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺘﻪ، ﻣﺆﺩﻳﺎ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﺃﻧﻴﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ. ﺇلا ﺍلإﻧﺴﺎﻥَ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺧـلاﺻﺔُ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻧﺘﻴﺠﺘُﻪ ﻭﺧﻠﻴﻔﺘﻪ ﺍﻟﻤﻜﺮﻡ ﻭﺛﻤﺮﺗﻪ ﺍﻟﻴﺎﻧﻌﺔ، ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺨـلاﻑ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺑﻀﺪﻩ، ﻓﻴﻜﻔﺮ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻳﺸﺮﻙ ﺑﻪ. ﻓﻜﻢ ﻫﻮ ﻗﺒﻴﺢ ﺻﻨﻴﻌُﻪ ﻫﺬﺍ؟ ﻭﻛﻢ ﻳﺎ ﺗﺮﻯ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻋﻘﺎﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻳﺪﺍﻩ؟ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﺌـلا ﻳﻘﻊ ﺍلإﻧﺴﺎﻥُ ﻓﻲ ﻫﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻟﻘﻨﻮﻁ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﺍلآﻳﺔ ﺣﻜﻤﺔَ ﻋﺪﻡ ﻫﺪﻡ ﺍﻟﻘﻬﺎﺭ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺍﻟﻜﻮﻥَ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﺠﺘﺮﺣﻪ ﻣﻦ ﺳﻴﺌﺎﺕ ﺷﻨﻴﻌﺔ ﻛﻬﺬﻩ ﺍﻟﺠﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ، ﻭﺗﻘﻮﻝ: ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ ﻣﺒﻴِّﻨﺔ ﺣﻜﻤﺔَ ﺍلإﻣﻬﺎﻝ ﻭﻓﺘﺢ ﺑﺎﺏ ﺍلأﻣﻞ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ.

ﻓﺎﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍلإﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍلإﻋﺠﺎﺯﻳﺔ، ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺨـلاﺻﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﺬﻟﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻡ ﺍلآﻳﺎﺕ ﻟﻤﻌﺎﺕ ﺇﻋﺠﺎﺯﻳﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻀـلا ﻋﻤﺎ ﺗﺘﺮﺷﺢ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺭﺷﺤﺎﺕ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻐﺰﻳﺮﺓ، ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ ﺑﺪﻫﺎﺓ ﺍﻟﺒﻠﻐﺎﺀ ﺃﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺎﻟﻜﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭﺍلإﻋﺠﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﻛـلاﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻭﺁﻣﻨﻮﺍ ﺑﺤﻖ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ (ﺍﻟﻨﺠﻢ:٤).

ﻫﺬﺍ ﻭﺇﻥ ﺑﻌﺾ ﺍلآﻳﺎﺕ -ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلإﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ- ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﺰﺍﻳﺎ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻟﻢ ﻧﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻨﺎ، ﻓﻴُﺸﺎﻫَﺪ ﻣﻦ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺰﺍﻳﺎ ﻧﻘﺶ ﺇﻋﺠﺎﺯﻱ ﺑﺪﻳﻊ ﻳﺮﺍﻩ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﻥ.

ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ

ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳُﻘﺎﺱ ﺑﺄﻱ ﻛـلاﻡ ﺁﺧﺮ، ﺇﺫ ﺇﻥ ﻣﻨﺎﺑﻊَ ﻋﻠﻮ ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻭﻗﻮﺗِﻪ ﻭﺣﺴﻨِﻪ ﻭﺟﻤﺎﻟِﻪ ﺃﺭﺑﻌﺔ:

ﺍلأﻭﻝ: ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ. ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺍﻟﻤﺨﺎﻃَﺐ. ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺍﻟﻤﻘﺼﺪ. ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ: ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ. ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻭﺣﺪﻩ ﻛﻤﺎ ﺿﻞ ﻓﻴﻪ ﺍلأﺩﺑﺎﺀ. ﻓـلاﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﺇﻟﻰ: ﻣَﻦ ﻗﺎﻝ؟ ﻭﻟﻤﻦ ﻗﺎﻝ؟ ﻭﻟِﻢَ ﻗﺎﻝ؟ ﻭﻓﻴﻢَ ﻗﺎﻝ؟ ﻓـلا ﺗﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻭﺣﺪَﻩ ﻭﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ.

ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜـلاﻡُ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﻗﻮﺗَﻪ ﻭﺟﻤﺎﻟَﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺑﻊ ﺍلأﺭﺑﻌﺔ، ﻓﺒﺈﻧﻌﺎﻡ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺗُﺪﺭﻙ ﺩﺭﺟﺔَ ﺑـلاﻏﺘﻪ ﻭﺣﺴﻨَﻬﺎ ﻭﺳﻤﻮَّﻫﺎ ﻭﻋﻠﻮَّﻫﺎ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﺃﻣﺮﺍ ﻭﻧﻬﻴﺎ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓَ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﻭﻗﺪﺭﺗَﻪ ﺣﺴﺐ ﺩﺭﺟﺘﻪ، ﻭﻋﻨﺪ ﺫﺍﻙ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻣﺆﺛﺮﺍ ﻧﺎﻓﺬﺍ ﻳﺴﺮﻱ ﺳﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺇﻋﺎﻗﺔ ﺃﻭ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ. ﻭﺗﺘﻀﺎﻋﻒ ﻗﻮﺓُ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻭﻋﻠﻮّﻩ ﺣﺴﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ.

ﻓﻤﺜـلا: ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي﴾ (ﻫﻮﺩ:٤٤) ﻭ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (ﻓﺼﻠﺖ:١١).

ﻓﺎﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺓ ﻭﻋﻠﻮّ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍلإﺭﺍﺩﺓ. ﺛﻢ ﺍﻧﻈﺮْ ﺇﻟﻰ ﻛـلاﻡ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﺑﻬﺬﻳﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﻡ: ﺍﺳﻜﻨﻲ ﻳﺎ ﺃﺭﺽ ﻭﺍﻧﺸﻘﻲ ﻳﺎ ﺳﻤﺎﺀ ﻭﻗﻮﻣﻲ ﺃﻳﺘُﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ!

ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻘﺎﻳﺴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻣﻊ ﺍلأﻣﺮﻳﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﻳﻦ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ؟ ﺛﻢ ﺃﻳﻦ ﺍلأﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﻓﻀﻮﻝ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺭﻏﺒﺎﺗﻪ ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﻟﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻧﻴّﻪ.. ﻭﺃﻳﻦ ﺍلأﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻣﻤﻦ ﻫﻮ ﻣﺘﺼﻒ ﺑﺎلآﻣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺤﻘﺔ ﻳﺄﻣﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻪ؟! ﻧﻌﻢ، ﺃﻳﻦ ﺃﻣﺮ ﺃﻣﻴﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﻣُﻄﺎﻉ ﻧﺎﻓﺬ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻳﺄﻣﺮ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﺑ: «ﺗﻘﺪَّﻡ». ﻭﺃﻳﻦ ﻫﺬﺍ ﺍلأﻣﺮ ﺇﺫﺍ ﺻﺪﺭ ﻣﻦ ﺟﻨﺪﻱ ﺑﺴﻴﻂ لا ﻳُﺒﺎﻟﻰ ﺑﻪ؟ ﻓﻬﺬﺍﻥ ﺍلأﻣﺮﺍﻥ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺎ ﺻﻮﺭﺓً ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺇلا ﺃﻥ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻌﻨﻰً ﺑﻮﻧﺎ ﺷﺎﺳﻌﺎ،ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺠﻨﺪﻱ.

ﻭﻣﺜـلا: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (ﻳﺲ:82) ﻭ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ﴾ (ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ34) ﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺓ ﻭﻋﻠﻮّ ﺍلأﻣﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍلآﻳﺘﻴﻦ. ﺛﻢ ﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻛـلاﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍلأﻣﺮ. ﺃلا ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻛﻀﻮﺀ ﺍﻟﻴﺮﺍﻉ ﺃﻣﺎﻡ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺴﺎﻃﻌﺔ؟.

ﻧﻌﻢ، ﺃﻳﻦ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻋﺎﻣﻞ ﻳﻤﺎﺭﺱ ﻋﻤﻠﻪ، ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺻﺎﻧﻊ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﻨﻊ، ﻭﻛـلاﻡ ﻣُﺤﺴﻦ ﻓﻲ ﺁﻥ ﺇﺣﺴﺎﻧﻪ، ﻛﻞ ﻳﺼﻮّﺭ ﺃﻓﺎﻋﻴﻠﻪ، ﻭﻳﻄﺎﺑﻖ ﻓﻌﻠُﻪ ﻗﻮﻟَﻪ، ﺃﻱ ﻳﻘﻮﻝ: ﺍﻧﻈﺮﻭﺍ ﻓﻘﺪ ﻓﻌﻠﺖ ﻛﺬﺍ ﻟﻜﺬﺍ، ﺃﻓﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻟﺬﺍﻙ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺬﺍ ﻭﺫﺍﻙ ﻛﺬﺍ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺒﻴﻦ ﻓﻌﻠَﻪ ﻟﻠﻌﻴﻦ ﻭﺍلأﺫﻥ ﻣﻌﺎ.

  ﻓﻤﺜـلا: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾ (ﻕ:٦-١١).

ﺃﻳﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘـلألأ ﻛﺎﻟﻨﺠﻢ ﻓﻲ ﺑﺮﺝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ؛ ﻛﺄﻧﻪ ﺛﻤﺎﺭ ﺍﻟﺠﻨﺔ -ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺪلاﺋﻞ ﺿﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻓﻌﺎﻝ ﻣﻊ ﺍﻧﺘﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒـلاﻏﺔ ﻭﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻧﺘﻴﺠﺘﻬﺎ ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ: ﴿كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾ ﻟﻴﻠﺰﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻜﺮﻭﻥ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ- ﻓﺄﻳﻦ ﻫﺬﺍ ﻭﺃﻳﻦ ﻛـلاﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻔﻀﻮﻝ ﻋﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ لا ﺗﻤﺴﻬﻢ ﺇلا ﻗﻠﻴـلا؟ ﻓـلا ﺗﻜﻮﻥ ﻧﺴﺒﺘﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺇلا ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﺾ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ.

ﺇﻥ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا﴾ ﺇﻟﻰ ﴿كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﺎ ﻭﻗﺘﺎ ﻃﻮﻳـلا ﻓﻨﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎلإﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻧﻤﻀﻲ ﺇﻟﻰ ﺷﺄﻧﻨﺎ:

ﺇﻥّ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﺒﺴﻂ ﻣﻘﺪّﻣﺎﺕ ﻟﻴُﺮﻏﻢ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺤﺸﺮ، لإﻧﻜﺎﺭﻫﻢ ﺇﻳﺎﻩ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ. ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺃﻓـلا ﺗﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻓﻮﻗﻜﻢ ﻛﻴﻒ ﺑﻨﻴﻨﺎﻫﺎ، ﺑﻨﺎﺀً ﻣﻬﻴﺒﺎ ﻣﻨﺘﻈﻤﺎ.. ﺃﻭَلا ﺗﺮﻭﻥ ﻛﻴﻒ ﺯﻳّﻨﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺑﺎﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﺩﻭﻥ ﻧﻘﺺ ﺃﻭ ﻓﻄﻮﺭ..؟ ﺃﻭَلا ﺗﺮﻭﻥ ﻛﻴﻒ ﺑﺴﻄﻨﺎ ﺍلأﺭﺽ ﻭﻓﺮﺷﻨﺎﻫﺎ ﻟﻜﻢ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ، ﻭﺛﺒﺘﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻟﺘﻘﻴَﻬﺎ ﻣﻦ ﻣّﺪ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﺍﺳﺘﻴـلاﺋﻬﺎ؟ ﺃﻭَلا ﺗﺮﻭﻥ ﺃﻧﺎ ﺧﻠﻘﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺯﻭﺍﺟﺎ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﻨﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻀﺮﺍﻭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ، ﻭﺯﻳّﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍلأﺭﺽ ﻛﺎﻓﺔ؟ ﺃﻭَلا ﺗﺮﻭﻥ ﻛﻴﻒ ﺃﺭﺳﻞُ ﻣﺎﺀً ﻣﺒﺎﺭﻛﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻓﺄﻧﺒﺖُ ﺑﻪ ﺍﻟﺒﺴﺎﺗﻴﻦ ﻭﺍﻟﺰﺭﻉ ﻭﺍﻟﺜﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ﻣﻦ ﺗﻤﺮ ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻭﺃﺟﻌﻠﻪ ﺭﺯﻗﺎ ﻟﻌﺒﺎﺩﻱ؟ ﺃﻭَلا ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺣﻴﻲ ﺍلأﺭﺽ ﺍﻟﻤﻴﺘﺔ، ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﺎﺀ. ﻭﺁﺗﻲ ﺃﻟﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻱ. ﻓﻜﻤﺎ ﺃﺧﺮﺝ ﺑﻘﺪﺭﺗﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺭﺽ ﺍﻟﻤﻴﺘﺔ، ﻛﺬﻟﻚ ﺧﺮﻭﺟﻜﻢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺸﺮ؛ ﺇﺫ ﺗﻤﻮﺕ ﺍلأﺭﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﺗُﺒﻌﺜﻮﻥ ﺃﻧﺘﻢ ﺃﺣﻴﺎﺀ. ﻓﺄﻳﻦ ﻣﺎ ﺃﻇﻬﺮﺗﻪ ﺍلآﻳﺔُ ﻓﻲ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻣﻦ ﺟﺰﺍﻟﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ -ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇلا ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍلأﻟﻒ ﻣﻨﻬﺎ- ﻭﺃﻳﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﺪﻋﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻯ؟.

ﻟﻘﺪ ﺍﻧﺘﻬﺠﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ ﻧﻬﺞَ ﺍﻟﻤﺤﺎﻳﺪ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻗﻀﻴﺔ ﺍلإﻋﺠﺎﺯ، ﻭﻗﺪ ﺃﺑﻘﻴﻨﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻄﻮﻳﺔ ﻣﺨﻔﻴﺔ ﻣﺴﺘﻮﺭﺓ، ﻓﻜﻨﺎ ﻧﻌﻘﺪ ﻣﻮﺍﺯﻧﺔ ﻧُﻨﺰﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﻨﺰﻟﺔَ ﺍﻟﺸﻤﻮﻉ، ﻭﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻟﻜﻲ ﻧُﺨﻀﻊ ﺧﺼﻤﺎ ﻋﺎﺗﻴﺎ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺇﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ.

ﻭﺍلآﻥ ﻭﻗﺪ ﻭﻓَّﻰ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖُ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻣﻬﻤﺘﻪ، ﻭﺃُﺛﺒﺖ ﺇﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺇﺛﺒﺎﺗﺎ ﺳﺎﻃﻌﺎ. ﻓﻨﺸﻴﺮ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ لا ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ لا ﺗﺴﻌﻪ ﻣﻮﺍﺯﻧﺔ ﻭلا ﻣﻴﺰﺍﻥ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥّ ﻧﺴﺒﺔ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﺇﻟﻰ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻐﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮﺍﺀﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻧﻔﺴﻬﺎ.

ﻧﻌﻢ، ﺃﻳﻦ ﻛﻠﻤﺎﺕُ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺼﻮّﺭ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻭﺗﺒﻴّﻨﻬﺎ، ﻭﺃﻳﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﺳﻤﻬﺎ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺑﻜﻠﻤﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻟﻔﻜﺮﻩ ﻭﻣﺸﺎﻋﺮﻩ؟ ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺣﻴﺎﺓَ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﺍلأﻃﻬﺎﺭ.. ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻴﺾ ﺑﺄﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻭﻫﻮ ﻛـلاﻡُ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ.. ﻭﺃﻳﻦ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺍﻟـلاﺫﻋﺔ ﺍﻟﺨﺎﺩﻋﺔ ﺑﺪﻗﺎﺋﻘﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺣﺮﺓ ﺑﻨﻔﺜﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺜﻴﺮ ﺃﻫﻮﺍﺀ ﺍﻟﻨﻔﺲ.

ﻧﻌﻢ، ﻛﻢ ﻫﻲ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﺍلأﻃﻬﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﻴﻦ ﺍﻟﻤﻨﻮّﺭﻳﻦ؟ ﺇﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ. ﻭﻗﺪ ﺃﺛﺒﺘﺖْ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻊ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ» ﺟﻤﻴﻊُ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍلأﺭﺑﻊ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. ﻓﺪﻋﻮﺍﻧﺎ ﻫﺬﻩ ﻟﻴﺴﺖ ﺇﺩﻋﺎﺀ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﺳﺒَﻘﻬﺎ.

ﻧﻌﻢ، ﺃﻳﻦ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﺪﻑُ ﺩﺭﺭ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻭﻣﻨﺒﻊُ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻣﻌﺪﻥ ﺃﺳﺲ ﺍلإﺳـلاﻡ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺰﻝ ﻣﻦ ﻋﺮﺵ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﺗﺘﻮﺟﻪ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻣﻦ ﺧﺎﺭﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻓﺄﻳﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍلأﺯﻟﻲ ﺍﻟﻤﺘﻀﻤﻦ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺍلإﺭﺍﺩﺓ، ﻣﻦ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻟﻤﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎلأﻫﻮﺍﺀ؟

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﻤﺜﻞ ﺷﺠﺮﺓ ﻃﻮﺑﻰ ﻃﻴﺒﺔ ﻧﺸﺮﺕ ﺃﻏﺼﺎﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍلإﺳـلاﻣﻲ، ﻓﺄﻭﺭﻗﺖ ﺟﻤﻴﻊَ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺗﻪ ﻭﺷﻌﺎﺋﺮﻩ ﻭﻛﻤﺎلاﺗﻪ ﻭﺩﺳﺎﺗﻴﺮﻩ ﻭﺃﺣﻜﺎﻣﻪ، ﻭﺃﺑﺮﺯﺕ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀَﻩ ﻭﺃﺻﻔﻴﺎﺀﻩ ﻛﺰﻫﻮﺭ ﻧﻀﺮﺓ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﺣﺴﻨﻬﺎ ﻭﻧﺪﺍﻭﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺎﺀ ﺣﻴﺎﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ، ﻭﺃﺛﻤﺮﺕ ﺟﻤﻴﻊَ ﺍﻟﻜﻤﺎلاﺕ ﻭﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻏﺪﺕ ﻛﻞ ﻧﻮﺍﺓ ﻣﻦ ﻧﻮﻯ ﺛﻤﺎﺭﻫﺎ ﺩﺳﺘﻮﺭَ ﻋﻤﻞ ﻭﻣﻨﻬﺞ ﺣﻴﺎﺓ.. ﻧﻌﻢ، ﺃﻳﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻤﺘﺴﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻄﺎﻟﻌﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺷﺠﺮﺓ ﻣﺜﻤﺮﺓ ﻭﺍﺭﻓﺔ ﺍﻟﻈـلاﻝ ﻭﺃﻳﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﻛـلاﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺍﻟﻤﻌﻬﻮﺩ. ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺜﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺮﻳﺎ؟

ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻳﻨﺸﺮ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﺎﺋﻘﻪ ﻓﻲ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻳﻌﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤـلأ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ ﻣﻨﺬ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﻭﺛـلاﺙ ﻣﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻭﻛﻞ ﺃﻣﺔ ﻭﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﻗﺪ ﺃﺧﺬ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﻫﺮﻩ ﻭﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻘﻪ، ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻳﺄﺧﺬ.. ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻓﻠﻢ ﺗﺨﻞ ﺗﻠﻚ ﺍلإﻟﻔﺔ، ﻭلا ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﻓﺮﺓ، ﻭلا ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭلا ﺍﻟﺘﺤﻮلاﺕ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ، ﺑﺤﻘﺎﺋﻘﻪ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻭلا ﺑﺄﺳﻠﻮﺑﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ، ﻭﻟﻢ ﺗﺸﻴّﺒﻪ ﻭﻟﻢ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻔﻘِﺪﻩُ ﻃﺮﺍﻭﺗﻪ ﺃﻭ ﺗﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺃﻭ ﺗﻄﻔﺊ ﺳﻨﺎ ﺟﻤﺎﻟﻪ ﻭﺣﺴﻨﻪ. ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻭﺣﺪَﻫﺎ ﺇﻋﺠﺎﺯ ﺃﻱّ ﺇﻋﺠﺎﺯ.

ﻭﺍلآﻥ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺃﺣﺪ ﻭﻧﻈﻢ ﻗﺴﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺗﻰ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺣﺴﺐ ﺃﻫﻮﺍﺋﻪ ﻭﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻧﻴﺔ، ﺛﻢ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺯﻥ ﺑﻴﻦ ﻛـلاﻣﻪ ﻭﻛـلاﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﺑﻐﻴﺔ ﺍلاﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺁﻳﺎﺗﻪ، ﻭﻗﺎﻝ: «ﻟﻘﺪ ﻗﻠﺖ ﻛـلاﻣﺎ ﺷﺒﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ». ﻓـلا ﺷﻚ ﺃﻥ ﻛـلاﻣﻪ ﻫﺬﺍ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺨﻒ ﻭﺍﻟﺤﻤﺎﻗﺔ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ:

ﺇﻥ ﺑﻨّﺎﺀً ﺷﻴﺪ ﻗﺼﺮﺍ ﻓﺨﻤﺎ، ﺃﺣﺠﺎﺭُﻩ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﻫﺮَ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﻭﺿﻊ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺣﺠﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﻭﺯﻳّﻨﻬﺎ ﺑﺰﻳﻨﺔ ﻭﻧﻘﻮﺵ ﻣﻮﺯﻭﻧﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻧﻘﻮﺵ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ، ﺛﻢ ﺩﺧﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻣﻦ ﻳﻘﺼﺮ ﻓﻬﻤُﻪ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻘﻮﺵ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ، ﻭﻳﺠﻬﻞ ﻗﻴﻤﺔ ﺟﻮﺍﻫﺮﻩ ﻭﺯﻳﻨﺘﻪ. ﻭﺑﺪﺃ ﻳﺒﺪّﻝ ﻧﻘﻮﺵ ﺍلأﺣﺠﺎﺭ ﻭﺃﻭﺿﺎﻋﻬﺎ، ﻭﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﺣﺴﺐ ﺃﻫﻮﺍﺋﻪ ﺣﺘﻰ ﻏﺪﺍ ﺑﻴﺘﺎ ﺍﻋﺘﻴﺎﺩﻳﺎ. ﺛﻢ ﺟﻤّﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺠﺐ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﺮﺯ ﺗﺎﻓﻪ، ﺛﻢ ﺑﺪﺃ ﻳﻘﻮﻝ: ﺍﻧﻈﺮﻭﺍ ﺇﻥ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﻓﻦ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻣﺎ ﻳﻔﻮﻕ ﻣﻬﺎﺭﺓ ﺑﺎﻧﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟﻔﺨﻢ، ﻭﻟﻲ ﺛﺮﻭﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﻨّﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺮ  ﻓﺎﻧﻈﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺟﻮﺍﻫﺮﻱ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ  لا ﺷﻚ ﺃﻥ ﻛـلاﻣﻪ ﻫﺬﺍ ﻫﺬﻳﺎﻥ ﺑﻞ ﻫﺬﻳﺎﻥ ﻣﺠﻨﻮﻥ ﻟﻴﺲ ﺇلا.