ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺫﻳﻞ ﻳﻮﺿﺢ ﺍﻟﻠﻤﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻣﻦ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ». ﻭﻫﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ لأﻭﻝ ﻟﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﻟﺴﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﻴﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ «ﻗﻄﺮﺓ ﻣﻦ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ» وﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺰﺍﺧﺮﺓ ﻟـلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ (ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ:٢٢) ﻟﺒﺴَﺖ ﺛﻮﺏَ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ.

   ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍلأﻭﻝ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ (ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ:٢٢)

«لا ﺇِﻟَﻪَ ﺇِلا ﺍﻟﻠﻪ ﻭَﺣﺪَﻩُ لا ﺷَﺮﻳﻚَ ﻟَﻪُ ﻟَﻪُ ﺍﻟْﻤُﻠﻚُ ﻭَﻟَﻪُ ﺍﻟْﺤَﻤﺪُ ﻳُﺤﻴِﻲ ﻭَﻳُﻤِﻴﺖُ ﻭَﻫُﻮَ ﺣَﻲّ لا ﻳَﻤُﻮﺕُ ﺑِﻴَﺪِﻩِ ﺍﻟْﺨَﻴﺮ ﻭَﻫُﻮَ ﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞِّ ﺷَﻲْﺀٍ ﻗَﺪِﻳﺮ ﻭَﺇﻟَﻴﻪِ ﺍﻟْﻤَﺼِﻴﺮُ».

    ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺑَﻴَّﻨﺖُ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ؛ ﺃﻥّ ﻓﻲ ﻛﻞٍّ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﺍلإﺣﺪﻯ ﻋﺸﺮﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻱ ﺑﺸﺎﺭﺓ ﺳﺎﺭﺓ، ﻭﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ. ﻭﻗﺪ ﺑﺴﻄﺖ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﺑﺴﻄﺎ ﻳﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺔ «لا ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ» ﻭﺣﺪَﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻥٍ ﺟﻤﻴﻠﺔ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺤﺎﻭﺭﺓ ﺗﻤﺜﻴﻠﻴﺔ ﻭﻣﻨﺎﻇﺮﺓ ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﻴﺔ، ﻭﺍﺗﺨﺎﺫ ﻟﺴﺎﻥِ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ. ﻭﺃﺩﺭﺝُ ﺍلآﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭﺓ ﺇﺳﻌﺎﻓﺎ ﻟﻄﻠﺐ ﺇﺧﻮﺗﻲ ﺍلأﻋﺰﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﻨﻮﻧﻨﻲ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻧﻲ، ﻭﻧﺰﻭلا ﻋﻨﺪ ﺭﻏﺒﺔ ﺭﻓﻘﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﻧﻈﺮﺍ ﻟﻄﻠﺒﻬﻢ. ﻭﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍلآﺗﻲ:

ﻧﻔﺘﺮﺽ ﺷﺨﺼﺎ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺀَ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮﻫﻤُﻬﻢ ﺟﻤﻴﻊُ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﻀـلاﻝ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻋﺒَﺪﺓ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﻳﻦ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ. ﻭﻧﻔﺮﺽ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮَﺽ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺑﺎ ﻟﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻳﺪّﻋﻲ ﺍﻟﺘﻤﻠّﻚ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻪ!

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﻗﺎﺑﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﺃﻭلا ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺻﻐﺮ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﺭﺓ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺇﻧﻪ ﺭﺑّﻬﺎ ﻭﻣﺎﻟﻜﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ!

ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺬﺭﺓُ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺑﻠُﻐﺔِ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﺩَﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ: ﺇﻧﻨﻲ ﺃﺅﺩﻱ ﻭﻇﺎﺋﻒَ ﻭﺃﻋﻤﺎلا لا ﻳﺤﺼﺮﻫﺎ ﺍﻟﻌﺪّ. ﻓﺄﺩﺧﻞُ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺼﻨﻮﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘـلاﻑ ﺃﻧﻮﺍﻋﻪ، ﻓﺈﻥ ﻛﻨﺖ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﻣﺎﻟﻜﺎ ﻋﻠﻤﺎ ﻭﺍﺳﻌﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﻭﺻﺎﺣﺐَ ﻗﺪﺭﺓٍ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺗﻮﺟّﻪ ﺟﻤﻴﻌَﻬﺎ، ﻭﻟﻚ ﺣﻜﻢ ﻧﺎﻓﺬ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺨﻴﺮﻱ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﻲ ﻣﻊ ﺃﻣﺜﺎﻟﻲ (حاشية) ﻧﻌﻢ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﺘﺤﺮﻙ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀً ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺳﻜﺔ ﺍﻟﺼﻤﺪﺍﻧﻴﺔ ﻭﻃﺎﺑﻌﻬﺎ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻀﻢ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻣُﻠﻚ ﻣﺎﻟﻜﻪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ.. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻛﻨﺔ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻬﻲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺃﺧﺘﺎﻡ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻈﻬﺮ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﻣﻮﺿﻌﻪ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺻﺎﻧﻌﻪ ﻭﻣﻜﺘﻮﺏ ﻣﻨﻪ. ﺃﻱ ﺇﻥ ﻛﻞ ﻧﺒﺎﺕ، ﻭﻛﻞ ﺛﻤﺮ، ﻫﻮ ﺧﺘﻢ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺔ، ﻭﺳﻜﺔ ﻭﺣﺪﺓ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻮﺍﺿﻌﻪ ﻭﺃﻭﻃﺎﻧﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻟﺼﺎﻧﻌﻪ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ.

 ﻭﺍﻟﺨـلاﺻﺔ: ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﺑﺤﺮﻛﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ، ﺃﻱ ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ لا ﻳﻘﺒﺾ ﺯﻣﺎﻡ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺑﻴﺪﻩ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺭﺓ. ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺠﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ.. ﻭﻛﺬﺍ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺎﻟﻜﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﻟﻠﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺎ ﺟﺰﺀ ﻣﻨﻬﺎ، ﻛﺎﻟﻜﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﻤﺮ، ﻭﺗﺘﺼﺮﻑَ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﻡ ﺗﺎﻡ.. ﻓﻠﻚَ ﺃﻥ ﺗﺪّﻋﻲَ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻋﻠﻲّ، ﻭﺗُﺴﻨﺪ ﺃﻣﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺧﺎﻟﻘﻲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ.. ﻭﺇلا ﻓﺎﺳﻜﺖ! ﺇﺫ لا ﺗﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺘﺪﺧﻞَ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻧﻲ ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻚ لا ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﺑﺎ ﻟﻲ؛ لأﻥ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻭﻇﺎﺋﻔﻨﺎ ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻭﺣﺮﻛﺎﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﻘﻦ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻦ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻣَﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﺍ ﺣﻜﻤﺔٍ ﻣﻄﻠﻘﺔٍ ﻭﻋﻠﻢ ﻣﺤﻴﻂ، ﻓﻠﻮ ﺗﺪﺧّﻞ ﻏﻴﺮُﻩ لأﻓﺴﺪ. ﻓﺄﻧّﻰ ﻟﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﺃﻥ ﺗﻤﺪّ ﺇﺻﺒﻌﻚ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻧﻨﺎ ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﺍﻟﺠﺎﻣﺪ ﺍلأﻋﻤﻰ ﺍلأﺳﻴﺮُ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﻭﻳﻴﻦ!

ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﻮﻥ: «ﺇﺫﻥ ﻛُﻮﻧﻲ ﻣﺎﻟﻜﺔً ﻟﻨﻔﺴﻚ، ﻓَﻠِﻢَ ﺗﻘﻮﻟﻴﻦ ﺇﻧﻚ ﺗﻌﻤﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻏﻴﺮﻙ؟»

ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻪ ﺍﻟﺬﺭﺓ: «ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻲ ﻋﻘﻞ ﺟﺒﺎﺭ ﻛﺎﻟﺸﻤﺲ ﻭﻋﻠﻢ ﻣﺤﻴﻂ ﻛﻀﻮﺋﻬﺎ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻛﺤﺮﺍﺭﺗﻬﺎ ﻭﺣﻮﺍﺱ ﻭﻣﺸﺎﻋﺮُ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻛﺎلأﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺿﻴﺎﺋﻬﺎ ﻭﻭﺟﻪ ﻣﺘﻮﺟّﻪ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﺳﻴﺢ ﻓﻴﻪ ﻭﻋﻴﻦ ﻧﺎﻇﺮﺓ ﻭﻛـلاﻡ ﻧﺎﻓﺬ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺃﺗﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ.. ﺭﺑﻤﺎ ﻛﻨﺖُ ﺃﺗﻐﺎﺑﻰ ﻣﺜﻠَﻚ ﻓﺄﺩّﻋﻲ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ ﻟﻨﻔﺴﻲ!. ﺗﻨﺢَّ ﻋﻨﻲ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻚ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﻴﻨﺎ».

ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺌﺲ ﺩﺍﻋﻴﺔُ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺭﺓ. ﻗﺎﺑﻞ ﻛﺮﻳﺔً ﺣﻤﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻡ، ﻋﻠّﻪ ﻳﻈﻔﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺸﻲﺀ. ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ ﻭﻟﻐﺔِ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻣﻨﻄﻖِ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ: «ﺃﻧﺎ ﻟﻚِ ﺭﺏ ﻭﻣﺎﻟﻚ!»

ﻓﺮﺩّﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﺔُ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ: «ﺇﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖُ ﻭﺣﻴﺪﺓً ﻣﻨﻔﺮﺩﺓ، ﻓﺄﻧﺎ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻲ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻓﻲ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺪﻡ ﺍﻟﻜﺜﻴﻒ، ﻧﻈﺎﻣُﻨﺎ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻭﻇﺎﺋﻔُﻨﺎ ﻣﻮﺣﺪﺓ، ﻧﺴﻴﺮ ﺗﺤﺖ ﺇﻣﺮﺓ ﺁﻣﺮٍ ﻭﺍﺣﺪ. ﻓﺈﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻤﻠﻚ ﺯﻣﺎﻡَ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻡ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻟﻲ، ﻭﻟﻚ ﺣﻜﻤﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺗﺤﻜﻤﺎﻥ ﺳﻴﻄﺮﺗَﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺧـلاﻳﺎ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺠﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻧُﺴﺘﺨﺪَﻡ لإﻧﺠﺎﺯ ﻣﻬﻤﺎﺕٍ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺣﻜﻤﺔ ﻭﺍﻧﺘﻈﺎﻡ، ﻓﻬﺎﺗﻬﺎ. ﻓﻠﺮﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﻟﺪﻋﻮﺍﻙ ﻣﻌﻨﻰ. ﻭﻟﻜﻨﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ لا ﺗﻤﻠﻚ ﺳﻮﻯ ﻗﻮﺓٍ ﻋﻤﻴﺎﺀ ﻭﻃﺒﻴﻌﺔٍ ﺻﻤﺎﺀ، ﻓـلا ﺗﻘﺪِﺭُ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻧﻨﺎ ﻭﻟﻮ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﺫﺭﺓ، ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺍﺩّﻋﺎﺀ ﺍﻟﺘﻤﻠّﻚ ﻋﻠﻴﻨﺎ؛ لأﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺩﻗﻴﻖ ﻭﺻﺎﺭﻡ ﺇﻟﻰ ﺣﺪّ لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﻜُﻤﻨﺎ ﺇلا ﻣﻦ ﻳﺮﻯ ﻛﻞَّ ﺷﻲﺀ ﻭﻳﺴﻤﻊُ ﻛﻞَّ ﺷﻲﺀ ﻭﻳﻌﻠﻢُ ﻛﻞَّ ﺷﻲﺀ ﻭﻳﻔﻌﻞُ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﺀ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﺳﻜﺖ. ﺇﺫ لا ﺗﺪﻉُ ﻭﻇﺎﺋﻔُﻨﺎ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔُ ﻭﺩﻗﺘُﻬﺎ ﻭﻧﻈﺎﻣُﻬﺎ ﻣﺠﺎلا ﻟﻨﺎ ﻟﻨﺴﻤﻊ ﻫﺬﺭَﻙ..» ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻄﺮﺩﻩ ﺍﻟﻜﺮﻳﺔُ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ.

ﻭﻟﻤّﺎ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﺑﻐﻴﺘَﻪ ﻓﻴﻬﺎ. ﺫﻫﺐ ﻓﻘﺎﺑﻞ ﺧﻠﻴﺔً ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺑﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ: «ﻟﻢ ﺃﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃُﺳﻤﻊَ ﺩﻋﻮﺍﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﺭﺓ، ﻭلا ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ، ﻓﻠﻌﻠّﻲ ﺃﺟﺪ ﻣﻨﻚ ﺃﺫﻧﺎ ﺻﺎﻏﻴﺔ؛ لأﻧﻚ ﻟﺴﺖِ ﺇلا ﺣُﺠﻴﺮﺓ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺣﺎﻭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ! ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺈﻧﻨﻲ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻌﻚ. ﻓﻜﻮﻧﻲ ﻣﺼﻨﻮﻋﺘﻲ ﻭﻣﻤﻠﻮﻛﺘﻲ ﺣﻘﺎ!»

ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ: «ﺇﻧﻨﻲ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍ ﺣﻘﺎ، ﻭﻟﻜﻦْ ﻟﻲ ﻭﻇﺎﺋﻒُ ﺟﻠﻴﻠﺔٌ ﻭﺟﺴﻴﻤﺔ، ﻭﻟﻲ ﻋـلاﻗﺎﺕ ﻭﺭﻭﺍﺑﻂ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﻭﺩﻗﻴﻘﺔ ﺟﺪﺍ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﺧـلاﻳﺎ ﺍﻟﺠﺴﻢ. ﻓﻠﻲ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﻣﺘﻘﻨﺔ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺷﺮﺍﻳﻴﻦ ﻭﺃﻭﺭﺩﺓ ﻭﺃﻋﺼﺎﺏ ﻣﺤﺮّﻛﺔ ﻭﺣﺴﻴﺔ، ﻭﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈّﻢ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻛﺎﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﺔ ﻭﺍﻟﺪﺍﻓﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﻟّﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﺼﻮّﺭﺓ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﻋﻠﻢ ﻭﺍﺳﻊ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺗﻨﺸﺊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﺮﻭﻕ ﻭﺍلأﻋﺼﺎﺏ ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻮﺩَﻋﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻭﺗﻨﺴّﻘﻬﺎ ﻭﺗﺴﺘﺨﺪﻣُﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺎﺗﻬﺎ.. ﻭﻛﺬﺍ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻚ ﺣﻜﻤﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺘﺼﺮﻑ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻥ ﺃﺧﻮﺍﺗﻲ ﻣﻦ ﺧـلاﻳﺎ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻛﻠِّﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﺍلإﺗﻘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺮﻭﻋﺔ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﺔ، ﻓﻬﻴﺎ ﺃﻇﻬﺮﻫﺎ. ﺛﻢ ﺍﺩّﻉ ﺑﺄﻧﻚ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﻲ. ﻭﺇلا ﻓﺎﻏﺮﺏ ﻋﻨﺎ. ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﻤﺮ ﺗﺰﻭﺩﻧﻲ ﺑﺎلأﺭﺯﺍﻕ، ﻭﺍﻟﻜﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺾ ﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻨﻲ ﺗﺠﺎﻩ ﺍلأﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﻤﺔ. ﻓﻠﻲَ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺟﺴﺎﻡ، لا ﺗﺸﻐﻠﻨﻲ ﻋﻨﻬﺎ. ﻓﺈﻥّ ﻋﺎﺟﺰﺍ ﻗﺎﺻﺮﺍ ﺃﻋﻤﻰ ﻣﺜﻠَﻚ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺣﻖُّ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻧﻨﺎ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺃﺑﺪﺍ؛ لأﻥ ﻓﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤُﺤﻜﻢ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ (حاشية) ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﺟﺴﻢ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻨﺴﻘﺔ ﻭﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ﺟﺪﺍ. ﻓﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﻭﻕ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﻠﻐﺮﺍﻑ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﻮﻥ، ﻭﻗﺴﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺍلأﻧﺎﺑﻴﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻨﺎﺑﻴﻊ ﻓﻴﺴﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻡ، ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﺎﻋﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.. ﻭﺍﻟﺪﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﻓﻴﻪ ﻗﺴﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﻳﺎﺕ، ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﺍﻟﻜﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﻤﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺘﻮﺯﻳﻊ ﺍلأﺭﺯﺍﻕ ﺇﻟﻰ ﺣﺠﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺪﻥ، ﻓﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﺭﺯﺍﻗﻬﺎ ﺑﻘﺎﻧﻮﻥ ﺇﻟﻬﻲ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻮﻇﻔﻮ ﺍلأﺭﺯﺍﻕ ﻭﺗﺠّﺎﺭﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺯﻳﻊ. ﻭﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍلآﺧﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﻜﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺾ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﻗﻞ ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﺍلأﻭﻟﻰ، ﻭﺗﻘﻮﻡ ﺑﺎﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺗﺠﺎﻩ ﺍلأﻣﺮﺍﺽ ﻣﺘﺨﺬﺓ ﻭﺿﻌﺎ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻋﺠﻴﺒﺎ ﺑﻨﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﺭﺍﻥ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ -ﻛﺎﻟﻤﺮﻳﺪ ﺍﻟﻤﻮﻟﻮﻱ- ﺣﺎﻟﻤﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﺣﻮﻣﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ.. ﺃﻣﺎ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﺪﻡ ﻓﻠﻪ ﻭﻇﻴﻔﺘﺎﻥ ﻋﺎﻣﺘﺎﻥ: ﺍلأﻭﻟﻰ: ﺗﻌﻤﻴﺮ ﺍﻟﺤﺠﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻬﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻭﺗﺮﻣﻴﻤﻬﺎ.. ﻭﺍلأﺧﺮﻯ: ﺗﻨﻈﻴﻒ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺑﺠﻤﻊ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﻭﺃﻧﻘﺎﺽ ﺍﻟﺨـلاﻳﺎ.

 ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻗﺴﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﻭﻕ ﺃﻳﻀﺎ، ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺍﻟﺸﺮﺍﻳﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻨﻘﻞ ﺍﻟﺪﻡ ﺍﻟﺼﺎﻓﻲ ﻭﺗﻮﺯﻳﻌﻪ، ﻓﻬﻲ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺠﺎﺭﻱ ﺍﻟﺪﻡ ﺍﻟﻨﻘﻲ ﺍﻟﺼﺎﻓﻲ.. ﻭﺍلآﺧﺮ: ﻫﻮ ﻣﺠﺎﺭﻱ ﺍﻟﺪﻡ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻤﻊ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻀﺎﺭﺓ ﻭﺍلأﻧﻘﺎﺽ، ﻭﻳﺄﺗﻲ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺘﻨﻔﺲ.

 ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﻋﻨﺼﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ: ﺍلآﺯﻭﺕ، ﻭﺍلآﺧﺮ: ﻣﻮﻟﺪ ﺍﻟﺤﻤﻮﺿﺔ (ﺍلأﻭﻛﺴﺠﻴﻦ) ﻓﻬﺬﺍ ﺍلأﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻳـلاﻣﺲ ﺍﻟﺪﻡ ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﻨﻔﺲ ﺣﺘﻰ ﻳﺠﺬﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻮّﺙ ﺍﻟﺪﻡ ﻣﺤﻮلا ﺇﻳﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﺎﺩﺓ ﺳﺎﻣﺔ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ «ﺣﺎﻣﺾ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ» (ﺛﻨﺎﺋﻲ ﺃﻭﻛﺴﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ) ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺘﻨﻘﻴﺔ ﺍﻟﺪﻡ ﻭﺗﺼﻔﻴﺘﻪ، ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﻀﻤﻦ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ ﻟﻠﺠﺴﻢ. ﺫﻟﻚ لأﻥ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻗﺪ ﻭﻫﺐ ﻟﻤﻮﻟﺪ ﺍﻟﺤﻤﻮﺿﺔ ﻭﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ ﻋـلاﻗﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ (ﺍلأﻟﻔﺔ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﻭﻳﺔ) ﺑﺤﻴﺚ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻳﻘﺘﺮﺑﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﺘﺰﺟﺎ ﻣﻌﺎ ﺑﻘﺎﻧﻮﻥ ﺇﻟﻬﻲ، ﻓﺘﺘﻮﻟﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍلاﻣﺘﺰﺍﺝ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻠﻤﺎ، ﺇﺫ ﺍلاﻣﺘﺰﺍﺝ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﺮﺍﻕ.

 ﻭﺣﻜﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ: ﺇﻥ ﻟﺬﺭﺍﺕ ﻛﻞ ﻋﻨﺼﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻓﺄﺛﻨﺎﺀ ﺍلاﻣﺘﺰﺍﺝ، ﺗﻤﺘﺰﺝ ﺍﻟﺤﺮﻛﺘﺎﻥ ﻣﻌﺎ ﻭﺗﺘﺤﺮﻙ ﺍﻟﺬﺭﺗﺎﻥ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﺗﻈﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻌﻠﻘﺔ، ﺳﺎﺋﺒﺔ، ﻓﺘﻨﻄﻠﻖ، ﺑﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ، ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺣﺮﺍﺭﺓ. ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﻮﻟﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﻭﻣﻘﺮﺭ. ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮ، ﻓﻜﻤﺎ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ ﺑﻬﺬﺍ ﺍلاﻣﺘﺰﺍﺝ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﻭﻱ، ﻳﺘﺼﻔﻰ ﺍﻟﺪﻡ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﺴﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ.

 ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﻨﻘﻲ ﺍﻟﺸﻬﻴﻖ ﻣﺎﺀ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻭﻳﺸﻌﻞ ﻧﺎﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺰﻓﻴﺮ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺜﻤﺮ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻄﻮﻗﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻢ، ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ، ﻓﺴﺒﺤﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﺤﻴﺮ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﻪ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ. ﻣﺎ ﻟﻮ ﻳﺤﻜﻤﻨﺎ ﻏﻴﺮُ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻟﻔﺴﺪ ﻧﻈﺎﻣُﻨﺎ ﻭﺍﻧﻔﺮﻁ ﻋﻘﺪُﻧﺎ».

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺌﺲ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻗﺎﺑﻞ ﺟﺴﻢَ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﻮﻥ، ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻀﺎﻟﺔ: «ﺃﻧﺖ ﻣُﻠﻜﻲ. ﻓﺄﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﻨﻌﺘُﻚ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍلأﻗﻞ ﻟﻲ ﺣﻆ ﻓﻴﻚ!»

ﻓﺮﺩّ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺴﻢُ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻲ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ: «ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﻋﻠﻢ ﻭﺍﺳﻊ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻟﻲ، ﻟﻮﺿﻊِ ﺍﻟﻌـلاﻣﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﻫﻨﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻃﺎﺑﻊُ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺧﺘﻢُ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ.. ﻭﻛﺬﺍ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻚ ﺛﺮﻭﺓ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻭﺣﺎﻛﻤﻴﺔ ﻣﻬﻴﻤﻨﺔ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﺯﻥ ﺃﺭﺯﺍﻗﻲ ﺍﻟﻤﻤﺘﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ.. ﻭﻛﺬﺍ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻚ ﺣﻜﻤﺔ لا ﺣﺪّ ﻟﻬﺎ ﻭﻗﺪﺭﺓٌ لا ﻣﻨﺘﻬﻰ ﻟﻬﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻤﻜّﻦ ﺍﻟﻠﻄﺎﺋﻒَ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﺭﻭﺡٍ ﻭﻗﻠﺐٍ ﻭﻋﻘﻞ ﻓﻲ ﺑﻮﺩﻗﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻣﺜﻠﻲ، ﻭﺗﺴﻴّﺮﻫﺎ ﺑﺤﻜﻤﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ، ﻓﺄﺭﻧﻴﻬﺎ ﺛﻢ ﺍﺩّﻉ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻟﻲ، ﻭﺇلا ﻓﺎﺳﻜﺖ. ﻓﺈﻥ ﺻﺎﻧﻌﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻋﻠﻴﻢ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ، ﺑﺼﻴﺮ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ، ﺑﺸﻬﺎﺩﺓِ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍلأﻛﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻴّﺮﻧﻲ، ﻭﺑﺪلاﻟﺔِ ﻃﺎﺑﻊ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻲ، ﻓـلا ﻳﻘﺪﺭُ ﻋﺎﺟﺰ ﻭﺿﺎﻝ ﻣﺜﻠُﻚ ﺃﻥ ﻳﻤﺪّ ﺇﺻﺒﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺻﻨﻌﺘﻪ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ ﺃﺑﺪﺍ ﻭلا ﺃﻥ ﻳﺘﺪﺧّﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻟﻮ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﺫﺭﺓ».

ﻓﺎﻧﺼﺮﻑ ﺩﺍﻋﻴﺔُ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﻳﺠﺪ ﻣﻮﺿﻌﺎ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﻢ، ﻓﻘﺎﺑﻞَ ﻧﻮﻉَ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻓﺤﺎﻭﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺎﺋـلا: «ﺭﺑﻤﺎ ﺃﺟﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻮﺿﻌﺎ، ﻓﺄﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻓﻄﺮﺗﻬﻢ ﻭﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥُ ﺑﻀـلاﻟﻪ ﻓﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ﺍلاﺧﺘﻴﺎﺭﻳﺔ ﻭﺷﺆﻭﻧِﻬﻢ ﺍلاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺃﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃﺟﺮﻱ ﺣُﻜﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﻢ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺩﻧﻲ ﻫﻮ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺧـلاﻳﺎ».

ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺧﺎﻃﺐ ﻧﻮﻉَ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺼﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻀﺎﻟﺔ ﺃﻳﻀﺎ: «ﺃﻧﺘﻢ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺗﺒﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﻓﻮﺿﻰ، ﻓـلا ﺃﺭﻯ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻳﻨﻈّﻤﻜﻢ، ﻓﺄﻧﺎ ﻟﻜﻢ ﺭﺏ ﻭﻣﺎﻟﻚ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍلأﻗﻞ ﻟﻲ ﺣﺼﺔ ﻓﻴﻜﻢ».

ﻓﺮﺩّ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺎلا ﻧﻮﻉُ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍلاﻧﺘﻈﺎﻡ: «ﺇﻥ ﻛﻨﺖ -ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ- ﻣﺎﻟﻜﺎ ﻗﺪﺭﺓً ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗُﻠﺒﺲ ﺍﻟﻜﺮﺓَ ﺍلأﺭﺿﻴﺔ ﺣﻠّﺔ ﻗﺸﻴﺒﺔً ﻣﻠﻮﻧﺔ ﺑﺄﻟﻮﺍﻥٍ ﺯﺍﻫﻴﺔ ﻣﻨﺴﻮﺟﺔٍ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺑﺨﻴﻮﻁ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻧﻮﻉ، ﺍﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﺑﻨﻮﻋﻨﺎ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻲ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺑﻮﺳﻌِﻬﺎ ﻧﺴﺞُ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒﺴﺎﻁ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺵ ﻋﻠﻰ ﺍلأﺭﺽ ﻣﻦ ﺧﻴﻮﻁ ﻣﺌﺎﺕ ﺍلأﻟﻮﻑ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺃﺑﺪﻉ ﻧﻘﺶٍ ﻭﺃﺟﻤﻠِﻪ.. ﻭﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺧﻠﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺴﺎﻁ ﺍﻟﺮﺍﺋﻊ، ﻭﺗﺠﺪّﺩﻩ ﺩﻭﻣﺎ ﻭﺑﺤﻜﻤﺔ ﺗﺎﻣﺔ! ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻚ ﻗﺪﺭﺓ ﻣﺤﻴﻄﺔ ﻭﺣﻜﻤﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻛﻬﺬﻩ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﺼﺮﻑ ﻓﻲ ﻛﺮﺓ ﺍلأﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺤﻦ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﺭﻫﺎ، ﻭﺗﺪﺑِّﺮ ﺷﺆﻭﻥَ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺤﻦ ﺑﺬﻭﺭُﻩ، ﻓﺘﺮﺳﻞَ ﺑﻤﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻟﻮﺍﺯﻡَ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ.. ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ -ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ- ﺗﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻗﺘﺪﺍﺭ ﻳﺨﻠﻖ ﻋـلاﻣﺎﺕِ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﻤﻤﻴّﺰﺓ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﻫﻨﺎ، ﻭﻓﻲ ﺃﻣﺜﺎﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﻴﻦ ﻭﺍلآﺗﻴﻦ.. ﻓﺈﻥ ﻛﻨﺖَ ﻣﺎﻟﻜﺎ ﻟﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻓﻠﺮﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﺣﻖُّ ﺍﺩّﻋﺎﺀ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻲّ. ﻭﺇلا ﻓﺎﺧﺮﺱ! ﻭلا ﺗﻘﻞ ﺇﻧﻨﻲ ﺃﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻥ ﻫﺆلاﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﺧﺘـلاﻁ ﻭﺗﺸﺎﺑﻚ، ﺇﺫ ﺍلاﻧﺘﻈﺎﻡُ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺗﻤِّﻪ. ﻭﺗﻠﻚ ﺍلأﻭﺿﺎﻉُ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻈﻨﻬﺎ ﻓﻮﺿﻰ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﺳﺘﻨﺴﺎﺥ ﻟﻠﻘﺪﺭﺓ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺍلاﻧﺘﻈﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻭﻓﻖ ﺍﻟﻘَﺪﺭ ﺍلإﻟﻬﻲ. ﻓﻠﺌﻦ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡُ ﺩﻗﻴﻘﺎ ﻓﻲ ﺃﺩﻧﻰ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻛﺎﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﻳﺮﻓﺾ ﺃﻱَّ ﺗﺪﺧّﻞٍ ﻛﺎﻥ، ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻨﺎ ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻗﻤﺔ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؟ ﺃﻟﻴﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺪﻭ ﺍﺧﺘـلاﻃﺎ ﻭﻓﻮﺿﻰ ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﺣﻜﻴﻤﺔ؟ ﺃﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟﻠﺬﻱ ﻣﻜّﻦ ﺧﻴﻮﻁَ ﺍﻟﻨﻘﻮﺵ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺴﺎﻁ، ﻛﻞ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﻪ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ، ﻭﻓﻲ ﺃﻱ ﺟﺰﺀٍ ﻭﻃﺮﻑ ﻛﺎﻥ، ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﻴﺮَ ﺻﺎﻧﻌِﻪ، ﻏﻴﺮَ ﺧﺎﻟﻘِﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥَ ﺧﺎﻟﻖُ ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ ﻏﻴﺮَ ﺧﺎﻟﻖِ ﺛﻤﺮﺗِﻬﺎ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺎﻟﻖُ ﺍﻟﺜﻤﺮﺓ ﻏﻴﺮَ ﺧﺎﻟﻖ ﺷﺠﺮﺗﻬﺎ؟ ﻭﻟﻜﻨﻚ ﺃﻋﻤﻰ لا ﺗﺒﺼﺮ! ﺃلا ﺗﺮﻯ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕِ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻲ ﻭﺧﻮﺍﺭﻕ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﻓﻲ ﻓﻄﺮﺗﻲ؟ ﻓﺈﻥ ﺍﺳﺘﻄﻌﺖَ ﺃﻥ ﺗﺸﺎﻫﺪﻫﺎ، ﻓﺴﺘﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﺧﺎﻟﻘﻲ لا ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻭلا ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﺮ، ﻭلا ﻳﻌﺠﺰﻩ ﺷﻲﺀ، ﻳﺪﻳﺮ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡَ ﺑﻴُﺴﺮ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ، ﻭﻳﺨﻠﻖ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊَ ﺍﻟﺸﺎﺳﻊ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺧﻠﻖ ﺯﻫﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺩﺭﺝ ﻓﻬﺮﺱَ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻓﻲ ﻣﺎﻫﻴﺘﻲ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﻡ ﺩﻗﻴﻖ، ﺃﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟﻌﺎﺟﺰٍ ﺃﻋﻤﻰ ﻣﺜﻠِﻚ ﺃﻥ ﻳﺤﺸﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺇﺑﺪﺍﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ.. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﺳﻜﺖْ ﻭﺍﺻﺮﻑْ ﻭﺟﻬَﻚ ﻋﻨﻲ.. ﻓﻴﻤﻀﻰ ﻣﻄﺮﻭﺩﺍ.

ﺛﻢ ﻳﺬﻫﺐُ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺴﺎﻁ ﺍﻟﺰﺍﻫﻲ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺵ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍلأﺭﺽ ﻭﺍﻟﺤُﻠّﺔ ﺍﻟﻘﺸﻴﺒﺔ ﺍﻟﻤﺰﻳّﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟﺒﺴﺖ، ﻓﺨﺎﻃﺒَﻪ ﺑﺎﺳﻢ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ ﻭﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ: «ﺇﻧﻨﻲ ﺃﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻧﻚ، ﻓﺄﻧﺎ ﺇﺫﻥ ﻣﺎﻟﻚ ﻟﻚ ﻭﻟﻲ ﺣﻆ ﻓﻴﻚ ﻓﻲ ﺍلأﻗﻞ».

ﻭﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﻜﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒﺴﺎﻁُ ﺍﻟﻤﺰﺭﻛﺶ، ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻠﺔُ ﺍﻟﻘﺸﻴﺒﺔ (حاشية) ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﺫﻭ ﺣﻴﻮﻳﺔ، ﻓﻬﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻫﺘﺰﺍﺯ ﻣﻨﺘﻈﻢ ﺇﺫ ﺗﺘﺒﺪﻝ ﻧﻘﻮﺷﻪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻭﺑﺤﻜﻤﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻭﺗﻨﺎﺳﻖ ﺗﺎﻡ، ﻭﺫﻟﻚ ﺇﻇﻬﺎﺭﺍ ﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻨﺴّﺎﺟﻪ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ﻓﻲ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ. ﻭﺧﺎﻃﺒﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻮﺩَﻋﺔ ﻓﻴﻬﻤﺎ: «ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻚ ﻗﺪﺭﺓ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﻭﺇﺗﻘﺎﻥ ﺑﺪﻳﻊ ﻳﺠﻌـلاﻧﻚ ﺗﻨﺴﺞ ﺟﻤﻴﻊَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒُﺴﻂ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺷﺔ ﻭﺍﻟﺤُﻠﻞ ﺍﻟﺒﻬﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﻠﻊُ ﻋﻠﻰ ﺍلأﺭﺽ ﺑﻌﺪﺩ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﺛﻢ ﺗﻨﺰﻋﻬﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﺗﺎﻡ ﻭﺗﻨﺸﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﻞ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﺨﻴﻂ ﻣﺎ ﺗُﺨﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣُﻠﻞ ﺯﺍﻫﺮﺓ ﺑﻨﻘﻮﺷﻬﺎ ﻭﺗﻔﺼّﻞ ﺗﺼﺎﻣﻴﻤَﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻘَﺪﺭ.. ﻭﻛﺬﺍ ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻣﺎﻟﻜﺎ ﻟﻴَﺪٍ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﺫﺍﺕ ﻗﺪﺭﺓ ﻭﺣﻜﻤﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻤﺘﺪ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀٍ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀً ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍلأﺭﺽ ﺇﻟﻰ ﺩﻣﺎﺭﻫﺎ، ﺑﻞ ﻣﻦ ﺍلأﺯﻝ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺑﺪ، ﻓﺘﺠﺪّﺩ ﻭﺗﺒﺪّﻝ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻟُﺤﻤﺔ ﺑﺴﺎﻃﻲ ﻫﺬﺍ ﻭﺳﺪﺍﻩ.. ﻭﻛﺬﺍ ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ ﺯﻣﺎﻡ ﺍلأﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺒﺴﻨﺎ ﻭﺗﻜﺘﺴﻲ ﺑﻨﺎ ﻭﺗﺘﺴﺘﺮ.. ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻫﻜﺬﺍ ﻓﺎﺩّﻉ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻲَّ.. ﻭﺇلا ﻓﺎﺧﺮﺝ ﻣﺬﻣﻮﻣﺎ ﻣﺪﺣﻮﺭﺍ ﻣﻦ ﺍلأﺭﺽ. ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻚ ﻣﻘﺎﻡ ﻫﻨﺎ؛ ﺇﺫ ﻓﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﻭﺃﺧﺘﺎﻡ ﺍلأﺣﺪﻳﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻣَﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺟﻤﻴﻊُ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ ﺗﺼﺮﻓﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺮَ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺷﺆﻭﻧِﻬﺎ ﺩﻓﻌﺔً ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﺃﻣﻮﺭﺍ لا ﺗُﺤﺪ ﻓﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺣﺎﺿﺮﺍ ﻭﺭﻗﻴﺒﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﻣﻨﺰّﻫﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ.. لا ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎﻟﻜﺎ ﻟﻨﺎ ﺃﺑﺪﺍ، ﺑﻞ لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺃﻣﻮﺭﻧﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎ. ﺃﻱ ﻣَﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺎﻟﻜﺎ ﻟﻘﺪﺭﺓٍ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻭﺣﻜﻤﺔٍ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻭﻋﻠﻢ ﻣﻄﻠﻖ، لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﻳﺪَّﻋﻲ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔَ ﻋﻠﻴﻨﺎ».

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺬﻫﺐ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎ ﻧﻔﺴَﻪ: «لأﺫﻫﺐْ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺍلأﺭﺿﻴﺔ ﻋﻠَّﻨﻲ ﺃﺳﺘﻐﻔﻠُﻬﺎ ﻭﺃﺟﺪُ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻮﺿﻌﺎ..» ﻓﺘﻮﺟَّﻪَ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻗﺎﺋـلا ﻟﻬﺎ (حاشية) ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ: ﺇﻥ ﺍﻟﺬﺭﺓ ﺗﺤﻴﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪّﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ، ﻭﻫﺬﻩ ﺗﺤﻴﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ، ﻭﻫﺬﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺴﻢ، ﻭﺍﻟﺠﺴﻢ ﻳﺤﻴﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻲ، ﻭﺍﻟﻨﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻠّﺔ ﺍﻟﻤﻨﺴﻮﺟﺔ ﻣﻦ ﺍلأﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻠﺒﺴﻬﺎ ﺳﻄﺢ ﺍلأﺭﺽ، ﻭﺗﺤﻴﻠﻪ ﺣﻠّﺔ ﺳﻄﺢ ﺍلأﺭﺽ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺭﺽ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻭﻫﺬﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﻘﻮﻝ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ: ﺍﻧﺼﺮﻑ ﻋﻨّﺎ.. ﻓﻠﻮ ﺍﺳﺘﻄﻌﺖ ﺃﻥ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻓﻮﻗﻲ ﻓﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲّ، ﻭﺇلا ﻓﺄﻧﺖ ﻋﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﻋﻠﻲّ. ﻓﺈﺫﻥ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻨﻔﺬ ﺃﻣﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻛﺎﻓﺔ لا ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺬﻩ ﻋﻠﻰ ﺫﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ. ﺑﺎﺳﻢ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ ﻭﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ: «ﺇﻥّ ﺩﻭﺭﺍﻧﻚِ ﻫﻜﺬﺍ ﺩﻭﻥ ﻗﺼﺪ ﻳﺸﻒُّ ﻋﻦ ﺃﻧّﻚ ﺳﺎﺋﺒﺔ ﺩﻭﻥ ﻣﺎﻟﻚ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻃﻮﻉَ ﺃﻣﺮﻱ!»

ﻓﺮﺩَّﺕْ ﻋﻠﻴﻪ ﺍلأﺭﺽُ ﺑﺼﻴﺤﺔ ﻛﺎﻟﺼﺎﻋﻘﺔ ﻣﻨﻜﺮﺓً ﺩﻋﻮﺍﻩ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻀﻤَﺮﺓ ﻓﻴﻬﺎ: «لا ﺗﻬﺬﺭْ ﺃﻳﻬﺎ ﺍلأﺣﻤﻖ ﺍلأﺑﻠﻪ!. ﻛﻴﻒ ﺃﻛﻮﻥ ﻫﻤـلا ﺑـلا ﻣﺎﻟﻚ ﻭﻣﻮﻟﻰ! ﻓﻬﻞ ﺭﺃﻳﺖ ﻓﻲ ﺛﻮﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﺒﺴُﻪ ﺧﻴﻄﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻓﻘﻂ ﻧﺸﺎﺯﺍ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﻜﻤﺔٍ ﻭﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺇﺗﻘﺎﻥ! ﺣﺘﻰ ﺗﺰﻋﻢ ﺃﻥّ ﺣﺒﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﺭﺑﻲ ﻭﺃﻧﻨﻲ ﺑـلا ﻣﻮﻟﻰ ﻭلا ﻣﺎﻟﻚ؟ ﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﻛﺎﺗﻲ ﻓﺤﺴﺐ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺣﺮﻛﺘﻲ ﺍﻟﺴﻨﻮﻳﺔ (حاشية) ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻧﺼﻒ ﻗﻄﺮ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﻣﺎﺋﺔ ﻭﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮﺍ، ﻓﺘﻠﻚ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﻤﺴﺎﻓﺔ ﺧﻤﺲ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ. ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺳﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺴﺎﻓﺔَ ﺧﻤﺲٍ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔٍ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻘﻂ، ﻣﻨﺠِﺰﺓً ﻭﻇﺎﺋﻔﻲ ﺍﻟﻤُﻠْﻘﺎﺓ ﻋﻠﻲَّ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ.. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻚ ﺣﻜﻤﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻓﺘُﺴﻴّﺮ ﻭﺗُﺠﺮﻱ ﻣﻌﻲ ﺭﻓﻘﺎﺋﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺃﻓـلاﻛﻬﺎ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ، ﻭﺗﺨﻠﻖُ ﺍﻟﺸﻤﺲَ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻗﺎﺋﺪُﻧﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣُﻨﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄﻨﺎ ﻭﺇﻳﺎﻫﺎ ﺟﺎﺫﺑﺔُ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﺘﺪﻳﺮُﻧﺎ ﻭﺗﺠﺮﻱ ﺑﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﺗﺎﻡ ﻭﺣﻜﻤﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ. ﻧﻌﻢ، ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻚ ﻗﺪﺭﺓ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻭﺣﻜﻤﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﻮﺭ ﺍﻟﺠﺴﺎﻡ ﻭﺗﺪﺑﻴﺮﻫﺎ ﻓﺎﺩّﻉ ﺑﺪﻋﻮﺍﻙ. ﻭﺇلا ﻓﺎﺗﺮﻙْ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﺬﻳﺎﻥ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ، ﻭﺳُﺤﻘﺎ ﻟﻚ ﻓﻲ ﺟﻬﻨﻢ ﻭﺑﺌﺲ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ، ﻓـلا ﺗﺸﻐﻠﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﻬﻤﺎﺗﻲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ. ﺇﺫ ﺇﻥّ ﻣﺎ ﻓﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺍلاﻧﺘﻈﺎﻡ ﺍﻟﺮﺍﺋﻊ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺳﻖ ﺍﻟﻤﻬﻴﺐ ﻭﺍﻟﺘﺴﺨﻴﺮ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻳﺪﻝ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻰ ﺍﻟﺸﻤﻮﺱ ﻃﻮﻉَ ﺃﻣﺮ ﺻﺎﻧﻌﻨﺎ ﻭﻣﺴﺨّﺮﺓ ﻟﻪ. ﺇﺫ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﻨﻈّﻢ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓَ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻭﻳﺰّﻳﻦ ﺛﻤﺮﺍﺗِﻬﺎ ﻓﺈﻧّﻪ ﺑﺎﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻳﻨﻈّﻢ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﺴﻴﺎﺭﺍﺗﻬﺎ. ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺫﻭ ﺍﻟﺠـلاﻝ ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺫﻭ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ».

ﺛﻢ ﻳﺘﻮﺟّﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻟﻪ ﻣﻮﺿﻊَ ﻗﺪﻡ ﻓﻲ ﺍلأﺭﺽ ﻓَﺤَﺎﻭﺭَ ﻧﻔﺴَﻪ ﻗﺎﺋـلا: «ﺇﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺷﻲﺀ ﻋﻈﻴﻢ، ﻟﻌﻠّﻲ ﺃﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻐﺮﺓً ﺃﻣﺮﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺩﻋﻮﺍﻱ ﻭﺃﺳﺨّﺮ ﺑﺪﻭﺭﻱ ﺍلأﺭﺽ ﻛﺬﻟﻚ».

ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺃﺿﺎﻟﻴﻞ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺠﻮﺱ: «ﺃﻧﺖِ ﻳﺎ ﺷﻤﺲُ ﺳﻠﻄﺎﻧﺔُ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺃﻧﺖ ﺣﺘﻤﺎ ﻣﺎﻟﻜﺔ ﻟﻨﻔﺴﻚ، ﻭﺗﺘﺼﺮﻓﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻴﻒ ﺗﺸﺎﺋﻴﻦ».

ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺇﺟﺎﺑَﺘﻪ ﺍﻟﺸﻤﺲُ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ: «ﻛـلا ﻭﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ ﻛـلا.. ﺑﻞ ﻟﺴﺖُ ﺇلا ﻣﺄﻣﻮﺭﺓً ﻣﻄﻴﻌﺔ ﻣﺴﺨﺮﺓ ﺑﻮﻇﻴﻔﺔِ ﺗﻨﻮﻳﺮ ﻣﺴﺘﻀﺎﻑ ﺳﻴﺪﻱ. ﻓﻠﺴﺖ ﻣﺎﻟﻜﺔً ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺃﺑﺪﺍ ﺑﻞ ﻟﺴﺖُ ﻣﺎﻟﻜﺔً ﺣﺘﻰ ﻟﺠﻨﺎﺡ ﺫﺑﺎﺑﺔ ﻣُﻠﻜﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ، لأﻥ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ ﺍﻟﺬﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﻴﺴﺔ، ﻛﺎﻟﻌﻴﻦ ﻭﺍلأﺫﻥ ﻭﻣﻦ ﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ، ﻣﺎ لا ﺃﻣﻠﻜﻪ ﻗﻂ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﻃﻮﻗـي» ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﻮﺑّﺦ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ.

ﻓﻴﻨﺒﺮﻯ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﻗﺎﺋـلا ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺘﻐﻄﺮﺳﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﻋﻨﺔ: «ﻣﺎ ﺩﻣﺖِ ﻟﺴﺖِ ﻣﺎﻟﻜﺔً ﻟﻨﻔﺴﻚ، ﺑﻞ ﺧﺎﺩﻣﺔ، ﻓﺈﺫﻥ ﺃﻧﺖ ﻣﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻲ ﻭﺗﺤﺖ ﺗﺼﺮﻓﻲ ﺑﺎﺳﻢ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ».

ﻓﺮﺩّﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﻤﺲُ ﺭﺩﺍ ﻗﻮﻳﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻗﺎﺋﻠﺔ: «ﺇﻧﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﻛﻮﻥ ﻣﻤﻠﻮﻛﺔً ﻟﻤﻦ ﺧﻠﻖ ﻧﺠﻮﻣﺎ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻟﻲ، ﻭﺃﺳﻜﻨَﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﺋﻪ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺣﻜﻤﺔ، ﻭﺃﺩﺍﺭﻫﺎ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﻫﻴﺒﺔ، ﻭﺯﻳّﻨﻬﺎ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺯﻳﻨﺔ».

ﺛﻢ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﺑﺪﺃ ﻳﺤﺪّﺙ ﻧﻔﺴَﻪ: «ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ ﻣﺰﺩﺣﻤﺔ، ﻭﻫﻲ ﻣﺸﺘَّﺘﺔ ﻣﺘﺒﺎﻋﺪﺓ ﺑﻌﻀُﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ، ﻓﻠﻌﻠّﻲ ﺃﺟﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮﺿﻌﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﻮﻛﻠﻲ ﻓﺄﻇﻔﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺸﻲﺀ.. ﻓﻴﺪﺧﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ».

ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺼﺎﺑﺌﺔ ﻋُﺒّﺎﺩ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺑﺎﺳﻢ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ ﻭﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺷﺮﻛﺎﺋﻪ ﻭﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻄﺎﻏﻴﺔ: «ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ! ﺇﻥّ ﺣُﻜﺎﻣﺎ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻳﺘﺤﻜﻤﻮﻥ ﻓﻴﻜﻢ ﻟﺸﺪﺓ ﺗﺸﺘﺘﻜﻢ ﻭﺗﺒﻌﺜﺮﻛﻢ».

ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻪ ﻧﺠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ: ﻣﺎ ﺃﺷﺪَّ ﺑـلاﻫﺘَﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﺍلأﺣﻤﻖ. ﺃلا ﺗﺮﻯ ﻋـلاﻣﺔَ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﻃﻐﺮﺍﺀ ﺍلأﺣﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﻫﻨﺎ، ﺃلا ﺗﻔﻬﻤﻬﺎ؟. ﺃلا ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﻈﻤﺘﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﻗﻴﺔ ﻭﻗﻮﺍﻧﻴﻦَ ﻋﺒﻮﺩﻳﺘﻨﺎ ﺍﻟﺼﺎﺭﻣﺔ؟ ﺃﺗﻈﻨﻨﺎ ﺑـلا ﻧﻈﺎﻡ؟

ﻓﻨﺤﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﻮﻥ ﻋﺒﻴﺪﺍ ﻟﻮﺍﺣﺪٍ ﺃﺣﺪٍ ﻳﻤﺴﻚ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺘﻪ ﺃﻣﻮﺭَﻧﺎ ﻭﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﺤﺮُﻧﺎ، ﻭﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕِ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺷﺠﺮﺗُﻨﺎ، ﻭﻓﻀﺎﺀَ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﺴﻴﺮُﻧﺎ. ﻓﻨﺤﻦ ﺷﻮﺍﻫﺪُ ﻧﻮﺭﺍﻧﻴﺔ ﻛﺎﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﺓ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﻧﺒﻴّﻦ ﻛﻤﺎﻝ ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻭﻧﺤﻦ ﺑﺮﺍﻫﻴﻦُ ﺳﺎﻃﻌﺔ ﻧﻌﻠﻦ ﻋﻦ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ، ﻓﻜﻞ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻨﺎ ﺧَﺪَﻣَﺔ ﻋﺎﻣﻠﻮﻥ ﻧﻮﺭﺍﻧﻴﻮﻥ ﻧﺪﻝّ ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻤﺔ ﺳﻠﻄﻨﺘﻪ، ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﻋﻠﻮﻳﺔ ﺳﻔﻠﻴﺔ ﺩﻧﻴﻮﻳﺔ ﺑﺮﺯﺧﻴﺔ ﺃﺧﺮﻭﻳﺔ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻧﻨﺎ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﺑﺎﻫﺮﺓ ﻣﻦ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍلأﺣﺪ.. ﻭﺛﻤﺮﺓ ﻳﺎﻧﻌﺔ ﻟﺸﺠﺮﺓ ﺍﻟﺨﻠﻘﺔ.. ﻭﺑﺮﻫﺎﻥ ﻣﻨﻮﺭ ﻟﻠﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ.. ﻓﻨﺤﻦ ﻟﻠﻤـلاﺋﻜﺔ ﻣﻨﺰﻝ ﻭﻃﺎﺋﺮﺓ ﻭﻣﺴﺠﺪ.. ﻭﻟﻠﻌﻮﺍﻟِﻢ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳﺔ ﻣﺼﺒﺎﺡ ﻭﺷﻤﺲ.. ﻭﻋﻠﻰ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﺷﺎﻫﺪ.. ﻭﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻗﺼﺮِﻩ ﺯﻳﻨﺔ ﻭﺯﻫﺮﺓ.. ﻭﻛﺄﻧﻨﺎ ﺃﺳﻤﺎﻙ ﻧﻮﺭﺍﻧﻴﺔ ﺗﺴﺒﺢ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ.. ﻭﻋﻴﻦ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ. (حاشية) ﻓﻨﺤﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪﻭ ﻣﺼﻨﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺸﻴﺮﻭﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﺑﻞ ﻧﺠﻌﻞ ﺍلآﺧﺮﻳﻦ ﻳﺸﺎﻫﺪﻭﻧﻬﺎ ﺑﺈﻋﺠﺎﺏ.. ﺃﻱ ﻛﺄﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﺍلأﺭﺽ ﺑﻤﺎ لا ﻳﺤﺪّ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻴﻮﻥ.. ﻓﺎﻟﻨﺠﻮﻡ ﻛﻤـلاﺋﻜﺔ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺤﺸﺮ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺐ، ﻭﻣﻌﺮﺽ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺐ، ﺑﻞ ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ ﺃﻧﻈﺎﺭ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻛـلا ﻣﻨّﺎ ﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﻨﺎ ﺳﻜﻮﺗﺎ ﻓﻲ ﺳﻜﻮﻥ.. ﻭﺣﺮﻛﺔً ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ.. ﻭﺯﻳﻨﺔً ﻓﻲ ﻫﻴﺒﺔ.. ﻭﺍﺳﺘﻮﺍﺀَ ﺧﻠﻘﺔٍ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﻡ.. ﻭﺇﺗﻘﺎﻥَ ﺻﻨﻌﺔٍ ﻓﻲ ﻣﻮﺯﻭﻧﻴﺔ. ﻟﻬﺬﺍ ﻧﺸﻬﺪ ﺑﺄﻟﺴﻨﺔٍ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﺻﺎﻧﻌﻨﺎ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻭﺑﺄﺣﺪﻳﺘﻪ ﻭﺻﻤﺪﺍﻧﻴﺘﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻭﺻﺎﻑ ﺟﻤﺎﻟﻪ ﻭﻛﻤﺎﻟﻪ ﻭﺟـلاﻟﻪ ﻭﻧُﻌﻠﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﻬﺎﺩ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ.. ﺃﻓَﺒﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺗﺘﻬﻤﻨﺎ ﻭﻧﺤﻦ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻭﻥ ﺍﻟﻤﻄﻴﻌﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﺨَّﺮﻭﻥ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﻓﻮﺿﻰ ﻭﺍﺧﺘـلاﻁ ﻭﻋﺒﺚ، ﺑﻞ ﺑـلا ﻣﻮﻟﻰ ﻭﻣﺎﻟﻚ؟ ﻓﺈﻧﻚ لا ﺷﻚ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺘﺄﺩﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﻬﺎﻣﻚ ﻫﺬﺍ.. ﻓﺘﺮﺟُﻢ ﻧﺠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪَّﻋﻲ ﻓﺘﻄﺮﺣُﻪ ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻟﻰ ﻗﻌﺮ ﺟﻬﻨﻢَ ﻭﺑﺌﺲ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ. ﻭﺗﻘﺬﻑُ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔَ ﻭﻣﺪّﻋﻴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺩﻱ ﺍلأﻭﻫﺎﻡ (حاشية) ﻭﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻫﻮﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔُ ﻧﺪﻣﺖ ﻋﻤّﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﻓﺘﺎﺑﺖ، ﻭﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﻭﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝُ ﻭﺍلاﻧﻔﻌﺎﻝ، لا ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ، ﻭﺃﻧﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ﻓﻬﻲ ﻛﺪﻓﺘﺮ ﻟﻠﻘﺪﺭ ﺍلإﻟﻬﻲ، ﺩﻓﺘﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﺒﺪﻳﻞ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ، ﻭﺑﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ. ﻭﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ ﻟﻠﻘﺪﻳﺮ ﺫﻱ ﺍﻟﺠـلاﻝ. ﻭﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻪ.. ﻓﻘﺒﻠﺖ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔُ ﻭﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔُ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻭﺍلاﻧﻘﻴﺎﺩ، ﻭﺗﺴﻤّﺖ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ. ﻭﺗﻠﻘﻲ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔَ ﺇﻟﻰ ﺑﺌﺮ ﺍﻟﻌﺪﻡ، ﻭﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺀَ ﺇﻟﻰ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺍلاﻣﺘﻨﺎﻉ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻝ، ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔَ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﻴﻦ.

ﻓﺘﺮﺗّﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺠﻤﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻛﻠِّﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ (ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ:٢٢) ﻣﻌﻠﻨﺔ ﺃﻥ لا ﻣﺠﺎﻝ ﻟﺸﺮﻳﻚ ﻗﻂ ﻭلا ﺣﺪّ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺃﺩﻧﻰ ﺷﻲﺀ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍ ﻣﻦ ﺟﻨﺎﺡ ﺫﺑﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﻨﺎﺩﻳﻞ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ.

﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾

 ﺍَﻟﻠّﻬﻢَّ ﺻَﻞِّ ﻭَﺳَﻠِّﻢْ ﻋَﻠَﻰ ﺳَﻴِّﺪِﻧَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ ﺳِﺮَﺍﺝ ﻭَﺣﺪَﺗِﻚَ ﻓِﻲ ﻛَﺜﺮَﺓِ ﻣَﺨْﻠُﻮﻗَﺎﺗِﻚَ ﻭَﺩَلاﻝ ﻭَﺣﺪَﺍﻧِﻴَّﺘِﻚَ ﻓِﻲ ﻣَﺸﻬَﺮِ ﻛَﺎﺋِﻨَﺎﺗِﻚَ ﻭَﻋَﻠَﻰ ﺁﻟِﻪِ ﻭَﺻَﺤْﺒِﻪِ ﺍَﺟْﻤَﻌِﻴﻦَ.