ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ (ﺍلإﺳﺮﺍﺀ:٤٤)

   ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻧﻘﻄﺘﻴﻦ ﻭﻫﻲ ﻣﺒﺤﺜﺎﻥ

   ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺍلأﻭﻝ

ﺇﻥ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻭﺟﻮﻫﺎ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍ ﻣﺘﻮﺟﻬﺔ -ﻛﺎﻟﻨﻮﺍﻓﺬ- ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺑﻤﻀﻤﻮﻥ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ ﺇﺫ ﺇﻥ ﺣﻘﺎﺋﻖَ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻭﺣﻘﻴﻘﺔَ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻓﺤﻘﻴﻘﺔُ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﻛﺜﻴﺮٍ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ. ﻭﺇﻥ ﺍلإﺗﻘﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﻋﻠﻢَ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ «ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ» ﻭﻋﻠﻢَ ﺍﻟﻄﺐ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ «ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ» ﻭﻋﻠﻢَ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ «ﺍﻟﻤﻘﺪّﺭ».. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﻞُّ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔَ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺣﻘﻴﻘﺔَ ﺍﻟﻜﻤﺎلاﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻜﻤّﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ. ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﻣﺤﻘﻘﻮﻥ ﺇﻥ «ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟـلأ ﺷﻴﺎﺀ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﺃﻣﺎ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ ﻓﻬﻲ ﻇـلاﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ» ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓُ ﺁﺛﺎﺭ ﺗﺠﻠﻲ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺍﺳﻤﺎ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺣﻴﺎﺓ ﻓﺤﺴﺐ.

ﻧﺤﺎﻭﻝ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺫﻫﺎﻥ ﺑﻤﺜﺎﻝ، ﻧﺼﻔّﻴﻪ ﺑﻤﺼﺎﻑٍ ﻭﻧﺤﻠﻠﻪ ﺑﻤﺤﻠِّـلاﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻳﻄﻞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺑﻨﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﺪّ ﻗﺼﻴﺮﺍ، ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺴﺄﻡ:

ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﻓﻨﺎﻥ ﺑﺎﺭﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻭﺍﻟﻨﺤﺖ، ﺭﺳﻢَ ﺻﻮﺭﺓِ ﺯﻫﺮﺓ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ، ﻭﻋﻤﻞَ ﺗﻤﺜﺎﻝِ ﺣﺴﻨﺎﺀَ ﺭﺍﺋﻌﺔ ﺍﻟﺤﺴﻦ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﺪﺃ ﺃﻭﻝَ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺘﻌﻴﻴﻦ ﺑﻌﺾِ ﺧﻄﻮﻁِ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ.. ﻓﺘﻌﻴﻴﻨُﻪ ﻫﺬﺍ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ، ﻭﻳﻌﻤﻠُﻪ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮٍ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﺔ، ﻓﻴﻌﻴّﻦ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩَ ﻭﻓﻘَﻪ.. ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢُ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻳﺪلاﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻓُﻌِـلا ﺑﻌﻠﻢٍ ﻭﺑﺤﻜﻤﺔ. ﺃﻱ ﺇﻥّ ﻓﻌﻠَﻲ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻳﺘﻤّﺎﻥ ﻭﻓﻖ «ﺑﺮﻛﺎﺭ» ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ، ﻟﺬﺍ ﺗَﺤﻜُﻢ ﻣﻌﺎﻧِﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺭﺍﺀَ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ، ﺇﺫﻥ ﺳﺘﺒﻴّﻦ ﺿﻮﺍﺑﻂُ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔِ ﻧﻔﺴَﻬﺎ.. ﻧﻌﻢ، ﻭﻫﺎ ﻫﻲ ﺗﺒﻴّﻦ ﻧﻔﺴَﻬﺎ، ﺇﺫ ﻧﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥَ ﻗﺪ ﺑﺪﺃ ﺑﺘﺼﻮﻳﺮِ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻭﺍلأﺫﻥ ﻭﺍلأﻧﻒ ﻟﻠﺤﺴﻨﺎﺀ ﻭﺃﻭﺭﺍﻕِ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﻭﺧﻴﻮﻃِﻬﺎ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺪّﺩﻫﺎ.

ﻭﺍلآﻥ ﻧﺸﺎﻫﺪ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻋُﻴّﻨﺖ ﻭﻓﻖ «ﺑﺮﻛﺎﺭ» ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺃﺧﺬﺕ ﺻﻴﻐﺔَ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺍﻟﻤﺘﻘﻨﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ، ﻟﺬﺍ ﺗﺤﻜﻢُ ﻣﻌﺎﻧِﻲ ﺍﻟﺼُﻨﻊ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻭﺭﺍﺀ «ﺑﺮﻛﺎﺭ» ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ.. ﺇﺫﻥ ﺳﺘﺒﻴﻦ ﻧﻔﺴَﻬﺎ.. ﻧﻌﻢ، ﻭﻫﺎ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔُ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺮّﻙ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔَ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻫﻮ ﺇﺭﺍﺩﺓُ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﺤﺴﻴﻦ ﻭﻗﺼﺪُ ﺍﻟﺘﺰﻳﻴﻦ، ﻟﺬﺍ ﻳﺤﻜﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ؛ ﻭﻫﺎ ﻗﺪ ﺑﺪﺃ «ﺍﻟﻔﻨﺎﻥُ» ﺑﺈﺿﻔﺎﺀ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﺒﺴّﻢ ﻟﺘﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺀ، ﻭﺷﺮَﻉ ﺑﻤﻨﺢ ﺃﻭﺿﺎﻉٍ ﺣﻴﺎﺗﻴﺔ ﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ، ﺃﻱ ﺑﺪﺃ ﺑﻔﻌﻠَﻲ ﺍﻟﺘﺰﻳﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ. ﻟﺬﺍ ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺤﺮّﻙ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﺤﺴﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻫﻤﺎ ﻣﻌﻨَﻴﺎ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ.. ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ ﻳﺤﻜﻤﺎﻥ، ﺑﻞ ﻳﻬﻴﻤﻨﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻛﺄﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓَ ﻟﻄﻒ ﻣﺠﺴّﻢ ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻤﺜﺎﻝَ ﻛﺮﻡ ﻣﺘﺠّﺴﺪ. ﺗُﺮﻯ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺮﻙ ﻣﻌﺎﻧﻲَ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ، ﻭﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀﻫﻤﺎ ﻏﻴﺮُ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻮﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻑ. ﺃﻱ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻤﻬﺎﺭﺗﻪ ﻭﻓﻨّﻪ ﻭﺗﺤﺒﻴﺒﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍلآﺧﺮﻳﻦ.. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒُ ﻭﺍﻟﺘﺤﺒﻴﺐ ﺁﺗﻴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ.. ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔَ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓَ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘﻮﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮّﻑ، ﻓﺴﺘﻤـلآﻥ ﺇﺫﻥ ﻧﻮﺍﺣﻲ ﺍﻟﺘﻤﺜﺎﻝ ﺑﺄﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﻌﻢ، ﻭﺳﺘﻌﻠّﻘﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ، ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻫﺪﻳﺔً ﺛﻤﻴﻨﺔ.. ﻭﻫﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺸﺎﻫﺪ ﺃﻥ «ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ» ﻗﺪ ﺑﺪﺃ ﺑﻤﻞﺀ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﺘﻤﺜﺎﻝ ﻭﺻﺪﺭﻩ ﺑﻨﻌﻢٍ ﻗﻴّﻤﺔ ﻭﻳﻌﻠّﻖ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﺩﺭﺭﺍ ﺛﻤﻴﻨﺔ.. ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﺮﺣﻢ ﻭﺍﻟﺘﺤﻨﻦ ﻭﺍلإﺷﻔﺎﻕ ﻗﺪ ﺣﺮّﻛﺖ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔَ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓَ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ.. ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺮﻙ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﺮﺣﻢ ﻭﺍﻟﺘﺤﻨﻦ ﻫﺬﻩ، ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻮﻗﻬﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻟﺪﻯ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺘﻐﻨﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻏﻴﺮُ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﻣﻌﻨﻮﻱ ﻭﻛﻤﺎﻝ ﻣﻌﻨﻮﻱ ﻳﺮﻳﺪﺍﻥ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ؟! ﺇﺫ ﺇﻥ ﺃﺟﻤﻞَ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ، ﻭﺃﻟﺬَّ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ، ﻛﻞّ ﻣﻨﻬﻤﺎ -ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ- ﻳﺮﻳﺪﺍﻥ ﺇﺭﺍﺀﺓ ﻧﻔﺴﻴﻬﻤﺎ ﺑﻤﺮﺁﺓ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ، ﻭﻳﺮﻳﺪ -ﺃﻱ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ- ﺭﺅﻳﺔ ﻧﻔﺴِﻪ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﺎﻗﻴﻦ، لأﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ -ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ- ﻣﺤﺒﻮﺏ ﻟﺬﺍﺗﻪ، ﻳﺤﺐ ﻧﻔﺴَﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ، ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻪ ﺣُﺴﻦ ﻭﻋﺸﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﺎﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﻌﺸﻖ ﺁﺕٍ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ.. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻳﺤﺐ ﻧﻔﺴَﻪ، ﻓـلاﺑﺪ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺭﺅﻳﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ، ﻓﺎﻟﻨِﻌﻢ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺜﺎﻝ، ﻭﺍﻟﺜﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ، ﺗﺤﻤﻞ ﻟﻤﻌﺔً ﺑﺮﺍﻗﺔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ -ﻛﻞّ ﺣﺴﺐ ﻗﺎﺑﻠﻴﺘﻪ- ﻓﺘُﻈﻬﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻃﻌﺔ ﻧﻔﺴَﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ، ﻭﺇﻟﻰ ﺍلآﺧﺮﻳﻦ ﻣﻌﺎ.

ﻭﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻳﻨﻈّﻢ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊُ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ -ﻭﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍلأﻋﻠﻰ- ﺍﻟﺠﻨﺔَ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍلإﻧﺲ ﻭﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺎﺕ. ﺃﻱ ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ ﻣﻮﺟﺰ ﻳﻨﻈﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺟﻤﻴﻊَ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ ﻛﻠﻴّﻬﺎ ﻭﺟﺰﺋﻴﻬﺎ.. ﻳﻨﻈﻤﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺑﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﻳﻌﻄﻲ ﻟﻜﻞٍّ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻘﺪﺍﺭﺍ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﺴﺘﻘﺮﺉ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﻤﻘﺪﺭ، ﺍﻟﻤﻨﻈﻢ، ﺍﻟﻤﺼﻮﺭ».

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺑﺘﻌﻴﻴﻨﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﺪﻭﺩَ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﺗﻌﻴﻴﻨﺎ ﺩﻗﻴﻘﺎ ﻳُﻈﻬﺮ ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ، ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ». ﺛﻢ ﻳﺮﺳﻢ ﺑﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﺔ، ﺭﺳﻤﺎ ﻣﺘﻘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻳُﻈﻬﺮ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺼﻨﻊ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ، ﺃﻱ ﺍﺳﻤَﻲ: «ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ، ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ».. ﺛﻢ ﻳﻀﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺟﻤﺎلا ﻭﺯﻳﻨﺔ، ﺑﻔﺮﺷﺎﺓ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻭﺑﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻟﻠﺼﻨﻌﺔ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺃﻧﺴﺎﻧﺎ ﺃﺿﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺋﻪ ﻛﺎﻟﻌﻴﻦ ﻭﺍلأﻧﻒ ﻭﺍلأﺫﻥ ﺃﻟﻮﺍﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ.. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓُ ﺯﻫﺮﺓً ﺃﺿﻔﻰ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺭﺍﻗﻬﺎ ﻭﺃﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﻭﺧﻴﻮﻃﻬﺎ ﺍﻟﺮﻗﻴﻘﺔ ﺃﻟﻮﺍﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺤﺴﻦ.. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺃﺭﺿﺎ ﻣﻨﺢ ﻣﻌﺎﺩﻧَﻬﺎ ﻭﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻬﺎ ﻭﺣﻴﻮﺍﻧﺎﺗﻬﺎ ﺃﻟﻮﺍﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﻭﺿﺮﻭﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺤﺴﻦ.. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺃﺳﺒﻎ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﻮﺭﻫﺎ ﺃﻟﻮﺍﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﻋﻠﻰ ﺣﻮﺭﻫﺎ ﺃﻧﻮﺍﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻗﺲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻮﺍﻝ.

ﺛﻢ ﻳﺰّﻳﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀَ ﻭﻳﻨﻮﺭﻩ ﺑﻄﺮﺍﺯٍ ﺑﺪﻳﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﻮﺭ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻜُﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ﻓﺘﺠﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺰﻳَّﻦ ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻉ ﺍﻟﻤﻨﻮَّﺭ ﻟﻄﻔﺎ ﻣﺠﺴﻤﺎ ﻭﻛﺮﻣﺎ ﻣﺘﺠﺴﺪﺍ ﻳﺬﻛّﺮ ﺑﺎﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ، ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ». ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻮﻕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻮﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮّﻑ، ﺃﻱ ﺷﺆﻭﻥ ﺗﺤﺒﻴﺐ ﺫﺍﺗﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺗﻌﺮﻳﻒِ ﺫﺍﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺣﺘﻰ ﻳُﻘﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﺳﻤﺎ «ﺍﻟﻮﺩﻭﺩ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ» ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﻫﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ، ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ» ﺑﻞ ﻳُﺴﻤﻌﺎﻥ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ ﻟﺬﻳﻨﻚ ﺍلاﺳﻤَﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻉ ﻧﻔﺴﻪ. ﺛﻢ ﻳﺠﻤّﻞ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺰﻳّﻦ، ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ، ﺑﺜﻤﺮﺍﺕ ﻟﺬﻳﺬﺓ، ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺤﺒﻮﺑﺔ، ﻓﻴﺤﻮّﻝ ﺟﻞ ﻭﻋـلا ﺍﻟﺰﻳﻨﺔَ ﺇﻟﻰ ﻧﻌﻤﺔٍ، ﻭﺍﻟﻠﻄﻒَ ﺇﻟﻰ ﺭﺣﻤﺔٍ، ﺣﺘﻰ ﻳﺪﻓﻊ ﻛﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﻤﻨﻌﻢ، ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ» ﺣﻴﺚ ﺗﺸﻒ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺫﻳﻨﻚ ﺍلاﺳﻤَﻴﻦ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺤﺠﺐ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ. ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻮﻕ ﺍﺳﻤﻲ «ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻭﺍﻟﻜﺮﻳﻢ» -ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻐﻨﻲ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ- ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺷﺆﻭﻥ «ﺍﻟﺘﺮﺣّﻢ ﻭﺍﻟﺘﺤﻨﻦ» ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻳﻘﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﺤﻨﺎﻥ، ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ». ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻮﻕ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﺮﺣﻢ ﻭﺍﻟﺘﺤﻨﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ، ﺟﻤﺎﻝ ﻭﻛﻤﺎﻝ ﺫﺍﺗﻴﺎﻥ، ﻳﺮﻳﺪﺍﻥ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ، ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ»، ﻭﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﻮﺩﻭﺩ، ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ» ﺍﻟﻤﻨﺪﺭﺟﻴﻦ ﻓﻴﻪ؛ ﺇﺫ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻣﺤﺒﻮﺏ ﻟﺬﺍﺗﻪ. ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺫﻭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻳﺤﺐ ﻧﻔﺴَﻪ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻓﻬﻮ ﺣُﺴﻦ ﻭﻫﻮ ﻣﺤﺒﺔ. ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻣﺤﺒﻮﺏ ﻟﺬﺍﺗﻪ، ﺃﻱ ﻣﺤﺒﻮﺏ ﺑـلا ﺩﺍﻉٍ ﺇﻟﻰ ﺳﺒﺐ، ﻓﻬﻮ ﻣُﺤﺐّ ﻭﻫﻮ ﻣﺤﺒﻮﺏ.

ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺟﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﻛﻤﺎﻝ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ، ﻭﻛﺬﺍ ﻛﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻝ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ، ﻳُﺤَﺐُّ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻏﺎﻳﺔَ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﻣﻨﺘﻬﺎﻩ، ﻭﻫﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﻖ، ﻓـلاﺑﺪ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪﺍﻥ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﻳﺎ، ﻭﻳﺮﻳﺪﺍﻥ ﺷﻬﻮﺩ ﻟﻤﻌﺎﺗﻬﻤﺎ ﻭﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﻤﺎ -ﺣﺴﺐ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ- ﻭﺇﺷﻬﺎﺩﻫﺎ ﺍلآﺧﺮﻳﻦ.

ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﻟﻠﺼﺎﻧﻊ ﺫﻱ ﺍﻟﺠـلاﻝ، ﻭﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺫﻱ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ، ﻭﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺫﻱ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ، ﻳﺮﻳﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺮﺣﻢ ﻭﺍﻟﺘﺤﻨﻦ، ﻓﻴﺴﻮﻗﺎﻥ ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ، ﺍﻟﺤﻨﺎﻥ» ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ. ﻭﺍﻟﺘﺮﺣﻢ ﻭﺍﻟﺘﺤﻨﻦ ﻳﺴﻮﻗﺎﻥ ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻭﺍﻟﻤﻨﻌﻢ» ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺈﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻣﻌﺎ. ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺗﻘﺘﻀﻴﺎﻥ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺘﻮﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﻭﺗﺴﻮﻗﺎﻥ ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﻮﺩﻭﺩ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ» ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﻓﻴﻈﻬﺮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻉ. ﻭﺍﻟﺘﻮﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﻳﺤﺮﻛﺎﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﻳﺴﺘﻘﺮﺁﻥ ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﻭﺍﻟﻜﺮﻳﻢ»، ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻧﻮﺍﺣﻲ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻉ. ﻭﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ﺗﺤﺮﻙ ﻓﻌﻠَﻲ ﺍﻟﺘﺰﻳﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻓﺘﺴﺘﻘﺮﻯﺀ ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﻤﺰﻳّﻦ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭ» ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺣُﺴﻦ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻉ ﻭﻧﻮﺭﺍﻧﻴﺘﻪ. ﻭﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺘﺰﻳﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺤﺴﻴﻦ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺼﻨﻊ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻭﺗﺴﺘﻘﺮﻯﺀ ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﻭﺍﻟﻤﺤﺴﻦ» ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻉ. ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻨﻊ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺗﻘﺘﻀﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻴﺴﺘﻘﺮﺉ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻉُ ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻴﻢ» ﻓﻲ ﺃﻋﻀﺎﺋﻪ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻴﻤﺔ. ﻭلاﺷﻚ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺗﻘﺘﻀﻴﺎﻥ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻭﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ، ﻓﻴﺴﺘﻘﺮﺉ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻉُ ﺑﺸﻜﻠﻪ ﻭﺑﻬﻴﺌﺘﻪ، ﺍﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﻤﺼﻮّﺭ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺭ».

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻣﺼﻨﻮﻋﺎﺗﻪ ﻛﻠّﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻘﺮﺉ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻭلا ﺳﻴﻤﺎ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻛﺜﻴﺮﺍ ﺟﺪﺍ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻗﺪ ﺃﻟﺒﺲ ﻛﻞ ﻣﺼﻨﻮﻉ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺣﻠّﺔ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻣﺘﺮﺍﻛﺒﺔ، ﺃﻭ ﻛﺄﻧﻪ ﻟﻒ ﻣﺼﻨﻮﻋَﻪ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺸﺮﻳﻦ ﻏﻄﺎﺀ ﻭﺳﺘَﺮﻩ ﺑﻌﺸﺮﻳﻦ ﺳﺘﺎﺭﺍ، ﻭﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣُﻠﺔ، ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺳﺘﺎﺭ ﺃﺳﻤﺎﺀﻩ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ.

ﻓﻔﻲ ﺯﻫﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺟﻤﻴﻠﺔ، ﻭﻓﻲ ﺣﺴﻨﺎﺀ ﻟﻄﻴﻔﺔ، ﻣﺜـلا ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮ ﺧﻠﻘﻬﻤﺎ ﺻﺤﺎﺋﻒُ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ- ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﺄﺧﺬﻫﻤﺎ ﻣﺜﺎلا ﺗﻘﻴﺲ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺎﺕ ﺍلأﺧﺮﻯ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ.

ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍلأﻭﻟﻰ: ﻫﻴﺌﺔُ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻴﻦ ﺷﻜﻠَﻪ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻣﻘﺪﺍﺭَﻩ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺬﻛّﺮ ﺑﺄﺳﻤﺎﺀ: ﻳﺎ ﻣﺼﻮّﺭ ﻳﺎ ﻣﻘﺪّﺭ ﻳﺎ ﻣﻨﻈّﻢ.

ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﺻﻮَﺭ ﺍلأﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻜﺸﻔﺔ ﺿﻤﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻟﻠﺰﻫﺮﺓ ﻭﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﺴﻄﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺃﻣﺜﺎﻝ: ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ، ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ.

ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﺇﺿﻔﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍلأﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻟﺬﻳﻨﻚ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗَﻴﻦ ﺑﺄﻧﻤﺎﻁ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﺣﺘﻰ ﺗُﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ: ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ، ﺍﻟﺒﺎﺭﺉ.

ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ: ﺍﻟﺰﻳﻨﺔُ ﻭﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ﺍﻟﻤﻮﻫﻮﺑﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺫﻳﻨﻚ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻋَﻴﻦ، ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻥ ﺍﻟﻠﻄﻒَ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ﻗﺪ ﺗﺠﺴّﻤﺎ ﻓﻴﻬﻤﺎ، ﻓﺘﻠﻚ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺗُﺬﻛّﺮ ﻭﺗﻘﺮﺃ ﺃﺳﻤﺎﺀً ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺃﻣﺜﺎﻝ: ﻳﺎ ﻟﻄﻴﻒ. ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ.

ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ: ﺗﻌﻠﻴﻖُ ﺛﻤﺮﺍﺕ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ، ﻭﻣﻨﺢُ ﺍلأﻭلاﺩِ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺑﻴﻦ ﻭﺍلأﺧـلاﻕِ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺀ، ﻳﺠﻌـلاﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ، ﺗﺴﺘﻘﺮﺉ ﺃﺳﻤﺎﺀً ﻛﺜﻴﺮﺓً ﺃﻣﺜﺎﻝ: ﻳﺎ ﻭﺩﻭﺩ ﻳﺎ ﺭﺣﻴﻢ ﻳﺎ ﻣﻨﻌﻢ.

ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ: ﺻﺤﻴﻔﺔُ ﺍلإﻧﻌﺎﻡ ﻭﺍلإﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺮﺃ ﺃﺳﻤﺎﺀً ﺃﻣﺜﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺣﻤﻦ ﻳﺎ ﺣﻨﺎﻥ.

ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ: ﻇﻬﻮﺭُ ﻟﻤﻌﺎﺕ ﺣُﺴﻦٍ ﻭﺟﻤﺎﻝ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻫـلا ﻟﺸﻜﺮٍ ﺧﺎﻟﺺ ﻋُﺠﻦ ﺑﺸﻮﻕ ﻭﺷﻔﻘﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﻴﻦ، ﻭﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﻟﻤﺤﺒﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻃﺎﻫﺮﺓ، ﻓﺘُﻜﺘﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﻭﺗُﻘﺮﺃ ﺃﺳﻤﺎﺀ: ﻳﺎ ﺟﻤﻴﻞ ﺫﺍ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ، ﻳﺎ ﻛﺎﻣﻞ ﺫﺍ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺯﻫﺮﺓ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﺇﻧﺴﻴﺔ ﺣﺴﻨﺎﺀ ﺟﻤﻴﻠﺔ، ﻳُﻈﻬﺮﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺗﻬﻤﺎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻓﻘﻂ، ﻓﺈﻟﻰ ﺃﻱّ ﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﻮ ﻭﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺗﺴﺘﻘﺮﺉ ﺟﻤﻴﻊُ ﺍلأﺯﻫﺎﺭ، ﻭﺟﻤﻴﻊُ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ، ﺍلأﺳﻤﺎﺀَ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ. ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﻘﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺑﻨﻔﺴﻚ.

ﻭﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻘﻴﺲ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺪﻯ ﻣﺎ ﻳﻘﺮﺃﻩ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﻳﺴﺘﻘﺮﺅﻩ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺃﻣﺜﺎﻝ: ﺍﻟﺤﻲ، ﺍﻟﻘﻴﻮﻡ، ﺍﻟﻤﺤﻴﻲ، ﻓﻲ ﻛﻞٍ ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺋﻒ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻠﻄﺎﺋﻒ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻟﺮﻭﺡ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ.. ﻓﺎﻟﺠﻨﺔُ ﺯﻫﺮﺓ. ﻭﺍﻟﺤﻮﺭُ ﺯﻫﺮﺓ، ﻭﺳﻄﺢُ ﺍلأﺭﺽ ﺯﻫﺮﺓ، ﻭﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺯﻫﺮﺓ، ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺯﻫﺮﺓ، ﻭﻧﻘﻮﺷﻬﺎ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﺯﻫﺮﺓ، ﻭﺃﻟﻮﺍﻥ ﺿﻴﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﺃﺻﺒﺎﻍ ﻧﻘﻮﺵ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ.

ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢُ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺟﻤﻴﻞ ﻋﻈﻴﻢ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺼﻐﺮ، ﻓﻨﻮﻉُ ﺍﻟﺤﻮﺭ، ﻭﺟﻤﺎﻋﺔُ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺎﺕ، ﻭﺟﻨﺲ ﺍﻟﻤﻠﻚ، ﻭﻃﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺠﻦ، ﻭﻧﻮﻉ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻛﻞّ ﻣﻦ ﻫﺆلاﺀ ﻗﺪ ﺻُﻮّﺭ ﻭﻧُﻈّﻢ ﻭﺃُﻭﺟﺪ ﻓﻲ ﺣُﻜﻢ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺟﻤﻴﻞ. ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻛـلا ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺮﺍﻳﺎ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ لإﻇﻬﺎﺭ ﺟﻤﺎﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﻛﻤﺎﻟﻪ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ ﻭﻣﺤﺒﺘﻪ.. ﻭﻛﻞّ ﻣﻨﻬﻢ ﺷﺎﻫﺪُ ﺻﺪﻕٍ ﻟﺠﻤﺎﻝٍ ﻭﻛﻤﺎﻝ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﻭﻣﺤﺒﺔ لا ﻣﻨﺘﻬﻰ ﻟﻬﺎ.. ﻭﻛﻞّ ﻣﻨﻬﻢ ﺁﻳﺎﺕ ﺟﻤﺎﻝ ﻭﻛﻤﺎﻝ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﻭﻣﺤﺒﺔ.

ﻓﻬﺬﻩ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻤﺎلاﺕ ﺍﻟﺘﻲ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ، ﺣﺎﺻﻠﺔ ﺿﻤﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﻳﺔ ﻭﺍلأﺣﺪﻳﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳُﺘﻮﻫﻢ ﻣﻦ ﻛﻤﺎلاﺕ ﺧﺎﺭﺝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻤﺎلاﺕٍ ﻗﻄﻌﺎ.

ﻓﺎﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ: ﺍﺳﺘﻨﺎﺩَ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﺑﻞ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ. ﻭﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﺠﻬﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﺑﺄﻟﺴﻨﺔٍ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻳﺬﻛُﺮ ﺻﺎﻧﻌَﻪ ﻭﻳﺴﺒّﺤﻪ ﻭﻳﻘﺪّﺳﻪ. ﻭﺍﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻣﻌﻨﻰً ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ (ﺍلإﺳﺮﺍﺀ:٤٤). ﻭﻗﻞ: ﺳﺒﺤﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻔﻰ ﺑﺸﺪّﺓ ﻇﻬﻮﺭﻩ. ﻭﺍﻓﻬﻢ ﺳﺮﺍ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺧﻮﺍﺗﻴﻢ ﺍلآﻳﺎﺕ ﻭﺣﻜﻤﺔ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺃﻣﺜﺎﻝ: ﴿وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﺗﻘﺮﺃ ﻓﻲ ﺯﻫﺮﺓٍ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺗﻌﺠَﺰ ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺘﻬﺎ ﺑﻮﺿﻮﺡ،  ﻓﺎﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺗﺄﻣّﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻭﺷَﺎﻫِﺪ ﺳﻄﺢَ ﺍلأﺭﺽ، ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﻘﺮﺃ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺍلأﺳﻤﺎﺀَ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻭﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺍلأﺭﺽ، ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺯﺍﻫﻴﺮ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍ ﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ.