ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ

   ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜـلاﺛﻴﻦ»

    ﺇﻥّ ﻣﻤﺜﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻭﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﻟﻬﺎ، ﺇﺫ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻣﺎ ﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺿـلاﻟﺘَﻪ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻮﺗُﻪ ﺍﻟﺒﻴّﻨﺔ ﻭﺗﻠﺰﻣﻪ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻧﻲ ﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻠﺬﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺍﻟﺮﻗﻲ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ، ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺗﺬﻛّﺮ ﺍلآﺧﺮﺓ ﻭﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﻭﻓﻲ ﺍلاﻋﺘﺪﺍﺩ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍلإﻋﺠﺎﺏ ﺑﻬﺎ.. ﻟﺬﺍ ﺳﻘﺖُ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭلا ﺯﻟﺖ ﺃﺳﻮﻗﻬﻢ -ﺑﻬﻤﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ- ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ.

    ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻭﻧﺤﻦ ﺑﺪﻭﺭﻧﺎ ﻧﻘﻮﻝ -ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ-: ﺃﻳﻬﺎ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﺋﺲ! ﻋُﺪ ﺇﻟﻰ ﺭُﺷﺪﻙ، لا ﺗﺼﻎ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﻋﻴﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ. ﻭﻟﺌﻦ ﺃﻟﻘﻴﺖَ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻴﻜﻮﻧﻦ ﺧﺴﺮﺍﻧُﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺪﺍﺣﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﻫﻮﻝ ﺗﺼﻮّﺭﻩ ﺍﻟﺮﻭﺡُ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞُ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐُ. ﻓﺄﻣﺎﻣﻚ ﻃﺮﻳﻘﺎﻥ:

ﺍلأﻭﻝ: ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ ﺫﻭ ﺷﻘﺎﺀ ﻳﺮﻳﻚ ﺇﻳﺎﻩ ﺩﺍﻋﻴﺔُ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ.

ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺫﻭ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻴّﻨﻪ ﻟﻚ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ.

ﻭﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﺖَ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻧﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺫﻳﻨﻚ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ» ﻭﺍلآﻥ ﺍﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺗﺄﻣّﻞ ﻓﻲ ﻭﺍﺣﺪﺓٍ ﻣﻦ ﺃﻟﻒٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻧﺎﺕ ﻭﺗﺪﺑَّﺮﻫﺎ، ﻭﻫﻲ:

ﺇﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻔﺎﻫﺔ ﻭﺍﻟﻔﺴﻮﻕ ﻳﻬﻮﻱ ﺑﺎلإﻧﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﻭﺇﻟﻰ ﺃﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﻴﻦ، ﻭﻳُﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻫِﻠﻪ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﻓﻲ ﻏﻤﺮﺓ ﺁلاﻡ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻋﺒﺌﺎ ﺛﻘﻴـلا لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﺜﻘﻠﻪ، ﺫﻟﻚ لأﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻴﻪ، ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺣﻴﻮﺍﻥٍ ﻓﺎﻥٍ؛ ﻳﺘﺄﻟﻢ ﺩﻭﻣﺎ ﻭﻳﺤﺰَﻥ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ، ﻭﻳﺘﻘﻠﺐ ﻓﻲ ﻋَﺠﺰ ﻭﺿﻌﻒ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﻤﺎ، ﻭﻳﺘﻠﻮّﻯ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔٍ ﻭﻓﻘﺮ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﻤﺎ، ﻭﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻤﺼﺎﺋﺐَ لا ﺣﺪ ﻟﻬﺎ، ﻭﻳﺘﺠﺮّﻉ ﺁلاﻡَ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻬﻮﺍﻫﺎ ﻭﻧﺴﺞَ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻨﻬﺎ ﺧﻴﻮﻁ ﺍﻟﻌـلاﻗﺎﺕ، ﻓﻴﻘﺎﺳﻲ -ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻳﻘﺎﺳﻲ- ﺣﺘﻰ ﻳﻐﺎﺩﺭَ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺃﺣﺒﺎﺋﻪ ﻧﻬﺎﻳﺔَ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ﻭﻳﻔﺎﺭﻗﻬﻢ ﺟﺰِﻋﺎ ﻭﺣﻴﺪﺍ ﻏﺮﻳﺒﺎ ﺇﻟﻰ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻘﺒﺮ.

ﻭﺳﻴﺠﺪ ﻧﻔﺴَﻪ ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺃﻣﺎﻡَ ﺁلاﻡ ﻭﺁﻣﺎﻝ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﻤﺎ، ﻣﻊ ﺃﻧﻪ لا ﻳﻤﻠﻚ ﺳﻮﻯ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺟﺰﺋﻴﺔ، ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ، ﻭﺣﻴﺎﺓٍ ﻗﺼﻴﺮﺓ، ﻭﻋﻤﺮٍ ﺯﺍﺋﻞ، ﻭﻓﻜﺮ ﺁﻓﻞ.. ﻓﺘﺬﻫﺐ ﺟﻬﻮﺩُﻩ ﻓﻲ ﺗﻄﻤﻴﻨﻬﺎ ﺳﺪﻯً؛ ﻭﻳﺴﻌﻰ ﻫﺒﺎﺀ ﻭﺭﺍﺀ ﺭﻏﺒﺎﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ لا ﺗُﺤﺪ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻤﻀﻲ ﺣﻴﺎﺗُﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺠﻨﻲ ﺛﻤﺮﺍ. ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺠﺪﻩ ﻋﺎﺟﺰﺍ ﻋﻦ ﺣﻤﻞ ﺃﻋﺒﺎﺀ ﻧﻔﺴﻪ، ﺗﺮﺍﻩ ﻳﺤﻤّﻞ ﻋﺎﺗﻘَﻪ ﻭﻫﺎﻣَﺘﻪ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﺃﻋﺒﺎﺀَ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ، ﻓﻴﺘﻌﺬﺏ ﺑﻌﺬﺍﺏ ﻣﺤﺮﻕ ﺃﻟﻴﻢ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ.

ﺇﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ لا ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﻬﺬﺍ ﺍلأﻟﻢ ﺍﻟﻤﺮﻳﺮ ﻭﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﺍﻟﺮﻫﻴﺐ، ﺇﺫ ﻳﻠﻘﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴَﻬﻢ ﻓﻲ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻟﻴُﺒﻄﻠﻮﺍ ﺷﻌﻮﺭَﻫﻢ ﻭﻳﺨﺪّﺭﻭﺍ ﺇﺣﺴﺎﺳَﻬﻢ ﻣﺆﻗﺘﺎ ﺑﺴُﻜﺮﻫﺎ.. ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻳﺪﻧﻮ ﺃﺣﺪُﻫﻢ ﻣﻦ ﺷﻔﻴﺮ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﻫﻒَ ﺇﺣﺴﺎﺳُﻪ ﻭﻳﻀﺎﻋَﻒ ﺷﻌﻮﺭُﻩ ﺑﻬﺬﻩ ﺍلآلاﻡ ﺩﻓﻌﺔً ﻭﺍﺣﺪﺓ؛ ﺫﻟﻚ لأﻧﻪ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﺒﺪﺍ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺴﻴﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻣﺎﻟﻚ ﻧﻔﺴَﻪ، ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻋﺎﺟﺰ ﺑﺈﺭﺍﺩﺗﻪ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﻀﻴﺌﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻛﻴﺎﻧﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ، ﺇﺫ ﻳﺮﻯ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻣﻦ ﺍلأﻋﺪﺍﺀ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀً ﻣﻦ ﺃﺩﻕ ﺍﻟﻤﻴﻜﺮﻭﺑﺎﺕ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﺀً ﺑﺎﻟﺰلاﺯﻝ ﺍﻟﻤﺪﻣﺮﺓ، ﻋﻠﻰ ﺃﺗﻢ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟـلاﻧﻘﻀﺎﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍلإﺟﻬﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﻓﺘﺮﺗﻌﺪ ﻓﺮﺍﺋﺼُﻪ ﻭﻳﺮﺗﺠﻒ ﻗﻠﺒُﻪ ﺭﻋﺒﺎ ﻭﻫﻠَﻌﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺨﻴّﻞ ﺍﻟﻘﺒﺮَ ﻭﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ.

ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﺎﺳﻲ ﻫﺬﺍ ﺍلإﻧﺴﺎﻥُ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﻭﺿﻌﻪ ﺇﺫﺍ ﺑﺄﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺎ ﺗﺮﻫﻘﻪ ﺩﻭﻣﺎ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺄﻭﺿﺎﻉ ﺑﻨﻲ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﻢ ﺗﻨﻬﻜﻪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ، ﺫﻟﻚ ﻟﻈﻨﻪ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺣﺪﺍﺙ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻧﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﻟﻌﺐ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻋﺒﺚ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ، ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻑ ﻭﺍﺣﺪٍ ﺃﺣﺪ ﺣﻜﻴﻢٍ ﻋﻠﻴﻢٍ، ﻭلا ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮِ ﻗﺎﺩﺭٍ ﺭﺣﻴﻢٍ ﻛﺮﻳﻢٍ، ﻓﻴﻌﺎﻧﻲ ﻣﻊ ﺁلاﻣﻪ ﻫﻮ ﺁلاﻡَ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﺬﻟﻚ، ﻓﺘُﺼﺒﺢ ﺍﻟﺰلاﺯﻝ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﻮﻥ ﻭﺍﻟﻄﻮﻓﺎﻥ ﻭﺍﻟﻘﺤﻂ ﻭﺍﻟﻐـلاﺀ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﻭﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻬﺎ ﻣﺼﺎﺋﺐَ ﻗﺎﺗﻤﺔً ﻭﺑـلاﻳﺎ ﻣﺰﻋﺠﺔ ﻣﻌﺬِّﺑﺔ!

ﻓﻬﺬﺍ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﻔﺠﻊ، لا ﻳﺜﻴﺮ ﺇﺷﻔﺎﻗﺎ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭلا ﺭﺛﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻪ.. ﻣﺜَﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﻛﻤﺜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺫُﻛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻧﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﻴﻦ ﻓﻲ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ» ﻣﻦ ﺃﻥ ﺭﺟـلا ﻟﻢ ﻳﻘﻨﻊ ﺑﻠﺬﺓٍ ﺑﺮﻳﺌﺔ ﻭﻧﺸﻮﺓٍ ﻧﺰﻳﻬﺔ ﻭﺗﺴﻠﻴﺔ ﺣﻠﻮﺓ ﻭﻧﺰﻫﺔ ﺷﺮﻳﻔﺔ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ، ﺑﻴﻦ ﺃﺣﺒّﺔ ﻟﻄﻔﺎﺀ ﻓﻲ ﺭﻭﺿﺔ ﻓﻴﺤﺎﺀ ﻭﺳﻂ ﺿﻴﺎﻓﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ، ﻓﺮﺍﺡ ﻳﺘﻌﺎﻃﻰ ﺍﻟﺨﻤﺮَ ﺍﻟﻨﺠﺴﺔ ﻟﻴﻜﺴﺐ ﻟﺬﺓ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ، ﻓَﺴَﻜﺮ ﺣﺘﻰ ﺑﺪﺃ ﻳُﺨﻴّﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻗﺬﺭٍ، ﻭﺑﻴﻦ ﺿﻮﺍﺭٍ ﻣﻔﺘﺮﺳﺔ، ﺗﺼﻴﺒﻪ ﺍﻟﺮﻋﺸﺔُ ﻛﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﺷﺘﺎﺀ، ﻭﺑﺪﺃ ﻳﺴﺘﺼﺮﺥ ﻭﻳﺴﺘﻨﺠﺪ ﻓﻠﻢ ﻳﺸﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺣﺪ؛ لأﻧﻪ ﺗﺼﻮّﺭ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀﻩ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎﺕٍ ﺷﺮﺳﺔً، ﻓﺤﻘّﺮﻫﻢ ﻭﺃﻫﺎﻧﻬﻢ.. ﻭﺗﻮﻫﻢ ﺍلأﻃﻌﻤﺔَ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ﻭﺍلأﻭﺍﻧﻲ ﺍﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﻴﺎﻓﺔ ﺃﺣﺠﺎﺭﺍ ﻣﻠﻮﺛﺔ، ﻓﺒﺎﺷﺮ ﺑﺘﺤﻄﻴﻤﻬﺎ.. ﻭﻇﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐَ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻔﻴﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﻧﻘﻮﺷﺎ ﻋﺎﺩﻳﺔ ﻭﺯﺧﺎﺭﻑَ لا ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻬﺎ، ﻭﺷﺮﻉ ﺑﺘﻤﺰﻳﻘﻬﺎ ﻭﺭﻣﻴﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺍلأﻗﺪﺍﻡ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ.

ﻓﻜﻤﺎ لا ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺُ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟُﻪ، ﺃﻫـلا ﻟﻠﺮﺣﻤﺔ ﻭلا ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺮﺃﻓﺔ، ﺑﻞ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺍﻟﺘﺄﺩﻳﺐ ﻭﺍﻟﺘﺄﻧﻴﺐ، ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻣﻊ ﻣَﻦ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﺑﺴُﻜﺮ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺟﻨﻮﻥِ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﻴﻦ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻀﻴﻒ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻟﻌﺒﺔَ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ، ﻭﺃﻟﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺼﻤﺎﺀ.. ﻭﻳﺘﺼﻮﺭ ﺗﺠﺪﻳﺪَ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺎﺕ ﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﻋﺒﻮﺭَﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻣﻊ ﺗﻴﺎﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻧﻬﺖ ﻣﻬﺎﻣَّﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻨﻔﺪﺕ ﺃﻏﺮﺍﺿَﻬﺎ، ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺼﺐّ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﻭﻭﺍﺩﻱ ﺍلاﻧﻌﺪﺍﻡ ﻭﺗﻐﻴﺐ ﻓﻲ ﺷﻮﺍﻃﺊ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ.. ﻭﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﺻﻮﺍﺕَ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ﻭﺍﻟﺘﺤﻤﻴﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤـلأ  ﺍلأﻛﻮﺍﻥ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻢ ﺃﻧﻴﻨﺎ ﻭﻧﻮﺍﺣﺎ ﻳﻄﻠﻘﻪ ﺍﻟﺰﺍﺋﻠﻮﻥ ﺍﻟﻔﺎﻧﻮﻥ ﻓﻲ ﻓﺮﺍﻗﻬﻢ ﺍلأﺑﺪﻱ.. ﻭﻳﺤﺴﺐ ﺻﺤﺎﺋﻒَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺻﻤﺪﺍﻧﻴﺔ ﺭﺍﺋﻌﺔ ﺧﻠﻴﻄﺎ لا ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻪ ﻭلا ﻣﻐﺰﻯ.. ﻭﻳﺨﺎﻝ ﺑﺎﺏَ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻔﺴﻴﺢ ﻧﻔﻘﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﻡ.. ﻭﻳﺘﺼﻮﺭ ﺍلأﺟَﻞَ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﻮﺻﺎﻝ ﻭﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺑﺎلأﺣﺒﺎﺏ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻴﻦ ﺃﻭﺍﻥَ ﻓﺮﺍﻕ ﺍلأﺣﺒﺔ ﺟﻤﻴﻌِﻬﻢ!.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺩﻭّﺍﻣﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍلأﻭﻫﺎﻡ ﻳُﻠﻘﻲ ﻧﻔﺴَﻪ ﻓﻲ ﺃﺗﻮﻥ ﻋﺬﺍﺏ ﺩﻧﻴﻮﻱ ﺃﻟﻴﻢ، ﻓﻔﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻪ لا ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻫـلا ﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭلا ﻟﺮﺃﻓﺔ، ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻋﺬﺍﺑﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ، ﻟﺘﺤﻘﻴﺮﻩ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ، ﺑﺎﺗﻬﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﺒﺜﻴﺔ، ﻭﺗﺰﻳﻴﻔﻪ ﺍلأﺳﻤﺎﺀَ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﺑﺈﻧﻜﺎﺭ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﺎ، ﻭﺇﻧﻜﺎﺭﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞَ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺑﺮﺩّﻩ ﺷﻬﺎﺩﺍﺗِﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ.

ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻀﺎﻟﻮﻥ ﺍﻟﺴﻔﻬﺎﺀ، ﻭﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﺴﺎﺀ ﺍلأﺷﻘﻴﺎﺀ! ﺗُﺮﻯ ﻫﻞ ﻳُﺠﺪﻱ ﺃﻋﻈﻢُ ﻋﻠﻮﻣﻜﻢ، ﻭﺃﻋﻠﻰ ﺻﺮﻭﺡ ﺣﻀﺎﺭﺗﻜﻢ ﻭﺃﺭﻗﻰ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﻧﺒﻮﻏﻜﻢ ﻭﺃﻧﻔﺬُ ﺧﻄﻂ ﺩﻫﺎﺋﻜﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﺍﻟﻤﺨﻴﻒ ﺍﻟﻤﺮﻳﻊ ﻟـلإﻧﺴﺎﻥ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺼﻤﻮﺩَ ﺣﻴﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﺍﻟﻤﺪﻣّﺮ ﻟﻠﺮﻭﺡ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﻗﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻮﺍﻥ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﻄﻠﻘﻮﻥ ﻣﻦ «ﻃﺒﻴﻌﺔ» ﻟﻜﻢ، ﻭﻣﺎ ﺗﺴﻨﺪﻭﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﺍلآﺛﺎﺭ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﻣﻦ «ﺃﺳﺒﺎﺏ» ﻋﻨﺪﻛﻢ، ﻭﻣﺎ ﺗﻨﺴﺒﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﺍلإﺣﺴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ «ﺷﺮﻳﻚ» ﻟﺪﻳﻜﻢ، ﻭﻣﺎ ﺗﺘﺒﺎﻫَﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ «ﻛﺸﻮﻓﺎﺗﻜﻢ» ﻭﻣﺎ ﺗﻌﺘﺰﻭﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ «ﻗﻮﻣِﻜﻢ»، ﻭﻣﺎ ﺗﻌﺒﺪﻭﻥ ﻣﻦ «ﻣﻌﺒﻮﺩﻛﻢ» ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ.. ﻫﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻛﻞُّ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺇﻧﻘﺎﺫَﻛﻢ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺇﻋﺪﺍﻡ ﺃﺑﺪﻱ ﻟﺪﻳﻜﻢ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻛﻞُّ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺇﻣﺮﺍﺭَﻛﻢ ﻣﻦ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺑﺴـلاﻣﺔ، ﻭﻣﻦ ﺗﺨﻮﻡ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ ﺑﺄﻣﺎﻥ، ﻭﻣﻦ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﺑﺎﻃﻤﺌﻨﺎﻥ، ﻭﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﻨﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﻮﺭ ﺟﺴﺮ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﺑﺤﻜﻤﺔ، ﻭﻳﺠﻌﻠﻜﻢ ﺃﻫـلا ﻟﻠﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ؟.

ﺇﻧﻜﻢ لا ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻣﺎﺿﻮﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﺇﺫ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻛﻢ ﺃﻥ ﺗﻮﺻﺪﻭﺍ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺩﻭﻥ ﺃﺣﺪ. ﻓﺄﻧﺘﻢ ﻣﺴﺎﻓﺮﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ لا ﻣﻨﺎﺹ. ﻭلاﺑﺪ ﻟﻤﻦ ﻳﻤﻀﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻭﻳﺘﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﻟﻪ ﻋﻠﻢ ﻣﺤﻴﻂ ﺷﺎﻣﻞ ﺑﻜﻞ ﺩﺭﻭﺑﻪ ﻭﺷﻌﺎﺑﻪ ﻭﺣﺪﻭﺩﻩ ﺍﻟﺸﺎﺳﻌﺔ، ﺑﻞ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺗﺤﺖ ﺗﺼﺮﻓﻪ ﻭﺿﻤﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﺣﻜﻤﻪ.

ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻀﺎﻟﻮﻥ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻮﻥ! ﺇﻥ ﻣﺎ ﺃُﻭﺩﻉ ﻓﻲ ﻓﻄﺮﺗﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، ﻭﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻂ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﺗُﺒﺬﻝ ﺇﻟﻰ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻭﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻗﺪ ﺑﺬﻟﺘﻤﻮﻫﺎ -ﺑﺬلا ﻏﻴﺮَ ﻣﺸﺮﻭﻉ- لأﻧﻔﺴﻜﻢ ﻭﻟﻠﺪﻧﻴﺎ، ﻓﺘﻌﺎﻧﻮﻥ ﻣﺴﺘﺤﻘﻴﻦ ﻋﻘﺎﺑَﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺴﺮ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ: «ﺇﻥ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺤﺒﺔٍ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﻣﻘﺎﺳﺎﺓُ ﻋﺬﺍﺏ ﺃﻟﻴﻢٍ ﺑـلا ﺭﺣﻤﺔ». لأﻧﻜﻢ ﻭﻫﺒﺘﻢ لأﻧﻔﺴﻜﻢ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﺘﻌﺎﻧﻮﻥ ﺑـلاﻳﺎ ﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻜﻢ ﺍﻟﺘﻲ لا ﺗﻌﺪ، ﺇﺫ ﻟﻢ ﺗﻤﻨﺤﻮﻫﺎ ﺭﺍﺣﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ.. ﻭﻛﺬﺍ لا ﺗﺴﻠّﻤﻮﻥ ﺃﻣﺮَﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﻛﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﻓﺘﻘﺎﺳﻮﻥ ﺍلأﻟﻢ ﺩﺍﺋﻤﺎ.. ﻭﻛﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺃﻭﻟﻴﺘﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔَ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ، ﻭﻭﺯﻋﺘﻢ ﺁﺛﺎﺭَ ﺻﻨﻌﺘﻪ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ ﻭﻗﺴﻤﺘﻤﻮﻫﺎ ﺑﻴﻦ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ، ﻓﺘﺬﻭﻗﻮﻥ ﻭﺑﺎﻝ ﻋﻤﻠﻜﻢ؛ لأﻥ ﻗﺴﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﺒّﺎﺋﻜﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻳﻐﺎﺩﺭﻭﻧﻜﻢ ﻣُﺪﺑﺮﻳﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﻮﺩﻳﻊ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣَﻦ لا ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻜﻢ ﺃﺻـلا، ﻭﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﻋﺮﻓﻮﻛﻢ لا ﻳﺤﺒﻮﻧﻜﻢ، ﻭﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺃﺣﺒﻮﻛﻢ لا ﻳﻨﻔﻌﻮﻧﻜﻢ، ﻓﺘﻈﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﺬﺍﺏٍ ﻣﻘﻴﻢ ﻣﻦ ﺃَﻋْﺬِﺑَﺔِ ﻓﺮﺍﻕٍ لا ﺣﺪ ﻟﻪ ﻭﻣﻦ ﺁلاﻡِ ﺯﻭﺍﻝ ﻳﺎﺋﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ.

ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﻳﺪّﻋﻴﻪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ، ﻭﻣﺎﻫﻴﺔُ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ «ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ» ﻭ«ﻛﻤﺎﻝ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ» ﻭ«ﻣﺤﺎﺳﻦ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ» ﻭ«ﻟﺬﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ»!!

ﺃلا ﻣﺎ ﺃﻛﺜﻒَ ﺣﺠﺎﺏُ ﺍﻟﺴﻔﺎﻫﺔ ﻭﺍﻟﺴُﻜﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﺨَﺪِّﺭ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻭﺍلإﺣﺴﺎﺱ!

ﺃلا ﻗﻞ: ﺗﺒﺎً ﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻀﺎﻟﻴﻦ!.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻨﻮّﺭﺓ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺪﺍﻭﻱ ﺟﻤﻴﻊَ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﺮﻭﺡ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻭﻳﻀﻤﺪﻫﺎ ﺑﺎﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻳﺒﺪﺩ ﻛﻞَّ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻭﻳﺴﺪ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻭﺍﻟﻬـلاﻙ، ﺑﺎلآﺗﻲ:

ﺇﻧﻪ ﻳﺪﺍﻭﻱ ﺿﻌﻒَ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻋﺠﺰَﻩ، ﻭﻓﻘﺮﻩ، ﻭﺍﺣﺘﻴﺎﺟَﻪ ﺑﺎﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ، ﻣُﺴﻠّﻤﺎ ﺃﺛﻘﺎﻝ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺃﻋﺒﺎﺀ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺇﻟﻰ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﻤّﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻫﻞ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ. ﺑﻞ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﺎﻟﻜﺎ ﻟﺰﻣﺎﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺣﻴﺎﺗﻪ، ﻭﺍﺟﺪﺍ ﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻘﺎﻣﺎ ﻣﺮﻳﺤﺎ، ﻭﻳﻌﺮّﻓﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺤﻴﻮﺍﻥٍ ﻧﺎﻃﻖ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﺤﻖ ﻭﺿﻴﻒ ﻋﺰﻳﺰ ﻣﻜﺮّﻡ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ.

ﻭﻳﺪﺍﻭﻱ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﺮﻭﺡ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﻓﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺯﻭﺍﻝ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ، ﻭﻣﻦ ﺣﺐ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺎﺕ، ﻳﺪﺍﻭﻳﻬﺎ ﺑﻠﻄﻒ ﻭﺣﻨﺎﻥ ﺑﺈﻇﻬﺎﺭﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺩﺍﺭَ ﺿﻴﺎﻓﺔ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﻣﺒﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻫﻲ ﻣﺮﺍﻳﺎ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻭﻣﻮﺿﺤﺎ ﺃﻥ ﻣﺼﻨﻮﻋﺎﺗﻬﺎ ﺭﺳﺎﺋﻞَ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﺠﺪﺩ ﻛﻞ ﺣﻴﻦ ﺑﺈﺫﻥ ﺭﺑﻬﺎ، ﻓﻴﻨﻘﺬ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺔ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺍلأﻭﻫﺎﻡ.

ﻭﻳﺪﺍﻭﻱ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﺮﻭﺡ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺮﻛﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺕُ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻠﻘﺎﻩ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻓﺮﺍﻗﺎ ﺃﺑﺪﻳﺎ ﻋﻦ ﺍلأﺣﺒﺔ ﺟﻤﻴﻌﺎ، ﺑﺒﻴﺎﻧﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻣﻘﺪﻣﺔُ ﺍﻟﻮﺻﺎﻝ ﻭﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻣﻊ ﺍلأﺣﺒﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﺣﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺍلآﻥ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ، ﻭﻳﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕَ ﻫﻮ ﻋﻴﻦُ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ.

ﻭﻳﺰﻳﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻋﻈﻢَ ﺧﻮﻑ ﻟـلإﻧﺴﺎﻥ ﺑﺈﺛﺒﺎﺗﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺑﺎﺏ ﻣﻔﺘﻮﺡ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ، ﻭﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ، ﻭﺇﻟﻰ ﺭﻳﺎﺽ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ، ﻭﺇﻟﻰ ﺑـلاﺩ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻟﻠﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ، ﻣﺒﻴﻨﺎ ﺃﻥّ ﺳﻴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺷﺪُّ ﺃﻟﻤﺎ ﻭﺃﺷﻘﻰ ﺳﻴﺎﺣﺔ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ، ﻫﻲ ﺃﻣﺘﻊُ ﺳﻴﺎﺣﺔٍ ﻭﺁﻧﺴُﻬﺎ ﻭﺃﺳﺮُّﻫﺎ ﺇﺫ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻓﻢ ﺛﻌﺒﺎﻥ ﻣﺮﻋﺐ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺑﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺭﻭﺿﺔ ﻣﻦ ﺭﻳﺎﺽ ﺍﻟﺠﻨﺔ.

ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ: ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﺭﺍﺩﺗُﻚ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭُﻙ ﺟﺰﺋﻴﺔ، ﻓﻔﻮّﺽ ﺃﻣﺮﻙ لإﺭﺍﺩﺓ ﻣﻮلاﻙ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ.. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻗﺘﺪﺍﺭُﻙ ﺿﻌﻴﻔﺎ ﻓﺎﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ.. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺗُﻚ ﻓﺎﻧﻴﺔً ﻭﻗﺼﻴﺮﺓ ﻓﻔﻜّﺮ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ.. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮُﻙ ﻗﺼﻴﺮﺍ ﻓـلا ﺗﺤﺰﻥ ﻓﺈﻥ ﻟﻚ ﻋﻤﺮﺍ ﻣﺪﻳﺪﺍ.. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻜﺮُﻙ ﺧﺎﻓﺘﺎ ﻓﺎﺩﺧﻞ ﺗﺤﺖ ﻧﻮﺭ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺑﻨﻮﺭ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻛﻲ ﺗﻤﻨَﺤﻚ ﻛﻞُّ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ ﺍلآﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻧﻮﺭﺍ ﻛﺎﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﻤﺘـلأ ﻟﺌﺔ ﺍﻟﺴﺎﻃﻌﺔ ﺑﺪلا ﻣﻦ ﺿﻮﺀ ﻓﻜﺮﻙ ﺍﻟﺒﺎﻫﺖ.. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻚ ﺁﻣﺎﻝ ﻭﺁلاﻡ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻓﺈﻥ ﺛﻮﺍﺑﺎ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ ﻭﺭﺣﻤﺔً لا ﺣﺪ ﻟﻬﺎ ﻳﻨﺘﻈﺮﺍﻧﻚ.. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻚ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﻭﻣﻘﺎﺻﺪ لا ﺗﺤﺪ، ﻓـلا ﺗﻘﻠﻖ ﻣﺘﻔﻜﺮﺍ ﺑﻬﺎ ﻓﻬﻲ لا ﺗُﺤﺼﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺑﻞ ﻣﻮﺍﺿﻌﻬﺎ ﺩﻳﺎﺭ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﻣﺎﻧﺤﻬﺎ ﺟﻮﺍﺩ ﻛﺮﻳﻢ ﻭﺍﺳﻊُ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ.

ﻭﻳﺨﺎﻃﺐ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ ﻭﻳﻘﻮﻝ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ! ﺃﻧﺖ ﻟﺴﺖَ ﻣﺎﻟﻜﺎ ﻟﻨﻔﺴﻚ.. ﺑﻞ ﺃﻧﺖ ﻣﻤﻠﻮﻙ ﻟﻠﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ، ﻭﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ، ﻓـلا ﺗُﺮﻫﻖ ﻧﻔﺴَﻚ ﺑﺘﺤﻤﻴﻠﻬﺎ ﻣﺸﻘﺔَ ﺣﻴﺎﺗﻚ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻫَﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻳﺮﻫﺎ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﺎﺋﺒﺔً ﺩﻭﻥ ﻣﺎﻟﻚ، ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺗﻜﻠﻒَ ﻧﻔﺴﻚ ﺣﻤﻞَ ﺃﻋﺒﺎﺋﻬﺎ ﻭﺗﺮﻫﻖ ﻓﻜﺮﻙ ﻓﻲ ﺃﺣﻮﺍﻟﻬﺎ. ﺫﻟﻚ لأﻥ ﻣﺎﻟﻜَﻬﺎ ﺣﻜﻴﻢ ﻭﻣﻮلاﻫﺎ ﻋﻠﻴﻢ، ﻭﺃﻧﺖ ﻟﺴﺖَ ﺇلا ﺿﻴﻔﺎ ﻟﺪﻳﻪ، ﻓـلا ﺗﺘﺪﺧﻞ ﺑﻔﻀﻮﻝٍ ﻓﻲ ﺍلأﻣﻮﺭ، ﻭلا ﺗﺨﻠﻄﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻓﻬﻢ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻣﻬﻤﻠﺔ، ﺑﻞ ﻣﻮﻇﻔﻮﻥ ﻣﺄﻣﻮﺭﻭﻥ ﺗﺤﺖ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺣﻜﻴﻢ ﺭﺣﻴﻢ ﻭﺗﺤﺖ ﺇﺷﺮﺍﻓﻪ. ﻓـلا ﺗﺠﺮّﻉ ﺭﻭﺣَﻚ ﺃﻟﻤﺎ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﻕ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻭﺁلاﻣﻬﻢ ﻭلا ﺗﻘﺪّﻡ ﺭﺃﻓﺘﻚ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺭﺣﻤﺔ ﺧﺎﻟﻘﻬﻢ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﺯﻣﺎﻡ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺗﺨﺬﻭﺍ ﻃﻮﺭَ ﺍﻟﻌﺪﺍﺀ ﻣﻌﻚ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﻜﺮﻭﺑﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﻮﻥ ﻭﺍﻟﻄﻮﻓﺎﻥ ﻭﺍﻟﻘﺤﻂ ﻭﺍﻟﺰلاﺯﻝ، ﺑﻞ ﺯﻣﺎﻡ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﻴﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻓﻬﻮ ﺣﻜﻴﻢ لا ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻨﻪ ﻋﺒﺚ، ﻭﻫﻮ ﺭﺣﻴﻢ ﻭﺍﺳﻊ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ، ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻤﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﺛﺮ ﻣﻦ ﻟﻄﻒ ﻭﺭﺃﻓﺔ.

ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﺇﻥّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻓﺎﻥٍ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻬﻴﺊ ﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍلأﺑﺪﻱ.. ﻭﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﺯﺍﺋﻞ ﻭﻣﺆﻗﺖ ﺇلا ﺃﻧﻪ ﻳﺆﺗﻲ ﺛﻤﺮﺍﺕ ﺑﺎﻗﻴﺔ، ﻭﻳُﻈﻬﺮ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺭﺍﺋﻌﺔ ﻣﻦ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ.. ﻭﻣﻊ ﺃﻥ ﻟﺬﺍﺋﺬﻩ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻭﺁلاﻣَﻪ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﺇلا ﺃﻥ ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻭﺗَﻜَﺮُّﻣﻪ ﻭﺗﻔﻀّﻠَﻪ ﻫﻲ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ ﻟﺬّﺍﺕ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ لا ﺗﺰﻭﻝ، ﺃﻣﺎ ﺍلآلاﻡُ ﻓﻬﻲ ﺍلأﺧﺮﻯ ﺗﻮﻟّﺪ ﻟﺬّﺍﺕٍ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺍلأﺧﺮﻭﻱ. ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓُ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔً ﻟﻴﺄﺧﺬ ﻛﻞٌّ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ﻟﺬّﺍﺗِﻬﺎ ﻭﻧﺸﻮﺍﺗﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ، ﻓـلا ﺩﺍﻋﻲ ﺇﺫﻥ ﺃﻥ ﺗﻠﺞ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ، لأﻥ ﻟﺬﺓً ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻟﻒُ ﺃﻟﻢٍ ﻭﺃﻟﻢ، ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﺳﺒﺐُ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ ﻣﻦ ﻟﺬﺓِ ﺗﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ﺍﻟﺰﻛﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ.

ﻫﻜﺬﺍ ﺗَﺒﻴّﻦ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ: ﺑﺄﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻳﺮﺩﻱ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﻴﻦ، ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺗَﻌﺠﺰ ﺃﻳﺔُ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺃﻳﺔ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻦ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺣﻞ ﻟﻪ، ﺑﻞ ﻳَﻌﺠﺰ ﺍﻟﺮﻗﻲُّ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﻣﺎ ﺑﻠﻐﻪ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻦ ﺇﺧﺮﺍﺟﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺴﺤﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ.

ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﺑﺎلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ، ﻭﻳﺮﻓﻌﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻋﻠﻴﻴﻦ، ﻭﻳﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﺪلاﺋﻞ ﺍﻟﻘﺎﻃﻌﺔ ﻭﻳﺒﺴﻂ ﺃﻣﺎﻣَﻪ ﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻴﻦ ﺍﻟﺪﺍﻣﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻓﻴﺮﺩﻡ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻏﻮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺑﻤﺮﺍﺗﺐ ﺭﻗﻲٍّ ﻣﻌﻨﻮﻱ ﻭﺑﺄﺟﻬﺰﺓ ﺗﻜﺎﻣﻞ ﺭﻭﺣﻲ.. ﻭﻛﺬﺍ ﻳﻴﺴﺮ ﻟﻪ، ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ، ﺭﺣﻠﺘَﻪ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﺍﻟﻤﻀﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﻧﺤﻮ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ، ﻭﻳﻬﻮّﻧﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺈﺑﺮﺍﺯﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﻄﻊ ﺑﻬﺎ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ، ﺑﻞ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ.

ﻭﻛﺬﺍ ﻳﻀﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺟﻠﺒﺎﺏَ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻭﻳﻜﺴﺒﻪ ﻃﻮﺭَ ﻋﺒﺪٍ ﻣﺄﻣﻮﺭ، ﻭﺿﻴﻒٍ ﻣﻮﻇﻒٍ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺘﻌﺮﻳﻔﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻫﻮ ﻣﺎﻟﻚ ﺍلأﺯﻝ ﻭﺍلأﺑﺪ، ﻓﻴﻀﻤﻦ ﻟﻪ ﺭﺍﺣﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺣﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻤﻀﻴﺎﻑ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ ﻓﻲ ﺩﻳﺎﺭ ﺍلآﺧﺮﺓ.. ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﻇﻒ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﻥ ﻳﺘﺠﻮﻝ ﺑﻴُﺴﺮ ﺗﺎﻡ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ، ﻭﻳﺘﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﺗﺨﻮﻡ ﻭلاﻳﺎﺗﻪ ﺑﻮﺳﺎﺋﻂ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻛﺎﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﻭﺍﻟﺒﺎﺧﺮﺓ ﻭﺍﻟﻘﻄﺎﺭ، ﻛﺬﻟﻚ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺴﺐ ﺑﺎلإﻳﻤﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﻟﻚ ﺍلأﺯﻟﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﺮّ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻤﻀﻴﺎﻑ ﻭﻣﻦ ﺩﻭﺍﺋﺮ ﻋﺎﻟَﻤﻲ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ ﻭﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﻣﻦ ﺣﺪﻭﺩﻫﻤﺎ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﺸﺎﺳﻌﺔ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﺒَﺮﻕ ﻭﺍﻟﺒُﺮﺍﻕ ﺣﺘﻰ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ.. ﻓﻴُﺜﺒﺖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺇﺛﺒﺎﺗﺎ ﻗﺎﻃﻌﺎ ﻭﻳﺒﺮﺯﻫﺎ ﻋﻴﺎﻧﺎ ﻟـلأ ﺻﻔﻴﺎﺀ ﻭﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ.

ﺛﻢ ﺗﺴﺘﺄﻧﻒ ﺣﻘﻴﻘﺘُﻪ ﻗﺎﺋﻠﺔ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ لا ﺗﺒﺬﻝْ ﻣﺎ ﺗﻤﻠﻜﻪ ﻣﻦ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻟﻠﻤﺤﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﻣّﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ﻭﻫﻲ ﻗﺒﻴﺤﺔ ﻧﺎﻗﺼﺔ، ﻭﺷﺮﻳﺮﺓ ﻣﻀﺮﺓ ﻟﻚ، ﻭلا ﺗﺘﺨﺬْﻫﺎ ﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻚ ﻭﻣﻌﺸﻮﻗﺘﻚ، ﻭلا ﺗﺠﻌﻞ ﻫﻮﺍﻫﺎ ﻣﻌﺒﻮﺩﻙ، ﺑﻞ ﺍﺟﻌﻞ ﻣﺤﺒﻮﺑﻚ ﻣَﻦ ﻫﻮ ﺃﻫﻞ ﻟﻤﺤﺒﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ.. ﺫﻟﻜﻢ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍلإﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻴﻚ ﺇﺣﺴﺎﻧﺎ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ، ﻭﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﻌﺎﺩﻙ ﺳﻌﺎﺩﺓ لا ﻣﻨﺘﻬﻰ ﻟﻬﺎ، ﺑﻞ ﻳﺴﻌﺪﻙ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﻳﺠﺰﻝ ﻣﻦ ﺇﺣﺴﺎﻧﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﻣَﻦ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻌـلاﻗﺎﺕ، ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻭﺍﻟﻤﻨﺰّﻩ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻧﻘﺺ ﻭﻗﺼﻮﺭ ﻭﺯﻭﺍﻝ ﻭﻓﻨﺎﺀ.. ﻓﺠﻤﺎﻟُﻪ لا ﺣﺪﻭﺩ ﻟﻪ ﻭﺟﻤﻴﻊُ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻭﺣﺴﻨﻰ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥّ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺣُﺴﻦٍ ﻭﺟﻤﺎﻝ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ؛ ﻓﺎﻟﺠﻨﺔ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻟﻄﺎﺋﻔﻬﺎ ﻭﺟﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﻧﻌﻴﻤﻬﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﺠﻞٍ لإﻇﻬﺎﺭ ﺟﻤﺎﻝ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺟﻤﺎﻟﻪ، ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺳﻦ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎلاﺕ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻠﻪ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇلا ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﺎﻟﻪ ﻭﺩلاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ.

ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ! ﺇﻥ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﺠﺮﺓ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻚ ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺍﻟﻤﻮﻟّﻬﺔ ﺑﺼﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ لا ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﺒﺘﺬﻟﺔ ﺑﺘﺸﺒﺜﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ، ﻭلا ﺗﻬﺪﺭﻫﺎ ﺩﻭﻥ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﺰﺍﺋﻠﺔ؛ ﺫﻟﻚ لأﻥ ﺍلآﺛﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻓﺎﻧﻴﺘﺎﻥ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺍﻟﺒﺎﺩﻳﺔُ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗُﻬﺎ ﻭﺟﻤﺎﻟُﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍلآﺛﺎﺭ ﻭﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺎﺕ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ.. ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺁلاﻑٌ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍلإﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺁلاﻑ ﻣﻦ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ.

ﻓﺎﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ» ﻓﺤﺴﺐ ﻟﺘﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺇﺣﺪﻯ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻪ، ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓَ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ ﺇﺣﺪﻯ ﻟﻤﻌﺎﺗﻪ، ﻭﺟﻤﻴﻊَ ﺍلأﺭﺯﺍﻕ ﻭﺍﻟﻨﻌﻢ ﺍﻟﻤﺒﺜﻮﺛﺔ ﻓﻲ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﺎﻓﺔ ﺇﺣﺪﻯ ﻗﻄﺮﺍﺗﻪ.

ﻓﺄﻧﻌﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺗﺪﺑﺮ ﻓﻲ ﺍلآﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻧﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻭﺃﻫﻞ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ (ﺍﻟﺘﻴﻦ:٤-٦) ﻭﺍلآﻳﺔ ﺍلأﺧﺮﻯ: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ (ﺍﻟﺪﺧﺎﻥ:29) ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺎﺕ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﺒﻰ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ. ﺗﺄﻣﻞ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻟﺘﺠﺪ ﻣﺪﻯ ﺳﻤﻮﻫﻤﺎ ﻭﺇﻋﺠﺎﺯﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﺎ ﻋﻘﺪﻧﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻧﺔ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺔ.

ﺃﻣﺎ ﺍلآﻳﺎﺕ ﺍلأﻭﻟﻰ ﻓﻨﺤﻴﻞ ﺑﻴﺎﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﺗﺘﻀﻤﻨﻪ ﻣﻦ ﺇﻋﺠﺎﺯ ﻓﻲ ﺇﻳﺠﺎﺯ ﺇﻟﻰ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺤﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮﺓ» ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻴﻨﻬﺎ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﻣﻔﺼـلا. ﻭﺃﻣﺎ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻓﺴﻨﺸﻴﺮ -ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻓﺤﺴﺐ- ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻯ ﺇﻓﺎﺩﺗﻬﺎ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﻛﺎلآﺗﻲ:

ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺨﺎﻃﺐ ﻗﺎﺋﻠﺔ: ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ لا ﺗﺒﻜﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ. ﻭﺗﺪﻝ ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ ﺗﺒﻜﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺣﻴﻞ ﺃﻫﻞ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﺃﻱ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻳﻨﻜﺮﻭﻥ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ ﻭﻳﺘﻬﻤﻮﻧﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻌﺒﺜﻴﺔ ﻭلا ﻳﺪﺭﻛﻮﻥ ﻣﻌﺎﻧﻲَ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻳﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻬﺎﻡ، ﻓﻴﺒﺨﺴﻮﻥ ﺣﻘﻬﻤﺎ، ﺑﻞ لا ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺧﺎﻟﻘَﻬﻤﺎ ﻭلا ﺩلالاﺗﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﻧﻌﻬﻤﺎ، ﻓﻴﺴﺘﻬﻴﻨﻮﻥ ﺑﻬﻤﺎ، ﻭﻳﺘﺨﺬﻭﻥ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻮﻗﻒَ ﺍﻟﻌﺪﺍﺀ ﻭﺍلإﻫﺎﻧﺔ ﻭﺍلاﺳﺘﺨﻔﺎﻑ، ﻓـلاﺑﺪ ﺃلا ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕُ ﻭﺍلأﺭﺽ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﺑﻞ ﺗﺪﻋﻮﺍﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻞ ﺗﺮﺗﺎﺣﺎﻥ ﻟﻬـلاﻛﻬﻢ.

ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ: ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ ﺗﺒﻜﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺕ ﺃﻫﻞ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ، لأﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻭﻇﺎﺋﻔﻬﻤﺎ، ﻭﻳﻘﺪّﺭﻭﻧﻬﻤﺎ ﺣﻖ ﻗﺪﺭﻫﻤﺎ، ﻭﻳﺼﺪّﻗﻮﻥ ﺣﻘﺎﺋﻘﻬﻤﺎ ﺍﻟﺤﻘﺔ، ﻭﻳﻔﻬﻤﻮﻥ ﺑﺎلإﻳﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻔﻴﺪﺍﻥ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻥٍ، ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻬﻢ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺄﻣﻠﻮﺍ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺑﺈﻋﺠﺎﺏ: «ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻞَ ﺧﻠﻘَﻬﻤﺎ! ﻭﻣﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﺗﺆﺩﻳﺎﻥ ﻣﻦ ﻭﻇﺎﺋﻒ!». ﻓﻴﻤﻨﺤﻮﻧﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻭﺍلاﺣﺘﺮﺍﻡ، ﺣﻴﺚ ﻳﺒﺜﻮﻥ ﺣﺒﻬﻢ ﻟﻬﻤﺎ ﺑﺤﺒﻬﻢ ﻟﻠﻪ، ﺃﻱ لأﺟﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻤﺎ ﻣﺮﺍﻳﺎ ﻋﺎﻛﺴﺔ ﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺗﻬﺘﺰ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕُ ﻭﺗﺤﺰﻥ ﺍلأﺭﺽ، ﻟﻤﻮﺕ ﺃﻫﻞ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﻛﺄﻧﻬﻤﺎ ﺗﺒﻜﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺍﻟﻬﻢ.