ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ

ﺗﻨﺒﻴﻪ: ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺣﺚ ﺍلأﺭﺑﻌﺔ ﻟﻠﻤﻜﺘﻮﺏ «ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ» ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺮﺍﺑﻄﺔ، ﻛﺬﻟﻚ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺮﺍﺑﻄﺔ ﺃﻳﻀﺎً، ﻟﺬﺍ لا ﻳُﺘﺤﺮﻯ ﻋﻦ ﺍلاﺭﺗﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﻌـلاﻗﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ. ﻓﻘﺪ ﻛُﺘﺒﺖ ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩﺕ.

ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻌﺜﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ ﻃـلاﺑﻪ ﺍﻟﻤﻬﻤﻴﻦ، ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺇﺟﺎﺑﺎﺕ ﻋﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﺃﻭ ﺳﺘﺔ ﻣﻦ ﺍلأﺳﺌﻠﺔ.

  ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍلأﻭﻟﻰ

ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﺇﻧﻚ ﺗﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻚ: ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﺪﻯ ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﻢ ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ﺃﻥَّ ﻫﻨﺎﻙ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ ﺃﻟﻒ ﻋﺎﻟَﻢ، ﻭﺗﺴﺘﻔﺴﺮ ﻋﻦ ﺣﻜﻤﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺪﺩ؟.

ﺃﺧﻲ! ﺇﻧﻨﻲ ﺍلآﻥ لا ﺃﻋﻠﻢ ﺣﻜﻤﺔَ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺪﺩ، ﻭﻟﻜﻨﻲ ﺍﻛﺘﻔﻲ ﺑﺎلآﺗﻲ:

ﺇﻥَّ ﺟُﻤﻞ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ لا ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰً ﻭﺍﺣﺪ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺣُﻜﻢ ﻛﻠّﻲ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲَ ﻟﻜﻞِّ ﻃﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺧﻄﺎﺑﺎً ﻟﻌﻤﻮﻡ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮ. ﻟﺬﺍ ﻓﺎﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﺒﻴّﻨﺔ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺣُﻜﻢ ﺟﺰﺋﻴﺎﺕ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ، ﻓﻴﺬﻛﺮ ﻛﻞُّ ﻣﻔﺴّﺮ، ﻭﻛﻞُّ ﻋﺎﺭﻑ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺟﺰﺀﺍً ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻲ. ﻭﻳﺴﺘﻨﺪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ﻫﺬﺍ ﺇﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﺸﻔﻴﺎﺗﻪ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺩﻟﻴﻠﻪ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﻣﺸﺮﺑﻪ، ﻓﻴﺮﺟّﺢ ﻣﻌﻨﻰً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ. ﻭﻗﺪ ﻛﺸﻔﺖ ﻃﺎﺋﻔﺔٌ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺃﻳﻀﺎً ﻣﻌﻨﻰً ﻣﻮﺍﻓﻘﺎً ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﺪﺩ.

ﻓﻤﺜـلا: ﻳﺬﻛﺮ ﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺍﺩﻫﻢ ﻭﻳﻜﺮﺭﻭﻥ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ﴾ (ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ:19-20) ﻭﻟﻬﺬﻩ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﻌﺎﻥٍ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀً ﻣﻦ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﻭﺑﺤﺮ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍلإﻣﻜﺎﻥ، ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﺀً ﺇﻟﻰ ﺑﺤﺮَﻱ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍلآﺧﺮﺓ، ﻭﺇﻟﻰ ﺑﺤﺮَﻱ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻭﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ، ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﺇﻟﻰ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭ ﺑﺤﺮ ﻓﺎﺭﺱ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍلأﺑﻴﺾ ﻭﺍلأﺳﻮﺩ -ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻀﻴﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺴﻤﻚ ﺍﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻤﺮﺟﺎﻥ- ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍلأﺑﻴﺾ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍلأﺣﻤﺮ ﻭﻗﻨﺎﺓ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ، ﻭﺇﻟﻰ ﺑﺤﺎﺭ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻌﺬﺑﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﺤﺔ، ﻭﺇﻟﻰ ﺑﺤﺎﺭ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺬﺑﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﻗﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﺍلأﺭﺽ ﺍﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻭﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﻌﺬﺑﺔ ﻣﻦ ﺍلأﻧﻬﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻛﺎﻟﻨﻴﻞ ﻭ ﺩﺟﻠﺔ ﻭ ﺍﻟﻔﺮﺍﺕ، ﻭﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﻠﻂ ﺑﻬﺎ.

ﻛﻞُّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺎﺕ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﺿﻤﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺗﻠﻚ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ، ﻭﺟﻤﻴﻊُ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺎﺕ ﺗﺼﺢ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺮﺍﺩﺓً ﻭﻣﻘﺼﻮﺩﺓ، ﻓﻬﻲ ﻣﻌﺎﻥٍ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟـلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻭﻣﻌﺎﻥٍ ﻣﺠﺎﺯﻳﺔ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ﺃﻳﻀﺎً ﺟﺎﻣﻌﺔٌ ﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺫُﻛﺮ، ﻭﺇﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﺒﻴﻨﻮﻧﻬﺎ ﺑﻴﺎﻧﺎﺕ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﺣﺴﺐ ﻛﺸﻔﻴﺎﺗﻬﻢ.

ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺍلآﺗﻲ:

ﺇﻥَّ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺃﻟﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻢ، ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻞُّ ﻧﺠﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ، ﻋﺎﻟَﻤﺎً ﺑﺬﺍﺗﻪ، ﻭﺇﻥ ﻓﻲ ﺍلأﺭﺽ ﺃﻳﻀﺎً ﻛﻞُّ ﺟﻨﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﺎﻟَﻢ ﺑﺬﺍﺗﻪ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥَّ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻋﺎﻟﻢٌ ﺻﻐﻴﺮ، ﻓﻜﻠﻤﺔ ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ﺗﻌﻨﻲ: ﺃﻥَّ ﻛﻞ ﻋﺎﻟَﻢ ﻳُﺪﺍﺭ ﻭﻳُﺮﺑﻰّ ﻭﻳﺪﺑّﺮ ﺷﺆﻭﻧُﻪ ﺑﺮﺑﻮﺑﻴﺘﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓً.

ﺛﺎﻟﺜﺎً: ﻟﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم: (ﺍِﺫَﺍ ﺃﺭَﺍﺩَ ﺍﻟﻠﻪ ﺑِﻘَﻮْﻡٍ ﺧَﻴْﺮًﺍ ﺃﺑْﺼَﺮَﻫُﻢْ ﺑِﻌُﻴﻮُﺏِ ﺃﻧْﻔُﺴِﻬِﻢ) ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ:

﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ﴾ (ﻳﻮﺳﻒ:35).

  ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﻣﻦ ﻳُﻌﺠَﺐ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﻳﻌﺘﺪّ ﺑﻬﺎ ﺷﻘﻲٌّ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻯ ﻋﻴﺐَ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺤﻈﻮﻅٌ ﺳﻌﻴﺪ، ﻟﺬﺍ ﻓﺄﻧﺖ ﺳﻌﻴﺪ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ. ﻭﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻳﺤﺪﺙ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺃﻥ ﺗﻨﻘﻠﺐ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍلأﻣﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺲٍ ﻟﻮّﺍﻣﺔ ﺃﻭ ﻣﻄﻤﺌﻨﺔ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺴﻠّﻢ ﺃﺳﻠﺤﺘَﻬﺎ ﻭﺃﻋﺘﺪﺗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍلأﻋﺼﺎﺏ ﻭﺍﻟﻌﺮﻭﻕ ﻓﺘﺆﺩﻱ ﺍلأﻋﺼﺎﺏُ ﻭﺍﻟﻌﺮﻭﻕ ﻫﺬﻩ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮ، ﻭﺭﻏﻢ ﻣﻮﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍلأﻣﺎﺭﺓ ﻣﻨﺬ ﻣﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻓﺈﻥَّ ﺁﺛﺎﺭَﻫﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﺃﻳﻀﺎً، ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍلأﺻﻔﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺷﻜَﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍلأﻣﺎﺭﺓ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻧﻔﻮﺳَﻬﻢ ﻣﻄﻤﺌﻨﺔ، ﻭﺍﺳﺘﻐﺎﺛﻮﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻗﻠﻮﺑَﻬﻢ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻭﻣﻨﻮّﺭﺓ ﺟﺪﺍً. ﻓﻬﺆلاﺀ ﺍلأﻓﺎﺿﻞ لا ﻳﺸﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍلأﻣﺎﺭﺓ، ﺑﻞ ﻣﻦ ﻭﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺃُﻭﺩﻋﺖ ﺇﻟﻰ ﺍلأﻋﺼﺎﺏ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻓﻠﻴﺲ ﻗﻠﺒﻴﺎً، ﺑﻞ ﻣﺮﺽٌ ﺧﻴﺎﻟﻲ. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻦ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻟﻴﺲ ﻧﻔﺴُﻚ ﻭلا ﺃﻣﺮﺍﺽُ ﻗﻠﺒﻚ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺍلأﻋﺼﺎﺏ لأﺟﻞ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﺓ ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌُﻤُﺮ -ﺣﺴﺐ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ- ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒّﺐ ﺭﻗﻴﺎً ﺩﺍﺋﻤﺎً.

  ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ

ﺇﻥَّ ﺃﺟﺰﺍﺀ «ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ» ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺍلإﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺛـلاﺙ ﻣﺴﺎﺋﻞ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟِﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻗﺪ ﺳﺄﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺇﻳﻀﺎﺣﺎﺗﻬﺎ، ﺇلا ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺸﻴﺮ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﺈﺟﻤﺎﻝ ﻓﺤﺴﺐ:

  ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍلأﻭﻝ: ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺤﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ: «…ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺧـلاﻑ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻮﺟﻮﺩﻩ». ﻭﻣﺎ ﻗﺼﺪﻩ ﻣﻨﻪ؟

ﺃﻭلا: ﺇﻥ ﻣﺎ ﻗﺮﺃﺕَ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻲ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻓﻲ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ» ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ، ﻭﻳﻮﺿّﺤﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ «ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜـلاﺛﻴﻦ».

ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻋﺎ ﻣﺤﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻟﻔﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻭﻫﻮ ﺇﻣﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻫﻮ: ﺃﻥَّ ﻣﺎ ﺑﻴّﻨﻪ ﺃﺋﻤﺔُ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀُ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪِﻩ ﻏﻴﺮُ ﻛﺎﻑٍ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ.

ﺣﻘﺎً! ﺇﻥَّ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺒَﻄﺔ ﺑﺪلاﺋﻞ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ، ﻭلا ﺗﻮﺭﺙ ﺍلاﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ﺍﻟﻘﻠﺒﻲ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﺘﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺞ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻤﻌﺠِﺰ، ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻌﺮﻓﺔً ﺗﺎﻣﺔ ﻭﺗُﺴﻜﺐ ﺍلاﻃﻤﺌﻨﺎﻥَ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ. ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻠﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﻛﻞَّ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ «ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ» ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﺼﺒﺎﺡ ﻳﻀﻲﺀ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺍﻟﻘﻮﻳﻢ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻲ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻘﺎﻫﺎ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻛﻤﺎ ﺗﺒﺪﻭ ﻧﺎﻗﺼﺔً ﻭﻗﺎﺻﺮﺓً ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺃﻳﻀﺎً ﻧﺎﻗﺼﺔٌ ﻭﻣﺒﺘﻮﺭﺓٌ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻘﺎﻫﺎ ﻭﺭﺛﺔُ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ. ﺫﻟﻚ لأﻥ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﻳﻘﻮﻝ: «لا ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺇﻟّﺎ ﻫﻮ» لأﺟﻞ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻘﻠﺒﻲ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﺑﻪ ﺍلأﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ.

ﺃﻣﺎ ﺍلآﺧﺮﻭﻥ ﻓـلأﺟﻞ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻘﻠﺒﻲ ﺃﻳﻀﺎً ﻗﺎﻟﻮﺍ: «لا ﻣﺸﻬﻮﺩ ﺇﻟّﺎ ﻫﻮ» ﻭﺃﻟﻘﻮﺍ ﺳﺘﺎﺭَ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻭﺍﺗﺨﺬﻭﺍ ﻃﻮﺭﺍً ﻋﺠﻴﺒﺎً.

ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔُ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺗﻤﻨﺢ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭَ ﺍﻟﻘﻠﺒﻲ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ، ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻬﺎ لا ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺑﺎﻟﻌﺪﻡ ﻭلا ﺗﺴﺠﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺠﻦ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﺑﻞ ﺗﻨﻘﺬﻫﺎ ﻣﻦ ﺍلإﻫﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻌﺒﺜﻴﺔ ﻭﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﺟﺎﻋﻠﺔً ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﺮﺁﺓً ﺗﻌﻜﺲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ، ﻭﺗﻔﺘﺢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻧﺎﻓﺬﺓً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ، ﻛﻤﺎ ﻋﺒّﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺳﻌﺪﻱ ﺍﻟﺸﻴﺮﺍﺯﻱ ﺷﻌﺮﺍً:

  ﺩَﺭْ ﻧَﻈَﺮِ ﻫُﻮﺷﻴَﺎﺭ ﻫَﺮ ﻭَﺭﻗﻲ     ﺩَﻓﺘَﺮﻳﺴْﺖ ﺃَﺯْ ﻣَﻌﺮِﻓَﺖْ ﻛﺮﺩﻛﺎﺭ

  ﻭﻟﻘﺪ ﺷﺒّﻬﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ «ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ» ﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻠﻬﻤﻮﻥ ﻧﻬﺠﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍلأﻗﻮﻡ، ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻠﻜﻮﻥ ﻧﻬﺞَ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﺑﻤﺜﺎﻝ ﻫﻮ:

ﺇﻧﻪ لأﺟﻞ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻪ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ ﺃﻧﺎﺑﻴﺐ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﺑﻌﻴﺪ ﻳﺤﻔﺮﻩ ﻓﻲ ﺃﺳﻔﻞ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ. ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ﻳﺠﺪﻭﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﺣﻔﺮﻭﺍ ﻭﻳﻔﺠﺮﻭﻧﻪ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ. ﻓﺎلأﻭﻝ ﺳﻴﺮٌ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﻭﻋﺮٍ ﻭﻃﻮﻳﻞ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀُ ﻣﻌﺮّﺽ ﻓﻴﻪ ﻟـلاﻧﻘﻄﺎﻉ ﻭﺍﻟﺸّﺤﺔ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﻫﻞٌ ﻟﺤﻔﺮ ﺍلآﺑﺎﺭ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺠﺪﻭﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﺣﻠﻮﺍ ﺩﻭﻧﻤﺎ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻭﻣﺘﺎﻋﺐ.

ﻓﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻳﻘﻄﻌﻮﻥ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ ﺑﺈﺛﺒﺎﺕ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺪَﻭﺭ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﺴﻞ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻳﺜﺒﺘﻮﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻓﻴﺠﺪ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﻳﺤﻔﺮﻩ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ. ﻓﻜﻞُّ ﺃﻳﺔ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻛﻌﺼﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﺗﻔﺠّﺮ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﺿﺮﺑﺖ. ﻭﺗﺴﺘﻘﺮﺉ ﻛﻞَّ ﺷﻲﺀ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍلآﺗﻴﺔ:

  ﻭَﻓِﻰ ﻛُﻞِّ ﺷﻰْﺀٍ ﻟَﻪُ ﺍﻳَﺔٌ    ﺗَﺪُﻝُّ ﻋَﻠﻰ ﺃﻧَّﻪُ ﻭَﺍﺣِﺪٌ

  ﺛﻢ ﺇﻥَّ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ لا ﻳﺤﺼﻞ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭﺣﺪَﻩ، ﺇﺫ ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻟﻄﺎﺋﻒ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻟـلإﻧﺴﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺣﻈﻬﺎ ﻣﻦ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥَّ ﺍلأﻛﻞ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﻭﻳﺘﻮﺯﻉ ﺇﻟﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﺮﻭﻕ ﺣﺴﺐ ﻛﻞ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ ﺍلأﻋﻀﺎﺀ، ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﺍلآﺗﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺩﺧﻠﺖ ﻣﻌﺪﺓ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ، ﻓﺈﻥ ﻛﻞَّ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﻟﺠﺴﻢ -ﻛﺎﻟﺮﻭﺡ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺴﺮ ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ- ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺗﻤﺼّﻬﺎ ﺣﺴﺐ ﺩﺭﺟﺎﺗﻬﺎ. ﻓﺈﻥ ﻓﻘﺪﺕْ ﻟﻄﻴﻔﺔٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻄﺎﺋﻒ ﻏﺬﺍﺀﻫﺎ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ، ﻓﺎﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺇﺫﻥ ﻧﺎﻗﺼﺔٌ ﻣﺒﺘﻮﺭﺓ، ﻭﺗﻈﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﻣﺤﺮﻭﻣﺔ ﻣﻨﻬﺎ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﻨﺒّﻪ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﻭﻳﻠﻔﺖ ﻧﻈﺮﻩ ﺇﻟﻴﻬﺎ.

  ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ

ﺳﺆﺍﻝ: ﻣﺎ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ﴾ (ﺍلإﺳﺮﺍﺀ:70) ﻭﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ (ﺍلأﺣﺰﺍﺏ:72).

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺇﻥ ﺇﻳﻀﺎﺡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ «ﺍﻟﺤﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮﺓ» ﻭ«ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ»، ﻭﺍﻟﺜﻤﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺼﻦ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻣﻦ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ». ﻭﻣﺠﻤﻠﻪ ﻫﻮ ﺍلآﺗﻲ:

ﺇﻥَّ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺨﻠﻖ ﺑﻘﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀً ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﻮﻕ ﺷﻴﺌﺎً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً. ﻓﻴﻜﺘﺐ ﺃﻟﻒَ ﻛﺘﺎﺏ ﻭﻛﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ.

ﻭﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎً ﻧﻮﻋﺎً ﺟﺎﻣﻌﺎً ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ. ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳُﻨﺠﺰ ﺑﻨﻮﻉ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻨﺠﺰﻩ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕُ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ. ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﺤﺪّﺩ ﻗﻮﻯ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻭﺭﻏﺒﺎﺗﻪ ﺑﺤﺪﻭﺩٍ ﻭﻗﻴﻮﺩ ﻓﻄﺮﻳﺔ، ﺑﻞ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺣﺮﺓً ﻃﻠﻴﻘﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺣﺪّﺩ ﻗﻮﻯ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺭﻏﺒﺎﺗﻬﺎ، ﺃﻱ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﻴﻮﺩ ﻓﻄﺮﻳﺔ. ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻗﻮﺓٍ ﻣﻦ ﻗﻮﻯ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺗﺘﺠﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﻓﺴﻴﺢ ﻭﺍﺳﻊ ﺟﺪﺍً، لا ﺗﺘﻨﺎﻫﻰ، لأﻥَّ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻣﺮﺁﺓٌ ﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ لاﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ لأﺳﻤﺎﺀ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻟﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﻣُﻨﺤﺖ ﻗﻮﺍﻩ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍً لاﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ.

  ﻓﻤﺜـلا: ﻟﻮ ﺃُﻋﻄﻲ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺮﻣّﺘﻬﺎ، ﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﺑﺤﺮﺻﻪ، ﻭﺇﻧﻪ ﻳﺮﺿﻰ ﺑﺈﻟﺤﺎﻕ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺄﻟﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﺫﺍﺗﻴﺔ!.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻨﻜﺸﻒ ﺃﻣﺎﻡَ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺩﺭﺟﺎﺕ لا ﺣﺪّ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍلأﺧـلاﻕ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ، ﺣﺘﻰ ﺗﻮﺻﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﻛﺎﺕ ﺍﻟﻨﻤﺎﺭﺩﺓ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻋﻨﺔ. ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﺼﺪﺍﻕَ ﺻﻔﺔ «ﻇﻠﻮﻣﺎً» ﺑﺤﻖ (ﺑﺎﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ)، ﻛﻤﺎ ﺗﻨﻔﺘﺢ ﺃﻣﺎﻣَﻪ ﺩﺭﺟﺎﺕُ ﺍﻟﺮﻗﻲ ﺍﻟﺘﻲ لا ﻣﻨﺘﻬﻰ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺼﺎﻝ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪﺓ ﺣﺘﻰ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻴﻦ.

ﺛﻢ ﺇﻥَّ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ -ﺑﺨـلاﻑ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ- ﺟﺎﻫﻞٌ ﺑﻜﻞّ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻳﻠﺰﻣﻬﺎ ﻭﻣﻀﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻓﻬﻮ (ﺟﻬﻮﻝ) ﺑﺎﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ لأﻧﻪ ﻣﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ لا ﻳﺤﺪّ ﻣﻦ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﺘﺢ ﻋﻴﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻓﺈﻧﻪ لا ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟّﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻗﻠﻴﻠﺔ، ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﺷﺮﻭﻁ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺃﻭ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺃﻭ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﺃﻭ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻗﺪ ﺍﻛﺘﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺁﺧﺮ ﺛﻢ ﺃﺗﻰ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ لا ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﻒ ﻣﻨﺘﺼﺒﺎً ﻣﻌﺘﻤﺪﺍً ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻟّﺎ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﺔ ﺃﻭ ﺳﻨﺘﻴﻦ، ﻭلا ﻳﻌﺮﻑ ﻧﻔﻌَﻪ ﻣﻦ ﺿﺮِّﻩ ﺇﻟّﺎ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮﺓ ﺳﻨﺔ.

ﻓﺎﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﴿جَهُولًا﴾ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﻳﻀﺎً.

  ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ

ﺗﺴﺄﻟﻮﻥ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻋﻦ ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ: (ﺟﺪﺩﻭﺍ ﺇﻳﻤﺎﻧﻜﻢ ﺑ لا ﺇﻟﻪ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻠﻪ) ﻓﻘﺪ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ». ﻭﺍلآﻥ ﻧﺬﻛﺮ ﺣﻜﻤﺔً ﻣﻨﻬﺎ:

ﺇﻥَّ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻳﺘﺠﺪﺩ ﺑﺸﺨﺼﻪ ﻭﺑﻌﺎﻟَﻤﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎً، لأﻥَّ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻟّﺎ ﺃﻓﺮﺍﺩٌ ﻋﺪﻳﺪﺓ، ﻓﻬﻮ ﻓﺮﺩٌ ﺑﻌﺪﺩ ﺳﻨﻲ ﻋﻤﺮﻩ، ﺑﻞ ﺑﻌﺪﺩ ﺃﻳﺎﻣﻪ، ﺑﻞ ﺑﻌﺪﺩ ﺳﺎﻋﺎﺗﻪ ﺣﻴﺚ ﺇﻥَّ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻳُﻌﺪّ ﺷﺨﺼﺎً ﺁﺧﺮ، ﺫﻟﻚ لأﻥَّ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺰﻣﻦُ ﻳُﺼﺒﺢ ﺑﺤﻜﻢ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ، ﻳﻠﺒﺲ ﻛﻞَّ ﻳﻮﻡ ﺷﻜﻞ ﻓﺮﺩ ﺟﺪﻳﺪ ﺁﺧﺮ.

ﺛﻢ ﺇﻥَّ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺘﻌﺪﺩ ﻭﻳﺘﺠﺪﺩ ﻫﻜﺬﺍ. ﻓﺈﻥَّ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻜﻨﻪ ﺳﻴﺎﺭٌ ﺃﻳﻀﺎً لا ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ. ﻓﻬﻮ ﻳﻤﻀﻲ ﻭﻳﺄﺗﻲ ﻏﻴﺮُﻩ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﺗﻨﻮﻉ ﺩﺍﺋﻢ، ﻓﻜﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﻔﺘﺢ ﺑﺎﺏُ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪ.

ﻓﺎلإﻳﻤﺎﻥ ﻧﻮﺭٌ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﺿﻴﺎﺀٌ ﻟﻠﻌﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ. ﻭﻣﺎ «لا ﺍﻟﻪ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻠﻪ» ﺇﻟّﺎ ﻣﻔﺘﺎﺡٌ ﻳﻔﺘﺢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺭ.

ﺛﻢ ﺇﻥَّ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﻔﺲُ ﻭﺍﻟﻬﻮﻯ ﻭﺍﻟﻮﻫﻢ ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺗﺴﺘﻐﻞ ﻏﻔﻠﺘَﻪ ﻭﺗﺤﺘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺘﻀﻴﻖ ﺍﻟﺨﻨﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ، ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﺎﻓﺬَ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻲ ﺑﻨﺜﺮ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﻭﺍلأﻭﻫﺎﻡ. ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻪ لا ﻳﺨﻠﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﻨﺎﻓﻴﺔ ﻟﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ، ﺑﻞ ﺗﻌﺪ ﻟﺪﻯ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﺍلأﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﻜﻔﺮ.

ﻟﺬﺍ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻭﻗﺖ، ﺑﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﺎﻋﺔ، ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ.

  ﺳﺆﺍﻝ: ﺇﻥَّ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻳﺜﺒﺘﻮﻥ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ ﺫﻫﻨﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻮﻩ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍلإﻣﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﺪﻭﺙ. ﻭﺍﻥ ﻗﺴﻤﺎً ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ لأﺟﻞ ﺃﻥْ ﻳﻐﻨﻤﻮﺍ ﺑﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻃﻤﺌﻨﺎﻧﻪ ﻗﺎﻟﻮﺍ: «لا ﻣﺸﻬﻮﺩ ﺇلا ﻫﻮ» ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻟﻘﻮﺍ ﺳﺘﺎﺭ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ. ﻭﻗﺴﻢ ﺁﺧﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ: «لا ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺇﻟّﺎ ﻫﻮ» ﻭﺟﻌﻠﻮﺍ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻭﺃﻟﻘﻮﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﻟﻴﻈﻔﺮﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﺎلاﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ﻭﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻠﺐ. ﻭﻟﻜﻨﻚ ﺗﺴﻠﻚ ﻣﺴﻠﻜﺎً ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﺏ ﻭﺗﺒﻴﻦ ﻣﻨﻬﺠﺎً ﻗﻮﻳﻤﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﺷﻌﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ: «لا ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺇﻟّﺎ ﻫﻮ.. لا ﻣﻌﺒﻮﺩ ﺇﻟّﺎ ﻫﻮ». ﻓﺎﻟﺮﺟﺎﺀ ﺃﻥْ ﺗﻮﺿﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺑﺮﻫﺎﻧﺎً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻳﺨﺺ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ.

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺇﻥَّ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﻭ«ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺎﺕ» ﻳﺒﻴﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻘﻮﻳﻢ.

ﺃﻣﺎ ﺍلآﻥ ﻓﺄﺷﻴﺮ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻣﺨﺘﺼﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻧﺰﻭلا ﻋﻨﺪ ﺭﻏﺒﺘﻜﻢ ﺇﻟﻰ ﺣﺠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺣﺠﺠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺇﻟﻰ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻭﺍﺳﻊ ﻃﻮﻳﻞ ﻣﻦ ﺑﺮﺍﻫﻴﻨﻪ ﺍﻟﺪﺍﻣﻐﺔ.

ﺇﻥَّ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻳَﺴﻨﺪ ﺟﻤﻴﻊَ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﻟﻘﻪ.. ﻭﺇﻥَّ ﻛﻞ ﺃﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥَّ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلآﺛﺎﺭ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻣﺆﺛﺮﻩ ﻫﻮ.. ﻭﺇﻥَّ ﻛﻞ ﻓﻌﻞ ﺇﻳﺠﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﻥَّ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﻓﻌﺎﻝ ﺍلإﻳﺠﺎﺩﻳﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﻓﺎﻋﻠﻬﺎ ﻫﻮ.. ﻭﺇﻥَّ ﻛﻞ ﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﻤﺴﻤّﺎﻩ ﻫﻮ.. ﺃﻱ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻫﻮ ﺑﺮﻫﺎﻥُ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﻭﺍﺿﺢ، ﻭﻧﺎﻓﺬﺓٌ ﻣﻄﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﺛﺮ، ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺤﻲ، ﺇﻟّﺎ ﻫﻮ ﻣﺜﺎﻝٌ ﻣﺼﻐﺮ ﻟﻠﻜﺎﺋﻨﺎﺕ، ﻭﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻧﻮﺍﺓٍ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺛﻤﺮﺓٍ ﻟﻠﻜﺮﺓ ﺍلأﺭﺿﻴﺔ. ﻟﺬﺍ ﻓﺨﺎﻟﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﻤﺼﻐﺮ ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﺓ ﻭﺍﻟﺜﻤﺮﺓ لاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎً ﺧﺎﻟﻖُ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺑﺮﻣّﺘﻬﺎ، ﺫﻟﻚ لأﻧﻪ لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺟﺪُ ﺍﻟﺜﻤﺮﺓ ﻏﻴﺮَ ﻣﻮﺟﺪ ﺷﺠﺮﺗﻬﺎ.

ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥَّ ﻛﻞ ﺃﺛﺮ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳَﺴﻨِﺪ ﺟﻤﻴﻊَ ﺍلآﺛﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﻣﺆﺛّﺮﻩ، ﻓﺈﻥَّ ﻛﻞ ﻓﻌﻞ ﺃﻳﻀﺎً ﻳَﺴﻨﺪ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﻓﻌﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻓﺎﻋﻠﻪ. لأﻧﻨﺎ ﻧﺮﻯ ﺃﻥ ﺃﻱ ﻓﻌﻞ ﺇﻳﺠﺎﺩﻱ ﻛﺎﻥ، ﻭﻫﻮ ﻳﺒﺮﺯ ﻃﺮﻓﺎً ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺧـلاﻗﻴﺔ ﻳﺴَﻊ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻠﻪ ﻭﻳﻤﺘﺪ ﺣﻜﻤُﻪ ﻭﻃﻮﻟُﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺮﺍﺕ. ﺃﻱ ﺃﻥَّ ﻣَﻦ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍلإﻳﺠﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﺰﺋﻲ ﻭﻓﺎﻋﻠﻪ لاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎً ﻓﺎﻋﻞَ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﻓﺎﻋﻴﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺑﺎﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻤﻮﺱ.

ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﻲ ﺑﻌﻮﺿﺔً لاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺤﻴﻲ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﺸﺮﺍﺕ ﺑﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺑﻞ ﻣﺤﻴﻲ ﺍلأﺭﺽ ﻛﻠﻬﺎ.

ﺛﻢ ﺇﻥَّ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﺗﺪﻭﺭ ﺑﺠﺬﺑﺔ ﺣﺐٍّ ﻛﺎﻟﻤﺮﻳﺪ ﺍﻟﻤﻮﻟﻮﻱ لاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎً ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺮﻙ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺗﺤﺮﻳﻜﺎً ﻣﺘﺴﻠﺴـلا ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﺴﻴﺎﺭﺍﺗﻬﺎ. لأﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻫﻮ ﺳﻠﺴﻠﺔ -ﺗﺸﺪ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ- ﻭﺍلأﻓﻌﺎﻝُ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔٌ ﺑﻪ.

ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺃﺛﺮ ﻳَﺴﻨﺪ ﺟﻤﻴﻊَ ﺍلآﺛﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﻣﺆﺛّﺮﻩ ﻫﻮ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻓﻌﻞ ﺇﻳﺠﺎﺩﻱ ﻳﺴﻨﺪ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﻓﻌﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﻫﻮ. ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﺳﻢ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻳَﺴﻨِﺪ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﻤّﺎﻩ ﻭﻳﺜﺒﺖ ﺃﻧﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻋﻨﺎﻭﻳﻨُﻪ. ﺫﻟﻚ لأﻥَّ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺠﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻣﺘﺪﺍﺧﻞٌ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻛﺎﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﺍﻟﻤﺘﺪﺍﺧﻠﺔ ﻭﺃﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ. ﻛﻞٌّ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺴﻨﺪ ﺍلآﺧﺮ ﻭﻳﻤﺪّﻩ، ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻜﻤﻞ ﺃﺛﺮ ﺍلآﺧﺮ ﻭﻳﺰﻳّﻨﻪ.

  ﻓﻤﺜـلا: ﺇﻥَّ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﻤﺤﻴﻲ» ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻟﺸﻲﺀ ﻭﺣﺎﻟﻤﺎ ﻳﻤﻨﺢ ﺷﻴﺌﺎً ﺍﻟﺤﻴﺎﺓَ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ» ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻴﻨﻈّﻢ ﺟﺴﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﺄﻭﻯ ﺭﻭﺣﻪ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ» ﻓﻴﺰﻳّﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺶ ﻭﺍﻟﻤﺄﻭﻯ، ﻭﺁﻧﺌﺬ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ» ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻴﻬﻴﺊ ﺣﺎﺟﺎﺕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺴﺪ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ» ﻓﻴﻤﻨﺢ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻲ ﻣﻦ ﺃﺭﺯﺍﻕ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻭﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ لا ﻳﺤﺘﺴﺐ، ﻭﻫﻜﺬﺍ…

ﺃﻱ ﻟﻤﻦ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﻤﺤﻴﻲ» ﻓﺈﻥ ﻟﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﺳﻢَ «ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ» ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻴﺮ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ، ﻭﺇﻥ ﻟﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﺳﻢَ «ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ» ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺑﻲ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍﻟﺸﻔﻘﺔ. ﻭﺇﻥ ﻟﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﺳﻢَ «ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ» ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﺪﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ…

ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﺳﻢ ، ﻭﻛﻞ ﻓﻌﻞ، ﻭﻛﻞ ﺃﺛﺮ، ﺑﺮﻫﺎﻥُ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺔ، ﻭﺧﺘﻢُ ﺗﻮﺣﻴﺪ، ﻭﺧﺎﺗﻢُ ﺃﺣﺪﻳﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻄﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺻﺤﺎﺋﻒ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻓﻲ ﺳﻄﻮﺭ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔُ ﻗﻠﻢ ﻧﻘﺎﺷﻪ ﻭﻣﺼﻮِّﺭﻩ ﺟﻞ ﻭﻋـلا.

ﺍﻟﻠّﻬﻢَّ ﺻَﻞِّ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: (ﺃﻓْﻀَﻞُ ﻣَﺎ ﻗُﻠْﺖُ ﺃﻧَﺎ ﻭَﺍﻟﻨَّﺒِﻴُّﻮﻥَ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻠﻲ ﻟَﺎ ﺇﻟَﻪَ ﺇﻟَّﺎ ﺍﻟﻠﻪ) ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﺳﻠﻢ.

ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ

ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﺗﺴﺄﻟﻮﻥ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻜﻢ ﻋﻦ ﻛﻔﺎﻳﺔ «لا ﺍﻟﻪ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻠﻪ» ﻓﺤﺴﺐ، ﺃﻱ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺫﻛﺮ «ﻣﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ» ﻓﻲ ﺟﻌﻞِ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ.

ﺇﻥ ﺟﻮﺍﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻃﻮﻳﻞ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﺍلآﻥ:

ﺇﻥَّ ﻛﻠﻤﺘَﻲ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ لا ﺗﻨﻔﻚ ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﻋﻦ ﺍلأﺧﺮﻯ ﻭلا ﺗﻔﺘﺮﻗﺎﻥ، ﺑﻞ ﺗﺜﺒﺖ ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﺍلأﺧﺮﻯ ﻭﺗﺘﻀﻤﻨﻬﺎ، ﻓـلا ﺗﻜﻮﻥ ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﺇﻟّﺎ ﺑﺎلأﺧﺮﻯ.

ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﻫﻮ ﺧﺎﺗﻢ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴـلاﻡ، ﻭﻭﺍﺭﺙ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ، ﻓـلاﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﻞ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻤﻮﺻﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﺭﺃﺳﻬﺎ، ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﻘﺔ ﻭلا ﺳﺒﻴﻞ ﻧﺠﺎﺓ ﻏﻴﺮ ﺟﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻭﺻﺮﺍﻃﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ.

ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺋﻤﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻳﻌﺒّﺮ ﻋﻨﻪ ﺳﻌﺪﻱ ﺍﻟﺸﻴﺮﺍﺯﻱ ﺷﻌﺮﺍً:

  ﻣُﺤَﺎﻟَﺴﺖ ﺳَﻌﺪﻱ ﺑَﺮﺍﻩِ ﻧَﺠَﺎﺕْ      ﻇَﻔَﺮ ﺑُﺮﺩَﻥْ ﺟُﺰْ ﺩَﺭﺑﻰِ ﻣُﺼﻄﻔﻰ

  ﺃﻱ (ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﻈﻔﺮ ﺃﺣﺪ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴـلاﻣﺔ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺀ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ صلى الله عليه وسلم).. ﻭﻛﺬﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ: «ﻛُﻞُّ ﺍﻟﻄُّﺮُﻕِ ﻣَﺴْﺪُﻭﺩٌ ﺍِﻟَّﺎ ﺍﻟْﻤِﻨْﻬَﺎﺝَ ﺍﻟْﻤُﺤَﻤَّﺪِﻯَّ». ﻭﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺃﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﺴﻠﻜﻮﻥ ﺍﻟﺠﺎﺩﺓ ﺍلأﺣﻤﺪﻳﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ لا ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺃﻧﻬﺎ ﺟﺎﺩﺓ ﺃﺣﻤﺪﻳﺔ ﺃﻭ ﺃﻧﻬﺎ ﺩﺍﺧﻠﺔ ﺿﻤﻨﻬﺎ.

ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺃﻧﻬﻢ لا ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻠﻜﻮﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﺩﺓ ﺍلأﺣﻤﺪﻳﺔ.

ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺃﻧﻬﻢ لا ﻳﻔﻜﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ ﻣﻜﺘﻔﻴﻦ: ﺑ«لا ﺍﻟﻪ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻠﻪ» ﺇﻣﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺠﺬﺏ ﺃﻭ ﺍلاﺳﺘﻐﺮﺍﻕ، ﺃﻭ ﺑﺴﺒﺐ ﻭﺿﻊ ﻣﻦ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍلاﻧﺰﻭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻌﺰﻟﺔ.

ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺃﻫﻢ ﺟﻬﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﻮﺭ ﻫﻲ:

ﺇﻥَّ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺷﻲﺀ ﻭﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ. ﻓﺈﻥ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆلاﺀ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﺬﺏ ﻭﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﺃﻭ ﻣﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﺃﻭ لا ﻳﻌﻠﻢ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﻢ ﻣﻤﻦ لا ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم ﺃﻭ لا ﻳﺘﻔﻜﺮﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﻘﺒﻠﻮﻩ ﻭﻳﺮﺿﻮﺍ به ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻈﻠﻮﻥ ﺟﺎﻫﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﻭلا ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻏﻴﺮ «لا ﺇﻟﻪ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻠﻪ» ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻬﺆلاﺀ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻤﻌﻮﺍ  ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم ﻭﻋﺮﻓﻮﺍ ﺩﻋﻮﺗﻪ، ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺼﺪّﻗﻮﻩ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭلا ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﻪ، لأﻥَّ ﻗﻮﻝ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻠﻪ» لا ﻳﻔﻴﺪ لأﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆلاﺀ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ، ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﻗﺒﻮﻝ ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻌﺪّ ﻋﺬﺭﺍً، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﻌﺪﻡ، ﻭﻫﻮ ﺇﻧﻜﺎﺭ. ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﻨﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻭﺍﻟﺴـلاﻡ ﻭﻫﻮ ﻣﺪﺍﺭ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺷﺮﻑ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﻤﻌﺠﺰﺍﺗﻪ ﻭﺁﺛﺎﺭﻩ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ، لاﺷﻚ ﺃﻧﻪ لا ﻳﻨﺎﻝ ﻧﻮﺭﺍً ﻗﻂ ﻭلا ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺆﻣﻨﺎً ﺑﺎﻟﻠﻪ.

ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﺪﺭ.