ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ

  ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ

  ﻛﺘﺒﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ لأﺟﻞ ﺣﻞ ﺍلإﺷﻜﺎﻝ ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺣﻮﻝ ﺣﺪﻳﺚ ﺷﺮﻳﻒ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻗﺪ ﻟﻄﻢ ﻋﻴﻦ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﺰﺭﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ.

ﻃﺮﻕ ﺳﻤﻌﻲ ﺃﻥَّ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔً ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺟﺮﺕ ﻓﻲ «ﺃﮔﺮﻳﺪﻳﺮ». ﺇﻥَّ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺧﻄﺄ، ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ.

ﻭﻗﺪ ﺳﺌﻠﺖُ ﺃﻧﺎ ﺃﻳﻀﺎً -ﻭلا ﻋﻠﻢ ﻟﻲ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ- ﻭﺃﺭَﻭﻧﻲ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻧﺒﻮﻳﺎً ﺷﺮﻳﻔﺎً ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻮﺛﻮﻕ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻗﺪ ﺃﺷﻴﺮ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺮﻣﺰ (ﻕ) ﻟﻠﺪلاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ «ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ».. ﻭﺍﺳﺘﻔﺴﺮﻭﺍ: ﺃﻫﺬﺍ ﺣﺪﻳﺚ ﻧﺒﻮﻱ ﺃﻡ لا؟.

ﻗﻠﺖ ﻟﻬﻢ: ﻧﻌﻢ! ﺇﻧﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﻧﺒﻮﻱ ﺷﺮﻳﻒ، ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻜﻢ ﺍلاﻋﺘﻤﺎﺩ ﻭﺍﻟﻮﺛﻮﻕ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﺣﻜﻢ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺸﻴﺨﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ، ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻮﺛﻮﻕ.. ﻭﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺁﻳﺎﺕ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺎﺕ، ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺃﻳﻀﺎً ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺎﺕ، لا ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺇﻟّﺎ ﺧﻮﺍﺹ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ.

ﻭﻗﻠﺖ ﺃﻳﻀﺎً: ﺭﺑﻤﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﻇﺎﻫﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺿﻤﻦ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻬﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﺸﻜـلاﺕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ.

ﻓﻠﻮ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺮﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ، ﻟﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺍﻗﺘﺼﺮُ ﺟﻮﺍﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ، ﺑﻞ ﻛﻨﺖ ﺃﺟﻴﺐ ﺑﻤﺎ ﻳﺄﺗﻲ:

ﺃﻭلا: ﺇﻥَّ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍلأﻭﻝ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ﻫﻮ:

ﺃﻥْ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺬﺍﻛﺮﺓُ ﻓﻲ ﺟﻮ ﻣﻦ ﺍلإﻧﺼﺎﻑ.. ﻭﺃﻥ ﺗُﺠﺮَﻯ ﺑﻨﻴّﺔ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ.. ﻭﺑﺼﻮﺭﺓ لا ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﺩ.. ﻭﺑﻴﻦ ﻣَﻦ ﻫﻢ ﺃﻫﻞ ﻟﻠﻤﻨﺎﻗﺸﺔ.. ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺳﻴﻠﺔً ﻟﺴﻮﺀ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﻠﻘﻲ.

ﻓﻀﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻭﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻬﺎ ﺟﺎﺋﺰﺓ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻬﻮ ﺃﻥ لا ﻳﺤﻤﻞَ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗِﺶُ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ.. ﻭلا ﻳﺘﺄﻟﻢَ ﻭلا ﻳﻨﻔﻌﻞَ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻟﻪ، ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﻭﺍلاﻃﻤﺌﻨﺎﻥ، ﺇﺫ ﻗﺪ ﺗﻌﻠّﻢ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﻬﻠﻪ، ﻓﻠﻮ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﺤﻖُّ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﻋﻠﻤﺎً ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﻏﺮﻭﺭ.

ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﺷﺮﻳﻔﺎً ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ: ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ.. ﻭﺍلإﺣﺎﻃﺔ ﺑﺪﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﺍﻟﻀﻤﻨﻲ.. ﻭﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ.

ﻭلا ﻳﺠﻮﺯ لأﺣﺪ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺸﻜـلاﺕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ.. ﻭلا ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺭﺃﻳﻪ ﺇﻇﻬﺎﺭﺍً ﻟﻠﺘﻔﻮﻕ ﻋﻠﻰ ﺍلآﺧﺮﻳﻦ.. ﻭلا ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﺩﻟﺔٍ ﺗﺮﺟّﺢ ﺭﺃﻳَﻪ ﻭﺗﻨﻤّﻲ ﻏﺮﻭﺭَﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍلإﻧﺼﺎﻑ.

ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻗﺪ ﻃُﺮﺣﺖ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﺪﺍﺭ ﻧﻘﺎﺵ، ﻓﺴﺘﺆﺩﻯ ﺗﺄﺛﻴﺮَﻫﺎ ﺍﻟﺴﻴﺊ ﻓﻲ ﺃﻓﻬﺎﻡ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺠﺰﻭﻥ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺃﻣﺜﺎﻝِ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻬﺔ.

ﺇﺫ ﻟﻮ ﺃﻧﻜﺮﻫﺎ ﺃﺣﺪُﻫﻢ ﻓﻘﺪ ﻓﺘﺢ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﺎﺑﺎً ﻟﻠﻬـلاﻙ ﻭﺍﻟﺨﺴﺮﺍﻥ، ﺣﻴﺚ ﻳﺴﻮﻗﻪ ﻫﺬﺍ ﺍلإﻧﻜﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚَ ﺻﺤﻴﺤﺔٍ ﺛﺎﺑﺘﺔ. ﻭﻟﻮ ﻗَﺒِﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﻔﻴﺪ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ، ﻭﺗﺤﺪّﺙ ﺑﻪ ﻭﻧﺸﺮﻩ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﺴﻴﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎً ﻟﻔﺘﺢ ﺑﺎﺏ ﺍﻋﺘﺮﺍﺿﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ، ﻭﺇﻃـلاﻕ ﺃﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ: ﺇﻧﻪ ﺧﺮﺍﻓﺔ!

ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍلأﻧﻈﺎﺭ ﻗﺪ ﻟﻔﺘﺖ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻪ ﺩﻭﻥ ﻣﺒﺮﺭ، ﺑﻞ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺿﺮﺭ. ﻭﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚَ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻪ ﺑﻜﺜﺮﺓ؛ ﻳﻠﺰﻡ ﺑﻴﺎﻥ «ﺣﻘﻴﻘﺔ» ﺩﻓﻌﺎً ﻟﻠﺸﺒﻬﺎﺕ ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﻟـلأﻭﻫﺎﻡ.. ﺃﻗﻮﻝ: ﺇﻥ ﺫﻛﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ.

ﺳﻨﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﺷﺎﺭﺓً ﻣﺠﻤﻠﺔ، ﻣﻜﺘﻔﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ (ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻐﺼﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻐﺼﻦ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺍلأﺳﺎﺱ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺄﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ).

ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ لا ﻳﻨﺤﺼﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻛﺎلإﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻢ ﻓﻲ ﺣُﻜﻢ ﺍﻟﻜﻠﻲ، ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻟﻬﻢ ﺗﺸﺨﺼﺎﺗﻬﻢ. ﻓﻌﺰﺭﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻫﻮ ﻧﺎﻇﺮ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﺍﻟﻤﻮﻛّﻠﻴﻦ ﺑﻘﺒﺾ ﺍلأﺭﻭﺍﺡ ﻭﺭﺋﻴﺴُﻬﻢ.

ﺳﺆﺍﻝ: ﻫﻞ ﻋﺰﺭﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺒﺾ ﺍلأﺭﻭﺍﺡ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ، ﺃﻡ ﺃﻥ ﺃﻋﻮﺍﻧﻪ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺒﻀﻮﻧﻬﺎ.

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻫﻨﺎﻙ ﺛـلاﺛﺔ ﻣﺴﺎﻟﻚ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ:

ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ ﺍلأﻭﻝ: ﺃﻥَّ ﻋﺰﺭﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺒﺾ ﺭﻭﺡَ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ. ﻓـلا ﻳﻤﻨﻊ ﻓﻌﻞٌ ﻫﻨﺎ ﻓﻌـلا ﻫﻨﺎﻙ؛ لأﻧﻪ ﻧﻮﺭﺍﻧﻲ، ﻭﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻲ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺤﻀﺮ ﻭﻳﺘﻤﺜﻞَ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦَ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ، ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ ﻣﺮﺍﻳﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ. ﻓﺘﻤﺜـلاﺕ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻲ ﺗﻤﻠﻚ ﺧﻮﺍﺻّﻪ. ﻭﺗﻌﺘﺒﺮ ﻋﻴﻨَﻪ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻏﻴﺮَﻩ. ﻓﺘﻤﺜـلاﺕ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗُﻈﻬﺮ ﺿﻮﺀَ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺣﺮﺍﺭﺗﻬﺎ، ﻓﺈﻥ ﺗﻤﺜـلاﺕ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﻴﻦ -ﻛﺎﻟﻤـلاﺋﻜﺔ- ﺗُﻈﻬﺮ ﺃﻳﻀﺎً ﺧﻮﺍﺻَّﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟَﻢ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ، ﻓﻬﻲ ﻋﻴﻦُ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﻴﻦ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻏﻴﺮَﻫﻢ. ﻓﺎﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﻳﺘﻤﺜﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ ﺣﺴﺐ ﻗﺎﺑﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ، ﻓﻤﺜـلا:

ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺟﺒﺮﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ «ﺩﺣﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﺒﻲ» ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻟﻮﻑ ﺍلأﻣﺎﻛﻦ ﻓﻲ ﺻﻮﺭ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺠﺪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍلأﻋﻈﻢ ﻣُﻄﺒﻘﺎً ﺍلآﻓﺎﻕَ ﺑﺄﺟﻨﺤﺘﻪ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﻤﻬﻴﺒﺔ ﺷﺮﻗﺎً ﻭﻏﺮﺑﺎً، ﻓﻠﻪ ﺇﺫﻥ ﺗﻤﺜّﻞٌ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﺣﺴﺐ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ، ﻭﻟﻪ ﺣﻀﻮﺭٌ ﻓﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻲ ﺃﻟﻮﻑ ﺍلأﻣﺎﻛﻦ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﻓﺤﺴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ: ﻟﻴﺲ ﻣﺤﺎلا ﻗﻂ، ﻭلا ﻫﻮ ﺑﺄﻣﺮ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ، ﻭلا ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻏﻴﺮُ ﻣﻌﻘﻮﻝ، ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﺽَ ﻣﺜﺎﻝُ ﻣﻠَﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻟـلإﻧﺴﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﻗﺒﺾ ﺭﻭﺣﻪ -ﻭﻫﻮ ﻣﺜﺎﻝ ﺟﺰﺋﻲ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲ- ﺇﻟﻰ ﻟﻄﻤﺔِ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﻴﺒﺔ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﻞ، ﺛﻢ ﻓﻘﺆﻩ ﻟﻌﻴﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻤﻠَﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﺍﻟﺬﻱ ﻟﺒﺲ ﺯﻱّ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ.

ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ: ﺃﻥَّ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺟﺒﺮﺍﺋﻴﻞ ﻭ ﻣﻴﻜﺎﺋﻴﻞ ﻭ ﻋﺰﺭﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴـلاﻡ، ﻛﻞٌّ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻧﺎﻇﺮ ﻋﺎﻡ ﻭﺭﺋﻴﺲ، ﻟﻬﻢ ﺃﻋﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﻢ ﻭﻣﻤﻦ ﻳﺸﺒﻬﻮﻧﻬﻢ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻄﺮﺍﺯٍ ﺃﺻﻐﺮ. ﻓﻬﺆلاﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﻭﻧﻮﻥ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻣﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﺣﺴﺐ ﺍﺧﺘـلاﻑ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﻛﻠﻴﻦ ﺑﻬﻢ. ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺒﻀﻮﻥ ﺃﺭﻭﺍﺡَ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ (حاشية) ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑ «ﺳﻴﺪﺍ» ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺳﻜﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺣﻀﺮﻩ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﻤﻮﻛﻞ ﻟﻘﺒﺾ ﺭﻭﺣﻪ، ﺍﺳﺘﻨﺠﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺍﺳﺘﻐﺎﺛﻪ ﻭﺻﺮﺥ ﻗﺎﺋـلا: «ﻟﻴﻘﺒﺾ ﺭﻭﺣﻲ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﻛﻞ ﻟﻘﺒﺾ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﻃـلاﺏ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ، ﻓﺄﻧﺎ ﺃﺣﺒﻬﻢ ﺣﺒﺎً ﺷﺪﻳﺪﺍً». ﻭﻗﺪ ﺷﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺣﺎﺿﺮﺍً ﺳﺎﻋﺔ ﻭﻓﺎﺗﻪ. ﻳﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺒﻀﻮﻥ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻄﺎﻟﺤﻴﻦ، ﻓﻬﻢ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺍلآﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا *  وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ (ﺍﻟﻨﺎﺯﻋﺎﺕ:١-٢).

ﻓﺤﺴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ: ﻓﺈﻥ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ، ﻟﻢ ﻳﻠﻄﻢ ﺳﻴﺪَﻧﺎ ﻋﺰﺭﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ، ﺑﻞ ﻟﻄﻢ ﺍﻟﺠﺴﺪَ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻲ لأﺣﺪ ﺃﻋﻮﺍﻧﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﻨﻔﻮﺍﻥ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻭﺑﺴﻄﺔ ﺟﺴﻤﻪ ﻭﺟـلاﺩﺓ ﺧﻠﻘﻪ ﻭﺣﻈﻮﺗﻪ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺼﺒﺢ ﺍلأﻣﺮ ﻣﻌﻘﻮلا ﺟﺪﺍً. (حاشية) ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺘﻨﺎ ﺭﺟﻞ ﺷﺠﺎﻉ، ﻭﻟﻤﺎ ﺣﻀﺮﻩ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻗﺎﻝ ﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ: «ﺃﺗﻘﺒﺾ ﺭﻭﺣﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﻃﺮﻳﺢ ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ؟» ﻓﻨﻬﺾ ﺑﺨﻔﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﺷﻪ ﻭﺍﻣﺘﻄﻰ ﺟﻮﺍﺩﻩ ﻭﺳﻞ ﺳﻴﻔﻪ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺟﻬﺎﺩ ﻭﻣﺒﺎﺭﺯﺓ ﻣﻌﻪ. ﺛﻢ ﺳﻠَّﻢ ﺭﻭﺣﻪ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺻﻬﻮﺓ ﺟﻮﺍﺩﻩ. ﻭﺗﻮﻓﻲ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﻐﻴﺎﺭﻯ.

  ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻟﻘﺪ ﺑﻴﻨّﺎ ﻓﻲ «ﺍلأﺳﺎﺱ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ»، ﻭﺣﺴﺐ ﺩلالاﺕ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚَ ﻧﺒﻮﻳﺔٍ ﺷﺮﻳﻔﺔ: ﺑﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﻣَﻦ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺃﻟﻒَ ﺭﺃﺱ، ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﺭﺃﺱ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﻟﺴﺎﻥ -ﺃﻱ ﻟﻬﻢ ﺛﻤﺎﻧﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﻋﻴﻦ ﺃﻳﻀﺎً- ﻭﻛﻞ ﻟﺴﺎﻥ ﻳﺴﺒّﺢ ﺑﺄﺭﺑﻌﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺗﺴﺒﻴﺤﺔ. ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﺍﻟﻤﻮﻛﻠﻮﻥ ﻣﻮﻛّﻠﻴﻦ ﺣﺴﺐ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﻭﻫﻢ ﻳﻤﺜﻠﻮﻥ ﺗﺴﺒﻴﺤﺎﺕ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍلأﺭﻭﺍﺡ، ﻓـلاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﻬﻴﺄﺓ. لأﻥ ﺍلأﺭﺽ -ﻣﺜـلا- ﻭﻫﻲ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﺗﺴﺒّﺢ ﻟﻠﻪ. ﻭﻫﻲ ﺗﻤﻠﻚ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ، ﺑﻞ ﻣﺌﺎﺕ ﺍلأﻟﻮﻑ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺤﻜﻢ ﺭﺅﻭﺱ ﻣﺴﺒّﺤﺔ ﻟﻬﺎ، ﻭﻟﻜﻞ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ ﺃﻟﻮﻑ ﻣﻦ ﺍلأﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺍلأﻟﺴﻨﺔ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ.

ﻓﺎﻟﻤَﻠَﻚ ﺍﻟﻤﻮﻛّﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺍلأﺭﺿﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﺭﺃﺱ، ﺑﻞ ﻣﺌﺎﺕ ﺍلأﻟﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ، ﻭلاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻜﻞ ﺭﺃﺱ ﻣﺌﺎﺕ ﺍلأﻟﻮﻑ ﻣﻦ ﺍلأﻟﺴﻨﺔ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ.

ﻓﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ: ﻓﺈﻥ ﻋﺰﺭﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻟﻪ ﻭﺟﻪٌ ﻣﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ، ﻭﻋﻴﻦٌ ﻧﺎﻇﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ، ﻟﺬﺍ ﻓﻠﻄﻢُ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻟﻄﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﺴﻴﺪﻧﺎ ﻋﺰﺭﺍﺋﻴﻞ -ﺣﺎﺷﺎﻩ- ﻭلا ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻠﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺇﻫﺎﻧﺔ، ﻭلا ﺭﺩّ ﻟﻪ، ﺑﻞ ﺗﺼﺮُّﻓﻪ ﻫﺬﺍ ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺭﺍﻏﺒﺎً ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺩﻭﺍﻡ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ، ﻭلأﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻟﻄﻢ -ﻭﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻠﻄﻢَ- ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺍﻗﺐ ﺃﺟَﻠَﻪ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗُﻨﻬﻲ ﻭﻇﻴﻔﺘَﻪ ﻋﻠﻰ ﺍلأﺭﺽ. ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﺼﻮﺍﺏ ﻭلا ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﺇﻟّﺎ ﻫﻮ. ﴿قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ (ﺍﻟﻤﻠﻚ:26).

 ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ (ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ:٧).