ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ

  ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ

  ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺟﻮﺍﺏ ﺧﺎﺹ ﺟﺪﺍً، ﻓﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺨﻔﺎﺀ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻝ ﻋﺎﻡ ﻳﺴﺄﻟﻪ ﺍلأﺧﻮﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ.

ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻫﻮ: ﺃﻧﻚ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺄﺗﻲ ﻟﺰﻳﺎﺭﺗﻚ:

«لا ﺗﻨﺘﻈﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻲ ﻫﻤﺔً ﻭﻣﺪﺩﺍً، ﻭلا ﺗﻌﺪّﻭﻧﻲ ﺷﺨﺼﺎً ﻣﺒﺎﺭﻛﺎً، ﻓﺄﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﺻﺎﺣﺐَ ﻣﻘﺎﻡ. ﻓﻜﻤﺎ ﻳﺒﻠّﻎ ﺍﻟﺠﻨﺪﻱ ﺍلاﻋﺘﻴﺎﺩﻱ ﺃﻭﺍﻣﺮَ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻤﺸﻴﺮ، ﻓﺄﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﺑﻠّﻎُ ﺃﻭﺍﻣﺮَ ﻣﺸﻴﺮﻳﺔ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﺭﻓﻴﻌﺔ. ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﺷﺨﺺ ﻣﻔﻠﺲ لا ﻳﻤﻠﻚ ﺷﻴﺌﺎً ﺑﺪﻭﺭ ﺍﻟﺪﻟّﺎﻝ ﻟﺪﻛﺎﻥ ﻣﺠﻮﻫﺮﺍﺕ ﻏﺎﻟﻴﺔ ﺟﺪﺍً، ﻓﺄﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺩلاﻝٌ ﺃﻣﺎﻡ ﺩﻛﺎﻥ ﻣﻘﺪﺱ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ».

ﻫﻜﺬﺍ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻜﻞ ﺯﺍﺋﺮ ﻗﺎﺩﻡ ﺇﻟﻴﻚ، ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻘﻮﻟَﻨﺎ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻗﻠﻮﺑَﻨﺎ ﺗﻄﻠﺐ ﺍﻟﻔﻴﺾَ ﻭﺃﺭﻭﺍﺣُﻨﺎ ﺗﻨﺸﺪ ﺍﻟﻨﻮﺭ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻧﻄﻠﺐ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﻴﺮﺓً ﺑﺠﻬﺎﺕ ﺷﺘﻰ. ﻭﻧﺄﺗﻲ ﺇﻟﻰ ﺯﻳﺎﺭﺗﻚ ﻋﻠّﻚ ﺗﻔﻲ ﻟﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺎﺗﻨﺎ، ﺇﺫ ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﻭلاﻳﺔ ﻭﺻﺎﺣﺐ ﻫﻤﺔ ﻭﻛﻤﺎلاﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟِﻢ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍلأﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ، ﻓﻘﺪ ﺃﺧﻄﺄﻧﺎ ﺇﺫﻥ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺭﺗﻚ!.. ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﻟﻬﻢ.

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺍﺳﻤﻌﻮﺍ ﺧﻤﺲَ ﻧﻘﺎﻁ، ﺛﻢ ﺗﻔﻜﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺭﺗﻜﻢ ﻫﻞ ﻫﻲ ﻣُﺠﺪﻳﺔ ﺃﻡ ﺃﻧﻬﺎ لا ﻃﺎﺋﻞ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ، ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﺣﻜﻤﻮﺍ ﻣﺎ ﺷﺌﺘﻢ!

  ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍلأﻭﻟﻰ

ﺧﺎﺩﻡٌ ﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻋﻈﻴﻢ ﺃﻭ ﺟﻨﺪﻱ ﺗﺤﺖ ﺇﻣﺮﺗﻪ، ﻳﺴﻠّﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﺍﺩ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺸﻴﺮﻳﻦ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻫﺪﺍﻳﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﺃﻭﺳﻤﺘَﻪ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔَ ﻭﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻣﺘﻨﺎﻥ ﻭﺭﺿﻰ. ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻝ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻘﻮﺍﺩ ﻭﺍﻟﻤﺸﻴﺮﻭﻥ: ﻟِﻢَ ﻧﺘﻨﺎﺯﻝ ﺑﺘﺴﻠّﻢ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭﺇﻛﺮﺍﻣﻪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻳﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻨﺪﻱ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ؟! ﻓـلاﺷﻚ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻌﺪّ ﻏﺮﻭﺭﺍً ﺟﻨﻮﻧﻴﺎً.

ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﺃﻋﺠﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺪﻱ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﺎً ﻟﻠﻤﺸﻴﺮ ﺧﺎﺭﺝَ ﻭﻇﻴﻔﺘﻪ ﻭﻋﺪّ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻨﻪ، ﻓﻠﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺇﻟّﺎ ﺑـلاﻫﺔ ﻭﺟﻨﻮﻧﺎً.

ﻭﻟﻮ ﺗﻨﺎﺯﻝ ﺃﺣﺪ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻘﻮﺍﺩ ﺍﻟﻤﻤﺘﻨّﻴﻦ ﻭﺫﻫﺐَ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺪﻱ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ، ﺍﻟﺬﻱ لا ﻳﺠﺪ ﺿﻴﻔُﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻋﻨﺪﻩ ﺳﻮﻯ ﻛﺴﺮﺓ ﺧﺒﺰ، ﻓﺴﻮﻑ ﻳﺮﺳﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥُ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﻢ ﺣﺎﻝ ﺧﺎﺩﻣﻪ ﺍلأﻣﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻃَﺒﻘﺎً ﻣﻦ ﺃﻃﻴﺐ ﻃﻌﺎﻡ ﻭﺃﻟﺬّﻩ ﻣﻦ ﻣﻄﺒﺨﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺩﻓﻌﺎً ﻟﻠﺤﺮﺝ ﻋﻨﻪ.

ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥَّ ﺍلأﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ﻓﻲ ﺧﺎﺩﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ، ﻛﺬﻟﻚ ﺧﺎﺩﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ، ﺇﺫ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺇلا ﺃﻧﻪ ﻳﺒﻠّﻎ ﺃﻭﺍﻣﺮَ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻈﻢ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﺮﺩﺩ ﻭلا ﺇﺣﺠﺎﻡ ﻭﻳﺒﻴﻊ ﺟﻮﺍﻫﺮَ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ ﺟﺪﺍً لأﻏﻨﻰ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺭﻭﺣﺎً، ﺑﺎﻓﺘﺨﺎﺭ ﻭﺍﻋﺘﺰﺍﺯ ﻭﺍﺳﺘﻐﻨﺎﺀ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﺬﻟﻞ ﻭﺗﻮﺳﻞ.

ﻓﻬﺆلاﺀ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻋﻈﺎﻣﺎً لا ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﺒّﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ ﺃﺩﺍﺀﻩ ﻟﻮﻇﻴﻔﺘﻪ. ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﺃﻳﻀﺎً لا ﻳﺠﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﻐﺘﺮّ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍلأﻓﺬﺍﺫ ﻟﻪ، ﻓـلا ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺣﺪّﻩ.

ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻧﻈﺮ ﺑﻌﺾُ ﺍﻟﻤﻌﺠﺒﻴﻦ ﺑﺠﻮﺍﻫﺮ ﺧﺰﻳﻨﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻮﻟﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﺳﺘﻌﻈﻤﻮﻩ، ﻓﺨﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻤﺪّﻫﻢ ﻭﺗﻔﻴﺾَ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻬﻤﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺰﻳﻨﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻋﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﻭﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﺪﺧّﻞ ﻣﻨﻪ ﻟﺌـلا ﻳُﺨﺠﻞ ﺧﺎﺩﻣَﻬﺎ ﺫﺍﻙ ﺃﻣﺎﻡ ﺿﻴﻔﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ.

  ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ

ﻟﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺍلإﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﻣﺠﺪﺩ ﺍلأﻟﻒَ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻔﺎﺭﻭﻗﻲ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ: «ﺇﻥَّ ﺍﻧﻜﺸﺎﻑَ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﻭﺿﻮﺣَﻬﺎ ﻟﻬﻮ ﺃﺭﺟﺢ ﻋﻨﺪﻱ ﻣﻦ ﺃﻟﻒٍ ﻣﻦ ﺍلأﺫﻭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ. ﺛﻢ ﺇﻥ ﻏﺎﻳﺔَ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﻣﻨﺘﻬﺎﻫﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻧﻜﺸﺎﻑ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻧﺠـلاﺅﻫﺎ».

ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺭﺍﺋﺪﺍً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﻟﻠﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳﺤﻜﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤُﻜﻢ، ﻓـلاﺑﺪ ﺃﻥ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻴﻦ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺗﺎﻡ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖَ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺘﺮﺷﺤﺔ ﻣﻦ ﺑﺤﺮ ﺍلأﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻌﻄﻲَ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞَ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮلاﻳﺔ.

  ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ

ﻫﻮَﺕ ﺻﻔﻌﺎﺕٌ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻗﺒﻞ ﺛـلاﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ «ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ» ﺍﻟﻐﺎﻓﻞ، ﻓﻔﻜّﺮ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺃﻥَّ «ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺣﻖ». ﻭﻭﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻏﺎﺭﻗﺎً ﻓﻲ ﺍلأﻭﺣﺎﻝ.. ﺍﺳﺘﻨﺠﺪ، ﻭﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ، ﻭﺗﺤﺮّﻯ ﻋﻦ ﻣﻨﻘﺬ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻩ.. ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺴُﺒﻞ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ.. ﺣﺎﺭ ﻓﻲ ﺍلأﻣﺮ ﻭﺃﺧﺬ ﻛﺘﺎﺏ «ﻓﺘﻮﺡ ﺍﻟﻐﻴﺐ» ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﻜﻴـلاﻧﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﻓﺘﺤﻪ ﻣﺘﻔﺎﺋـلا، ﻭﻭﺟﺪ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍلآﺗﻴﺔ:

«ﺃﻧﺖ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﺎﻃﻠﺐ ﻃﺒﻴﺒﺎً ﻳﺪﺍﻭﻱ ﻗﻠﺒﻚ..» ﻳﺎ ﻟﻠﻌﺠﺐ!. ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖُ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻋﻀﻮﺍً ﻓﻲ «ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍلإﺳـلاﻣﻴﺔ» ﻭﻛﺄﻧﻤﺎ ﺟﺌﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ لأﺩﺍﻭﻱ ﺟﺮﻭﺡَ ﺍلأﻣﺔ ﺍلإﺳـلاﻣﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺤﺎﻝ ﺃﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﺃﺷﺪّ ﻣﺮﺿﺎً ﻭﺃﺣﻮﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌـلاﺝ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ.. ﻓﺎلأﻭﻟﻰ ﻟﻠﻤﺮﻳﺾ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﻭﻱَ ﻧﻔﺴَﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﻭﻱ ﺍلآﺧﺮﻳﻦ.

ﻧﻌﻢ، ﻫﻜﺬﺍ ﺧﺎﻃﺒﻨﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ: ﺃﻧﺖ ﻣﺮﻳﺾ.. ﺍﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﺐ ﻳﺪﺍﻭﻳﻚ!..

ﻗﻠﺖ: ﻛﻦ ﺃﻧﺖ ﻃﺒﻴﺒﻲ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ!

ﻭﺑﺪﺃﺕُ ﺃﻗﺮﺃ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺨﺎﻃﺒﻨﻲ ﺃﻧﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ.. ﻛﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪَ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﻳﺤﻄّﻢ ﻏﺮﻭﺭﻱ، ﻓﺄﺟﺮﻯ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕٍ ﺟﺮﺍﺣﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ.. ﻓﻠﻢ ﺃﺗﺤﻤﻞْ، ﻭﻟﻢ ﺃﻃﻖْ ﺗﺤﻤﻠﻪ.. لأﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﺍﻋﺘﺒﺮ ﻛـلاﻣﻪ ﻣﻮﺟﻬﺎً ﺇﻟﻲّ.

ﻧﻌﻢ، ﻫﻜﺬﺍ ﻗﺮﺃﺗُﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﺏ ﻧﺼﻔﻪ.. ﻟﻢ ﺍﺳﺘﻄﻊ ﺇﺗﻤﺎﻣﻪ.. ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﺛﻢ ﺃﺣﺴﺴﺖُ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﻔﺘﺮﺓ ﺑﺄﻥ ﺁلاﻡ ﺍﻟﺠﺮﺍﺡ ﻗﺪ ﻭﻟّﺖ ﻭﺧﻠّﻔﺖ ﻣﻜﺎﻧَﻬﺎ ﻟﺬﺍﺋﺬَ ﺭﻭﺣﻴﺔً ﻋﺠﻴﺒﺔ.. ﻋُﺪﺕُ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺃﺗﻤﻤﺖ ﻗﺮﺍﺀﺓَ ﻛﺘﺎﺏ «ﺃﺳﺘﺎﺫﻱ ﺍلأﻭﻝ». ﻭﺍﺳﺘﻔﺪﺕ ﻣﻨﻪ ﻓﻮﺍﺋﺪَ ﺟﻠﻴﻠﺔ، ﻭﺃﻣﻀﻴﺖُ ﻣﻌﻪ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺃٌﺻﻐﻰ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺭﺍﺩﻩ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻭﻣﻨﺎﺟﺎﺗﻪ ﺍﻟﺮﻗﻴﻘﺔ.

ﺛﻢ ﻭﺟﺪﺕُ ﻛﺘﺎﺏَ «ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ» ﻟـلإﻣﺎﻡ ﺍﻟﻔﺎﺭﻭﻗﻲ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ، ﻣﺠﺪﺩ ﺍلأﻟﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺘﻔﺎﺀﻟﺖ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﺗﻔﺎﺅلا ﺧﺎﻟﺼﺎً، ﻭﻓﺘﺤﺘُﻪ، ﻓﻮﺟﺪﺕ ﻓﻴﻪ ﻋﺠﺒﺎً.. ﺣﻴﺚ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻴﻦ ﻣﻨﻪ ﻟﻔﻈﺔ «ﻣﻴﺮﺯﺍ ﺑﺪﻳﻊ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ» ﻓﺄﺣﺴﺴﺖ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺨﺎﻃﺒﻨﻲ ﺑﺎﺳﻤﻲ، ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﺍﺳﻢ ﺃﺑﻲ «ﻣﻴﺮﺯﺍ» ﻭﻛﻠﺘﺎ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻴﻦ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﻣﻮﺟﻬﺘﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﻴﺮﺯﺍ ﺑﺪﻳﻊ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ. ﻓﻘﻠﺖ: ﻳﺎ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ.. ﺇﻥَّ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺨﺎﻃﺒﻨﻲ ﺃﻧﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ، لأﻥ ﻟﻘﺐ «ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ» ﻛﺎﻥ ﺑﺪﻳﻊ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﻣﻊ ﺃﻧﻨﻲ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﺣﺪﺍً ﻗﺪ ﺍﺷﺘﻬﺮ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺐ ﻏﻴﺮ «ﺍﻟﻬﻤﺬﺍﻧﻲ» ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ. ﻓـلاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺣﺪٌ ﻏﻴﺮﻩ ﻗﺪ ﻋﺎﺻﺮ ﺍلإﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﻭﺧﻮﻃﺐ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺐ، ﻭلاﺑﺪ ﺃﻥ ﺣﺎﻟﺘَﻪ ﺷﺒﻴﻬﺔٌ ﺑﺤﺎﻟﺘﻲ ﺣﺘﻰ ﻭﺟﺪﺕ ﺩﻭﺍﺋﻲ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻴﻦ.. ﻭﺍلإﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﻳﻮﺻﻲ ﻣﺆﻛﺪﺍً ﻓﻲ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻴﻦ ﻭﻓﻲ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻥ: «ﻭﺣّﺪ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ» ﺃﻱ ﺍﺗﺒﻊ ﺇﻣﺎﻣﺎً ﻭﻣﺮﺷﺪﺍً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻭلا ﺗﻨﺸﻐﻞ ﺑﻐﻴﺮﻩ!

ﻟﻢ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻱ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻲ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ.. ﻭﺃﺧﺬﺕُ ﺃﻓﻜّﺮ ﻣﻠﻴﺎً: ﺃﻳﻬﻤﺎ ﺍﺗﺒِّﻊ!. ﺃ ﺃﺳﻴﺮُ ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺬﺍ، ﺃﻡ ﺃﺳﻴﺮ ﻭﺭﺍﺀ ﺫﺍﻙ؟ ﺍﺣﺘﺮﺕ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺮﺗﻲ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺟﺪﺍً، ﺇﺫ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺧﻮﺍﺹٌ ﻭﺟﺎﺫﺑﻴﺔ، ﻟﺬﺍ ﻟﻢ ﺃﺳﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﺃﻛﺘﻔﻲ ﺑﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ.

ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺗﻘﻠﺐُ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ.. ﺇﺫﺍ ﺑﺨﺎﻃﺮ ﺭﺣﻤﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻲ ﻭﻳﻬﺘﻒ ﺑﻲ:

– ﺇﻥ ﺑﺪﺍﻳﺔَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ.. ﻭﻣﻨﺒﻊَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺪﺍﻭﻝ ﻛﻠِّﻬﺎ.. ﻭﺷﻤﺲَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ.. ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ «ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ» ﻓﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺇﺫﻥ لا ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻟّﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ.. ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻮ ﺃﺳﻤﻰ ﻣﺮﺷﺪ.. ﻭﺃﻗﺪﺱ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﻋﻠﻰ ﺍلإﻃـلاﻕ.. ﻭﻣﻨﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻗﺒﻠﺖُ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻋﺘﺼﻤﺖ ﺑﻪ ﻭﺍﺳﺘﻤﺪﺩﺕ ﻣﻨﻪ.. ﻓﺎﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻱ ﺍﻟﻨﺎﻗﺺ ﻗﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺮﺗﺸﻒَ ﺣﻖ ﺍلاﺭﺗﺸﺎﻑ ﻓﻴﺾَ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺮﺷﺪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻛﺎﻟﻨﺒﻊ ﺍﻟﺴﻠﺴﺒﻴﻞ ﺍﻟﺒﺎﻋﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻔﻀﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻴﺾ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺒﻴﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻴﺾ، ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﻠﺴﺒﻴﻞ لأﻫﻞ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍلأﺣﻮﺍﻝ، ﻛُﻞٍّ ﺣﺴﺐ ﺩﺭﺟﺘﻪ. ﻓ«ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﻭﺍلأﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ (ﺃﻱ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ) ﺇﺫﻥ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻭﺣﺪﻫﺎ، ﺑﻞ ﺃﻳﻀﺎً ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻗﻠﺒﻴﺔ، ﻭﺭﻭﺣﻴﺔ، ﻭﺃﺣﻮﺍﻝ ﺇﻳﻤﺎﻧﻴﺔ.. ﻓﻬﻲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻋﻠﻮﻡ ﺇﻟﻬﻴﺔ ﻧﻔﻴﺴﺔ ﻭﻣﻌﺎﺭﻑ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ.

  ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ

ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﺗﺎﺑﻌﻲ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ -ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ- ﻣﻤﻦ ﻟﻬﻢ ﺃﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ، ﻭﺣَﻈﻮﺍ ﺑﺎﻟﻮلاﻳﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ، ﻗﺪ ﺗﻠﻘﺖ ﺟﻤﻴﻊُ ﻟﻄﺎﺋﻔﻬﻢ ﺣﻈَّﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥُ ﻟﻬﻢ ﻣﺮﺷﺪﺍً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎً ﻭﻛﺎﻓﻴﺎً، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻔﻴﺾ ﺑﻔﻴﻮﺿﺎﺕ ﺍﻟﻮلاﻳﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﻫﻮ ﺃﻫﻞٌ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻭﻗﺖ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺍﻟﻌﺒﻮﺭَ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺼﻮﺭﺗﻴﻦ:

ﺍلأﻭﻟﻰ: ﺑﺎﻟﺪﺧﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﺯﺥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭﻗﻄﻊ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﻴﺮ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻮﻍ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ.

ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﺍﻟﻌﺒﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﺮﺣﻤﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ ﻣﺤﻀﺔ، ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺑﺮﺯﺥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺧﺎﺹٌ ﻭﺭﻓﻴﻊ ﻭﺳﺎﻡٍ ﻭﻗﺼﻴﺮ ﺟﺪﺍً، ﻭﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ.

ﻓﺈﺫﻥ ﺍلأﻧﻮﺍﺭُ ﺍﻟﻤﺘﺮﺷﺤﺔ ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭ«ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮﺟﻢ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻧﻮﺍﺭ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺎﻟﻜﺔً ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﺨﺎﺻﻴﺔ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺎﻟﻜﺔٌ ﻟﻬﺎ ﻓﻌـلا.

  ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ

ﺳﻨﺒﻴﻦ ﺑﺨﻤﺴﺔ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ، ﺃﻥ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗُﻌَﻠّﻢ ﺣﻘﺎﺋﻖَ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻬﻲ ﺗﺆﺩﻱ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍلإﺭﺷﺎﺩ ﺃﻳﻀﺎً.

ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍلأﻭﻝ: ﻟﻘﺪ ﺍﻗﺘﻨﻌﺖُ ﺃﻧﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻟﻮﻑ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻤﺘﻜﺮﺭﺓ لا ﺑﻌﺸﺮﺍﺗﻬﺎ ﻭﻣﺌﺎﺗﻬﺎ: ﺃﻥَّ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﻭﺍلأﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﻔﺎﺿﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺗﺮﺷﺪُ ﻋﻘﻠﻲ ﻭﺗﻌﻠّﻤﻪ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻠﻘّﻦ ﻗﻠﺒﻲ ﺃﻳﻀﺎً ﺑﺄﺣﻮﺍﻝ ﺇﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺗُﻄﻌﻢ ﺭﻭﺣﻲ ﺃﺫﻭﺍﻗﺎً ﺇﻳﻤﺎﻧﻴﺔ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺤﺖُ ﻓﻲ ﺇﻧﺠﺎﺯ ﺃﻋﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﻛﻤﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺮﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﺪﺩﺍً ﻣﻦ ﺷﻴﺨﻪ ﺫﻱ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ، ﺇﺫ ﺃﺻﺒﺤﺖُ ﺍﺳﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﺍلأﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺫﺍﺕِ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺃﻧﺘﻈﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺎﺟﺎﺗﻲ ﺗﻠﻚ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺤﺼﻞ ﺑﻤﺎ لا ﺃﺗﻮﻗﻌﻪ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺤﺴﺒﺎﻥ.

ﻭﺳﺄﺫﻛﺮ ﻫﻨﺎ ﻣﺜﺎﻟﻴﻦ ﻓﺤﺴﺐ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﺑﺒﺮﻛﺔ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ:

ﺍلأﻭﻝ: ﻣﺎ ﻭﺿﺢ ﻣﻔﺼـلا ﻓﻲ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ» ﻭﻫﻮ:

ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺃُﺷﻬﺪ ﻟﻀﻴﻔﻲ «ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ» ﺭﻏﻴﻒٌ ﻛﺒﻴﺮ ﺧﺎﺭﻕ ﻭﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻓﻮﻕ ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﻘﻄﺮﺍﻥ. ﺃﻛﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻬﺪﻳﺔ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻛﺎﻣﻠﻴﻦ (ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﻣﻠﻚ ﺷﻴﺌﺎً ﺃﻗﺪّﻣﻪ ﻟﻀﻴﻔﻲ).

ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻄﺎﻓﺔ ﻗﺪ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻳﺎﻡ ﻭﻫﻲ:

ﻭﺭﺩ ﻟﺨﺎﻃﺮﻱ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺃﻥَّ ﻛـلاﻣﺎً ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻲ ﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﻟﺸﺨﺺ، ﺑﺼﻴﻐﺔ ﺗُﻠﻘﻲ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻟﺮﻳﻮﺏَ ﻭﺍﻟﺸُﺒَﻪَ، ﻓﻘﻠﺖ: ﺣﺒﺬﺍ ﻟﻮ ﺭﺃﻳﺘُﻪ لأﺯﻳﻞَ ﻣﺎ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻣﻦ ﺃﻛﺪﺍﺭ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﺬﻛّﺮﺕ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻠﺰﻣﻨﻲ ﻣﻦ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﺍﻟﻤﺮﺳَﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ «ﻧﻴﺲ» ﻓﻘﻠﺖ: ﺣﺒﺬﺍ ﻟﻮ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ. ﺟﻠﺴﺖ ﺑﻌﺪ ﺻـلاﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ.. ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻓﻲ ﻳﺪﻩ ﺟﺰﺀٌ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻨﺖ ﺃﺭﻳﺪﻩ ﻓﺪﺧﻞ ﻋﻠﻲَّ. ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ:

– ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﺪﻙ؟

– لا ﺃﻋﺮﻑ، ﻓﻘﺪ ﺳﻠّﻤﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺃﺣﺪُﻫﻢ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺩﻣﺎً ﻣﻦ «ﻧﻴﺲ»، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻳﻀﺎً ﺃﺗﻴﺖُ ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻜﻢ.

ﻓﻘﻠﺖ ﻣﺘﻌﺠﺒﺎً: ﻳﺎ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ. ﺇﻥَّ ﺧﺮﻭﺝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﻣﺠﻲﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ «ﻧﻴﺲ» لا ﻳﺒﺪﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺛﺮ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻗﻄﻌﺎً، ﻓﻠﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﺇلا ﻣﻦ ﻫﻤﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻠّﻤﺖْ ﺟﺰﺀَ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺃﺭﺳﻠَﺘْﻪ ﺇﻟﻲ.. ﻓﺤﻤﺪﺕُ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺜﻴﺮﺍً.

ﺇﺫﻥ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﺩﻕ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﻗﻠﺒﻲ ﺑﻞ ﺃﺗﻔﻬَﻬﺎ ﻳُﺴﺒﻎ ﻋﻠﻲَّ ﺭﺣﻤﺘَﻪ ﻭﻳﺤﻤﻴﻨﻲ ﺑﺤﻤﺎﻩ، ﻓـلا ﺃَﺣﻤﻞُ ﺇﺫﻥ ﺃﻳﺔ ﻣﻨّﺔٍ ﻭﺗﻔﻀّﻞ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺃﺣﺪٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭلا ﺁﺧﺬﻫﺎ ﺑﺸﻲﺀ.

ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻟﻘﺪ ﺗﺮﻛﻨﻲ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻲ «ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ» ﻣﻨﺬ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻠﻮّﺛﻪ ﺑﻐﻔـلاﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺷﺒﻬﺎﺗﻬﺎ ﻭﺃﻭﻫﺎﻣﻬﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻤﻞ ﺗﺠﺎﻫﻲ ﻇﻨﺎً ﺣﺴﻨﺎً ﺑﻤﺎ ﻳﻔﻮﻕ ﺣﺪﻱ ﺑﻜﺜﻴﺮ. ﻟﺬﺍ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﻌﻔَﻪ ﻭﺃﻣِﺪَّﻩ ﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻱ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻃﻮﻗﻲ ﻣﻦ ﻫﻤﺔ. ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻤﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻣﺪﺩَﻩ ﻗﺪ ﺃﻏﺎﺛﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﺃﻭﺻﻞَ ﺇﻟﻴﻪ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ» ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺ (ﺍﻟﺤﺸﺮ) ﻗﺒﻞ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﺑﺜـلاﺛﺔ ﺃَﺷﻬﺮ.

ﻓﺄَﺩّﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺩﻭﺭَﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻄﻬﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﻟَﻮﺛﺎﺕٍ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﻛﺪﻭﺭﺍﺕ ﺍلأﻭﻫﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ، ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻧﻪ ﻗﺪ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﻣﺮﺗﺒﺔَ ﺍﻟﻮلاﻳﺔ. ﺣﻴﺚ ﺃﻇﻬﺮ ﺛـلاﺙ ﻛﺮﺍﻣﺎﺕ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺇﻟﻲّ ﻗﺒﻞ ﻭﻓﺎﺗﻪ، ﻭﻗﺪ ﺃﺩﺭﺟﺖُ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺗﻠﻚ ﺿﻤﻦ ﻓﻘﺮﺍﺕ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ». ﻓﻠﻴﺮﺍﺟَﻊ.

ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻛﺎﻥ ﻟﻲ ﺃﺥ ﻓﻲ ﺍلآﺧﺮﺓ ﻭﻃﺎﻟﺐٌ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻫﻮ «ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﻦ ﺃﻓﻨﺪﻱ» ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ «ﺑﻮﺭﺩﻭﺭ». ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﻣﺪَﺩﺍً ﻭﻫﻤّﺔ ﻛﻤﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﻦ ﻭﻟﻲٍّ ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻔﺮﻁ ﻇﻨﻪ ﺍﻟﺤﺴَﻦ ﺑﻲ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻮﻕ ﻃﻮﻗﻲ ﻭﺣﺪﻱ. ﻭﻓﺠﺄﺓ ﻭﺩﻭﻥ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ، ﺃﻋﻄﻴﺖُ لأﺣﺪ ﺳﺎﻛﻨﻲ ﻗﺮﻯ «ﺑﻮﺭﺩﻭﺭ» ﺭﺳﺎﻟﺔ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜـلاﺛﻴﻦ» ﻟﻴﻄﺎﻟﻌﻬﺎ. ﺛﻢ ﺗﺬﻛﺮﺕ «ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﻦ» ﻓﻘﻠﺖ: ﺇﻥْ ﺳﺎﻓﺮﺕَ ﺇﻟﻰ «ﺑﻮﺭﺩﻭﺭ» ﻓﺴﻠّﻢ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ «ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﻦ» ﻟﻴﻄﺎﻟﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻀﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ. ﺳﺎﻓﺮ ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻭﻗﺪ ﺳﻠّﻢ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﻦ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﻓﻴﻪ ﺍلأﺟﻞ ﺑﺄﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً.

ﺗﺴﻠّﻢ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑﺸﻮﻕ ﻭلاﺯَﻣﻬﺎ ﺑﻠﻬﻔﺔ ﻭﻧﻬَﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎﻟﻤﺘﻌﻄﺶ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻠﺴﺒﻴﻞ، ﻭﻛﻠّﻤﺎ ﻛﺮﺭ ﻣﻄﺎﻟﻌﺘَﻬﺎ ﺍﺳﺘﻔﺎﺽ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻴﻮﺿﺎﺕ ﻓﺎﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ، ﺣﺘﻰ ﻭﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺩﻭﺍﺀً ﻟﺪﺍﺋﻪ ﻭلا ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺒﺤﺚ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻨﻬﺎ، ﺑﻞ ﻭﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﻮﺿﺎﺕ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﺍلأﻋﻈﻢ. ﻓﺬﻫﺐ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺳﺎﻟﻤﺎً ﺻﺤﻴﺤﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﻭﺃﺩﻯ ﺻـلاﺗﻪ ﺛﻢ ﺳﻠّﻢ ﺭﻭﺣَﻪ ﻫﻨﺎﻙ. ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ.

  ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ: ﺇﻥ «ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻮﺻﻲ» ﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﻫﻤﺔ ﻭﻣﺪَﺩﺍً ﻭﻓﻴﻀﺎً ﻭﻧﻮﺭﺍً ﻓﻲ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺗﺮﺟﻤﺎﻥ ﺍلأﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ، ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻭﺟﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻨﻘﺸﺒﻨﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﻫﻢ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍً. ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮﺕُ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ ﻫﺬﻩ ﻓﻲ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ».

  ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ: ﺇﻥَّ ﺃﺧﻲ «ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪ»، ﻗﺪ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻧﻬﻴﺎﺭ ﻭﺍﺿﻄﺮﺍﺏ ﺷﺪﻳﺪﻳﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻲ «ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ» ﺇﻟﻰ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ. ﻭلأﺣﻮﺍﻝ ﺃﻟﻴﻤﺔ ﻭﺃﻭﺿﺎﻉ ﻣﺤﺰﻧﺔ ﺃﻟَﻤّﺖ ﺑﻪ. ﻛﺎﻥ ﻳﺄﻣﻞ ﻣﻨﻲ ﻣﺎ لا ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻫﻤﺔ ﻭﻣﺪﺩ ﻣﻌﻨﻮﻱ. ﻭﻣﻊ ﺃﻧﻲ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺗﺮﺍﺳﻞ ﻣﻌﻪ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻨﻲ ﺑﻌﺜﺖُ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﺠﺄﺓ ﺑﻀﻊ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ». ﻛﺘﺐَ ﺇﻟﻲّ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﺮﺃﻫﺎ: ﻟﻘﺪ ﻧﺠﻮﺕُ، ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻭﺷﻚ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺧﺬﺕْ ﻛﻞُّ ﻛﻠﻤﺔٍ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻣﻮﻗﻊَ ﻣﺮﺷﺪ ﻟﻲ. ﻭﻟﺌﻦ ﻓﺎﺭﻗﺖُ ﻣﺮﺷﺪﺍً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪﺕ -ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ- ﻣﺮﺷﺪﻳﻦ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻓﻨﺠﻮﺕُ ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ. ﻭﺃﻧﺎ ﺑﺪﻭﺭﻱ ﺗﺄﻣﻠﺖ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻪ، ﻓﻌﻠﻤﺖ ﺃﻧﻪ ﺣﻘﺎً ﻗﺪ ﺩﺧﻞ ﻣﺴﻠﻜﺎً ﺟﻤﻴـلا ﻭﻗﺪ ﻧﺠﺎ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻭﺿﺎﻋﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ.

ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﻬﺬﻩ ﺍلأﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻭﻛﻠّﻬﺎ ﺗﺒﻴﻦ:

ﺃﻥَّ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺬﺕ ﺍﻟﻌـلاﺟﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻧﻈﺮﺍً ﻟﻠﺤﺎﺟﺔ ﻭﺩﻭﺍﺀً ﻟـلأﻣﺮﺍﺽ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻭﺟُﺮّﺑﺖ ﻋﻤﻠﻴﺎً. ﻓﺈﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﻠﻚ ﺍلأﺩﻭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔٌ ﻭﻭﺍﻓﻴﺔ ﻟﻤﻦ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﺣﺘﻴﺎﺟﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻣﻦ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺑﺈﺧـلاﺹ ﺟﺎﺩ. ﻭلا ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍلأﻣﺮ ﻭﺿﻊُ ﺍﻟﺼﻴﺪلاﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻴﻊ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺩﻭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪلاﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﺃﻱ ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻥ ﺷﺨﺼﺎً ﺍﻋﺘﻴﺎﺩﻳﺎً ﻣﻔﻠﺴﺎً ﺃﻡ ﻏﻨﻴﺎً ﺫﺍ ﻣﻘﺎﻡ ﺃﻭ ﺧﺎﺩﻣﺎً ﻣﺴﻜﻴﻨﺎً، ﺃﻳﺎً ﻛﺎﻥ ﻭﺿﻌُﻪ ﻓـلا ﻓﺮﻕ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻧﻪ لا ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍلاﺳﺘﻀﺎﺀﺓ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﻟﺸﻤﻮﻉ ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻤﺲ ﺳﺎﻃﻌﺔ.

ﻓﻤﺎ ﺩﻣﺖُ ﺃُﺑﻴّﻦ ﺍﻟﺸﻤﺲَ ﻧﻔﺴَﻬﺎ، ﻓـلا ﺣﺎﺟﺔ ﻭلا ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻄﻠﺐ ﺿﻮﺀ ﺷﻤﻌﺔ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻲ، ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻱ ﻭلا ﺃﻣﻠﻜﻪ، ﺑﻞ ﺍلأﻟﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻤﺪّﻧﻲ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻣﺪﺩﺍً ﻣﻌﻨﻮﻳﺎً ﺑﺪﻋﻮﺍﺗﻬﻢ ﺑﻞ ﺑﻬﻤّﺘﻬﻢ، ﻓﻤﻦ ﺣﻘﻲ ﺃﻥ ﺃﻃﻠﺐَ ﻣﺪﺩَﻫﻢ ﻭﻋَﻮﻧﻬﻢ، ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺮﺿﻮﺍ ﻭﻳﻜﺘﻔﻮﺍ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﺘﻔﻴﻀﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ.

 ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾

ﺍَﻟﻠّﻬﻢَّ ﺻَﻞِّ ﻋَﻠَﻰ ﺳَﻴِّﺪِﻧَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ ﺻَﻠَﺎﺓً ﺗَﻜُﻮﻥُ ﻟَﻚَ ﺭِﺿَﺎﺀً ﻭَﻟِﺤَﻘِّﻪِ ﺃَﺩَﺍﺀً ﻭَﻋَﻠَﻰ ﺃَﻟِﻪ ﻭَﺻَﺤْﺒِﻪ ﻭَﺳَﻠِّﻢ


  ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﺧﺎﺻﺔ

  ﻳﻤﻜﻦ ﻋﺪّﻫﺎ ﺗﺘﻤﺔ ﻟﻠﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ

  ﻳﺎ ﺃﺧﻮﺓ ﺍلآﺧﺮﺓ ﻭﻳﺎ ﻃﺎﻟﺒَﻲّ ﺍﻟﻤﺠﺪّﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺧﺴﺮﻭ ﻭﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﺃﻓﺖ! ﻛﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺛـلاﺙ ﻛﺮﺍﻣﺎﺕ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻓﻴﻮﺿﺎﺕ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ. ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻜﻢ ﺑﻬﻤﺘﻜﻢ ﻭﺳﻌﻴﻜﻢ ﻭﺷﻮﻗﻜﻢ ﻗﺪ ﺃﺿﻔﺘﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎً ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺭﺍﺑﻌﺔ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜـلاﺙ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﻓﻬﻲ:

ﺃﻭلا: ﺍﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﻓﻲ ﺗﺄﻟﻴﻔﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ» ﺍﻟﻤﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺃُﻟّﻒ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺛـلاﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺧـلاﻝ ﻣﺎ ﻳﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻊ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻳﻮﻣﻴﺎً ﺃﻱ ﺑﻤﺠﻤﻮﻉ ﺍﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮﺓ ﺳﺎﻋﺔ ﻭﻓﻲ ﺷِﻌﺐ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻭﺧـلاﻝ ﺍﻟﺒﺴﺎﺗﻴﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻛﺘﺎﺏ ﻧﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ. ﻭ«ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜـلاﺛﻮﻥ» ﺃﻟّﻔﺖ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺧـلاﻝ ﺧﻤﺲ ﻭﺳﺖ ﺳﺎﻋﺎﺕ. ﻭ«ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ» ﻭﻫﻲ ﻣﺒﺤﺚ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺃُﻟِّﻔﺖْ ﺧـلاﻝ ﺳﺎﻋﺔ ﺃﻭ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ. ﻓﻲ ﺑﺴﺘﺎﻥ «ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ» ﺑﺎﻟﻮﺍﺩﻱ. ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻴّﺮﻧﺎ ﺃﻧﺎ ﻭﺗﻮﻓﻴﻖ ﻭﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤّﺖ ﺑﻬﺎ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﺄﻟﻴﻔﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ..

ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺘﻬﺎ ﺳﻬﻮﻟﺔٌ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ، ﻭﺷﻮﻕ ﻋﺎﺭﻡ، ﻣﻊ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺴﺄﻡ ﻭﺍﻟﻤﻠﻞ. ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺳﺒﺎﺑﺎً ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﻮﺭﺙ ﺍﻟﺴﺄﻡَ ﻟـلأﺭﻭﺍﺡ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ. ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺇﻥ ﺗﺆﻟّﻒ ﺇﺣﺪﻯ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﺇﺫ ﺗُﺴﺘﻨﺴﺦ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﻳﻘﺪَّﻡ ﺇﺳﺘﻨﺴﺎﺧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻏﻞ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ.

 ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﺇﻥ ﻗﺮﺍﺀﺗﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎً لا ﺗﻮﺭﺙ ﺍﻟﺴﺄﻡ ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺸﻌﺮﺕ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﺑﻞ ﻛﻠﻤﺎ ﻗُﺮﺋﺖ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﻭلا ﻳُﺴﺄﻡ ﻣﻨﻬﺎ.

  ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺎ ﺃﺧﻮَﻱّ ﻗﺪ ﺃﺛﺒﺘُّﻤﺎ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﺭﺍﺑﻌﺔ، ﻓﺄﺧﻮﻧﺎ «ﺧﺴﺮﻭ» ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻜﺴـلاﻥ، ﻭﺗﻘﺎﻋﺲ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻣﺬ ﺃﻥ ﺳﻤﻊ ﺑ«ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻓﺈﻥ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ ﺧـلاﻝ ﺷﻬﺮ ﻭﺍﺣﺪ لأﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻣﺘﻘﻨﺔ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻟـلأﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ لا ﺷﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﻭلاﺳﻴﻤﺎ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜـلاﺛﻮﻥ» ﻭﻫﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ (ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﺬ) ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪّﺭﺕ ﺣﻖ ﻗﺪﺭﻫﺎ ﺣﻴﺚ ﻛﺘﺒﺖ ﺃﺟﻤﻞ ﻭﺃﺟﻮﺩ ﻛﺘﺎﺑﺔ. ﻧﻌﻢ ﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻭﺳﺎﻃﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺑﻪ ﺇﻟّﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﺬ ﺍلأﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﺠﻤﻠﺔ ﺟﺪﺍً ﻭﻣﺨﺘﺼﺮﺓ، ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺘﻮﺿﺢ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎً ﻭﺗﺴﻄﻊ.. ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ، ﺗﺒﺪﺃ ﻣﺠﻤﻠﺔ ﺛﻢ ﺗﺘﻮﺿﺢ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎً ﻭﺗﺘﻨﻮﺭ ﺑﺨـلاﻑ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺎﺕ.