ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ

  ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ

 ﺑِﺎﺳْﻤِﻪِ ﺳُﺒْﺤَﺎﻧَﻪ

 ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾

  ﺟﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻝ ﻳﺨﺺ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ، ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺒﻌﺚ ﺍﻧﺘﺒﺎﻩ ﻭﻳﻘﻈﺔ لإﺧﻮﺍﻧﻲ.

  ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﺍلأﻋﺰﺍﺀ!

  ﺗﺴﺄﻟﻮﻥ: ﻟﻘﺪ ﺃُﻋﺘﺪﻱَ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺠﺪﻛﻢ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻟﻴﻠﺔَ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ، ﺑﻐﻴﺮ ﺳﺒﺐ، ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻭﻡ ﺿﻴﻒ ﻛﺮﻳﻢ، ﻓﻤﺎ ﺳﺮّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ؟ ﻭﻟِﻢَ ﻳﻀﺎﻳﻘﻮﻧﻚ؟.

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺃﺑﻴﻦ ﺃﺭﺑﻊ ﻧﻘﺎﻁ ﻣﻀﻄﺮﺍً ﻭﺑﻠﺴﺎﻥ «ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ»، ﻋﻠّﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺤﻮﺭَ ﻳﻘﻈﺔ لإﺧﻮﺍﻧﻲ، ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺑﺪﻭﺭﻛﻢ ﺗﺄﺧﺬﻭﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﻮﺍﺑﻜﻢ.

  ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍلأﻭﻟﻰ

ﺇﻥَّ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﺩﺳﻴﺴﺔٌ ﺷﻴﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺗﻌﺮّﺽٌ ﻧﻔﺎﻗﻲ، ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﺭﺿﺎﺀ ﺍﻟﺰﻧﺪﻗﺔ، ﺧـلاﻓﺎً ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺑﻤﺤﺾ ﺍﻟﻬﻮﻯ، ﻭﺫﻟﻚ لإﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻭﺑﺚ ﺍﻟﻔﺘﻮﺭ ﻓﻲ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻭﻟِﻴﺤُﻮﻟﻮﺍ ﺩﻭﻥ ﻟﻘﺎﺋﻲ ﺍﻟﻀﻴﻮﻑ.

ﻭﻣﻦ ﻏﺮﺍﺋﺐ ﺍلأﻣﻮﺭ: ﺃﻧﻪ ﻗﺒﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ -ﺃﻱ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺨﻤﻴﺲ- ﻛﻨﺖُ ﺫﺍﻫﺒﺎً ﺇﻟﻰ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻟﻠﺘﻔﺴّﺢ، ﻓﺮﺃﻳﺖ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﻮﺩﺗﻲ ﺣﻴﺔً ﺳﻮﺩﺍﺀ ﻃﻮﻳﻠﺔ -ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺣَﻴّﺘﺎﻥ ﺍﻗﺘﺮﻧﺘﺎ ﺑﺒﻌﻀﻬﻤﺎ- ﺃﺗﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ، ﻭﻣﺮّﺕ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺻﺎﺣﺒﻲ. ﻓﺄﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﻋﺮﻑ ﻣﺪﻯ ﻓﺰﻋﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺴﺄﻟﺘﻪ:

– ﺃﺭﺃﻳﺖ؟

ﻗﺎﻝ: ﻣﺎﺫﺍ؟

ﻗﻠﺖ: ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﻴﻔﺔ!

ﻗﺎﻝ: لا ﻟﻢ ﺃﺭَﻫﺎ، ﻭلا ﺃﺭﺍﻫﺎ!

ﻗﻠﺖ ﻣﺘﻌﺠﺒﺎً: ﻳﺎ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ، ﻛﻴﻒ ﻟﻢ ﺗَﺮ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮﺕ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻨﺎ؟

ﻟﻢ ﻳﺮﺩ ﺷﻲﺀٌ ﻓﻲ ﺧﺎﻃﺮﻱ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﻭﺭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ: ﺇﻥَّ ﻫﺬﻩ ﺇﺷﺎﺭﺓٌ ﺇﻟﻴﻚ ﻓﺎﺣﺬﺭ، ﻓﻔﻜﺮﺕُ ﻓﻲ ﺍلأﻣﺮ، ﻭﻋﺮﻓﺖُ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻡ، ﺃﻋﻨﻲ ﺃﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﺃﺭﻯ ﺍﻟﻤﻮﻇﻒ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺗﻴﻨﻲ ﺑﻨﻴّﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺣﻴﺔ. ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻨﻲ ﻗﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﺫﻟﻚ -ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﺮﺍﺕ- ﻟﻤﺪﻳﺮ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ، ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ:

– ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄﺗﻴﻨﻲ ﺑﻨﻴّﺔ ﺳﻴﺌﺔ، ﺃﺭﺍﻙ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺣﻴﺔ! ﻓﺎﺣﺬﺭ!

ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﻨﺖ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﺎ ﺃﺭﻯ ﺳَﻠﻔَﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ! ﺑﻤﻌﻨﻰ؛ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺃﻳﺘُﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮﺓً، ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺧﻴﺎﻧﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺳﺘﺄﺧﺬ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻋﺘﺪﺍﺀ ﻓﻌﻠﻲ، لا ﺗﻈﻞ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻧﻴَّﺔ ﻣﺒﻴَّﺘﺔ.

ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻋﺘﺪﺍﺀﻫﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻛﺎﻥ ﺍﻋﺘﺪﺍﺀﺍً ﺻﻐﻴﺮﺍً، ﻭﻫﻢ ﻳﺤﺎﻭﻟﻮﻥ ﺍﺳﺘﺼﻐﺎﺭﻩ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺘﺤﺮﻳﺾ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻢ ﻓﺎﻗﺪ ﻟﻠﻀﻤﻴﺮ ﻭﺑﻤﺸﺎﺭﻛﺘﻪ، ﺃﺻﺪﺭ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝُ ﺃﻣﺮﺍً ﻟﻠﺪَﺭَﻙ: «ﺍﺟﻠﺒﻮﺍ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻀﻴﻮﻑ»، ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺃﺫﻛﺎﺭ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ. ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻫﻮ ﺇﻏﻀﺎﺑﻲ ﻭلأﻗﺎﺑﻠَﻬﻢ ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ ﻭﺍﻟﻄﺮﺩ -ﺑﺄﺣﺎﺳﻴﺲ «ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ»- ﺇﺯﺍﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﺍلاﻋﺘﺒﺎﻃﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ.

ﻭﻟﻢ ﻳَﺪﺭِ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻘﻲ؛ ﺃﻥ ﺳﻌﻴﺪﺍً لا ﻳﺪﺍﻓﻊ ﺑﻌﺼﺎ ﻣﻜﺴﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﻳﺪﻩ، ﻭﻓﻲ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﺳﻴﻒٌ ﺃﻟﻤﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﻨﻊ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ. ﺑﻞ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﻴﻒ.

ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺪﺭَﻙ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺭﺯﻳﻨﻴﻦ ﺭﺍﺷﺪﻳﻦ، ﻓﺎﻧﺘﻈﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﺘﺎﻡ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻭﺍلأﺫﻛﺎﺭ -ﺣﻴﺚ لا ﺗﺘﺪﺧﻞ ﺃﻳﺔُ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺃﻭ ﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻪ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻭﺍلأﺫﻛﺎﺭ- ﻓﻐﻀﺐ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﻭﺃﺭﺳﻞ ﻋﻘِﺒَﻬﻢ ﺍﻟﺤﺎﺭﺱَ ﻗﺎﺋـلا: ﺇﻥ ﺍﻟﺪﺭﻙ لا ﻳﻄﻴﻌﻮﻧﻨﻲ!

ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ لا ﻳَﺸﻐَﻠُﻨﻲ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴّﺎﺕ. ﻭﺃُﻭﺻﻲ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ: ﺃﻥ لا ﺗﻨﺸﻐﻠﻮﺍ ﺑﻬﺆلاﺀ ﻣﺎﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻗﺎﻃﻌﺔ، ﺑﻞ ﺗﺮﻓّﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﻣﻌﻬﻢ، ﺣﻴﺚ «ﺟﻮﺍﺏ ﺍلأﺣﻤﻖ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ».. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻧﺘﺒﻬﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ:

ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﻧﻔﺴِﻚ ﺿﻌﻴﻔﺎً ﺗﺠﺎﻩ ﺣﻴﻮﺍﻥ ﻣﻔﺘﺮﺱ ﻳﺸﺠﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﻋﻠﻴﻚ، ﻛﺬﻟﻚ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﺑﺎﻟﺘﺰﻟﻒ ﺇﻟﻰ ﻣَﻦ ﻳﺤﻤﻞ ﻃﺒﺎﻉَ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺱ ﻳﺴﻮﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍلاﻋﺘﺪﺍﺀ.

ﻟﺬﺍ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟـلأﺻﺪﻗﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﺮﻓﻮﺍ ﺑﺤﺬﺭ ﻟﺌـلا ﻳَﺴﺘﻐﻞ ﺍﻟﻤﻮﺍﻟﻮﻥ ﻟﻠﺰﻧﺪﻗﺔ ﻋﺪﻡ ﻣﺒﺎلاﺗﻬﻢ ﻭﻏﻔﻠﺘﻬﻢ.

  ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ

 ﴿ﻭلاﺗَﺮﻛَﻨُﻮﺍ إﻟﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦَ ﻇَﻠﻤُﻮﺍ ﻓَﺘَﻤﺴّﻜُﻢُ ﺍﻟﻨّﺎﺭُ﴾ (ﻫﻮﺩ:113)

  ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺗﻬﺪﻳﺪﺍً ﺷﺪﻳﺪﺍً. ﺃﻱ ﺃﻥ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺃﺩﺍﺓ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻳﻮﺍﻟﻮﻧﻬﻢ ﻭﻳﻨﺤﺎﺯﻭﻥ ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﺃﺩﻧﻰ ﻣﻴﻞ ﻭﻋﻄﻒ ﻧﺤﻮﻫﻢ، ﻳﺼﻴﺒﻬﻢ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﺮﻋﺐ.

لأﻥ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﻛﻔﺮٌ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺑﺎﻟﻈﻠﻢ ﻇﻠﻢ.

ﻭﻟﻘﺪ ﻋﺒّﺮ ﺃﺣﺪﻫﻢ -ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ- ﺗﻌﺒﻴﺮﺍً ﻛﺎﻣـلا ﻋﻦ ﺟﻮﻫﺮﺓ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﻫﺮ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺘﻴﻦ ﺍلآﺗﻴﻴﻦ :

ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻌﻴﻦ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢَ ﻋﻠﻰ ﻇﻠﻤﻪ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺪﻧﺎﺀﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.

ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﻤﺘﻌﺔَ ﻭﺍﻟﻠﺬﺓ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻫﻮ ﻛﺎﻟﻜﻠﺐ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﺘﺼﺮﻑ ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻟﺤﻴﺔ، ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ.

ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺠﺴﺲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ، ﻭﻋﻠﻰ ﺿﻴﻒ ﻛﺮﻳﻢ، ﻭﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻀﺮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ. ﻭﻳﺨﺒﺮ ﻋﻨﺎ ﻭﻛﺄﻧﻨﺎ ﻧﺮﺗﻜﺐ ﺟﺮﻳﻤﺔ، ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻌﺪﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺪﻱ، لاﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻣﻌﺮّﺽ ﻟﻠﺘﺄﻧﻴﺐ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺒﻴﺘﻴﻦ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ.

  ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ

ﺳﺆﺍﻝ: ﻣﺎﺩﻣﺖَ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﻫﻤﺘﻪ ﻭﺗﺴﺘﻠﻬﻢ ﺍﻟﻔﻴﻮﺿﺎﺕ ﻣﻨﻪ لإﺭﺷﺎﺩ ﺃﻋﺘﻰ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ ﻭﺃﺷﺪّﻫﻢ ﺗﻤﺮﺩﺍً ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﺻـلاﺣﻬﻢ، ﻭﺃﻧﻚ ﻓﻌـلا ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻬﺬﺍ ﻭﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﻛﺬﻟﻚ، ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ لا ﺗﺪﻋﻮ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﻴﻦ ﻣﻨﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺯﻳﻦ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﻳﻦ، ﻭﺗﺮﺷﺪﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ؟.

  ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ: (ﺍﻟﺮﺍﺿﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮﺭ لا ﻳُﻨﻈﺮ ﻟﻪ) ﺃﻱ «ﺇﻥ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺭﺍﺿﻴﺎً ﺑﺎﻟﻀﺮﺭ ﺑﺮﻏﺒﺘﻪ ﻭﻋﻠﻤﻪ، لا ﻳُﻨﻈﺮ ﻟﻪ ﻧﻈﺮﺓ ﺇﺷﻔﺎﻕ ﻭﺗﺮﺣّﻢ». ﻓﺄﻧﺎ ﺃﺩﻋﻮ ﻣﺴﺘﻨﺪﺍً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ لإﻟﺰﺍﻡ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ﺍﻟﻤﺘﻤﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍلإﻟﺤﺎﺩ ﻓﻲ ﻏﻀﻮﻥ ﺑﻀﻊ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺃﻗﻨﻌﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎً، ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻁ ﺃﻟّﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺎﻓـلا ﻣﻨﺤﻄﺎً، ﻭﻣﻤﻦ ﻳﺘﻠﺬﺫﻭﻥ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ ﺳﻤﻮﻡ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ، ﻛﺘﻠﺬﺫ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ ﺳﻤّﻬﺎ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻥ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺇﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻜـلاﻡ ﻣﻊ ﺻﺎﺣﺐ ﻭﺟﺪﺍﻥ ﺗﺮﺩﻯ ﻓﻲ ﺃﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﻲ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﺍﻟﻤﻮﻏﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻳﺒﻴﻊ ﺩﻳﻨﻪ -ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢٍ ﻣﻨﻪ- ﺑﺪﻧﻴﺎﻩ، ﻭﻳﺴﺘﺒﺪﻝ ﻗﻄﻌﺎً ﺯﺟﺎﺟﻴﺔ ﺗﺎﻓﻬﺔ ﻗﺬﺭﺓ -ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ- ﺑﺎلأﻟﻤﺎﺱ ﺍﻟﺜﻤﻴﻦ. ﺃﻗﻮﻝ: ﺇﻥ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ ﻫﺆلاﺀ ﻭﺇﻇﻬﺎﺭﻫﻢ ﻋﻠﻰ  ﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺇﺟﺤﺎﻑٌ ﺑﺤﻖ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺣﻂّ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ، لأﻧﻬﺎ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑ «ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﺪﺭﺭ ﻓﻲ ﺃﻋﻨﺎﻕ ﺍﻟﺒﻘﺮ» ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺜﻞ.

لاﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻋﻤﺎﻝ ﻗﺪ ﺳﻤﻌﻮﺍ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻣﻦ «ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ» ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻣﺮﺍﺕ. ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺮﻭﻣﻮﻥ ﺍﻟﺤﻂَّ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻣﻊ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﻬﺎ، ﺇﺭﺿﺎﺀً ﻟﻠﻀـلاﻟﺔ ﻭﺍﻟﺰﻧﺪﻗﺔ. ﻓﻬﺆلاﺀ ﻛﺎﻟﺤﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻠﺬﺫ ﺑﺎﻟﺴﻢ.

  ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ

ﺇﻥَّ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻲ ﺧـلاﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻟﻴﺲَ ﺇﻟّﺎ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺔ ﻣﺒﻨﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻮﻯ، ﻭﻫﻲ ﺳﻠﻮﻙ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﻣﺤﺾ لأﻥ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﻨﻔﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻮﻗﻮﻓﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺴﺠﻮﻧﻴﻦ، ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻇﺎﻫﺮ ﻟﺪﻳﻬﻢ. ﻓﻬﻢ -ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ- ﻳﻮﺍﺟﻬﻮﻥ ﺃﻗﺎﺭﺑﻬﻢ، ﻭلا ﻳُﻤﻨَﻌﻮﻥ ﻋﻦ ﺍلاﺧﺘـلاﻁ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺼﻮﻧﺔٌ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﻭﺃﻣﺔ. ﻭﺃﻥ ﺃﻣﺜﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻔﻴﻴﻦ ﻇﻠﻮﺍ ﺑﻴﻦ ﺃﻗﺎﺭﺑﻬﻢ ﻭﺃﺣﺒﺎﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ، ﻭﻟﻢ ﻳُﺤﻈَﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍلاﺧﺘـلاﻁ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺳﻠﺔ ﻭلا ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﺢ، ﻭﺍﺳﺘُﺜﻨﻴﺖُ ﻭﺣﺪﻱ. ﻓﻘﺪ ﺣُﺮﻣﺖُ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ، ﺑﻞ ﻗﺪ ﺍﻋﺘُﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﺗﻲ ﻭﻣﺴﺠﺪﻱ، ﻓﺤﺎﻭﻟﻮﺍ ﺻﺮﻓﻲ ﻋﻦ ﺫﻛﺮ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻋﻘﺐ ﺍﻟﺼـلاﺓ -ﺍﻟﻤﺴﻨﻮﻧﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ- ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺗﻰ ﺭﺟﻞ ﺃﻣﻲّ ﻳُﺪﻋﻰ «ﺷﺒﺎﺏ» ﻣﻊ ﺣﻤﺎﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ «ﺑﺎﺭلا» ﻟـلاﺳﺘﺠﻤﺎﻡ ﻭﺃﺗﺎﻧﻲ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﻌﺮﻓﺘﻲ ﻟﻪ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺗﻲ، ﺍﺳﺘﺪﻋﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺛـلاﺛﺔ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺪَﺭﻙ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﻴﻦ. ﻭﺣﺎﻭﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺮَ ﻋﻤﻠﻪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻗﺎﺋـلا: ﺍﺳﺘﻤﻴﺤُﻜﻢ ﺍﻟﻌﺬﺭَ لا ﺗﻠﻮﻣﻮﻧﻨﺎ ﺇﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ! ﺛﻢ ﺳﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎﺏ.

ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻴﺴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻣﻊ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣـلاﺕ ﻭﺍلأﻣﻮﺭ، ﻳُﻔﻬﻢ ﺃﻥ ﻣﻌﺎﻣـلاﺗﻬﻢ ﻫﻲ ﻣﺤﺾ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺔ ﺑﺤﺘﺔ، ﺣﻴﺚ ﻳﺴﻠﻄﻮﻥ ﻋﻠﻲّ ﺍﻟﺤﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻜـلاﺏ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺮﻓﻊ ﻋﻦ ﺍلاﻧﺸﻐﺎﻝ ﺑﻬﻢ، ﻭﺃﻓﻮّﺽ ﺃﻣﺮ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺨﺒﺜﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﻟﺪﻓﻊ ﺷﺮﻭﺭﻫﻢ.

ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺛﺎﺭﻭﺍ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻬﺠﻴﺮ ﻫﻢ ﺍلآﻥ ﻓﻲ ﻣﺪﻧﻬﻢ، ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﻨﻔﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺍلآﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﻌﺸﺎﺋﺮ ﺇﺫ ﺃُﻃﻠﻖ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﺎ ﻭﺍﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺍﻥ ﺍلآﺧﺮﺓ، ﺍﺳﺘُﺜﻨﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻟﻢ ﻳُﻄﻠﻖ ﺳﺮﺍﺣﻨﺎ، ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻧﻨﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌـلاﻗﺔ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺗﻌﺴﺎً ﻟﻬﺎ ﻭﻟﺘﻜﻦ ﻭﺑﺎلا ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﻭﺗﻠﻘﻴﺖُ ﻫﺬﺍ ﺍلأﻣﺮ ﺃﻳﻀﺎً ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﻝ ﻭﻗﻠﺖ: لا ﺑﺄﺱ ﺑﻪ.

ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺣﺪ ﺫﻳﻨﻚ ﺍلأﺧﻮﻳﻦ ﻗﺪ ﻋُﻴّﻦ ﻣﻔﺘﻴﺎً ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﺪﻥ، ﻓﻬﻮ ﻳﺴﺎﻓﺮ ﻭﻳﺴﻴﺢ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﻬﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺇﻟّﺎ ﻣﺪﻳﻨﺘﻪ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺃﻧﻘﺮﺓ. ﻭﺗُﺮﻙ ﺍلآﺧﺮ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍلاﺟﺘﻤﺎﻉ ﺑﺄﻟﻮﻑ ﻣﻦ ﺃﺣﺒّﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺎﻧﺒﻮﻝ، ﻭﺳُﻤﺢ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺍلأﺷﺨﺎﺹ ﺃﻳﺎً ﻛﺎﻧﻮﺍ. ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻥ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﻦ ﻟﻴﺴﺎ ﻭﺣﻴﺪﻳﻦ ﻣﺜﻠﻲ -لا ﺃﻫﻞ ﻟﻲ ﻭلا ﻋﻴﺎﻝ- ﺑﻞ ﻟﻬﻢ ﻧﻔﻮﺫ ﻛﺒﻴﺮ.. ﻭﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ..

ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻘﺪ ﺩﻓﻌﻮﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻳﺔ ﻭﻭﺿﻌﻮﻧﻲ ﺑﻴﻦ ﺃﻧﺎﺱ لا ﻭﺟﺪﺍﻥ ﻟﻬﻢ ﺇﻃـلاﻗﺎً. ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻳﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻋﻦ «ﺑﺎﺭلا» ﺇﻟّﺎ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﺧـلاﻝ ﺳﺖ ﺳﻨﻮﺍﺕ. ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻤﺤﻮﺍ ﻟﻲ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺑﻀﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻟـلاﺳﺘﺠﻤﺎﻡ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺤﺎﻭﻟﻮﻥ ﺳﺤﻘﻲ ﺗﺤﺖ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻣﻀﺎﻋَﻒ، ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻥ ﺃﻳﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺎ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﺣﺪ، ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﺎﻧﻮﻥ، ﺣﺴﺐ ﺍلأﺷﺨﺎﺹ ﻭﺣﺴﺐ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭﺍلأﻣﺎﻛﻦ! ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﺒﻘﻮﻧﻪ ﻋﻠﻲّ ﻟﻴﺲ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎً ﻗﻂ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺧﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻓﺎﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻮﻥ ﻫﻨﺎ ﻳﺴﺘﻐﻠﻮﻥ ﻧﻔﻮﺫ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺃﻏﺮﺍﺿﻬﻢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ.

ﻭﻟﻜﻦ ﻭﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ، ﺃﻗﻮﻝ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺗﺤﺪﺛﺎً ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ: ﺇﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻀﺎﻳﻘﺎﺗﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩﺍﺗﻬﻢ ﺗﺼﺒﺢ ﻛﺎﻟﺤﻄﺐ لإﺷﻌﺎﻝ ﻧﺎﺭ ﺍﻟﻬﻤﺔ ﻭﺍﻟﻐﻴﺮﺓ، ﻟﺘُﺰﻳﺪ ﺃﻧﻮﺍﺭَ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺳﻄﻮﻋﺎً.

ﻓﺘﻠﻚ ﺍلأﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻮﻣﻠﺖ ﺑﺎﻟﻤﻀﺎﻳﻘﺎﺕ ﺍﻧﺒﺴﻄﺖ ﺑﺤﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻐﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻬﻤﺔ، ﺣﺘﻰ ﺟﻌﻠﺖ ﺟﻤﻴﻊَ ﺍﻟﻮلاﻳﺔ ﺑﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻣﺪﺭﺳﺔ، ﻭﻟﻢ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ «ﺑﺎﺭلا» ﻭﺣﺪﻫﺎ.

ﻭﺣﺴﺒﻮﺍ ﺃﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﺣﺒﺴﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ، ﺇلا ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ «ﺑﺎﺭلا» ﻭﺃﻧﻒ ﺍﻟﺰﻧﺪﻗﺔ ﺭﺍﻏﻢ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻛﺮﺳﻲَّ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺨـلاﻑ ﻣﺄﻣﻮﻟﻬﻢ، ﺑﻞ ﺃﺻﺒﺢ ﻛﺜﻴﺮٌ ﻣﻦ ﺍلأﻣﺎﻛﻦ «ﻛﺎﺳﺒﺎﺭﻃﺔ» ﻓﻲ ﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ.

 ﺍَﻟْﺤَﻤْﺪُ ﻟﻠﻪ، ﻫﺬَﺍ ﻣِﻦْ ﻓَﻀْﻞِ ﺭَﺑِّﻲ.