ﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ:

ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ «ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ» -ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﺎﻣﺔ- ﺍﻧﺘﺸﺎﺭﺍً ﻭﺍﺳﻌﺎً ﺟﺪﺍً، ﻓﺈﻥ ﻋﺪﻡَ ﻗﻴﺎﻡ ﺃﺣﺪ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﺩﻫﺎ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀً ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﻋﺎﻟﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﻧﻰ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ، ﻭﻣﻦ ﺃﻛﺒﺮ ﻭﻟﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﺗﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﻂ ﻓﻴﻠﺴﻮﻑ ﻣﻠﺤﺪ ﻋﻨﻴﺪ، ﻫﺆلاﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺜﻠﻮﻥ ﻃﺒﻘﺎﺕِ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻃﻮﺍﺋﻔَﻬﻢ. ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻌﺮﻭﺿﺔ ﺃﻣﺎﻣَﻬﻢ ﻭﻳﺮﻭﻧﻬﺎ ﻭﻳﻘﺮﺃﻭﻧﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺕ ﻛﻞُّ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺴﺐ ﺩﺭﺟﺘﻬﺎ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻌﺮّﺽ ﻗﺴﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻟﻄﻤﺎﺗﻬﺎ ﻭﺻﻔﻌﺎﺗﻬﺎ.. ﺃﻗﻮﻝ: ﺇﻥّ ﻛﻞَّ ﺫﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺇﻟّﺎ ﺃﺛﺮُ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﻭﻛﺮﺍﻣﺔ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ.. ﺛﻢ ﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻧﻤﺎﻁ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ لا ﺗﺆﻟَّﻒ ﺇﻟّﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﺤﺚ ﺩﻗﻴﻖ ﻭﺗﺤﺮٍّ ﻋﻤﻴﻖ، ﻓﺈﻥ ﻛﺘﺎﺑﺘﻬﺎ ﻭﺇﻣـلاﺀﻫﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻧﻘﺒﺎﺽ ﻭﺿﻴﻖ -ﻭﻫﻤﺎ ﻳﺸﻮﺷﺎﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ ﻭﺇﺩﺭﺍﻛﻲ- ﺃﺛﺮ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﻭﺇﻛﺮﺍﻡ ﺇﻟﻬﻲ ﻟﻴﺲ ﺇﻟّﺎ.

ﻧﻌﻢ، ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﺧﻮﺍﻧﻲ ﻭﻣَﻦ ﻋﻨﺪﻱ ﻣﻦ ﺍلأﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺴﺨﻴﻦ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ؛ ﺃﻥ ﺍلأﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ ﻣﻦ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ»، ﻗﺪ ﺃُﻟّﻔﺖ ﻓﻲ ﺛـلاﺛﺔ ﺃﻭ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺑﻤﻌﺪﻝ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ ﺃﻭ ﺛـلاﺙ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻳﻮﻣﻴﺎً، ﺃﻱ ﺑﻤﺠﻤﻮﻉ ﺍﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮﺓ ﺳﺎﻋﺔ ﺩﻭﻥ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﻛﺘﺎﺏ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺟﺪﺍً ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻇﻬﺮ ﺧﺘﻤﺎً ﻭﺍﺿﺤﺎً ﻟﻠﻨﺒﻮﺓ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ «ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ» صلى الله عليه وسلم ﻗﺪ ﻛُﺘﺐ ﺑﻈﻬﺮ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺃﺭﺑﻊ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻭﻓﻲ ﺯﻭﺍﻳﺎ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻭﺗﺤﺖ ﺍﻟﻤﻄﺮ.

ﻭﻛﺬﻟﻚ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜـلاﺛﻮﻥ» ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺃُﻟّﻔﺖ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺒﺴﺎﺗﻴﻦ، ﺧـلاﻝ ﺳﺖ ﺳﺎﻋﺎﺕ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ» ﺃُﻟّﻔﺖ ﻓﻲ ﻇﺮﻑ لا ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﺴﺘﺎﻥ «ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ».

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺃﻛﺜﺮ «ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ» ﺍلأﺧﺮﻯ.

ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺍلأﻗﺮﺑﻮﻥ ﻣﻨﻲ، ﺃﻧﻨﻲ -ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ- ﻛﻠﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺗﻀﺎﻳﻖ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﺃﻋﺠﺰُ ﻋﻦ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻇﻬﺮِ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ، ﺑﻞ ﻛﻨﺖ ﺃﺟﻬﻠﻬﺎ. ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﻤﺮﺽُ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﻴﻖ، ﻛﻨﺖ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﻭﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻟّﻔﺖ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ، ﻭﻛﺬﻟﻚ «ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ» ﺍلأﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺃﺷﺪّ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻭﺍﻟﻀﻴﻖ، ﻭﺗﻢ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻓﻲ ﺃﺳﺮﻉ ﻭﻗﺖ. ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺇﻛﺮﺍﻣﺎً ﺭﺑﺎﻧﻴﺎً ﻭﻛﺮﺍﻣﺔ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ، ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﺇﺫﻥ؟.

ﺛﻢ ﺇﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﻭﺍلإﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟّﺎ ﻭﻳﺘﺮﻙ ﺑﻌﺾُ ﻣﺴﺎﺋﻠﻪ ﺿﺮﺭﺍً ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻟﺬﺍ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳُﻨﺸَﺮ ﻛﻞُّ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﺎﻓﺔ. ﺃﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻓﻠﻢ ﺗُﻠﺤﻖ ﺃﻱَّ ﺿﺮﺭ ﻛﺎﻥ ﻭﻟﻢ ﺗﺆﺛﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍً ﺳﻴﺌﺎً ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻟﻢ ﺗﺨﺪﺵ ﺫﻫﻦَ ﺃﺣﺪ ﻗﻂ ﺭﻏﻢ ﺍﺳﺘﻔﺴﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ، ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻖ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺇﺷﺎﺭﺓٌ ﻏﻴﺒﻴﺔ ﻭﻋﻨﺎﻳﺔ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ.

  ﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ:

ﻟﻘﺪ ﺗﺤﻘﻖ ﻟﺪﻱّ ﻳﻘﻴﻨﺎً: ﺇﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺣﻴﺎﺗﻲ، ﻗﺪ ﺟﺮﺕ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﻃﻮﻕ ﺍﻗﺘﺪﺍﺭﻱ ﻭﺷﻌﻮﺭﻱ ﻭﺗﺪﺑﻴﺮﻱ، ﺇﺫ ﺃُﻋﻄﻲ ﻟﻬﺎ ﺳﻴﺮٌ ﻣﻌﻴﻦٌ ﻭﻭُﺟّﻬﺖ ﻭﺟﻬﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻟﺘﻨﺘﺞ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ «ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ» ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺪﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ. ﺑﻞ ﻛﺄﻥ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺟﻤﻴﻌَﻬﺎ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺗﻤﻬﻴﺪﻳﺔ ﻟﺒﻴﺎﻥ ﺇﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻓﻲ ﻏﻀﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﻔﻲ ﻭﺍلاﻏﺘﺮﺍﺏ ﻭﻋﺰﻟﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ -ﺩﻭﻥ ﺳﺒﺐ ﺃﻭ ﻣﺒﺮﺭ ﻭﺑﻤﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺭﻏﺒﺘﻲ- ﺃﻣﻀﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﻧﺎﺋﻴﺔ ﺧـلاﻓﺎً ﻟﻤﺸﺮﺑﻲ ﻭﻋﺰﻭﻓﻲ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍلاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟِﻔﺘﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎً.. ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﻟّﺪ ﻟﺪﻱ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺗﺎﻣﺔ لا ﻳﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﺷﻚ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﺗﻬﻴﺌﺔ ﻟﻲ ﻭﺗﺤﻀﻴﺮ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺣﺪﻩ، ﺧﺪﻣﺔ ﺻﺎﻓﻴﺔ لا ﺷﺎﺋﺒﺔ ﻓﻴﻬﺎ.

ﺑﻞ ﺇﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻀﺎﻳﻘﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻀﺎﻳﻘﻮﻧﻨﻲ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺐ ﺍلأﻭﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﻨﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺯﺡ ﺗﺤﺘﻪ ﻇﻠﻤﺎً، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻟﺪﻓﻌﻲ -ﺑﻴﺪ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺧﻔﻴﺔ ﺭﺣﻴﻤﺔ- ﺇﻟﻰ ﺣﺼﺮ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺩﻭﻥ ﺳﻮﺍﻫﺎ. ﻭﻋﺪﻡ ﺗﺸﺘﻴﺖ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺻﺮﻓﻪ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ. ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﻣُﻐﺮﻣﺎً ﺑﺎﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ، ﻓﻘﺪ ﻭُﻫﺒﺖْ ﻟﺮﻭﺣﻲ ﻣﺠﺎﻧﺒﺔٌ ﻭﺇﻋﺮﺍﺽٌ ﻋﻦ ﺃﻱ ﻛﺘﺎﺏ ﺁﺧﺮ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ.

ﻓﺄﺩﺭﻛﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻌﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ -ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻠﻴﺘﻲ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ- ﻟﻴﺲ ﺇﻟّﺎ ﻛﻮﻥ ﺍلآﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻭﺣﺪَﻫﺎ ﺃﺳﺘﺎﺫﺍً ﻣﻄﻠﻘﺎً ﻟﻲ.

ﺛﻢ ﺇﻥ «ﺍلآﺛﺎﺭ» ﺍﻟﻤﺆﻟّﻔﺔ ﻭ«ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ» -ﺑﺄﻛﺜﺮﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ- ﻗﺪ ﺃُﻧﻌﻤﺖْ ﻋﻠﻲّ ﺑﻬﺎ ﻟﺤﺎﺟﺔ ﺗﻮﻟﺪﺕ ﻓﻲ ﺭﻭﺣﻲ ﻓﺠﺄﺓ، ﻭﻧﺸﺄﺕ ﺁﻧﻴﺎً. ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺒﺐ ﺧﺎﺭﺟﻲ. ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺃُﻇﻬﺮﻫﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: «ﺇﻧﻬﺎ ﺩﻭﺍﺀ ﻟﺠﺮﺍﺣﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ». ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭﻫﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻦ ﻣﻌﻈﻢ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻔﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﺗﻀﻤﺪ ﺟﺮﺍﺣﺎﺗﻪ.

ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎلاﺕ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﺁﻧﻔﺎً -ﻭﻫﻲ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﺇﺭﺍﺩﺗﻲ ﻭﺷﻌﻮﺭﻱ ﻭﺳﻴﺮ ﺣﻴﺎﺗﻲ- ﻭﻣﺠﻤﻮﻉ ﺗﺘﺒﻌﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺧـلاﻑ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻱ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺘﺮﻙ ﻟﻲ ﺷﺒﻬﺔ ﻗﻄﻌﺎً ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﻨﺎﻳﺔٌ ﺇﻟﻬﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻭﺇﻛﺮﺍﻡ ﺭﺑﺎﻧﻲ ﻭﺍﺿﺢ، ﻟـلاﻧﺠﺮﺍﺭ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ.

  ﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ:

ﻟﻘﺪ ﺷﺎﻫﺪﻧﺎ ﺑﺄﻡ ﺃﻋﻴﻨﻨﺎ -ﺩﻭﻥ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ- ﻣﺎﺋﺔً ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺍلإﻛﺮﺍﻡ ﺍلإﻟﻬﻲ، ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺧـلاﻝ ﺯﻫﺎﺀ ﺳﺖ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺳﻴﺮ ﺧﺪﻣﺘﻨﺎ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ. ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ» ﻭﺑﻴّﻨﺎ ﻗﺴﻤﺎً ﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﻗﺔ ﻟﻠﻤﺒﺤﺚ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﻦ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ» ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ». ﻭﺃﻥ ﺃﺻﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﻴﻦ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﻫﺬﺍ. ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ «ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ»، ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ، ﻓﺤﻈﻴﻨﺎ ﺑﺘﻴﺴﻴﺮ ﺇﻟﻬﻲ ﺫﻱ ﻛﺮﺍﻣﺔ لا ﻳﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻝ، ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍلأﺧﺮﻯ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﺗﺼﺤﻴﺤﻬﺎ ﻭﻭﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺿﻌﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﺗﺴﻮﻳﺪﻫﺎ ﻭﺗﺒﻴﻴﻀﻬﺎ. ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺭﻳﺐ -ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ- ﺃﻥ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺎﺕ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ .. ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻟﻤﺌﺎﺕ.

ﺛﻢ ﺇﻧﻨﺎ ﻧُﺮﺑّﻰ ﺑﺸﻔﻘﺔ ﻭﺭﺃﻓﺔ ﻭﺗﺠﺮﻱ ﻣﻌﻴﺸﺘُﻨﺎ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳُﺤﺴِﻦ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺻﺎﺣﺐُ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻘﻖ ﺃﺻﻐﺮ ﺭﻏﺒﺔ ﻣﻦ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ، ﻭﻳُﻨﻌﻢ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ لا ﻧﺤﺘﺴﺐ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ.

ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔُ ﺇﺷﺎﺭﺓٌ ﻏﻴﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻨﺎ ﻧُﺴﺘﺨﺪَﻡ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻭﻧُﺪﻓَﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻜﻠﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ ﺍلإﻟﻬﻲ ﻣﺴﺘﻈﻠﻴﻦ ﺑﻈﻞ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ.

 ﺍﻟْﺤَﻤْﺪُ ﻟﻠﻪ ﻫَﺬَﺍ ﻣِﻦْ ﻓَﻀْﻞِ ﺭَﺑّﻰ

 ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾

 ﺍَﻟﻠّﻬﻢَّ ﺻَﻞِّ ﻋَﻠَﻰ ﺳَﻴِّﺪِﻧَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ ﺻَﻠَﺎﺓً ﺗَﻜُﻮﻥُ ﻟَﻚَ ﺭِﺿَﺎﺀً ﻭَﻟِﺤَﻘِّﻪ ﺃَﺩَﺍﺀً ﻭَﻋَﻠَﻰ ﺃَﻟِﻪ ﻭَﺻَﺤْﺒِﻪ ﻭَﺳَﻠِّﻢْ ﺗَﺴْﻠﻴﻤًﺎ ﻛَﺜﻴﺮﺍً. ﺃَﻣﻴﻦَ


ﺟﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻝ ﺧﺎﺹ

ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮ، ﻭﻫﻮ ﺳﺮ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ، ﻗﺪ ﻛُﺘﺐ ﻟﻠﺘﺪﺍﻭﻝ ﺍﻟﺨﺎﺹ، ﻭﺃُﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻡ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮﺓ»، ﻭﻟﻜﻦ -ﺑﺄﻳﺔ ﺣﺎﻝ- ﻧﺴﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺴﺨﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺒﻮﻩ، ﻓﻈﻞ ﻣﺨﻔﻴﺎً ﻣﺴﺘﻮﺭﺍً. ﻓﻤﻮﺿﻌﻪ ﺇﺫﻥ ﻫﻬﻨﺎ ﻭﻫﻮ ﺍلأﻟﻴﻖ ﺑﻪ.

ﺇﻧﻚ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﺗﺴﺄﻝ: ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻧﺠﺪ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍً ﻏﻴﺮَ ﺍﻋﺘﻴﺎﺩﻱ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺘﺒﺘَﻪ ﻓﻲ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺎﺓ ﻣﻦ ﻓﻴﺾ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻗﻠّﻤﺎ ﻧﺠﺪﻩ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻔﺴﺮﻳﻦ. ﻓﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺳﻄﺮٌ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻳﻌﺎﺩﻝ ﺗﺄﺛﻴﺮَ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻳﻌﺎﺩﻝ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻛﺘﺎﺏ ﻛﺎﻣﻞ ﺁﺧﺮ؟

ﻓﺎﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻭﻫﻮ ﺟﻮﺍﺏ ﻟﻄﻴﻒ ﺟﻤﻴﻞ، ﺇﺫ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﻟﻴﺲ ﺇﻟﻰ ﺷﺨﺼﻲ ﺃﻧﺎ، ﻓﺴﺄﻗﻮﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏَ ﺑـلا ﺣﺮﺝ:

ﻧﻌﻢ، ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍلأﻏﻠﺐ؛ لأﻥ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ»:

ﺗﺼﺪﻳﻖٌ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺗﺼﻮﺭﺍً.

ﻭﺇﻳﻤﺎﻥٌ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎً.

ﻭﺗﺤﻘﻴﻖ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺗﻘﻠﻴﺪﺍً.

ﻭﺷﻬﺎﺩﺓ ﻭﺷﻬﻮﺩ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﻌﺮﻓﺔ.

ﻭﺇﺫﻋﺎﻥ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﺎً.

ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺗﺼﻮﻓﺎً.

ﻭﺑﺮﻫﺎﻥ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﺩﻋﺎﺀﺍً.

ﻭﺣﻜﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮ ﻫﻲ ﺃﻥَّ ﺍلأﺳﺲَ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺻﻴﻨﺔً ﻣﺘﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍلاﻧﻘﻴﺎﺩ ﺗﺎﻣﺎً ﻛﺎﻣـلا، ﺇﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺿﻴﺤﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ ﻓﻲ ﺍلأﻣﻮﺭ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ، ﻭﺑﻴﺎﻧﺎﺗُﻬﻢ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺩﻟﻴﻞ.

ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻘﺪ ﻣﺪّﺕ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔُ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻳﺪَﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﺲ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺃﺭﻛﺎﻧﻪ، ﻓﻮﻫﺐ ﻟﻲ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺐ ﻟﻜﻞ ﺻﺎﺣﺐَ ﺩﺍﺀٍ ﺩﻭﺍﺀﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ، ﻭﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻲّ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺷﻌﻠﺔً ﻣﻦ «ﺿﺮﺏ ﺍلأﻣﺜﺎﻝ» ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺃﺳﻄﻊ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺃﻭﺿﺤﻬﺎ، ﺭﺣﻤﺔً ﻣﻨﻪ ﺟﻞ ﻭﻋـلا ﻟﻌﺠﺰﻱ ﻭﺿﻌﻔﻲ ﻭﻓﻘﺮﻱ ﻭﺍﺿﻄﺮﺍﺭﻱ، لأﻧﻴﺮ ﺑﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ. ﻓﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻭﺍﻟﻤﻨﺔ:

ﻓﺒﻤﻨﻈﺎﺭ «ﺿﺮﺏ ﺍلأﻣﺜﺎﻝ» ﻗﺪ ﺃُﻇﻬﺮَﺕْ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖُ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﺟﺪﺍً ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺮﻳﺒﺔٌ ﺟﺪﺍً.

ﻭﺑﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻓﻲ «ﺿﺮﺏ ﺍلأﻣﺜﺎﻝ» ﻗﺪ ﺟُﻤِّﻌَﺖْ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺗﺸﺘﺘﺎً ﻭﺗﻔﺮﻗﺎً.

ﻭﺑﺴﻠّﻢ «ﺿﺮﺏ ﺍلأﻣﺜﺎﻝ» ﻗﺪ ﺗُﻮﺻِّﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻤﻰ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻭﺃﻋـلاﻫﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻭﻳُﺴﺮ.

ﻭﻣﻦ ﻧﺎﻓﺬﺓ «ﺿﺮﺏ ﺍلأﻣﺜﺎﻝ» ﻗﺪ ﺣُﺼّﻞ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻲ ﺑﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﺃﺳﺲ ﺍلإﺳـلاﻡ ﻣﻤﺎ ﻳﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ.

ﻓﺎﺿﻄﺮ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝُ ﺇﻟﻰ ﺍلاﺳﺘﺴـلاﻡ ﻭﺃُﺭﻏﻢ ﺍﻟﻮﻫﻢ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺿﻮﺥ، ﺑﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻬﻮﻯ. ﻛﻤﺎ ﺍﺿﻄﺮ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺴـلاﺡ.

  ﺣﺎﺻﻞ ﺍﻟﻜـلاﻡ: ﺇﻧﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ، ﻭﺑﻬﺎﺀ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻲ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻨﻲ، ﻭلا ﻣﻤﺎ ﻣﻀَﻐَﻪ ﻓﻜﺮﻱ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻟﻤﻌﺎﺕ «ﺿﺮﺏ ﺍلأﻣﺜﺎﻝ» ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘـلألأ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻭﻟﻴﺲ ﺣﻈﻲ ﻓﻴﻪ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻣﻨﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻣﻊ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﻗﺔ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﺘﻀﺮﻉ ﻭﺍﻟﺘﻮﺳﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻊ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻭﺍﻟﻀﻌﻒ.

  ﻓﺎﻟﺪﺍﺀ ﻣﻨﻲ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ .  


  ﺧﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ

  [ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ ﺗﺨﺺ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺜﺎﺭ ﺃﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﺗﺜﺎﺭ ﺣﻮﻝ ﺍلإﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻋﻨﺎﻳﺎﺕ ﺇﻟﻬﻴﺔ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺒﻴﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ ﺳﺮﺍً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ].

ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺃﺭﺑﻊ ﻧﻜﺎﺕ.

  اﻟﻨﻜﺘﺔ ﺍلأﻭﻟﻰ:

ﻟﻘﺪ ﺍﺩّﻋﻴﻨﺎ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗَﻨﺎ ﻟﺠﻠﻮﺓ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻏﻴﺒﻴﺔ، ﻛﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ (ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ) ﻓﻲ ﻣﻌﺮﺽ ﺑﻴﺎﻧﻨﺎ «ﻟﻠﺘﻮﺍﻓﻘﺎﺕ» ﻭﻗﺪ ﺃﺣﺴﺴﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺎﺕ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ» ﻭﻣﺎ ﺯﻟﻨﺎ ﻧﺪّﻋﻲ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔٌ ﻭﻗﺎﻃﻌﺔٌ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺗﺜﺒﺖ ﻛﻞُّ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺪّﺗﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍلإﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ، ﺑﻞ ﻟﻮ ﻓُﺮﺽ ﻓﺮﺿﺎً ﻣﺤﺎلا ﺃﻥ ﻗﺴﻤﺎً ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺒﺪﻭ ﺿﻌﻴﻔﺔً، ﺃﻭ ﻟﻮ ﺃُﻧﻜﺮ، ﻓـلا ﻳﺨﻞّ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻄﻌﻴﺔ ﺗﻠﻚ ﺍلإﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ، ﺇﺫ ﻣَﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ لا ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻨﻜﺮ ﺗﻠﻚ ﺍلإﺷﺎﺭﺍﺕ.

ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ، ﻭﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺜﻠﻮﻥ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ، ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ، ﻟﺬﺍ ﻏﺪﺕ «ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻘﺎﺕ» ﺃﻇﻬﺮَ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺎﺕ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﻗﻮﺍﻫﺎ ﺑﻞ ﺍلأﺧﺮﻳﺎﺕ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻨﻬﺎ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻋﻤّﻬﺎ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﺿﻄﺮﺭﺕُ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺎﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﻮﺍﺯﻧﺔ ﻭﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺩﻓﻌﺎً ﻟﻠﺸﺒﻬﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺜﺎﺭ ﺣﻮﻝ «ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻘﺎﺕ». ﻭﺫﻟﻚ:

ﻟﻘﺪ ﻗﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ: ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ﻣﺸﺎﻫَﺪﺓٌ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻲ «ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ» ﻭ«ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ» صلى الله عليه وسلم ﻭﻓﻲ «ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ» ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟّﻔﻨﺎﻫﺎ، ﺇﻟﻰ ﺣﺪٍ لا ﺗﺪﻉ ﺷﺒﻬﺔ ﻣﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﻧُﻈّﻤﺖ ﻗﺼﺪﺍً ﻭﺃُﻋﻄﻲ ﻟﻬﺎ ﻭﺿﻊ ﻣﻮﺍﺯٍ. ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﺍلإﺭﺍﺩﺓ ﻟﻴﺴﺎ ﻣﻨﺎ، ﻫﻮ ﺇﻃـلاﻋﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ﺑﻌﺪ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺃﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﺃﻱ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﺍلإﺭﺍﺩﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﻴﺒﻴﺔ ﻭﺃﺛﺮﺍً ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ، ﻓﺄُﻋﻄﻴﺖ ﺗﻠﻜﻤﺎ ﺍﻟﻜﻠﻤﺘﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺗﺄﻳﻴﺪﺍً ﻣﺤﻀﺎً ﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صلى الله عليه وسلم ﻭﺍلإﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ. ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺑﺒﺮﻛﺔ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺘﻴﻦ «ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻘﺎﺕ» ﺧﺘﻢَ ﺗﺼﺪﻳﻖٍ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘَﻲ «ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍلأﺣﻤﺪﻳﺔ» ﻭ«ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ».

ﺑﻞ ﻧﺎﻟﺖ ﺃﻛﺜﺮ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻟﻬﻤﺎ ﺗﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ﺃﻳﻀﺎً ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻇﻬﺮﺕ ﻫﺎﺗﺎﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺘﺎﻥ ﺗﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﺗﻠﻜﻤﺎ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻴﻦ.

ﻭﻗﺪ ﻛﺮﺭﻧﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﺃﺻﻞَ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍلأﺧﺮﻯ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﺍلإﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ.

ﻭﺑﻌﺪ، ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺩﻋﻮﺍﻧﺎ ﻫﺬﻩ لا ﻳﻤﻜﻦ ﻧﻘﻀُﻬﺎ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻬﺔ ﺃﻭ ﺟﻬﺘﻴﻦ ﺭﺑﻤﺎ ﺗﺘﺮﺍﺀﻯ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺑﺎﻃﻠﺔ. ﻣﻨﻬﺎ:

  ﺃﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ: ﺃﻧﻜﻢ ﺗﻨﻈﻤﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ ﺑﻌﺪ ﺗﻔﻜﺮ ﻭﺇﻧﻌﺎﻡ ﻧﻈﺮ، ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻘﺼﺪ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﺳﻬﻞ ﻭﻳﺴﻴﺮ!

  ﻧﻘﻮﻝ ﺟﻮﺍﺑﺎً ﻋﻦ ﻫﺬﺍ: ﺃﻥ ﺷﺎﻫﺪَﻳﻦ ﺻﺎﺩﻗﻴﻦ ﻓﻲ ﺩﻋﻮﻯ ﻣﺎ، ﻛﺎﻓﻴﺎﻥ لإﺛﺒﺎﺗﻬﺎ، ﻓﻔﻲ ﺩﻋﻮﺍﻧﺎ ﻫﺬﻩ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺒﺮﺯ ﻣﺎﺋﺔ ﺷﺎﻫﺪ ﺻﺎﺩﻕ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﺍﻃﻠﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ ﺑﻌﺪ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺃﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻗﺼﺪُﻧﺎ ﻭﺇﺭﺍﺩﺗُﻨﺎ.

ﻭﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺃﻭﺿﺢ ﻧﻘﻄﺔً، ﻫﻲ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍلإﻋﺠﺎﺯﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺩﺭﺟﺔ ﺍلإﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺒـلاﻏﺔ. لأﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻓﻲ ﺍلإﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ ﺍﻟﺒـلاﻏﻲ ﻳﻌﺠﺰ ﻛﻠﻴﺎً ﻋﻦ ﺃﻥ ﻳﺒﻠﻎ ﺩﺭﺟﺔ ﺑـلاﻏﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺴﻠﻮﻛﻪ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺒـلاﻏﺔ. ﺃﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍلإﻋﺠﺎﺯﻳﺔ، ﻓﺈﻧﻬﺎ لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺤﺼﻞ ﺑﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻓﺎﻟﻘﺪﺭﺓ لا ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ.

 (حاشية) ﻓﻲ ﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﻣﻦ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ» ﻓﻲ ﻧﺴﺨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻟﺪﻯ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺴﺨﻴﻦ، ﺗﻮﺍﻓﻘﺖ ﺗﺴﻊ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺎﺕ «ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ» ﻓﺄﻭﺻﻠﻨﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺧﻄﻮﻃﺎً ﻭﻇﻬﺮ ﻟﻔﻆ «ﻣﺤﻤﺪ» ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍﻓﻘﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺎﺕ «ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ» ﻇﻬﺮ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﺠـلاﻟﺔ «ﺍﻟﻠﻪ» ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ. ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ.

  ﻭﻗﺪ ﺷﺎﻫﺪﻧﺎ ﺑﺄﺑﺼﺎﺭﻧﺎ ﻭﺍﻗﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﺎﻣﺶ. (ﺑﻜﺮ، ﺗﻮﻓﻴﻖ، ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ، ﻏﺎﻟﺐ، ﺳﻌﻴﺪ)

 اﻟﻨﻜﺘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ:

ﻧﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺳﺮ ﺩﻗﻴﻖ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺎﻧﻴﺔ ﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻭﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ.

ﺇﻥ لأﺣﺪ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﻗﻮلا ﺟﻤﻴـلا، ﺳﺄﺟﻌﻠﻪ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، ﻭﺫﻟﻚ:

ﺇﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮﺿﺖُ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻮﻣﺎً ﺗﻮﺍﻓﻘﺎً ﺟﻤﻴـلا ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻪ ﺟﻤﻴﻞ، ﺇﺫ ﻛﻞ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔٌ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻥ ﺍلأﺟﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ».

ﻓﻘﻠﺖ: «ﻧﻌﻢ! ﺇﻥ ﻛﻞَّ ﺷﻲﺀ ﺟﻤﻴﻞٌ، ﻭﻟﻜﻦ ﺇﻣﺎ ﺃﻧﻪ ﺟﻤﻴﻞ ﺣﻘﻴﻘﺔً ﺃﻱ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ، ﺃﻭ ﺟﻤﻴﻞٌ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ. ﻭﺇﻥّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻣﺘﻮﺟّﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ. ﻭﺇﻥ ﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻫﻲ ﺃﺟﻤﻞ، ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖَ.. لأﻧﻬﺎ ﺗﻨﻢّ ﻋﻦ ﺭﺣﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺭﺑﻮﺑﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺗﺠﻞٍ ﺧﺎﺹ».

ﻭﺳﻨﻘﺮﺏ ﻫﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺑﺘﻤﺜﻴﻞ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻳﺸﻤﻞ ﺑﺮﻋﺎﻳﺘﻪ ﻭﺑﺮﺣﻤﺘﻪ ﺟﻤﻴﻊَ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍلأﻣﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻘﻮﺍﻧﻴﻨﻪ ﻭﺩﻭﻟﺘﻪ، ﻓﻜﻞ ﻓﺮﺩ ﻳﻨﺎﻝ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓً ﻟﻄﻔَﻪ ﻭﻛﺮﻣﻪ ﻭﻳﺴﺘﻈﻞ ﺑﻈﻞ ﺩﻭﻟﺘﻪ. ﺃﻱ ﻫﻨﺎﻙ ﻋـلاﻗﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﻟـلأﻓﺮﺍﺩ ﺿﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ (ﻣﻦ ﺭﻋﺎﻳﺘﻪ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ) ﻓﻬﻲ ﺁلاﺅﻩ ﺍﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ، ﻭﺃﻭﺍﻣﺮُﻩ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻮﻕ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ، ﻭﻟﻜﻞ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﺭﻋﺎﻳﺎﻩ ﺣﺼﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍلآلاﺀ.

ﻓﻌﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ: ﻓﺈﻥ ﻟﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﺣﻈﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ، ﺃﻱ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺫﻭ ﻋـلاﻗﺔ ﻣﻌﻪ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻈﻲ ﺑﻬﺎ. ﻭﺃﻥ ﻟﻪ ﺗﺼﺮﻓﺎً ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﻘﺪﺭﺗﻪ ﻭﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻭﻋﻠﻤﻪ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ. ﻓﺮﺑﻮﺑﻴﺘُﻪ ﺷﺎﻣﻠﺔٌ ﻛﻞَّ ﺷﻲﺀ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﻐﺮ ﺍلأﻓﻌﺎﻝ. ﻭﻛﻞُّ ﺷﻲﺀ ﻣﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﺄﻥ ﻣﻦ ﺷﺆﻭﻧﻪ، ﻓﺘﻘﻀﻰ ﺃﻣﻮﺭُﻩ ﻭﺗﻨﻈﻢ ﺃﻓﻌﺎﻟُﻪ ﺑﻌﻠﻤِﻪ ﻭﺣﻜﻤﺘﻪ ﺟﻞ ﻭﻋـلا.

ﻓـلا ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺃﻥ ﺗﺘﺨﻔﻰ ﺿﻤﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺗﺼﺮﻑ ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ، ﺃﻭ ﺗﺘﺪﺍﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺆﺛﺮﺓً ﻓﻴﻬﺎ، ﻭلا ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻟﻤﻮﺯﻭﻧﺔ ﺑﻤﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ. ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺛﺒﺘﻨﺎ ﺇﺛﺒﺎﺗﺎً ﻗﺎﻃﻌﺎً ﻋﺪﻡَ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻓﻲ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻣﻮﺿﻌﺎً ﻣﻦ «ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ» ﻭﺃﻋﺪﻣﻨﺎﻫﻤﺎ ﺑﺴﻴﻒ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﺃﻇﻬﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺤﺠﺞ ﺍﻟﺪﺍﻣﻐﺔ ﺃﻥ ﺗﺪﺧﻠﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍلأﻣﻮﺭ ﻣﺤﺎﻝٌ ﻗﻄﻌﺎً.

ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺃﻫﻞَ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺃﻃﻠﻘﻮﺍ ﺍﺳﻢَ (ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ) ﻋﻠﻰ ﺍلأﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ لا ﺗُﻌﺮﻑ ﺣﻜﻤﺘُﻬﺎ ﻭﺃﺳﺒﺎﺑُﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺸﻤﻮﻟﺔ ﺑﺎﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻭﻟﻤﺎ ﻋﺠﺰﻭﺍ ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺔ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍلأﻓﻌﺎﻝ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ لا ﻳُﺤﺎﻁ ﺑﺤِﻜَﻤﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺴﺘﺮﺓ ﺗﺤﺖ ﺳﺘﺎﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﺃﺳﻨﺪﻭﺍ ﺍلأﻣﺮَ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ.

  ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﻫﻲ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔُ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻜﺮﻳﻢُ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍلإﻣﺪﺍﺩ ﺍﻟﺮﺣﻤﺎﻧﻲ ﺍﻟﺨﺎﺹ، ﺑﺤﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ لا ﻳﺘﺤﻤﻠﻮﻥ ﺿﻐﻮﻁَ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻳُﺴﻌﻔﻬﻢ ﺍﺳﻢُ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻭﻳﻤﺪّﻫﻢ ﻭﻳﻌﺎﻭﻧﻬﻢ ﻣﻌﺎﻭﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﻳﻨﺠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﻭﺍﻟﻌﻨﺖ.

ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﻜﻞ ﻛﺎﺋﻦ ﺣﻲ، ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻭﻳﺴﺘﻤﺪّ ﺍﻟﻤﺪﺩ ﻣﻨﻪ ﻛﻞ ﺁﻥ، ﻓﺈﺣﺴﺎﻧُﻪ ﻭﻧِﻌَﻤﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﺨﻔﻰ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻭلا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗُﺴﻨَﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﺪﻯ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ.

ﻭﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ، ﻓﻘﺪ ﺍﻋﺘﻘﺪﻧﺎ ﺑﺄﻥ ﺍلإﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ «ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍلأﺣﻤﺪﻳﺔ» ﻭ«ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ» ﺇﺷﺎﺭﺓٌ ﻏﻴﺒﻴﺔٌ ﺧﺎﺻﺔ، ﻭﺃﻳﻘﻨّﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺇﻣﺪﺍﺩ ﺭﺑﺎﻧﻲ ﺧﺎﺹ ﻭﻋﻨﺎﻳﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗُﻈﻬِﺮ ﻧﻔﺴَﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺪﻳﻦ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺃﻋﻠﻨّﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﻧﻴـلا ﻟﺮﺿﺎﻩ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺤﺴﺐ.

ﻓﻠﺌﻦ ﻗﺼّﺮﻧﺎ ﻓﻨﺮﺟﻮ ﻋﻔﻮﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ. ﺁﻣﻴﻦ.

﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾