ﺍﻟﺪﺳﻴﺴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ

ﺇﻥَّ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﺨﻮﻑ ﺷﻌﻮﺭ ﻋﻤﻴﻖ ﻓﻲ ﻛﻴﺎﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ ﻭﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﻛﺮﻳﻦ ﻳﺴﺘﻐﻠﻮﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻟﺪﻯ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻓﻴﻠﺠﻤﻮﻥ ﺑﻪ ﺍﻟﺠﺒﻨﺎﺀ، ﻭﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺟﻮﺍﺳﻴﺲُ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺩﻋﺎﺓُ ﺍﻟﻀـلاﻝ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﻭلا ﺳﻴﻤﺎ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻓﻴُﻠﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺭﻭﻋﻬﻢ ﺍﻟﻤﺨﺎﻭﻑَ ﻭﻳﺜﻴﺮﻭﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﺍلأﻭﻫﺎﻡ، ﺑﻤﺜﻞ ﺷﺨﺺ ﺣﻴّﺎﻝ ﻳُﻈﻬﺮ لأﺣﺪﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻓﻪ -ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺩﺍﺭ- ﻓﻴﺜﻴﺮ ﺃﻭﻫﺎﻣﻪ ﻭﻳﺪﻓﻌﻪ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺭﺍﺀ ﺣﺘﻰ ﻳُﻘﺮّﺑَﻪُ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺎﻓﺔ ﻓﻴﺮﺩﻳﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺒﻪ، ﻓﻴﻬﻠﻚ. ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺜﻴﺮ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻋﺮﻕَ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﺪﻓﻌﻮﻧﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺃﻣﻮﺭ ﺟﺴﺎﻡ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﻣﺨﺎﻭﻑَ ﺗﺎﻓﻬﺔٍ لا ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻬﺎ. ﺣﺘﻰ ﻳﺪﺧﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻲ ﻓﻢ ﺍﻟﺜﻌﺒﺎﻥ ﻟﺌـلا ﺗﻠﺴﻌﻪ ﺑﻌﻮﺿﺔ!

  ﺃﺫﻛﺮ ﻣﺜﺎلا: ﺟﺌﺖُ ﺫﺍﺕ ﻣﺴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺟﺴﺮ ﺍﺳﺘﺎﻧﺒﻮﻝ ﻭﺑﺼﺤﺒﺘﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﻠﻴﻞ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺘﻬﻴﺐ ﺭﻛﻮﺏ ﺍﻟﺰﻭﺭﻕ، ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻭﺳﺎﻃﺔَ ﻧﻘﻞ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺰﻭﺭﻕ، ﻭﻧﺤﻦ ﻣﻀﻄﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻣﻊ ﺃﺑﻲ ﺃﻳﻮﺏ ﺍلأﻧﺼﺎﺭﻱ ﻓﺄﻟﺤﺤﺖُ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﺫ لا ﺣﻴﻠﺔ ﻟﻨﺎ ﺇﻟّﺎ ﺭﻛﻮﺑﻪ. ﻓﻘﺎﻝ:

– ﺃﺧﺎﻑ… ﺭﺑﻤﺎ ﻧﻐﺮﻕ!

ﻗﻠﺖ ﻟﻪ: ﻛﻢ ﻳُﻘﺪّﺭ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺰﻭﺍﺭﻕ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ؟

ﻗﺎﻝ: ﺭﺑﻤﺎ ﺃﻟﻒ ﺯﻭﺭﻕ.

ﻗﻠﺖ: ﻛﻢ ﺯﻭﺭﻗﺎً ﻳﻐﺮﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ؟

ﻗﺎﻝ: ﺯﻭﺭﻕ ﺃﻭ ﺍﺛﻨﺎﻥ، ﻭﻗﺪ لا ﻳﻐﺮﻕ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ!

ﻗﻠﺖ: ﻛﻢ ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ؟

ﻗﺎﻝ: ﺛـلاﺛﻤﺎﺋﺔ ﻭﺳﺘﻮﻥ ﻳﻮﻣﺎً.

ﻗﻠﺖ: ﺇﻥَّ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻐﺮﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺤﻮﺫ ﻋﻠﻰ ﺫﻫﻨﻚ، ﻭﺃﺛﺎﺭ ﻓﻴﻚ ﺍﻟﺨﻮﻑ، ﻫﻮ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺛـلاﺛﻤﺎﺋﺔ ﻭﺳﺘﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ. ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺨﺎﻑ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍلاﺣﺘﻤﺎﻝ لا ﻳُﻌﺪّ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً ﻭلا ﺣﻴﻮﺍﻧﺎً!

ﺛﻢ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ: ﺗُﺮﻯ ﻛﻢ ﺗﻘﺪّﺭ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﺶَ ﺑﻌﺪ ﺍلآﻥ؟

ﻗﺎﻝ: ﺃﻧﺎ ﺷﻴﺦ ﻛﺒﻴﺮ، ﺭﺑﻤﺎ ﺃﻋﻴﺶ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ!

ﻗﻠﺖ: ﺇﻥ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ، ﺣﻴﺚ ﺍلأﺟﻞ ﻣﺨﻔﻲٌّ ﻋﻨﺎ. ﻟﺬﺍ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ، ﺃﻱ ﻟﻚ ﺛـلاﺛﺔ ﺁلاﻑ ﻭﺳﺘﻤﺎﺋﺔ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻟﻠﻤﻮﺕ. ﻓﻠﻴﺲ ﺃﻣﺎﻣﻚ ﺇﺫﻥ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺛـلاﺛﻤﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻭﺭﻕ- ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺛـلاﺛﺔ ﺁلاﻑ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻓﻠﺮﺑﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﺍلاﺣﺘﻤﺎﻝُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ. ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻴﻚ ﺇﺫﻥ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻬﻠﻊ ﻭﺍﻟﺒﻜﺎﺀ، ﻭﻛﺘﺎﺑﺔ ﻭﺻﻴﺘﻚ!

ﺃﺛّﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻓﻴﻪ ﻭﺁﺏ ﺇﻟﻰ ﺭﺷﺪﻩ، ﻓﺮﻛّﺒﺘﻪ ﺍﻟﺰﻭﺭﻕ ﻭﻫﻮ ﻳﺮﺟﻒ، ﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻭﺭﻕ:

ﺇﻥَّ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ ﻣﻨﺤﻨﺎ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭَ ﺑﺎﻟﺨﻮﻑ ﻟﻨﺤﻔﻆ ﺑﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، لا ﻟﻬﺪﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺗﺨﺮﻳﺒﻬﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﻤﻨﺤﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭَ ﻟﻨﺠﻌﻞَ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓَ ﺃﻟﻴﻤﺔ ﻭﻣﻌﻀﻠﺔ ﻭﻣﺮﻫﻘﺔ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻧﺎﺷﺌﺎً ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻤﺎﻟﻴﻦ ﺃﻭ ﺛـلاﺛﺔ ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﺃﻭ ﺳﺘﺔ ﺍﺣﺘﻤﺎلاﺕ ﻓـلا ﺑﺄﺱ ﺑﻪ، ﻓﻠﺮﺑﻤﺎ ﻳﻌﺪّ ﺫﻟﻚ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﺸﺮﻭﻋﺎً ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺤﻴﻄﺔ ﻭﺍﻟﺤﺬﺭ. ﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻧﺎﺷﺌﺎً ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺃﻭ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺍﺣﺘﻤﺎلا ﻓﻠﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﺧﻮﻓﺎً، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻭﻫﻢٌ ﻳﺴﺘﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻭﻳﺠﻌﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻋﺬﺍﺑﺎً ﻭﺷﻘﺎﺀً.

ﻓﻴﺎ ﺇﺧﻮﺗﻲ! ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻫﺠﻢ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﻬﺮّﺟﻮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺰﻟﻔﻮﻥ لأﻫﻞ ﺍلإﻟﺤﺎﺩ ﻟﻴﺮﻫﺒﻮﻛﻢ ﻭﻳﺠﻌﻠﻮﻛﻢ ﺗﺘﺨﻠَّﻮﻥ ﻋﻦ ﺟﻬﺎﺩﻛﻢ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ، ﻗﻮﻟﻮﺍ ﻟﻬﻢ:

ﻧﺤﻦ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻧﺤﺘﻤﻲ ﺑﻘﻠﻌﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺤﺼﻴﻨﺔ، ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﻳﺤﻔﻈﻪ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ﺇﻧّﺎ ﻧَﺤﻦُ ﻧَﺰّﻟﻨﺎ ﺍﻟﺬِﻛﺮَ ﻭﺇﻧّﺎ ﻟَﻪُ ﻟﺤَﺎﻓِﻈﻮﻥ﴾ (ﺍﻟﺤﺠﺮ:٩) ﻓﻠﻘﺪ ﺃﺣﺎﻃَﻨﺎ ﺳﻮﺭٌ ﻋﻈﻴﻢ ﻫﻮ ﺳُﻮﺭ ﴿ﺣَﺴﺒُﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻧِﻌﻢَ ﺍﻟﻮَﻛﻴﻞُ﴾ (ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ:173) ﻓﻠﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﺃﻥ ﺗﺪﻓﻌﻮﻧﺎ -ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭﻧﺎ- ﺇﻟﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﻳﺆﺩﻱ ﺣﺘﻤﺎً ﺇﻟﻰ ﺁلاﻑ ﺍلأﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺤﻖ ﺑﺤﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺇﻟﺤﺎﻕ ﺿﺮﺭ ﺑﺴﻴﻂ ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻝٍ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻟﻮﻑ ﺍلاﺣﺘﻤﺎلاﺕ ﺑﺤﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﻫﺬﻩ.

ﻭﻗﻮﻟﻮﺍ ﻟﻬﻢ: ﻣَﻦ ﻣﻨﺎ ﻭﻣَﻦ ﻣﺜﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻖ ﻗﺪ ﺗﻀﺮﺭ ﺑﺴﺒﺐ «ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻮﺭﺳﻲ» ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺯﻣﻴﻠُﻨﺎ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﺃﺳﺘﺎﺫﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﺃﻣﻮﺭ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻭﺭﺍﺋﺪُﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ؟ ﻭﻣَﻦ ﻣﻦ ﻃـلاﺑﻪ ﺍﻟﺨﻮﺍﺹ ﻗﺪ ﺍُﺑﺘﻠﻮﺍ ﺑﺒـلاﺀ ﺣﺘﻰ ﻧُﺒﺘﻠﻰ ﻧﺤﻦ ﺃﻳﻀﺎً، ﺃﻭ ﻧﻀﻄﺮﺏَ ﻭﻧﻘﻠﻖ ﻣﻦ ﺧﻮﻑ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒـلاﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﻨﺰﻝ ﺑﻨﺎ. ﻓـلأﺧﻴﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺃﻟﻮﻑٌ ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﺇﺧﻮﺍﻥ ﺍلآﺧﺮﺓ، ﻭﻟﻢ ﻧﺴﻤﻊ ﺃﻥ ﺿﺮﺭﺍً ﺃﺻﺎﺏَ ﺃﺣﺪَ ﺇﺧﻮﺗﻪ ﻣﻨﺬ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺛـلاﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﺭﻏﻢ ﺗﺪﺧﻠﻪ ﺗﺪﺧـلا ﻣﺆﺛﺮﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍلاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻃﻮﺍﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﻄﺮﻗﺔَ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﻗﻮﺗﻬﺎ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍلآﻥ لا ﻳﻤﻠﻚ ﺳﻮﻯ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺪلا ﻣﻦ ﻣﻄﺮﻗﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ. ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﺳﻤﻪ ﻗﺪ ﺿُﻢ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﻊ ﻣَﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺩﺙ (31) ﻣﺎﺭﺕ ﻭﺍﻫﻠﻜﻮﺍ ﻗﺴﻤﺎً ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻪ ﺗﺒﻴّﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ، ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﺑّﺮﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃُﻧﺎﺱ ﺁﺧﺮﻳﻦ. ﻭﺃﻥ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀﻩ ﻟﻢ ﻳﺘﻀﺮﺭﻭﺍ ﺑﺴﺒﺐ ﺻﺪﺍﻗﺘﻪ ﺑﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﺃﻋﺪﺍﺋﻪ. ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻪ ﺃﻧﻘﺬ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ.

ﻓﺒﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻳﺎ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻟﻮﺍ ﻟﻠﻤﺘﺰﻟﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ:

«ﺇﻧﻨﺎ لا ﻧﺮﺿﻰ ﺃﻥ ﺗﻀﻴﻊ ﺧﺰﻳﻨﺔٌ ﺃﺑﺪﻳﺔ ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻝ ﺧﻮﻑٍ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺑﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺁلاﻑ ﺍلاﺣﺘﻤﺎلاﺕ. لا ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺨﻄﺮ ﻫﺬﺍ ﺑﺒﺎﻝ ﺃﻣﺜﺎﻟﻜﻢ ﻳﺎ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍلإﻧﺲ» ﻭﻋﻠﻴﻜﻢ ﻳﺎ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﺃﻥ ﺗﻄﺮﺩﻭﻫﻢ ﻭﺗﻀﺮﺑﻮﺍ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻮﺍﻫﻬﻢ.

ﻭﻗﻮﻟﻮﺍ لأﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻤﺘﺰﻟﻔﻴﻦ ﺃﻳﻀﺎً :

ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒـلاﺀ ﻭﺍﻟﻬـلاﻙ ﻧﺎﺷﺌَﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻣﺎﺋﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ لا ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻝ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻣﺌﺎﺕ ﺍلأﻟﻮﻑ ﻣﻦ ﺍلاﺣﺘﻤﺎلاﺕ، ﻓﺈﻧﻨﺎ لا ﻧﺘﺮﻙ ﻭلا ﻧﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻪ (ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻮﺭﺳﻲ) ﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻧﻤﻠﻚ ﺫﺭﺓ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ، لأﻧﻪ ﺷُﻮﻫﺪ ﺑﺘﺠﺎﺭﺏَ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻭلا ﻳﺰﺍﻝ ﻳُﺸﺎﻫَﺪ؛ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﻴﻨﻮﻥ ﺃﺳﺘﺎﺫﻫﻢ ﺃﻭ ﺇﺧﻮﺍﻧﻬﻢ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﻭﺍﻟﺒـلاﻳﺎ، ﺗﻨﺰﻝ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﻤﺼﻴﺒﺔُ ﺃﻭلا. ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻌﺎﻣَﻠﻮﻥ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔً ﺟﺎﺋﺮﺓ ﺩﻭﻥ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﻳﺠﺎﺯَﻭﻥ ﻣﺠﺎﺯﺍﺓ ﺍﻟﺴﻔﻠﺔ. ﻓﺘﻤﻮﺕ ﺃﺟﺴﺎﺩُﻫﻢ ﻭﺗﻬﻠﻚ ﺃﺭﻭﺍﺣُﻬﻢ ﻣﻌﻨﻰً ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﻧﺔ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﻗﺒﻮﻧﻬﻢ لا ﻳﺸﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ، لأﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ:

ﺇﻥَّ ﻫﺆلاﺀ ﻗﺪ ﺧﺎﻧﻮﺍ ﺃﺳﺘﺎﺫَﻫﻢ ﺍﻟﻌﻄﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻓـلاﺑﺪ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﻨﺤﻄﻮﻥ ﺳﻔﻠﺔ، لا ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻥ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ، ﺑﻞ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﺮ ﻭﺍلإﻫﺎﻧﺔ.

ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻜﺬﺍ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺳﺤﻖ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً ﺗﺤﺖ ﺃﻗﺪﺍﻣﻪ، ﻭﺑﺪﺃ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ ﺑﺘﻘﺒﻴﻞ ﺃﻗﺪﺍﻣﻪ، ﻓﺈﻥ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﻨﺴﺤﻖ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺬﻟﺔ ﻗﺒﻞ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﺗﻤﻮﺕ ﺭﻭﺣُﻪ ﻗﺒﻞ ﺟﺴﺪﻩ. ﻓﻴﻔﻘﺪ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﺗﻤﺤﻰ ﻋﺰﺗﻪ ﻭﺷﺮﻓﻪ ﻛﺬﻟﻚ، ﺇﺫ ﺇﻧﻪ ﺑﺈﺑﺪﺍﺀ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﺗﺠﺎﻩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﺍﻟﻘﺎﺳﻲ ﻳﺸﺠﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺤﻘﻪ ﺃﻛﺜﺮ.

ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻮ ﺑﺼﻖ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﻘﺬ ﻗﻠﺒَﻪ ﻭﺭﻭﺣَﻪ، ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺟﺴﺪُﻩ ﺷﻬﻴﺪﺍً ﻣﻈﻠﻮﻣﺎً.

ﻧﻌﻢ، ﺍﺑﺼﻘﻮﺍ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﺍﻟﺼﻔﻴﻘﺔ!

ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﺍﺣﺘﻞ ﺍلإﻧﻜﻠﻴﺰ ﺍﺳﺘﺎﻧﺒﻮﻝ، ﻭﺩﻣﺮّﻭﺍ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﻴﻖ (ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺎﻧﺒﻮﻝ) ﺳﺄﻝ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻳﺎﻡ ﺭﺋﻴﺲ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍلاﻧﻜﻠﻴﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﻴﺨﺔ ﺍلإﺳـلاﻣﻴﺔ ﺳﺘﺔ ﺃﺳﺌﻠﺔ، ﻭﻛﻨﺖ ﺣﻴﻨﺌﺬٍ ﻋﻀﻮﺍً ﻓﻲ «ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍلإﺳـلاﻣﻴﺔ» ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻟﻲ:

ﺍﺟﺐ ﻋﻦ ﺃﺳﺌﻠﺘﻬﻢ ﺑﺴﺘﻤﺎﺋﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ. ﻗﻠﺖ: ﺇﻥ ﺟﻮﺍﺏ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺳﺌﻠﺔ ﻟﻴﺲ ﺳﺘﻤﺎﺋﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﻭلا ﺳﺖ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻭلا ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﺑﻞ ﺑﺼﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ.

لأﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺩﺍﺳﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺄﻗﺪﺍﻣﻬﺎ ﻣﻀﺎﻳﻘَﻨﺎ ﻭﺃﺧﺬﺕْ ﺑﺨﻨﺎﻗﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻭﻥ، ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺒﺼﺎﻕ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺭﺋﻴﺲ ﺃﺳﺎﻗﻔﺘﻬﻢ ﺇﺯﺍﺀ ﺃﺳﺌﻠﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺄﻟﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﻏﺮﻭﺭ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﻠﺖ: ﺍﺑﺼﻘﻮﺍ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﺎﻓﻬﺔ.

ﻭﺍلآﻥ ﺃﻗﻮﻝ: ﺇﻥَّ ﺩﻭﻟﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﺍلإﻧﻜﻠﻴﺰ، ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﻞ ﺑـلاﺩﻧﺎ، ﻓﻘﺪ ﺃﺟﺒﺘﻬﻢ -ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻄﺎﺑﻊ- ﻭﺗﺤﺪﻳﺘُﻬﻢ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻬـلاﻙ ﻣﺤﻘﻘﺎً ﻭﺣﺘﻤﻴﺎً ﻣﺎﺋﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻔﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ ﻗﺪ ﻛﻔﺎﻧﻲ ﻓﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﻔﻆ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺎﻓﻴﺎً ﻟﻜﻢ ﺑﻤﺎﺋﺔ ﺿﻌﻒ ﺇﺯﺍﺀ ﺃﺿﺮﺍﺭ ﺗﺮﺩ ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻝ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ.

ﺛﻢ ﺃﻳﻬﺎ ﺍلأﺧﻮﺓ! ﺇﻥَّ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻨﻜﻢ ﻗﺪ ﺧﺪﻡ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﺠﻴﺶ، ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺨﺪﻣﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺳﻤﻌﻮﺍ ﺣﺘﻤﺎً، ﻭﻣَﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻓﻠﻴﺴﻤﻌﻪ ﻣﻨﻲ: ﺇﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻳُﺠﺮَﺡ ﻭﻳﺼﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﺮﺑﻮﻥ ﻣﻦ ﺧﻨﺎﺩﻗﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﻣﻮﺍﺿﻌﻬﻢ، ﻭﺇﻥ ﺃﻗﻞ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﻫﻢ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺿﻌﻬﻢ ﻓﺎلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿ﻗُﻞ ﺇﻥّ ﺍﻟﻤَﻮﺕَ ﺍﻟﺬﻱ ﺗَﻔِﺮّﻭﻥَ ﻣِﻨﻪُ ﻓﺈﻧﻪ ﻣـلاﻗﻴﻜُﻢ﴾ (ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ:٨) ﺗﺸﻴﺮ ﺑﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍلإﺷﺎﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﻘﺎﺑﻠﻮﻧﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ.

  ﺍﻟﺪﺳﻴﺴﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ

ﺇﻥَّ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻳﻘﺘﻨﺼﻮﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﺑﺸِﺒﺎﻙ ﺍﻟﻄﻤﻊ ﻭﻓﺨِّﻪ. ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺛﺒﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺑﺒﺮﺍﻫﻴﻦَ ﻗﺎﻃﻌﺔ ﺍﺳﺘﻔﻀﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻭﺑﻴﻨﺎﺗﻪ: «ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﺤـلاﻝ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻭﺍلاﻓﺘﻘﺎﺭ لا ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺍلاﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍلاﻗﺘﺪﺍﺭ». ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﺎ لا ﻳﺤﺪ ﻣﻦ ﺍلإﺷﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍلأﻣﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺪلاﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻴﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻨﻬﺎ:

ﺇﻥَّ ﺍلأﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍلأﺣﻴﺎﺀ، ﻭﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﺔ ﻟﻠﺮﺯﻕ ﺗﻘﻒ ﻣﻨﺘﺼﺒﺔً ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ، ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ ﺭﺯﻗُﻬﺎ ﺳﺎﻋﻴﺎً ﻟﻬﺎ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ لا ﺗﺘﻐﺬﻯ ﻭلا ﺗﻨﻤﻮ ﻛﺎلأﺷﺠﺎﺭ ﺗﻐﺬﻳﺔً ﻭﻧﻤﻮﺍً ﻛﺎﻣـلا ﺑﺴﺒﺐ ﺣﺮﺻﻬﺎ ﻭﻟﻬﺎﺛﻬﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺮﺯﻕ. ﻭﺇﻥ ﺃﻗﻞ ﺍلأﺳﻤﺎﻙ ﺫﻛﺎﺀً ﻭﺃﺷﺪَّﻫﺎ ﺑـلاﺩﺓ ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﺿﻌﻔﺎً ﻭﻋﺠﺰﺍً ﺗﺘﻐﺬﻯ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻭﺟﻪ ﻣﻊ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻣﻞ ﻓﺘَﻈﻬﺮ ﺑﺪﻳﻨﺔً ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﺎﻣﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻘﺮﺩﺓ ﻭﺍﻟﺜﻌﺎﻟﺐ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﺔ ﻟﻠﺬﻛﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺰﻳﻠﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻟﺴﻮﺀ ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﺎ.

  ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻭﺳﺎﻃﺔ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻟﻴﺴﺖ ﺍلاﻗﺘﺪﺍﺭ ﺑﻞ ﺍلاﻓﺘﻘﺎﺭ.

ﻭﺇﻥ ﺣﺴﻦَ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻓﻞ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭُ -ﺳﻮﺍﺀً ﺃﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻧﺎﺳﺎً ﺃﻡ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎﺕ- ﻭﺍلإﺣﺴﺎﻥَ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻠﺒﻦ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ ﻫﺪﻳﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﺗُﻘﺪَّﻡ ﻣﻦ ﺧﺰﻳﻨﺔ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ لا ﻳﺤﺘﺴﺒﻮﻥ؛ ﺭﺣﻤﺔً ﻟﻀﻌﻔﻬﻢ ﻭﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﺰﻫﻢ، ﻭﺿِﻴﻖُ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺣﻮﺵ ﺍﻟﻀﺎﺭﻳﺔ، ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥَّ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﺤـلاﻝ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻭﺍلاﻓﺘﻘﺎﺭ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺬﻛﺎﺀ ﻭﺍلاﻗﺘﺪﺍﺭ.

ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺃﺣﺮﺹُ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻳﺴﺒﻘﻮﻥ ﺍلأﻣﻢ ﻓﻲ ﺳﻌﻴﻬﻢ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻢ ﺃﻛﺜﺮُ ﺍلأﻣﻢ ﺫﻟﺔ ﻭﻣﻬﺎﻧﺔ، ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﺗﻌﺮﺿﺎً ﻟﺴﻮﺀ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ، ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﺃﻏﻨﻴﺎﺅﻫﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻋﻴﺸﺎً ﺫﻟﻴـلا. ﻭلا ﺗﺠﺮﺡ ﻣﺴﺄﻟﺘﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻣﻮﺍﻝُ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺤﺼﻠﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ، لأﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﺤـلاﻝ.

ﻭﺇﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍلأﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻋﻴﺶَ ﺍﻟﻜﻔﺎﻑ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳُﺜﺮﻯ ﻛﺜﻴﺮٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺒﻠﻬﺎﺀ.. ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥَّ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺟﻠﺐ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎﺀ ﻭﺍلاﻗﺘﺪﺍﺭ، ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﻭﺍلاﻓﺘﻘﺎﺭ ﻭﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮﻛﻞ، ﻭﺑﺎﻟﺪﻋﺎﺀ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﻭﺍﻟﺤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ.

ﻭﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿ﺇﻥّ ﺍﻟﻠﻪ ﻫُﻮَ ﺍﻟﺮّﺯَﺍﻕُ ﺫُﻭ ﺍﻟﻘُﻮﺓِ ﺍﻟﻤَﺘﻴﻦ﴾ (ﺍﻟﺬﺍﺭﻳﺎﺕ:58) ﺗﻌﻠﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻭﻫﻲ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻗﻮﻱ ﻋﻈﻴﻢ ﻟﺪﻋﻮﺍﻧﺎ ﻫﺬﻩ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﻠﻮﻫﺎ ﺟﻤﻴﻊُ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺃﻃﻔﺎﻝ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻝ، ﺑﻞ ﺗﺘﻠﻮﻫﺎ ﻛﻞُّ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺗﻄﻠﺐ ﺍﻟﺮﺯﻕ.

ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥَّ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻣﻘﺪّﺭ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﺍلإﻟﻬﻲ، ﻭﺇﻧﻪ ﻳُﻨﻌَﻢ ﺑﻪ ﺇﻧﻌﺎﻣﺎً، ﻭﺍﻟﻤﻨﻌِﻢ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺭ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻭﻫﻮ ﺭﺣﻴﻢ ﻭﻛﺮﻳﻢ، ﻓﻠﻴﻔﻜﺮ ﻣَﻦ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﺎلا ﺣﺮﺍﻣﺎً ﻣﻤﺤﻮﻗﺎً ﺭﺷﻮﺓً ﻟﻮﺟﺪﺍﻧﻪ ﺑﻞ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻟﻤﻘﺪﺳﺎﺗﻪ، ﻣﺮﻳﻘﺎً ﻣﺎﺀَ ﻭﺟﻬﻪ ﺇﺭﺍﻗﺔً ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺍﺗﻬﺎﻡ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺍلاﺳﺘﺨﻔﺎﻑ ﺑﻜﺮﻣﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ.. ﺃﻗﻮﻝ؛ ﻓﻠﻴﻔﻜﺮ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﻣﺪﻯ ﺑـلاﻫﺔ ﻭﺟﻨﻮﻥ ﺗﺼﺮﻓﻪ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ، لا ﻳﻌﻄﻮﻥ ﻧﻘﻮﺩَﻫﻢ ﺭﺧﻴﺼﺔ، ﺑﻞ ﻳﻌﻄﻮﻧﻬﺎ ﺑﺄﺛﻤﺎﻥ ﺑﺎﻫﻈﺔ، ﻓﺈﻥ ﻣﺎلا ﻗﺪ ﻳﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺍﻣﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺩﻧﻴﻮﻳﺔ ﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻭﺳﻴﻠﺔ لإﺑﺎﺩﺓ ﺧﺰﻳﻨﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﺑﺪﻳﺔ ﺧﺎﻟﺪﺓ. ﻓﻴﺠﻠﺐ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﺮﺹ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐَ ﺍلإﻟﻬﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﺤﺎﻭﻝ ﺟﻠﺐَ ﺭﺿﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ.

ﻓﻴﺎ ﺇﺧﻮﺗﻲ!

ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﺻﻄﺎﺩﻛﻢ ﻣﺘﺰﻟّﻔﻮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﻨﺎﻓﻘﻮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻝ ﺑﻔﺦّ ﺍﻟﻄﻤﻊ ﻭﻋﺮﻗﻪ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﺍﻟﻤﻐﺮﻭﺯ ﻓﻲ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻓﻔﻜﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻭﺍﺟﻌﻠﻮﺍ ﺃﺧﺎﻛﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻣﺜﺎلا ﻳُﻘﺘﺪﻯ ﺑﻪ.

ﻓﺈﻧﻲ ﺃُﻃﻤﺌﻨﻜﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔَ ﻭﺍلاﻗﺘﺼﺎﺩَ ﻳﺪﻳﻤﺎﻥ ﺣﻴﺎﺗﻜﻢ ﻭﻳﻀﻤﻨﺎﻥ ﺭﺯﻗَﻜﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺗَّﺐ، ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ ﺍﻟﻤﻌﻄﺎﺓ ﻟﻜﻢ ﺳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﻜﻢ ﺑﺪﻟﻬﺎ ﺃﺿﻌﺎﻓﺎً ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ، ﺑﻞ ﺃﻟﻒ ﺿﻌﻒ ﻭﺿﻌﻒ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍلأﻗﻞ ﺗﻤﻨﻊ ﺃﻭ ﺗﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻔﺘﺢ ﺃﺑﻮﺍﺏَ ﺧﺰﻳﻨﺔٍ ﺃﺑﺪﻳﺔ ﻟﻜﻢ؛ ﻛﻞ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺎﺗﻬﺎ. ﻭﻫﺬﺍ ﺿﺮﺭ ﺟﺴﻴﻢ ﻭﻓﺮﺍﻍ ﻭﺧﻴﻢ لا ﺗﻤﻠﺆﻩ ﺃﻟﻮﻑ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺎﺕ.

  ﺗﻨﺒﻴﻪ:

ﺇﻥَّ ﺃﻫﻞَ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺩﺃﺑُﻬﻢ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﻜﻴﺪ، ﻳﻨﺼﺒﻮﻥ ﻓﺦَّ ﺍﻟﺤﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺨﺪﺍﻉ، ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﺠﺰﻭﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﺯﺍﺀ ﻣﺎ ﻧﺸﺮﻧﺎﻩ ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻠﻬَﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ. ﻭﻳﺤﺎﻭﻟﻮﻥ -ﺑﺸﺘﻰ ﺍﻟﻄﺮﻕ- ﺃﻥْ ﻳﺴﺤﺒﻮﺍ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻋﻨﻲ، ﻭﻳﻐﺮﺭﻭﺍ ﺑﻬﻢ ﺑﺤﺐ ﺍﻟﺠﺎﻩ ﻭﺍﻟﻄﻤﻊ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ، ﻭﺍﻟﺘﻬﻮﻳﻦ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻲ، ﺑﺈﻟﺼﺎﻕ ﺑﻌﺾ ﺍلأﻣﻮﺭ ﺑﻲ.

ﻧﺤﻦ لا ﻧﺘﺤﺮﻙ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺇﻟّﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺩﻓﻊَ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﻖ ﻛﻞ ﺃﻣﺮ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻳﺴﻮﻗﻨﺎ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺇﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻣﻊ ﺍلأﺳﻒ.

ﻭﺇﺯﺍﺀ ﺩﻋﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﺍﻟﺨﺎﺩﻋﺔ ﻫﺬﻩ، ﺍﻧﺒّﻪ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﺑﺎﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﺜـلاﺙ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ﻭﺃﺳﻌﻰ ﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﻋﻨﻬﻢ. ﻭﻳُﺸﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﺃﻛﺒﺮ ﻫﺠﻮﻡ ﻋﻠﻲّ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺇﻥ ﺳﻌﻴﺪﺍً ﻛﺮﺩﻱ، ﻓﻠِﻢَ ﺗﺤﺘﺮﻣﻮﻧﻪ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻭﺗﺘﺒﻌﻮﻧﻪ؟ ﻟﺬﺍ ﺍﺿﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺪﺳﻴﺴﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺩﻭﻥ ﺭﻏﺒﺔ ﻣﻨﻲ، لإﺳﻜﺎﺕ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆلاﺀ.