ﺍﻟﺪﺳﻴﺴﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ

ﺇﻥَّ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻐﻠﻮﻥ ﻣﻨﺎﺻﺐَ ﻣﻬﻤﺔ، ﻳﺸﻨﻮﻥ ﻫﺠﻮﻣﺎً ﻋﻠﻲّ، ﺑﺘﺮﻭﻳﺠﻬﻢ ﺩﻋﺎﻳﺎﺕ ﺗﻠﻘَّﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﻣﻦ ﺇﻳﺤﺎﺀﺍﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻝ، ﻟﻴﻐﺮﺭﻭﺍ ﺑﻬﺎ ﺑﺈﺧﻮﺍﻧﻲ ﻭﻳﺜﻴﺮﻭﺍ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﻨﻌﺮﺓ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ:

ﺍﻧﺘﻢ ﺃﺗﺮﺍﻙ، ﻭﻓﻲ ﺍلأﺗﺮﺍﻙ ﻣﻦ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺇﻥ ﺳﻌﻴﺪﺍً ﻫﺬﺍ ﻛﺮﺩﻱ، ﻓﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻴﺘﻜﻢ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻟﻨﺨﻮﺓ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ.

  ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ﺍﻟﺸﻘﻲ! ﺇﻧﻲ ﻭﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻣﺴﻠﻢ، ﺍﻧﺘﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﺘﻲ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ، ﻭﻫﻢ ﺛـلاﺛﻤﺎﺋﺔ ﻭﺧﻤﺴﻮﻥ ﻣﻠﻴﻮﻧﺎً ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ، ﻭﺇﻧﻲ ﺍﺳﺘﻌﻴﺬ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃُﺿﺤﻲَ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﻜﺎﺛﺮﺓ ﻣﻦ ﺍلإﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﺑﻄﻴﻦ ﺑﺄﺧﻮﺓ ﺧﺎﻟﺪﺓ ﻭﻳﻤﺪﻭﻧﻨﻲ ﺑﺪﻋﻮﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ﻭﻓﻴﻬﻢ ﺃﻛﺜﺮﻳﺔ ﺍلأﻛﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ، ﻭﺍﺳﺘﺒﺪﻝَ ﺑﻬﺆلاﺀ ﺍﻟﻤﻴﺎﻣﻴﻦ ﺩﻋﻮﺓً ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ ﻭﻗﻮﻣﻴﺔ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻛﺴﺒﺎً ﻟﻮﺩّ ﺑﻀﻌﺔ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻣﻌﻴﻨﻴﻦ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻜﺮﺩ ﻭﻳﻌﺪّﻭﻥ ﻣﻦ ﻋﻨﺼﺮ ﺍﻟﻜﺮﺩ، ﻣﻤﻦ ﺳﻠﻜﻮﺍ ﺳﺒﻴﻞَ ﺍلإﻟﺤﺎﺩ ﻭﺍلاﻧﺴـلاﺥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ.

ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ! ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﺩﺃﺏُ ﺃﻣﺜﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﻘﻰ، ﻳﺘﺮﻙ ﺃﺧﻮﺓً ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻧﻮﺭﺍﻧﻴﺔً ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺗﻌﺪﺍﺩﻫﻢ ﺛـلاﺛﻤﺎﺋﺔ ﻭﺧﻤﺴﻮﻥ ﻣﻠﻴﻮﻧﺎً لأﺟﻞ ﻛﺴﺐ ﺇﺧﻮﺓ ﻛﻔﺎﺭ (ﺍﻟﻤﺠﺮ) ﺃﻭ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺃﺗﺮﺍﻙ ﻣﺘﻔﺮﻧﺠﻴﻦ ﻣﺘﺤﻠﻠﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﺗﻠﻚ ﺍلأﺧﻮﺓ ﺍﻟﻤﺆﻗﺘﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺠﺪﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.

ﻭﻟﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﺑﻴّﻨﺎ ﻣﺎﻫﻴﺔَ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻭﺃﺿﺮﺍﺭَﻫﺎ ﺑﺪلاﺋﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ» ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺤﻴﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﻧﺘﻨﺎﻭﻝ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍلإﻳﻀﺎﺡ ﺣﻘﻴﻘﺔً ﻭﺭﺩﺕ ﻣﺠﻤﻠﺔً ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻫﻲ ﺍلآﺗﻴﺔ:

ﺃﻗﻮﻝ لأﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ، ﺃﺩﻋﻴﺎﺀ ﺍﻟﻨﺨﻮﺓ ﻭﺍﻟﻐﻴﺮﺓ، ﺍﻟﻤﺘﺴﺘﺮﻳﻦ ﺗﺤﺖَ ﺳﺘﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍلأﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻬﻢ:

ﺇﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻋـلاﻗﺔ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺟﺪﺍً ﺑﻤﺆﻣﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻤّﻮﻥ ﺑﺎلأﺗﺮﺍﻙ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﻴﻦ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎً ﻗﻮﻳﺎً، ﻭﺑﺄﺧﻮﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﺃﺑﺪﻳﺔ ﻭﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﺎلأﻣﺔ ﺍلإﺳـلاﻣﻴﺔ.. ﻭﺃﻛﻦّ ﺣﺒﺎً ﻋﻤﻴﻘﺎً ﻭﻭلاﺀً ﺑﻔﺨﺮ ﻭﺍﻋﺘﺰﺍﺯ -ﺑﺎﺳﻢ ﺍلإﺳـلاﻡ- لأﺑﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﻓﻌﻮﺍ ﺭﺍﻳﺔَ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺧﻔﺎﻗﺔ ﻋﺰﻳﺰﺓ ﻓﻲ ﺭﺑﻮﻉ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﺟﻤﻊ ﺯﻫﺎﺀ ﺃﻟﻒ ﻋﺎﻡ.

ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺎﺩﻉ ﺍﻟﻤﺪّﻋﻲ، ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻚ ﺇﻟّﺎ ﺃﺧﻮﺓ ﻣﺠﺎﺯﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﻣﺆﻗﺘﺔ ﻭﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﻭﺍلأﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗُﻬﻤﻞ ﻭﺗﻄﺮﺡ ﺟﺎﻧﺒﺎً ﺍﻟﻤﻔﺎﺧﺮ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺘﺮﻙ. ﻓﺄﻧﺎ ﺃﺳﺄﻟﻚ:

ﻫﻞ ﺍلأﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺷﺒﺎﺏ ﻏﺎﻓﻠﻴﻦ، ﺳﺎﺭﺣﻴﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺍلأﻫﻮﺍﺀ، ﻣﻤﻦ ﺗﺘﺮﺍﻭﺡ ﺃﻋﻤﺎﺭُﻫﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭﺍلأﺭﺑﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻓﻘﻂ؟

ﻭﻫﻞ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻮﺟﺒﻪ ﺍﻟﻨﺨﻮﺓُ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻓﻊ ﺗﻤﺴﻬﻢ، ﻣﺤﺼﻮﺭﺓٌ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻣﺘﻔﺮﻧﺠﺔ ﺗﺰﻳﺪ ﻏﻔﻠﺘَﻬﻢ، ﻭﺗﻌﻮّﺩﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺳﻮﺀ ﺍلأﺧـلاﻕ، ﻭﺗﺤﺜﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﻟﻤﻮﺑﻘﺎﺕ؟

ﻭﻫﻞ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺩﻓﻌﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻌﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻭﺿﺤﻚ ﺁﻧﻲ ﻳﺒﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻳﺎﻣﺎً ﻓﻲ ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻬﻢ؟.

ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺨﻮﺓ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﻮﺭ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﻗﻲ ﻭﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ.. ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺃﻧﺖ ﺩﺍﻋﻴﺔً ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، ﻭﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺍلأﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ. ﻓﺄﻧﺎ ﺃﻓﺮّ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻓﺮﺍﺭﺍً ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻭﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻔﺮّ ﻣﻨﻲ ﺃﻳﻀﺎً.

ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖَ ﻣﺎﻟﻜﺎً ﻟﺬﺭﺓ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺭ ﻭﺇﻧﺼﺎﻑ ﻭﻏﻴﺮﺓ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺣﻘﺔ، ﻓﺎﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﺛﻢ ﺃﺟﺐ ﻋﻨﻬﺎ، ﻫﻲ:

ﺇﻥ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻤَّﻮﻥ ﺑﺎلأﺗﺮﺍﻙ، ﻳﻨﻘﺴﻤﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺳﺘﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ:

ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍلأﻭﻝ: ﻫﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﺍﻟﺼـلاﺡ.

ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻫﻢ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀﺮ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ.

ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻫﻢ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ.

ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ: ﻫﻢ ﺍلأﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ.

ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ: ﻫﻢ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﻌﻮﺯﻭﻥ.

ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ: ﻫﻢ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ.

ﺃﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﺍلأﻭﻟﻰ ﺃﺗﺮﺍﻛﺎً، ﺃﻭَ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺣﺼﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤَﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ؟ ﺃﻓﻤﻦ ﺍلأﺑﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺇﻳﺬﺍﺀ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﻭﺳﻠﺐ ﺳﺮﻭﺭِﻫﻢ ﻭﺗﻌﻜﻴﺮ ﺻﻔﻮِﻫﻢ ﻭﺇﻓﺴﺎﺩ ﺳﻠﻮﺍﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺑﻬﺠﺔ ﻣُﺴﻜﺮﺓ ﻏﺎﻓﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ؟ ﺃﻫﺬﻩ ﻧﺨﻮﺓٌ ﺃﻡ ﻋﺪﺍﺀٌ ﻟـلأﻣﺔ؟ ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻠﺤﻖ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺎلأﻛﺜﺮﻳﺔ لاﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻋﺪﻭّ لا ﺻﺪﻳﻖ، ﺇﺫ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻳُﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍلأﻛﺜﺮﻳﺔ.

ﻓﺄﻧﺎ ﺃﺳﺄﻟﻚ: ﻫﻞ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍلأﻭﻝ -ﻭﻫﻢ ﺃﻫﻞ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ- ﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻣﺘﻔﺮﻧﺠﺔ؟ ﺃﻡ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻙ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺸﺘﺎﻗﻮﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻭﻭﺟﺪﺍﻥ ﺳﻠﻮﺍﻥ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ؟.

ﺇﻥَّ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻠﻜﻮﻧﻬﺎ، ﺃﻧﺖ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟُﻚ ﻣﻦ ﺃﺩﻋﻴﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻤﺎﺩﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ، ﺗﻄﻔﺊ ﺍلأﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﻘﻴﻦ، ﻭﺗﺨﻞّ ﺑﺴﻠﻮﺍﻧﻬﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻭﺗﺮﻳﻬﻢ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺇﻋﺪﺍﻣﺎً ﺃﺑﺪﻳﺎً، ﻭﺗﺪﻟّﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺑﺎﺏٌ ﺇﻟﻰ ﻓﺮﺍﻕ ﺃﺑﺪﻱ.

ﻭﻫﻞ ﻣﻨﺎﻓﻊ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﺍلآﻳﺴﻮﻥ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ، ﻫﻲ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ لا ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻣﺘﻔﺮﻧﺠﺔ؟. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺒﺎﺋﺴﻮﻥ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻧﻮﺭﺍً ﻭﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﺳﻠﻮﺍﻧﺎً ﻭﻳﺒﺘﻐﻮﻥ ﺛﻮﺍﺑﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺋﺐ، ﻭﻳﺮﻭﻣﻮﻥ ﺃﺧﺬَ ﺍﻟﺜﺄﺭ ﻭﺍلاﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻤﻦ ﻇﻠﻤﻬﻢ، ﻭﻳﺘﺮﻗﺒﻮﻥ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻋﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻧَﻮَﺍ ﻣﻨﻪ. ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺨﻮﺓ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻴﻬﺎ ﺃﻧﺖ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟُﻚ ﺗﻨﺰﻟﻮﻥ ﺻﻔﻌﺎﺕٍ ﻣﻮﺟِﻌﺔً ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺱ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻤﺒﺘﻠﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺰﺍﺀ ﻭﺍلإﺷﻔﺎﻕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﺿﻤﺎﺩ ﺟﺮﻭﺣﻬﻢ ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﺑﻬﻢ، ﺑﻞ ﺗﻐﺮﺯﻭﻥ ﺍلآلاﻡ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺍﻟﺠﺮﻳﺤﺔ، ﻓﺘﺨﻴﺒﻮﻥ ﺁﻣﺎﻟﻬﻢ ﺩﻭﻥ ﺭﺣﻤﺔ، ﻭﺗﻠﻘﻮﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﻳﺄﺱ ﻗﺎﺗﻢ ﺩﺍﺋﻢ!

ﺃﻫﺬﻩ ﻏﻴﺮﺓ ﻗﻮﻣﻴﺔ؟ ﺃﺑﻬﺬﺍ ﺗﺨﺪﻣﻮﻥ ﺍلأﻣﺔ ﻭﺗُﺴْﺪﻭﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻔﻊ؟

  ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ؛ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺜﻠﻮﻥ ﺛﻠﺚ ﺍلأﻣﺔ، ﻓﻬﺆلاﺀ ﻳﻘﺘﺮﺑﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺮ، ﻭﻳﺪﻧﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻭﻳﺒﺘﻌﺪﻭﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻳﺠﺎﻭﺭﻭﻥ ﺍلآﺧﺮﺓ ﻓﻬﻞ ﺳﻠﻮﺍﻥ ﻫﺆلاﺀ ﻭﻧﻔﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﺍلاﺳﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺳﻴﺮﺓ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ «ﺟﻨﻜﻴﺰﺧﺎﻥ» ﻭ«ﻫﻮلاﻛﻮ» ﺍﻟﻤﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻐﺪﺭ؟ ﻭﻫﻞ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻟﻜﻢ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻨﺴﻲ ﺍلآﺧﺮﺓ، ﻭﺗُﻠﺼﻖ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻫﻲ ﺃﻓﻌﺎﻝٌ لا ﻃﺎﺋﻞ ﺗﺤﺘﻬﺎ، ﻭﻫﻲ ﺳﻘﻮﻁ ﻭﺗﺮﺩٍ ﻣﻌﻨﻮﻱ ﺭﻏﻢ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺭﻗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ. ﻭﻫﻞ ﺃﻥ ﻧﻮﺭَ ﺍلآﺧﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ؟ ﻭﻫﻞ ﺍﻟﺴﻠﻮﺍﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺮﺡ؟

ﻭﺇﺫ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻫﺆلاﺀ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﺍلاﺣﺘﺮﺍﻡَ ﻭﺍﻟﺘﻮﻗﻴﺮَ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺨﻮﺓ ﻭﺍﻟﻐﻴﺮﺓ ﺇﺫﺍ ﺑﻬﻢ ﻳﺨﺎﻃَﺒﻮﻥ: ﺃﻧﻜﻢ ﺗﺴﺎﻗﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﺪﺍﻡ ﺃﺑﺪﻱ، ﺑﻤﺎ ﻳﻨﻔﺚ ﻓﻲ ﺭﻭﻋﻬﻢ ﺃﻥ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺼﻮﺭﻭﻧﻪ ﺭﺣﻤﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻟّﺎ ﻓﻢ ﺛﻌﺒﺎﻥ ﻳﺒﺘﻠﻌﻬﻢ، ﻭﻳﻬﻤﺲ ﻓﻲ ﺁﺫﺍﻧﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ: ﺇﻧﻜﻢ ﻣﺎﺿﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﻛﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻃﻌﻨﺎﺕٌ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﺗﻨﺰﻝ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻓﺘﺬﺑﺤﻬﻢ ﺫﺑﺤﺎً ﻣﻌﻨﻮﻳﺎً.

ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﻏﻴﺮﺓ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻭﺣﻤﻴﺔ ﻣﻠﻴﺔ، ﻓﺈﻧﻲ ﺍﺳﺘﻌﻴﺬ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﺎﺋﺔَ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺨﻮﺓ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ؛ ﻭﻫﻢ ﺍلأﻃﻔﺎﻝ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ.

ﻭﺇﻥ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﺃﺭﻭﺍﺣَﻬﻢ ﺗﻨﺒﺴﻂ، ﻭﻗﺎﺑﻠﻴﺎﺗِﻬﻢ ﺗﻨﻤﻮ، ﻭﻣﻮﺍﻫﺒَﻬﻢ ﺗﺘﺮﺑﻰ ﺑﺴﻌﺎﺩﺓ -ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﻭﻋﺠﺰ- ﻭﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻧﻈﺮﺓ ﺍﺷﺘﻴﺎﻕ ﺑﺘﻠﻘﻴﻦ ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺍلإﺳـلاﻣﻲ ﺗﻠﻘﻴﻨﺎً ﻳﻤﻜّﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﻤﺪﻭﺍ ﺇﺯﺍﺀ ﻣﺎ ﺳﺘﺠﺎﺑﻬﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻭﺃﻫﻮﺍﻝ.

ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﻮّﺽ ﺫﻟﻚ ﺑﺘﻌﻠﻴﻢ ﺩﺭﻭﺱ ﺗﻘﺪﻡ ﺣﻀﺎﺭﻱ لا ﻳﺮﺗﺒﻄﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﺇﻟّﺎ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎً ﻭﺍﻫﻴﺎً، ﻭﺑﺘﺪﺭﻳﺲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ لا ﻧﻮﺭ ﻓﻴﻬﺎ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﺾ ﻗﻮﺍﻫﻢ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﺗﻄﻔﺊ ﻧﻮﺭ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ؟

ﺇﺫ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺟﺴﺪ ﺣﻴﻮﺍﻥ ﻓﺤﺴﺐ، ﻏﻴﺮ ﻣﺎﻟﻚ ﻟﻠﻌﻘﻞ، ﻓﻠﺮﺑﻤﺎ ﻳُﻠﻬﻲ ﻫﺆلاﺀ ﺍلأﻃﻔﺎﻝ ﺍلأﺑﺮﻳﺎﺀ ﻟﻬﻮﺍً ﻣﺆﻗﺘﺎً ﺻﺒﻴﺎﻧﻴﺎً ﺑﻬﺬﻩ ﺍلأﺻﻮﻝ ﺍلأﺟﻨﺒﻴﺔ ﻭﻳﻨﺘﻔﻌﻮﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻔﻌﺎً ﺩﻧﻴﻮﻳﺎً ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺯﻳّﻨﺘﻤﻮﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ.

ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍلأﺑﺮﻳﺎﺀ ﺳﻴﻨﺰﻟﻮﻥ ﺣﺘﻤﺎً ﺇﻟﻰ ﺣﻠﺒﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻛﺄﻱ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﻭلاﺷﻚ ﺃﻧﻬﻢ ﺳﻴﺤﻤﻠﻮﻥ ﺁﻣﺎلا ﺑﻌﻴﺪﺓ ﺟﺪﺍً ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ، ﻭﺳﺘﻨﺸﺄ ﻓﻲ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻣﻘﺎﺻﺪٌ ﺟﻠﻴﻠﺔ.

ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ، ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻘﺮّ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻧﻘﻄﺔُ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩ ﻗﻮﻳﺔ ﻭﻧﻘﻄﺔُ ﺍﺳﺘﻤﺪﺍﺩ لا ﺗﻨﻀﺐ ﺑﺘﺮﺳﻴﺦ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺑﺎﻟﻴﻮﻡ ﺍلآﺧﺮ. ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻫﻢ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﻋﺠﺰﺍً ﻭﻓﻘﺮﺍً لا ﻣﻨﺘﻬﻰ ﻟﻬﻤﺎ. ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻭﺣﺪَﻩ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻬﻢ. ﻭﺇﻟّﺎ ﻓﺈﻥ ﺍلإﺷﻔﺎﻕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺴُﻜﺮ ﺍﻟﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻭﺣﺪَﻫﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﺑﺤﺎً ﻣﻌﻨﻮﻳﺎً لأﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﺍلأﺑﺮﻳﺎﺀ، ﻛﻘﻴﺎﻡ ﻭﺍﻟﺪﺓ ﻣﺠﻨﻮﻧﺔ ﺑﺬﺑﺢ ﻃﻔﻠﻬﺎ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻏﺪﺭٌ ﻗﺎﺱٍ ﻭﻭﺣﺸﻴﺔٌ ﻇﺎﻟﻤﺔ ﻟﻬﻢ، ﻛﻤﻦ ﻳُﺨﺮﺝ ﻗﻠﺐَ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻭﺩﻣﺎﻏﻪ ﻭﻳﻘﺪﻣﻬﻤﺎ ﻃﻌﺎﻣﺎً ﻟﻴﻨﻤﻮ ﺟﺴﺪﻩ!.

  ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ!

ﻓﺎﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺳﻮﻥ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺮﻫﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﺃﻛﺜﺮ ﺇﻳـلاﻣﺎً ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ، ﻭﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺄﻟﻤﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻘﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ. ﺃﻟﻴﺲ ﻟﻬﺆلاﺀ ﺣﻆ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ؟

ﻭﻫﻞ ﺣﻈُّﻬﻢ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍلأﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﻜﺒﻮﻧﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺳﺘﺎﺭ ﺍﻟﺘﻔﺮﻧﺞ ﻭﺍﻟﺘﻤﺪﻥ ﺑﻤﺪﻧﻴﺔ ﻓﺮﻋﻮﻧﻴﺔ ﺗﺰﻳﻞ ﺣﺠﺎﺏَ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻭﺗُﺸﺒﻊ ﻧﺰﻭﺍﺕ ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﺳﻔﻬﺎﺀ ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﺸﻬﺮﺓ ﻃﻐﺎﺓ ﺃﻗﻮﻳﺎﺀ ﻇﻠﻤﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳﺪ ﻳﺄﺱ ﻫﺆلاﺀ ﺍﻟﺒﺎﺋﺴﻴﻦ ﻭﺃﻟﻤﻬﻢ؟

ﺃلا ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺮﻫﻢ ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ ﻟﻀﻤﺎﺩ ﺟﺮﺡ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻟﻬﺆلاﺀ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﺃﺑﺪﺍً، ﺑﻞ ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﺻﻴﺪﻟﻴﺔ ﺍلإﺳـلاﻡ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ، ﻭلا ﺗﺴﺘﻤﺪ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻟﻠﻀﻌﻔﺎﺀ ﻭﻣﻘﺎﻭﻣﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﻈﻠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺪﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺼﻤﺎﺀ، ﺑﻞ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﻴﺔ ﺍلإﺳـلاﻣﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺍلأﻣﺔ ﺍلإﺳـلاﻣﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ.

  ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ: ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺘﻮﺓ ﻫﺆلاﺀ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺩﺍﺋﻤﻴﺔ، ﻟﻜﺎﻥ ﻟﻠﺸﺮﺍﺏ ﺍﻟﻤُﺴﻜﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻘﻴﺘﻤﻮﻫﻢ ﺇﻳﺎﻩ ﺑﺎﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻣﻨﻔﻌﺔٌ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻭﻓﺎﺋﺪﺓٌ ﺩﻗﻴﻘﺔ. ﻭﻟﻜﻦ ﺍلإﻓﺎﻗﺔ ﻣﻦ ﻧﺸﻮﺓ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ﺑﺎﻟﺸﻴﺐ ﻭﺑﺎلآلاﻡ، ﻭﺍﻟﺘﻨﺒّﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﺍﻟﻤﻤﺘﻊ ﻓﻲ ﺻﺒﺢ ﺍﻟﻤﺸﻴﺐ ﺑﺎﻟﺤﺴﺮﺍﺕ؛ ﺳﻴﺪﻓﻊ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺍﻟﻤﺮﻳﺮ ﻭﺗﺠﺮّﻉ ﺍلآلاﻡ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﻧﺸﻮﺓ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮﺍﺏ. ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻥ ﺍلأﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺯﻭﺍﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤُﻠﻢ ﺍﻟﻤﻤﺘﻊ، ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺣﺰﻧﺎً ﺷﺪﻳﺪﺍً ﻋﻠﻴﻪ، ﺣﺘﻰ ﻳﺠﻌﻠَﻪ ﻳﺘﺄﻭّﻩ ﻭﺗﺬﻫﺐ ﻧﻔﺴُﻪ ﺣﺴﺮﺍﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﺋـلا: ﻭﺁ ﺃﺳﻔﻰ، ﻟﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻭﻣﻀﻰ ﺍﻟﻌﻤﺮ، ﻭﺳﺄﺩﺧﻞ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺻﻔﺮ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ، ﻟﻴﺘﻨﻲ ﺍﺳﺘﺮﺷﺪﺕ ﻭﻋﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﺍﺑﻲ!

ﻓﻬﻞ ﺣﺼﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺘﻌﺔٌ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﺓ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ، ﺛﻢ ﺩﻓﻌﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺴﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻣﺪﺓ ﻣﺪﻳﺪﺓ؟ ﺃﻡ ﺃﻥ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺩﻧﻴﺎﻫﻢ ﻭﻟﺬﺓ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﺑﺼﺮﻑ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬ ﻓﻲ ﺍلاﺳﺘﻘﺎﻣﺔ -لا ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻔﺎﻫﺔ- ﻭﺫﻟﻚ لإﺑﻘﺎﺀ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻔﺎﻧﻲ ﺇﺑﻘﺎﺀً ﻣﻌﻨﻮﻳﺎً ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻭﻟﻠﻔﻮﺯ ﺑﺸﺒﺎﺏ ﺧﺎﻟﺪ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ، ﺑﺎﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍلاﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻬﺪ.

ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻚ ﺷﻌﻮﺭ، ﻭﻟﻮ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﺫﺭﺓ، ﺃﺟﺐ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺳﺌﻠﺔ.

ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ: ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍلأﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻗﺎﺻﺮﺓً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ، ﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺣﺪﻫﻢ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻓﺘﻮﺗُﻬﻢ ﺧﺎﻟﺪﺓ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺩﺍﺭٌ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﺍﻟﻤﺸﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﻧﺞ ﺗﺤﺖ ﺳﺘﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، ﺗﻌﺪّ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﺤﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﻭﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻟﻮﺍ ﻟﺸﺨﺺ ﻣﺜﻠﻲ ﻣﻤﻦ لا ﻳﻜﺘﺮﺙ ﺑﺄﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻟّﺎ ﻗﻠﻴـلا، ﻭﻳﻌﺪّ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﺩﺍﺀً ﻭﺑﻴـلا -ﻛﺪﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴـلاﻥ- ﻭﻳﺴﻌﻰ ﻟﺼﺮﻑ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﻋﻦ ﺍلأﻫﻮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ، ﻭﻗﺪ ﻭﻟﺪ ﻓﻲ ﺩﻳﺎﺭ ﺃﺧﺮﻯ، ﺃﻗﻮﻝ: ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻟﻮﺍ: ﺇﻧﻪ ﻛﺮﺩﻱ لا ﺗﺘﺒﻌﻮﻩ! ﻭﻟﺮﺑﻤﺎ ﺗﻜﺴﺒﻮﻥ ﺑﻘﻮﻟﻜﻢ ﻫﺬﺍ ﺣﻘﺎً.

ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ -ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺘﺮﻙ- ﻫﻢ ﺳﺘﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ -ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﺁﻧﻔﺎً- ﻓﺈﻥ ﺇﻟﺤﺎﻕ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺨﻤﺴﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺳﻠﺐ ﺭﺍﺣﺘﻬﻢ، ﻭﺣﺼﺮ ﺭﺍﺣﺔٍ ﺩﻧﻴﻮﻳﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻭﺧﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻓﻲ ﻗﺴﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺇﺳﻜﺎﺭﻫﻢ ﺑﻬﺎ لا ﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻭﻓﺎﺀً ﻟـلأﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻋﺪﺍﺀ ﻟﻬﺎ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻧﻨﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ لا ﺃُﻋﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﻙ، ﻭﻟﻜﻦ ﺳﻌﻴﺖ ﻭﻣﺎﺯﻟﺖ ﺃﺳﻌﻰ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺃُﻭﺗﻴﺖ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺘﻘﻴﻦ ﻭﻟﻠﻤﺒﺘﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﻭﻟﻠﺸﻴﻮﺥ ﻭﻟـلأﻃﻔﺎﻝ ﻭﻟﻠﻔﻘﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍلأﺗﺮﺍﻙ، ﻭﺃﺣﺎﻭﻝ ﺃﻳﻀﺎً ﺻﺮﻑَ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ -ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ- ﻋﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﺗﺴﻤﻢ ﺣﻴﺎﺗَﻬﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﻭﺗﺒﻴﺪ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺍلأﺧﺮﻭﻳﺔ، ﻭﺗﺴﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺳﻨﺔٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺿﺤﻚ ﻟﻢ ﻳﺪُﻡ ﺳﺎﻋﺔ.

ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺩﺃﺑﻲ ﻣﻨﺬ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ -ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﺍﻟﺴﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺒﻊ- ﺇﺫ ﻣﺎ ﻧﺸﺮﺗُﻪ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﻠﻬﻤﺘُﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ.

ﻧﻌﻢ ﺇﻥ ﺍلآﺛﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺍُﻗﺘﺒﺴَﺖ ﻣﻦ ﻛﻨﺰ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ -ﻭﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ- ﻗﺪ ﺃﻇﻬﺮﺕ ﻟﻠﻤﺘﻘﻴﻦ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺍﻟﻨﻮﺭَ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻧﻪ ﺑﺸﺪﺓ، ﻭﺑﻴّﻨﺖ ﻟﻠﻤﺮﺿﻰ ﻭﺍﻟﻤﺒﺘﻠﻴﻦ ﺃﻥ ﺃﻧﺠﻊ ﺍﻟﻌـلاﺟﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﻠﺴﻢ ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ ﻟﻬﻢ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺻﻴﺪﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ، ﻭﺃﺛﺒﺖ -ﺑﺎلأﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ- ﻟﻠﺸﻴﻮﺥ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺃﻧﻪ ﺑﺎﺏُ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﺏَ ﺇﻋﺪﺍﻡ. ﻭﺍﺳﺘﺨﺮﺟﺖ ﻟـلأﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﻗﻠﻮﺑﺎً ﻟﻄﻴﻔﺔ ﺭﻗﻴﻘﺔ -ﻣﻦ ﻛﻨﺰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ- ﻧﻘﻄﺔَ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩ ﻗﻮﻳﺔ ﺟﺪﺍً ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﻟﻚ ﻭﺍﻟﻤﻀﺮﺍﺕ ﻭﺃﺑﺮﺯﺕ ﻧﻘﻄﺔَ ﺍﺳﺘﻤﺪﺍﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺤﻮﺭَ ﺁﻣﺎﻝ ﻭﺭﻏﺒﺎﺕ لا ﺣﺪّ ﻟﻬﺎ ﻟﻬﻢ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪﻭﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻌـلا. ﻭﺭﻓﻌﺖ -ﺗﻠﻚ ﺍلآﺛﺎﺭ- ﺛﻘﻞَ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺮﻫﻘﺔ ﻋﻦ ﻛﺎﻫﻞ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺴﺤﻘﻮﻥ ﺗﺤﺘﻬﺎ، ﺧﻔَّﻔﺘﻬﺎ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺴﻌﻰ ﻟﻨﻔﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﻣﻦ ﺍلأﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﺴﺘﺔ ﻣﻦ ﺍلأﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻓﻠﻨﺎ ﺃﺧﻮّﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﻣﻨﻬﻢ، ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻧﻪ لا ﺻﺪﺍﻗﺔ ﻟﻨﺎ ﺑﺄﻱ ﺟﻬﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ، لأﻧﻨﺎ لا ﻧﻌﺪّ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ﺍﻟﻤﻨﺴﻠﺦ ﻋﻦ ﻣﻠﺔ ﺍلإﺳـلاﻡ -ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ ﻣﻔﺎﺧﺮ ﺍلأﺗﺮﺍﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ- ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍلأﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، ﺑﻞ ﻧﻌﺪّﻩ ﺃﺟﻨﺒﻴﺎً ﺗﺴﺘّﺮ ﺑﺴﺘﺎﺭ ﺍﻟﺘﺮﻙ. ﻓﻤﺜﻞ ﻫﺆلاﺀ ﻣﻬﻤﺎ ﺯﻋﻤﻮﺍ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻓﺈﻧﻬﻢ لا ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﺨﺪﻋﻮﺍ ﺃﻫﻞَ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، لأﻥ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ﻭﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻬﻢ ﺗﻜﺬّﺏ ﺩﻋﻮﺍﻫﻢ.

ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﻭﻥ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﻧﺠﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻌﻮﻥ ﻟﺼﺮﻑ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻴﻦ ﻋﻨﻲ ﺑﺪﻋﺎﻳﺎﺗﻜﻢ! ﺃﻱ ﻧﻔﻊ ﺗُﺴﺪﻭﻧَﻪ ﻟﻬﺬﻩ ﺍلأﻣﺔ؟ ﺇﻧﻜﻢ ﺗﻄﻔﺌﻮﻥ ﻧﻮﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﺍﻟﺼـلاﺡ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍلأﻭﻟﻰ ﻭﺗﻀﻌﻮﻥ ﺍﻟﺴﻢّ ﻋﻠﻰ ﺟﺮﻭﺡ ﻣﻦ ﻫﻢ ﺃﺣﻮﺝ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻀﻤﺎﺩ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ.

ﻭﺗﺴﻠﺒﻮﻥ ﺳﻠﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﻫﻢ ﺃﻟﻴﻖ ﺑﺎلاﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﻮﻗﻴﺮ، ﺑﻞ ﺗﻠﻘﻮﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﻳﺄﺱ ﻣﻄﻠﻖ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ.

ﻭﺗﻨﻘﻀﻮﻥ ﻛﻠﻴﺎً ﺍﻟﻘﻮﺓَ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟﻤﻦ ﻫﻢ ﺃﺣﻮﺝ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻭﺗﻄﻔﺌﻮﻥ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ.

ﻭﺗﺨﻴﺒﻮﻥ ﺁﻣﺎﻝ ﻣَﻦ ﻫﻢ ﺃﺣﻮﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻟﻌﺰﺍﺀ ﺣﺘﻰ ﺗﺠﻌﻠﻮﺍ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﺃﻓﺰﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ.

ﻭﺗﺴﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺷﺮﺍﺑﺎً ﻋﺎﻗﺒﺘُﻪ ﻭﺧﻴﻤﺔٌ ﺃﻟﻴﻤﺔ، ﻣَﻦ ﻫﻢ ﺃﺣﻮﺝ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍلاﻧﺘﺒﺎﻩ ﻭﺍلإﻓﺎﻗﺔ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ.

ﻓﻬﻞ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻀﺤﻮﻥ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺎﺕ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﻮﺭ؟

ﺃﻫﻜﺬﺍ ﺗﻘﺪّﻣﻮﻥ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺗﺮﺍﻙ ﺑﺎﻟﻘﻮﻣﻴﺔ؟ ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﺄﺳﺘﻌﻴﺬ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ.

ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ! ﺇﻧﻲ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻧﻜﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗُﻐﻠَﺒﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﺗﺘﺸﺒﺜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ، ﻭﻟﻜﻦ لأﻥ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﺓ، ﻓﻠﻮ ﺟﻌﻠﺘﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻲ ﻧﺎﺭﺍً ﺗﺘﺄﺟﺞ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺿﺤّﻲ ﺑﻪ ﻓﺪﺍﺀً ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ لا ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻜﻢ ﺃﺑﺪﺍً.

ﻭﺇﻧﻲ ﺃُﻋﻠﻤﻜﻢ ﺃﻳﻀﺎً ؛ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻋﺎﺩﺍﻧﻲ ﺃﻟﻮﻑٌ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻟﻜﻢ، ﻭﻟﻴﺲ ﺃﻧﺎﺳﺎً ﻣﺤﺪﻭﺩﻳﻦ ﻣﻜﺮﻭﻫﻴﻦ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍلأﻣﺔ، ﻓـلا ﺃﻋﻴﺮ ﻟﻬﻢ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺗﺬﻛﺮ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺍﻫﺘﻢ ﺑﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻣﻀﺮﺓ.

ﻣﺎﺫﺍ ﻋﺴﺎﻛﻢ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻠﻮﺍ ﺑﻲ؟

ﺇﻥ ﺃﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﻮ ﺇﻧﻬﺎﺀ ﺣﻴﺎﺗﻲ، ﺃﻭ ﺇﻋﺎﻗﺔ ﺧﺪﻣﺎﺗﻲ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ. ﺇﺫ لا ﺗﻌﺪﻭ ﻋـلاﻗﺘﻲ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ﻫﺬﻳﻦ ﺍلأﻣﺮﻳﻦ.

ﻧﺤﻦ ﻧﺆﻣﻦ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻳﻘﻴﻨﻴﺎً ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﺃﻥ ﺍلأﺟَﻞ لا ﻳﺘﻐﻴﺮ، ﻭﻫﻮ ﻣﻘﺪّﺭ ﺑﻘﺪَﺭﻩ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻟﺬﺍ لا ﺃﺗﺮﺍﺟﻊ ﻗﻄﻌﺎً ﺇﻥ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪﺕُ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺤﻖ، ﺑﻞ ﺃﻧﺘﻈﺮﻩ ﺑﺸﻮﻕ ﻋﺎﺭﻡ. ﻭﺑﺨﺎﺻﺔ ﺃﻧﻲ ﺷﻴﺦ ﻛﺒﻴﺮ لا ﺃﺗﻮﻗﻊ ﺃﻥ ﺃﻋﻴﺶَ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ. ﻓﺈﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﺃﺑﻐﻴﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﻌﻤﺮ ﺑﺎﻕ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺑﺪلا ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ.

ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ؛ ﻓﻠﻘﺪ ﻭﻫﺐ ﻟﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ؛ ﺇﺧﻮﺍﻧﺎً ﻣﻴﺎﻣﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍلإﻳﻤﺎﻥ. ﻭﺳﺘﺆﺩَّﻯ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﻤﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺑﺪلا ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﻟﻮ ﺃﺳﻜﺖَ ﺍﻟﻤﻮﺕُ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﻓﺴﺘﻨﻄﻠﻖ ﺃﻟﺴﻨﺔٌ ﻗﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻄﻖ ﺑﺪلا ﻋﻨﻲ ﻭﺗﺪﻳﻢُ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ.

ﺑﻞ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻘﻮﻝ: ﺃﻥ ﺑﺬﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺗﻨﺸﺊ ﺑﻤﻮﺗﻬﺎ ﺣﻴﺎﺓَ ﺳﻨﺒﻠﺔ ﻭﺗﺘﻘﻠﺪ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺒﺎﺕ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔَ ﺑﺪلا ﻋﻦ ﺣﺒﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ.

ﻓﺂﻣﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺗﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ.