ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ

ﺳﺆﺍﻝ: ﻟﻘﺪ ﺃﺛﺒﺖَّ ﻓﻲ ﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺃﻥ ﻃﺮﻳﻖَ ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﺗﺠﺎﻭﺯٌ ﻭﺗﻌﺪٍّ ﻭﺗﺨﺮﻳﺐ، ﻭﺳﻠﻮﻛَﻬﺎ ﺳﻬﻞٌ ﻭﻣﻴﺴﻮﺭ ﻟﻠﻜﺜﻴﺮﻳﻦ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻭﺭﺩﺕَ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺃﺧﺮﻯ ﺩﻻﺋﻞ ﻗﻄﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﻠﻜﻬﺎ ﺃﺣﺪ، ﻭﻃﺮﻳﻖ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﻭﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺴﻠﻜﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ؟!.

  ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺇﻥ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﻗﺴﻤﺎﻥ:

  ﺍﻷﻭﻝ: ﻫﻮ ﻧﻔﻲٌ ﻟﻸﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻧﻔﻴﺎً ﻋﻤﻠﻴﺎً ﻭﻓﺮﻋﻴﺎً، ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺍﺯ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﺳﻬﻞٌ ﺳﻠﻮﻛُﻪ ﻭﻗﺒﻮﻟﻪ ﻷﻧﻪ «ﻋﺪﻡُ ﻗﺒﻮﻝِ» ﺍﻟﺤﻖ، ﻓﻬﻮ ﺗﺮﻙٌ ﻭﻋﺪﻡٌ ﻟﻴﺲ ﺇﻟّﺎ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺭﺩ ﺑﻴﺎﻥُ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ.

  ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻓﻬﻮ ﺣﻜﻢٌ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻱ ﻭﻓﻜﺮﻱ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻌﻤﻠﻲ ﻭﻻ ﻓﺮﻋﻲ، ﻭﻻ ﻧﻔﻲٌ ﻟﻺﻳﻤﺎﻥ ﻭﺣﺪَﻩ ﺑﻞ ﺳﻠﻮﻙٌ ﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻀﺎﺩٍ ﻟﻺﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻗﺒﻮﻝٌ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ﻭﺇﺛﺒﺎﺕُ ﻧﻘﻴﺾ ﺍﻟﺤﻖ. ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺧﻼﻑُ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺿﺪُّﻩ، ﻟﺬﺍ ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ «ﺑﻌﺪﻡ ﻗﺒﻮﻝٍ» ﻛﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻬﻼ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ «ﻗﺒﻮﻝٌ ﻟﻠﻌﺪﻡ». ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺇﻟّﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ، ﺃﻱ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﻡ. ﻭ «ﺍﻟﻌﺪﻡ ﻻ ﻳﺜﺒﺖ» ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ، ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﺇﺫﻥ ﺇﺛﺒﺎﺗُﻪ ﻭﻗﺒﻮﻟُﻪ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻣﺎ ﺑُﻴﻦَ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻋﺴﻴﺮﺓٌ ﻭﺫﺍﺕ ﺇﺷﻜﺎﻝ ﺑﻞ ﻣﻤﺘﻨﻊ ﺳﻠﻮﻛُﻬﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺴﻠﻜﻬﺎ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺃﺩﻧﻰ ﺷﻌﻮﺭ.

ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃُﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺇﺛﺒﺎﺗﺎً ﻗﺎﻃﻌﺎً ﺃﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺍﻵﻻﻡ ﺍﻟﻤﺨﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﻧﻘﺔ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﺒﻬﺎ ﻣَﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﺫﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻹﺩﺭﺍﻙ.

  ﻭﺇﺫﺍ ﻗﻴﻞ: ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﻠﺘﻮﻳﺔ ﻣﻈﻠﻤﺔً ﻭﻣﺆﻟﻤﺔً ﻭﻋﻮﻳﺼﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ ﻓﻠِﻢَ ﻳﺴﻠﻜﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ؟.

ﻓﺎﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺇﻧﻬﻢ ﺳﺎﻗﻄﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻻ ﻳﺮﻏﺒﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻤﺎ ﻫﻢ ﻓﻴﻪ، ﻓﻴﺘﺴﻠّﻮﻥ ﺑﻠﺬﺓ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﻣﺆﻗﺘﺔ، ﻷﻥ ﻗﻮﻯ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﻴﺔ ﻻ ﺗﻔﻜّﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻭﻻ ﺗﺮﺍﻫﺎ، ﻭﺇﻧﻬﺎ ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻟﻄﺎﺋﻔﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.

  ﺳﺆﺍﻝ: ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻟﻢ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺍﻟﺪﺍﻫﻢ، ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ -ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً- ﺣﺮﻳﺺٌ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﻣﺸﺘﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﺼﻰ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﻫﻮ ﻳﺮﻯ ﺑﻜﻔﺮﻩ: ﺃﻥ ﻣﻮﺗﻪ ﻋﺪﻡٌ ﻭﻓﺮﺍﻕٌ ﺃﺑﺪﻱ. ﻭﻳﺮﻯ ﺩﻭﻣﺎً ﺑﻌﻴﻨﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺃﺣﺒّﺎﺋﻪ ﺳﺎﺋﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻕ ﺍﻷﺑﺪﻱ. ﻓﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﺃﻣﺎﻣﻪ -ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﻔﺮ- ﺇﺫﻥ ﺇﻟﻰ ﺯﻭﺍﻝ، ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺮﻯ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﻫﺬﺍ، ﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﺘﻔﻄّﺮ ﻗﻠﺒُﻪ ﻭﻻ ﻳﻨﺴﺤﻖ ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻟﻢ؟ ﺑﻞ ﻛﻴﻒ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﻛﻔﺮُﻩ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻳﺘﺬﻭﻗَﻬﺎ؟.

  ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺇﻧﻪ ﻳﺨﺎﺩﻉ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻤﻐﺎﻟﻄﺔ ﺷﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ، ﻭﻳﻌﻴﺶ ﻣﻊ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺘﻠﺬﺫ ﻇﺎﻫﺮﻱ، ﻭﺳﻨﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺎﻫﻴﺘﻬﺎ ﺑﻤﺜﺎﻝ ﻣﺘﺪﺍﻭﻝ:

ﻳُﺤﻜﻰ ﺃﻧﻪ ﻗﻴﻞ ﻟﻠﻨﻌﺎﻣﺔ «ﺇﺑﻞ ﺍﻟﻄﻴﺮ»: ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﺗﻄﻴﺮﻳﻦ؟ ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻤﻠﻜﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨﺎﺡ، ﻓﻘﺒﻀﺖْ ﺟﻨﺎﺣَﻴﻬﺎ ﻭﻃﻮﺗﻬﻤﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔً: ﺃﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﺑﻄﺎﺋﺮ ﺑﻞ ﺇﺑﻞ، ﻓﺄﺩﺧﻠﺖ ﺭﺃﺳَﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻣﻞ ﺗﺎﺭﻛﺔً ﺟﺴﺪﻫﺎ ﺍﻟﻀﺨﻢ ﻟﻠﺼﻴﺎﺩ ﻓﺎﺳﺘﻬﺪﻓﻬﺎ. ﺛﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻬﺎ: ﻓﺎﺣﻤﻠﻲ ﻟﻨﺎ ﺇﺫﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻤﻞ ﺇﻥ ﻛﻨﺖِ ﺇﺑﻼ ﻛﻤﺎ ﺗﺪّﻋﻴﻦ، ﻓﻌﻨﺪﻫﺎ ﺻﻔّﺖ ﺟﻨﺎﺣﻴﻬﺎ ﻭﻧﺸﺮﺗﻬﻤﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ: ﺃﻧﺎ ﻃﺎﺋﺮ. ﻭﺗﻔﻠﺘﺖ ﻣﻦ ﺗﻌﺐ ﺍﻟﺤﻤﻞ. ﻓﻈﻠﺖ ﻓﺮﻳﺪﺓً ﻭﺣﻴﺪﺓ ﺩﻭﻥ ﻏﺬﺍﺀ ﻭﻻ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﻭﻫﺪﻓﺎً ﻟﻠﺼﻴﺎﺩﻳﻦ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺰﺣﺰﺡ ﻣﻦ ﻛﻔﺮﻩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨُﺬﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺗﺮﺩّﻯ ﻓﻲ ﻛﻔﺮ ﻣﺸﻜﻮﻙ. ﻓﺈﺫﺍ ﺳُﺌﻞ: ﻛﻴﻒ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻭﺃﻣﺎﻣﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕُ ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﺗﺪّﻋﻲ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺃﺑﺪﻱ؟ ﻓﻬﻞ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﻣَﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺨﻄﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﺣﺒﻞ ﺍﻟﻤﺸﻨﻘﺔ؟ ﻳﺠﻴﺐ: ﻻ، ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻋَﺪَﻣﺎً، ﺑﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﺑﻌﺪَﻩ، ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺃﺧﺬ ﺣَﻈَّﻪ ﻣﻦ ﺷﻤﻮﻝ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ ﻟﻬﻢ ﻓﺒﺪﺃ ﻳﺘﺸﻜﻚ ﻓﻲ ﻛﻔﺮﻩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﺃﻭ ﺃﻧﻪ ﻳﺪﺱّ ﺭﺃﺳَﻪ ﻓﻲ ﺭﻣﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻛﺎﻟﻨﻌﺎﻣﺔ، ﻛﻲ ﻻ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻷﺟﻞ ﻭﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻘﺒﺮُ، ﻭﻻ ﻳﺮﻣﻴﻪ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝُ ﺑﺴﻬﻢ!.

  ﻭﺍﻟﺨﻼﺻﺔ: ﺇﻥَّ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺷﺄﻧُﻪ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻨﻌﺎﻣﺔ ﻓﻬﻮ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﻋَﺪَﻣﺎً ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﺬ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻵﻻﻡ ﺑﺎﻟﺘﻤﺴﻚ ﻭﺍﻟﺘﺸﺒﺚ ﺑﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥُ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﺟﻤﻴﻌﻬُﺎ ﺇﺧﺒﺎﺭﺍً ﻗﺎﻃﻌﺎً ﻣﻦ «ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻵﺧﺮﺓ» ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻭﻟّﺪ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ.

ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻟﻪ: ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮُ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ، ﻓﻠِﻢَ ﺇﺫﻥ ﻻ ﺗﺆﺩﻱ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻔﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻴﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻛﻲ ﺗﺴﻌﺪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ؟.

ﻳﺠﻴﺐ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻛﻔﺮﻩ ﺍﻟﻤﺸﻜﻮﻙ: ﺭﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﺎﻟﻢ ﺁﺧﺮ، ﻓﻠِﻢَ ﺇﺫﻥ ﺃُﺭﻫﻖُ ﻧﻔﺴﻲ؟!.. ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﻘﺬ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺁﻻﻡ ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ ﺍﻷﺑﺪﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺑﻤﺎ ﻭﻋَﺪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥُ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﺍﺟﻬﻪ ﻣﺸﻘّﺔُ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻳﺘﺮﺍﺟﻊ ﻭﻳﺘﺸﺒﺚ ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﻛﻔﺮﻩ ﺍﻟﻤﺸﻜﻮﻙ ﻭﻳﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ.

ﺃﻱ ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ -ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ- ﻳﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺃﻛﺜﺮَ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻷﻧﻪ ﻳﻔﻠﺖ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﻛﻔﺮﻩ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ ﻗﺴﺎﻭﺓِ ﺍﻵﻻﻡ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻟﻪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻧﻲ. ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻣﻐﺎﻟﻄﺔٌ ﺷﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﺗﺎﻓﻬﺔ ﺑﻼ ﻓﺎﺋﺪﺓ.

ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺘﻀﺢ ﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺘﺸﻜﻴﻜﻪ ﺇﻳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﻛﻔﺮﻫﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ. ﻓﻨﺠّﺎﻫﻢ -ﺇﻟﻰ ﺣَﺪّ ﻣﺎ- ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺎﻟﺠﺤﻴﻢ ﻭﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻨﻮﻉٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻚ ﻓﻲ ﻛﻔﺮﻫﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﻭﺇﻟّﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﺎﺳﻮﻥ ﺁﻻﻣﺎً ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﺗﺬﻛّﺮ ﺑﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ﻭﻗﺪ ﺗﺪﻓﻌﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﺘﺤﺎﺭ.

  ﻓﻴﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ! ﺍﺣﺘﻤﻮﺍ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻘﺬﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻭﻣﻦ ﺟﺤﻴﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﺑﻜﻞ ﻳﻘﻴﻦٍ ﻭﺛﻘﺔ ﻭﺍﻃﻤﺌﻨﺎﻥ، ﻭﺍﺩﺧﻠﻮﺍ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻼﻝ ﺍﻟﻮﺍﺭﻓﺔ ﻟﻠﺴّﻨﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ ﺑﻜﻞ ﺍﺳﺘﺴﻼﻡ ﻭﺇﻋﺠﺎﺏ.. ﻭﺍﻧﻘﺬﻭﺍ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻣﻦ ﺷﻘﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻋﺬﺍﺏ ﺍﻵﺧﺮﺓ..

  ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ

  ﺳﺆﺍﻝ:

ﻟِﻢَ ﻏُﻠِﺐَ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻭﻫﻢ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻫﻞِ ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ؟ ﺑﺮﻏﻢ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﺤﺎﻃﻮﻥ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺭﺑّﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻳﺘﻘﺪﻡ ﺻﻔﻮﻓَﻬﻢ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀُ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻳﻘﻮﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﺨﺮُ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ؟

ﻭﻣﺎ ﺑﺎﻝ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﺓ ﻣَﺮَﺩﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺃﺻﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻠﻜﻮﺍ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﺍﻟﺴﻮﻱ ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺠﺎﻭﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻷﻋﻈﻢ صلى الله عليه وسلم ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﻄﻊ ﻧﺒﻮّﺗُﻪ ﻭﺭﺳﺎﻟﺘُﻪ ﻛﺎﻟﺸﻤﺲ ﻭﻫﻮ ﻳُﺬﻛّﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻛﺎﻹﻛﺴﻴﺮ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻭﻳﺮﺷﺪﻫﻢ ﺑﺤﻘﺎﺋﻘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﺪّ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊَ ﺑﻘﻮﺓ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺟﺎﺫﺑﻴﺔ ﺍﻟﻜﻮﻥ؟

  ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺷِﻘَّﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﻤﺤﻴّﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻭﻻ ﺃﻥ ﻧﺒﻴﻦ ﺃﺳﺎﺳﺎً ﺭﺍﺳﺨﺎً ﻣﺘﻴﻨﺎً ﻭﻫﻮ: ﺃﻥَّ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺟﻞّ ﻭﻋﻼ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺃﺳﻤﺎﺀٌ ﺟﻼﻟﻴﺔ ﻭﺃﺳﻤﺎﺀٌ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ. ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﻳُﻈﻬﺮ ﺣُﻜﻤَﻪ ﺑﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ ﻣَﺰَﺝَ ﺍﻷﺿﺪﺍﺩَ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﻭﺟﻌﻞ ﻛُﻠّﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺍﻵﺧﺮَ، ﻭﺃﻋﻄﻰ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻔﺔَ ﺍﻟﺘﺪﺍﻓﻊ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯ، ﻓﺄﻭﺟﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺒﺎﺭﺯﺓً ﺣﻜﻴﻤﺔ ﺫﺍﺕ ﻣﻨﺎﻓﻊ، ﺑﻤﺎ ﺃﻭﺟﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴّﺮﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺿﺪﺍﺩ ﻟﺤﺪﻭﺩِ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ. ﻓﺎﻗﺘﻀﺖ ﺣﻜﻤﺘُﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺿﻤﻦ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﺴﻤﻮّ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻭﺣﺴﺐ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮﻝ؛ ﻟﺬﺍ ﺟﻌﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥَ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺜﻤﺮﺓُ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻟﺸﺠﺮﺓ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﻳَﺘﺒَﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﺃﻱ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺘﺪﺍﻓﻊ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺭﺯﺓ، ﺍﺗﺒﺎﻋﺎً ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ ﺣﻴﺚ ﻓَﺘﺢ ﺃﻣﺎﻣَﻪ ﺑﺎﺏَ «ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﺓ» ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺪﻭﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺭﻗﻲّ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻜﻤﺎﻻﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﻜﺎﻣﻠﻬﺎ. ﻓﻤﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺃﻋﻄﻰ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﺰﺏَ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﻴﺘﻤﻜّﻦ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ. ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺒﺐ، ﻓﻲ ﺗﻤﻜّﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺃﺷﺪّ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﻮﻫﻦ ﻭﺍﻟﻌﺠﺰ، ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎً ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻘﺪﻣﻬﻢ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀُ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﻐﻠﺒﺎً ﻣﺆﻗﺘﺎً.

ﺃﻣﺎ ﺳﺮّ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻓﻬﻲ: ﺃﻥَّ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋَﺪَﻣﺎً ﻭﺗﺮﻛﺎً، ﻭﻫﻮ ﺳﻬﻞٌ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺩﻓﻊٍ ﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﺮﻳﻚ.. ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺗﺨﺮﻳﺐٌ ﻛﺬﻟﻚ، ﻭﻫﻮ ﺳﻬﻞٌ ﻭﻫﻴّﻦ ﺃﻳﻀﺎً، ﺇﺫ ﺗﻜﻔﻴﻪ ﺣﺮﻛﺔٌ ﻗﻠﻴﻠﺔ.. ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺗﺠﺎﻭﺯٌ ﻭﺗﻌﺪٍّ، ﻓﻌﻤﻞٌ ﻗﻠﻴﻞ ﻭﻳﺴﻴﺮ ﻣﻨﻪ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺿﺮﺭ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻓﻴﻮﻫﻢ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻓﻴﺴﺘﺨﻔّﻮﻥ ﺑﻬﻢ ﻭﻳﺴﺘﻌﻠﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺈﺭﻫﺎﺑﻬﻢ ﻭﻓﺮﻋﻮﻧﻴﺘﻬﻢ.. ﺛﻢ ﺇﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﻮﺍﺱَّ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻭﻗﻮﻯ ﻧﺒﺎﺗﻴﺔ ﻭﺣﻴﻮﺍﻧﻴﺔ ﻻ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻭﻻ ﺗﻔﻜﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﻣﻔﺘﻮﻧﺔٌ ﺑﺎﻟﺘﺬﻭﻕ ﺍﻵﻧﻲ ﻭﺍﻟﺘﻠﺬﺫ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ. ﻓﺘﻠﺬﺫُ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ، ﻭﺇﺷﺒﺎﻉُ ﻧﻬﻤﻬﺎ ﻭﺍﻧﻄﻼﻗُﻬﺎ ﻣﻦ ﻋِﻘﺎﻟﻬﺎ ﻭﺗﺤﺮﺭﻫﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻠﻄﺎﺋﻒَ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﺗﻌﺪِﻝ ﻋﻦ ﻭﻇﺎﺋﻔﻬﺎ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮُ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘﺒﻰ.

ﺃﻣﺎ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻚ ﺍﻟﺴﺎﻣﻲ ﻟﻸﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺣﺒﻴﺐُ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻷﻛﺮﻡ صلى الله عليه وسلم ﻓﻬﻲ: ﻭﺟﻮﺩﻳﺔ ﻭﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺔٌ ﻭﺗﻌﻤﻴﺮ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﺍﻟﺤﺪﻭﺩ، ﻭﻫﻲ ﺗﻔﻜّﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﺒﻰ، ﻭﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻟﻠﻪ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺳﺤﻖٌ ﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻷﻣّﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ﻭﻛﺒﺢٌ ﻟﺠﻤﺎﺣﻬﺎ؛ ﻟﺬﺍ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻨﺎﻓﻘﻮ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻴﻨﺔ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟِﻬﺎ ﻛﺎﻟﺨﻔﺎﻓﻴﺶ ﺃﻣﺎﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺴﺎﻃﻌﺔ ﻭﺍﻟﺴﺮﺍﺝ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮ ﻓﺄﻏﻤﻀﻮﺍ ﺃﻋﻴﻨﻬﻢ ﻋﻨﻬﺎ، ﻓﺎﺭﺗﻤﻮﺍ ﻓﻲ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺪﺍﻓﻌﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻇﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺠﺬﺑﻮﺍ ﺑﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻭﺣﻘﺎﺋﻘﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ.

ﻭﺇﺫﺍ ﻗﻴﻞ: ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻷﻛﺮﻡ صلى الله عليه وسلم ﺣﺒﻴﺐَ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻻ ﻳﻨﻄﻖ ﺇﻟّﺎ ﺑﺎﻟﺤﻖّ ﻭﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻭﻗﺪ ﺃﻣﺪّﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺍﺗﻪ ﺑﻤﻼﺋﻜﺔٍ ﺟﻨﻮﺩﺍً ﻣﺴﻮّﻣﻴﻦ، ﻭﺍﺭﺗﻮﻯ ﺟﻴﺶٌ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻏﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻣﺎﺀ ﺗﻔﺠّﺮ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﺻﺎﺑﻌﻪ، ﻭﺷَﺒﻊَ ﺃﻟﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺸﺎﺓٍ ﻣﻄﺒﻮﺧﺔ ﻭﺣﻔﻨﺎﺕٍ ﻣﻦ ﻗﻤﺢ، ﻭﻫﺰﻡ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭَ ﺑﻘﺒﻀﺔ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﺏ ﺭﻣﺎﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﻮﻧﻬﻢ ﻭﺩﺧﻠﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺒﻀﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﻛﻞ ﻛﺎﻓﺮ.. ﺇﻥ ﻗﺎﺋﺪﺍً ﺭﺑﺎﻧﻴﺎً ﻳﻤﻠﻚ ﺃﻣﺜﺎﻝَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ ﻭﻛﺜﻴﺮﺍً ﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻛﻴﻒ ﻳُﻐﻠَﺐ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ« ﺃُﺣﺪ» ﻭﺑﺪﺍﻳﺔ «ﺣُﻨَﻴﻦ»؟.

  ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﻗﺪ ﺃُﺭﺳﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻛﺎﻓﺔ، ﻗﺪﻭﺓً ﻭﺇﻣﺎﻣﺎً ﻭﺭﺍﺋﺪﺍً، ﻛﻲ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﻣﻨﺎﻫﺞَ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺩﺳﺎﺗﻴﺮَﻫﺎ، ﻭﺗَﺘﻌﻮّﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻴﻤﺔ ﻭﺗﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﺩﺳﺎﺗﻴﺮﻫﺎ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ. ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﻣﺴﺘﻨﺪﺍً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﻭﺧﻮﺍﺭﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟَﻤﺎ ﺗﺴﻨّﻰ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻣﺎﻣﺎً ﻣﻄﻠﻘﺎً ﻭﻻ ﻗﺪﻭﺓً ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺣﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔً.

ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻟﻢ ﻳُﻈﻬﺮ صلى الله عليه وسلم ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺇﻟّﺎ ﺗﺼﺪﻳﻘﺎً ﻟﺪﻋﻮﺍﻩ، ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻔﺮﻕ، ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ، ﻟﻜﺴﺮ ﻋِﻨﺎﺩ ﺍﻟﻤُﻨﻜِﺮﻳﻦ. ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ صلى الله عليه وسلم ﻣﺮﺍﻋﻴﺎً ﺑﻜﻞ ﺩﻗﺔ ﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﺴﻨﻨﻪ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ، ﻭﻣﻄﻴﻌﺎً ﻃﺎﻋﺔً ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻨﻮﺍﻣﻴﺴﻪ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ، ﻛﻄﺎﻋﺘﻪ ﻭﻣﺮﺍﻋﺎﺗﻪ ﻟﻸﻭﺍﻣﺮ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ، ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ صلى الله عليه وسلم ﻳﻠﺒﺲ ﺍﻟﺪﺭﻉَ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ، ﻭﻳﺄﻣﺮ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺑﺎﻟﺘﺘﺮّﺱ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﺿﺪ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ، ﻭﻳُﺠﺮَﺡ ﻭﻳﺘﺄﺫﻯ ﻭﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﻤﺸﻘّﺎﺕ..

ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻜﻲ ﻳُﺒﻴّﻦ ﻣﺪﻯ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻭﻣﺮﺍﻋﺎﺗِﻪ ﻟﻠﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻴﻤﺔ، ﻭﺍﻧﻘﻴﺎﺩﻩ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻭﻧﻮﺍﻣﻴﺴﻬﺎ.

  ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ

ﺇﻥ ﻹﺑﻠﻴﺲ ﺩﺳﻴﺴﺔً ﻛﺒﺮﻯ ﻫﻲ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺗﺒّﻌﻮﻩ ﻳُﻨﻜﺮﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩَﻩ. ﺳﻨﺬﻛﺮ ﺷﻴﺌﺎً ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺔ، ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ. ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﻗﺒﻮﻟﻬﺎ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻠﻮﺛﺖ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ، ﻓﻨﻘﻮﻝ:

  ﺃﻭﻻ: ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ ﺛﺒﻮﺗﺎً ﻗﻄﻌﻴﺎً ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺭﻭﺍﺡٍ ﺧﺒﻴﺜﺔ ﻓﻲ ﺃﺟﺴﺎﺩ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﺗﻨﺠﺰ ﻭﻇﻴﻔﺔَ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻪ. ﻛﺬﻟﻚ ﺛﺎﺑﺖ ﺛﺒﻮﺗﺎً ﻗﻄﻌﻴﺎً ﻭﺟﻮﺩُ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺧﺒﻴﺜﺔ ﺑﻼ ﺃﺟﺴﺎﺩ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺠﻦ، ﻓﻠﻮ ﺃﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺃُﻟﺒﺴﻮﺍ ﺃﺟﺴﺎﺩﺍً ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻷﺻﺒﺤﻮﺍ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻣﺜﻞ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺍﻷﺷﺮﺍﺭ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﺗﻤﻜﻦ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦُ ﺍﻹﻧﺲ -ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭ ﺑﺸﺮﻳﺔ- ﻣﻦ ﻧﺰﻉ ﺃﺟﺴﺎﺩﻫﻢ ﻷﺻﺒﺤﻮﺍ ﺃﺑﺎﻟﺴﺔ ﺍﻟﺠﻦ.

ﻓﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻮﻃﻴﺪﺓ ﺫﻫﺐ ﺃﺣﺪُ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﺒﺎﻃﻠﺔ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﺇﻟﻰ «ﺃﻥ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺨﺒﻴﺜﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮﺓ ﺍﻟﻤﺘﺠﺴﺪﺓ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺃُﻧﺎﺳﻲ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﺎ».

ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻓﺴﺪ ﺍﻟﺸﻲﺀُ ﺍﻟﺜﻤﻴﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﺴﺎﺩﻩُ ﺃﺷﺪَّ ﻣﻦ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺮﺧﻴﺺ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻠﺒﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻠﻴﺐ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺆﻛﻼ، ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻓﺴﺪَ ﺍﻟﺪﻫﻦُ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻛﻠُﻪ، ﺇﺫ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺎﻟﺴﻢّ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺑﻞ ﺫﺭﻭﺗﻬﺎ ﻭﻗﻤّﺘﻬﺎ، ﺇﺫﺍ ﻓﺴﺪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻓﺴﺪ ﻭﺃﺣﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ ﻧﻔﺴﻪ. ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻛﺎﻟﺤﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﻧﺲ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮﻧﺔ ﻭﺗﺮﻳﺤُﻬﺎ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﺢ ﺍﻟﻜﺮﻳﻬﺔ، ﻭﻛﺎﻟﺤﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﺬ ﺑﻠﺪﻍ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ. ﺑﻞ ﻳﺘﺒﺎﻫﻰ ﺑﺘﻠﺬﺫﻩ ﺑﺎﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺌﺔ ﺍﻟﻨﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻨﻘﻊ ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ، ﻭﻳﺴﺘﻤﺮﺉ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺠﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻈﻠﻢ. ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺇﺫﻥ ﻗﺮﻳﻨﺎً ﻟﻠﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﻣﺘﻘﻤﺼﺎً ﻟﻤﺎﻫﻴﺘﻪ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻘﺎﻃﻊ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦّ ﻫﻮ ﻭﺟﻮﺩ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻹﻧﺲ.

ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﺇﻥ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﺍﻟﻘﻄﻌﻴﺔ ﻓﻲ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ» ﻹﺛﺒﺎﺕ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻲ، ﻫﻲ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺩﻻﺋﻞ ﻹﺛﺒﺎﺕ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﺃﻳﻀﺎً. ﻧﺤﻴﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ.

  ﺛﺎﻟﺜﺎً: ﺇﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺑﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻓﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ، ﻛﺬﻟﻚ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻭﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺨﺒﻴﺜﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻣﻤﺜﻠﻮ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﻭﻥ ﻟﻬﺎ ﻭﺗﺪﻭﺭ ﺣﻮﻟﻬﻢ ﻗﻮﺍﻧﻴﻨُﻬﺎ، ﻓﺈﻧﻪ ﻗﻄﻌﻲ ﺍﻟﺜﺒﻮﺕ ﺣﻜﻤﺔً ﻭﺣﻘﻴﻘﺔً. ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺳﺒﺐٍ ﻭﺳﺘﺎﺭٍ ﻣﺴﺘﺘﺮ ﻣﻦ ﻛﺎﺋﻦ ﺫﻱ ﺷﻌﻮﺭ ﻓﻲ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﺿﺮﻭﺭﺓً، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻌﺠﺰ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻋﻦ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺤُﺴﻦَ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﻣﻮﺭ، ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻬﻞ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ». ﻓﻸﺟﻞ ﺃﻟّﺎ ﺗﺤﺪّﺛﻪ ﻧﻔﺴُﻪ ﺑﺎﻋﺘﺮﺍﺽٍ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻤﺎ ﻳُﺘﻮﻫﻢ ﻣﻦ ﻧﻘﺺٍ ﺃﻭ ﺷﺮّ ﻇﺎﻫﺮﻳﻴﻦ، ﻭﻳﺘﻬﻢ ﺭﺣﻤﺘَﻪ ﺃﻭ ﻳﻨﺘﻘﺪ ﺣﻜﻤﺘَﻪ ﺃﻭ ﻳﺸﻜﻮ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﻖٍ، ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖُ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﻭﺳﺎﺋﻂَ ﻭﺃﺳﺒﺎﺑﺎً ﻇﺎﻫﺮﻳﺔ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﺳﺘﺎﺭﺍً ﻷﻣﻮﺭ ﻗَﺪَﺭﻩ، ﻭﺣُﺠُﺒﺎً ﻟﺘﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿﺎﺕ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺸﻜﺎﻭﻯ، ﻭﻻ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽَ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﻣﺜﻼ ﺃﺳﺒﺎﺑﺎً ﻭﺳﺘﺎﺭﺍً ﻟﻸﺟﻞ، ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿﺎﺕ ﻭﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻣَﻠَﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ «ﻋﺰﺭﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ». ﻭﺟﻌﻞ ﻣَﻠَﻚَ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺠﺎﺑﺎً ﻟﻘﺒﺾ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ، ﻟﺌﻼ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﺸﻜﺎﻭﻯ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻳُﺘﻮﻫﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﺭﺣﻤﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻭﺑﻘﻄﻌﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻗﺘﻀﺖ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔُ ﺍﻟﺮّﺑﺎﻧﻴﺔ ﻭﺟﻮﺩَ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻟﺘﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿﺎﺕُ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﻭﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ.

  ﺭﺍﺑﻌﺎً: ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﺎﻟﻢٌ ﺻﻐﻴﺮ، ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢُ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻛﺒﻴﺮ، ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﻤﺜّﻞ ﺧﻼﺻﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻭﻓﻬﺮﺳﻪ، ﻓﺎﻟﻨﻤﺎﺫﺝُ ﺍﻟﻤﺼﻐّﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﺃﺻﻮﻟَﻬﺎ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﻈﻤﺔ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓٌ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ.

  ﻓﻤﺜﻼ: ﺇﻥَّ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺤﺎﻓﻈﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺩﻟﻴﻞٌ ﻗﻄﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﻟﻤﺤﻔﻮﻅ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﺸﻌﺮ ﻛﻞٌّ ﻣﻨﺎ ﻭﻳﺤﺲّ ﺃﻥ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭﺓ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻓﻲ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻣﻦ ﺯﻭﺍﻳﺎ ﻗﻠﺒﻪ ﺁﻟﺔً ﻭﻋﻀﻮﺍً ﻟﻠﻮﺳﻮﺳﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻠﻤّﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻟﺴﺎﻥُ ﺷﻴﻄﺎﻥٍ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﺘﻠﻘﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻮﺍﻫﻤﺔ، ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻗﺪ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺑﻔﺴﺎﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺷﻴﻄﺎﻥ ﻣﺼﻐﺮ، ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﺇﻟّﺎ ﺿﺪَّ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻭﺧﻼﻑ ﺭﻏﺒﺎﺗﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ. ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﻛﻞُّ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺣِﺴﺎً ﻭﺣَﺪْﺳﺎً ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺩﻟﻴﻞٌ ﻗﻄﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ. ﺛﻢ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻤّﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻮﺍﻫﻤﺔ ﺗُﺸﻌﺮﺍﻥ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﻧﻔﺲٍ ﺷﺮﻳﺮﺓٍ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺗﻨﻔﺚ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺗﺴﺘﻨﻄﻖ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﺴﺘﺨﺪﻣُﻬﺎ ﻛﺎﻷﺫﻥ ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥ.