الرجاء الرابع عشر

جاء في مستهل «الشعاع الرابع» الذي هو تفسير للآية الكريمة:

﴿حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ (آل عمران:173) ما خلاصته:

حينما جرّدني أرباب الدنيا من كل شيء، وقعت في خمسة ألوان من الغربة. ولم ألتفت إلى ما في «رسائل النور» من أنوار مسلّية ممدّة، جراء غفلة أورثها الضجرُ والضيق وإنما نظرت مباشرة إلى قلبي وتحسست روحي، فرأيت أنه يسيطر عليّ عشقٌ في منتهى القوة للبقاء، وتهيمن علىّ محبة شديدة للوجود، ويتحكم فيّ شوق عظيم للحياة.. مع ما يكمن فيَّ من عجز لا حد له، وفقر لا نهاية له. غير أن فناءً مهولاً مدهشاً، يطفئ ذلك البقاء ويزيله، فقلت مثلما قال الشاعر المحترق الفؤاد:

   حكمة الإله تقضي فناء الجسد والقلب توّاق إلى الأبـد

   لهف نفسي من بلاء وكمـد      حار لقمان في إيجاد الضمد

فطأطأت رأسي يائساً… وإذا بالآية الكريمة: ﴿حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ تغيثني قائلة: اقرأني جيداً بتدبر وإمعان، فقرأتها بدوري خمسمائة مرة في كل يوم، فكلّما كنت أتلوها كانت تكشف عن بعضٍ من أنوارها وفيوضاتها الغزيرة، فرأيت منها بعين اليقين -وليس بعلم اليقين- تسعَ مراتب حسبية:

المرتبة النورية الحسبية الأولى:

إنَّ ما فيّ من عشق البقاء، ليس متوجهاً إلى بقائي أنا، بل إلى وجود ذلك الكامل المطلق وإلى كماله وبقائه. وذلك لوجود ظلٍ لتجلٍ من تجليات اسمٍ من أسماء الجليل والجميل المطلق ذي الكمال المطلق، وهو المحبوب لذاته -أي دون داعٍ إلى سبب- في ماهيتي إلّا أن هذه المحبةَ الفطرية ضلّت سبيلها وتاهت بسبب الغفلة، فتشبثت بالظل وعشقت بقاءَ المرآة.

ولكن ما إن جاءت ﴿حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ حتى رفعت الستار. فأحسستُ وشاهدت، وتذوقتُ بحق اليقين أنَّ لذة البقاء وسعادتَه، موجودةٌ بنفسها، بل أفضلَ وأكمل منها، في إيماني وإذعاني وإيقاني ببقاء الباقي ذي الكمال، وبأنه ربي وإلهي. وقد وُضّحت دلائل هذا بعمق ودقة متناهية في الرسالة «الحسبية» في اثنتي عشرة «كذا.. كذا.. كذا…» وبينت الاستشعار الإيماني بما يجعل كل ذي حسّ وشعور في تقدير وإعجاب!.

المرتبة النورية الحسبية الثانية

إنه مع عجزي غير المتناهي الكامن في فطرتي، ومع الشيخوخة المستقرة في كياني، ومع تلك الغربة التي لفّتني، ومع عدم وجود المعين لي، وقد جُرّدت من كل شيء ويهاجمني أهلُ الدنيا بدسائسهم وبجواسيسهم.. في هذا الوقت بالذات خاطبت قلبي قائلاً:

«إن جيوشاً كثيفة عارمة تهاجم شخصاً واحداً ضعيفاً مريضاً مكبّل اليدين.. أوَ ليس له -أي لي- من نقطة استناد؟».

فراجعت آية ﴿حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ  فأعلمتني:

إنك تنتسب بهوية الانتساب الإيماني إلى سلطان عظيم ذي قدرة مطلقة، بحيث يجهّز بانتظام تام في الربيع جميع ما تحتاجه جيوشُ النباتات والحيوانات المنتشرة على سطح الأرض من معدّات، فيزوّد جميعَ تلك الجيوش المتشكلة في أربعمائة ألف نوع من الأمم المختلفة، ويوزع جميعَ أرزاق الجيش الهائل للأحياء -وفي مقدمتها الإنسان- لا بشكل ما اكتشفه الإنسان في الآونة الأخيرة من مستخلصات اللحم والسكر وغيرهما، بل بصورة مستخلصات أكمل وأفضل بكثير بل تفوقها مائة مرة، فهي مستخلصات متضمنة جميعَ أنواع الأطعمة. بل هي مستخلصات رحمانية.. تلك التي تسمى البذور والنوى.. زد على ذلك فإنه يغلف أيضاً تلك المستخلصات بأغلفة قَدَرية تتناسب مع نضجها وانبساطها ونموّها، ويحفظها في عُليبات وصنيدقات صغيرة وصغيرة جداً، وهذه الصُنيدقات أيضاً تُصنـع بسرعة متـنـاهـيـة جـداً، وبسهـولـة مطلـقـة للـغـاية، وبـوفـرة هائلـة، وذلـك فـي معـمــل«الكاف والنون» الموجود في أمر «كُنْ»، حتى إن القرآن الكريم يقول: ﴿فَاِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (البقرة:117).

فما دمتَ قد ظفرت بنقطة استناد مثل هذه بهوية الانتساب الإيماني، فيمكنك الاستناد والاطمئنان إذن إلى قوة عظيمة وقدرة مطلقة. وحقاً لقد كنت أحسّ بقوة معنوية عظيمة كلما كنت أتلقى ذلك الدرس من تلك الآية الكريمة، فكنت أشعر أنني أملك قوة يمكنني أن أتحدّى بها جميع أعدائي في العالم وليس الماثلين أمامي وحدَهم، لذا رددتُ من أعماق روحي: ﴿حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكيل .

المرتبة النورية الحسبية الثالثة

حينما اشتد خناق الأمراض وألوان الغربة وأنواع الظلم عليّ، وجدت أن علاقاتي تنفصم مع الدنيا، وأن الإيمان يرشدني بأنك مرشح لدنيا أخرى أبدية، وأنك مؤهل لمملكة باقية وسعادة دائمة. ففي هذه الأثناء تركتُ كلَّ شيء تقطر منه الحسرة ويجعلني أتأوّه وأتأفف، وأبدلتُه بكل ما يبشّر بالخير والفرح ويجعلني في حمدٍ دائم. ولكن أنّى لهذه الغاية أن تتحقق وهي غايةُ المنى ومبتغى الخيال وهدف الروح ونتيجة الفطرة، إلّا بقدرة القدير المطلق الذي يعرف جميعَ حركات مخلوقاته وسكناتهم قولاً وفعلاً، بل يعرف جميع أحوالهم وأعمالهم ويسجلها كذلك. وأنّى لها أن تحصل إلّا بعنايته الفائقة غير المحدودة لهذا الإنسان الصغير الهزيل المتقلب في العجز المطلق حتى كرّمه، واتخذه خليلاً مخاطباً، واهباً له المقام السامي بين مخلوقاته.

نعم، حينما كنت أفكر في هاتين النقطتين، أي في فعالية هذه القدرة غير المحدودة، وفي الأهمية الحقيقية التي أولاها البارئ سبحانه لهذا الإنسان الذي يبدو حقيراً. أردت إيضاحاً في هاتين النقطتين ينكشف به الإيمان ويُطمئن به القلب. فراجعت بدوري تلك الآية الكريمة أيضاً، فقالت لي: دقق النظر في «نا» التي في «حسبنا»، وانظر مَنْ هم أولاء ينطقون «حسبنا» معك، سواء ينطقونها بلسان الحال، أو بلسان المقال، أنصت إليهم.. نعم، هكذا أمرَتني الآية!. فنظرت.. فإذا بي أرى طيوراً محلّقة لا تحدّ، وطويرات صغيرة صغيرة جداً كالذباب لا تحصى، وحيواناتٍ لا تعد ونباتات لا تنتهي وأشجاراً لا آخر لها ولا نهاية… كل ذلك يردد مثلي بلسان الحال معنى ﴿حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكيل ، بل يُذكّر الآخرين بها.. أن لهم وكيلاً -نِعمَ الوكيل- تكفّلَ بجميع شرائط حياتهم، حتى إنه يخلق من البيوض المتشابهة بعضها مع بعض وهي المتركبة من المواد نفسِها، ويخلق من النطف التي هي مثل بعضها البعض، ويخلق من الحبوب التي هي البعض عينه، ويخلق من البذور المتماثلة بعضها مع البعض الآخر مائة ألفَ طرازٍ من الحيوانات ومائة ألف شكل من الطيور ومائة ألف نوع من النباتات، ومائة ألف صنف من الأشجار، يخلقها بلا خطأ وبلا نقص وبلا التباس، يخلقها مزيّنة جميلة وموزونة منظمة، مع تميّز بعضها عن البعض الآخر واختلاف بعضها عن بعض، يخلقها باستمرار ولاسيما أيام كل ربيع أمام أعيننا في منتهى الكثرة، وفي منتهى السهولة، وفي منتهى السعة، وفي منتهى الوفرة.. فخلقُ جميع هذه المخلوقات متشابهةً ومتداخلةً ومجتمعةً على النمط نفسه والأشكال عينِها، ضمن عظمة هذه القدرة المطلقة وحشمتها، يظهر لنا بوضوح: وحدانيته سبحانه وتعالى وأحديته.

وقد أفهمتني الآيةُ أنه لا يمكن التدخل مطلقاً ولا المداخلة قطعاً في مثل هذا الفعل للربوبية المطلقة وفي تصرف هذه الخلاقية، اللتين تبرزان هذه المعجزات غير المحدودة وتنشرانها.

فإلى الذين يريدون أن يفهموا هويتي الشخصية وماهيتي الإنسانية كما هي لكل مؤمن.. وإلى الذين يرغبون أن يكونوا مثلي، عليهم أن ينظروا إلى تفسير نفسي (أنا) في جمع «نا» في الآية الكريمة ويتدبّروا في موقعه في ذلك الجمع. وليفهموا ما وجودي وجسمي الذي يبدو ضئيلاً وفقيراً لا أهمية له -كوجود كل مؤمن-؟! وليعلموا ما الحياة نفسها بل ما الإنسانية؟! وما الإسلام؟! وما الإيمان التحقيقي؟ وما معرفة الله؟ وكيف تحصل محبة الله؟. فليفهموا.. وليتلقوا درساً في ذلك!.

المرتبة النورية الحسبية الرابعة

وافقت العوارضُ المزلزلة لكياني أمثالَ الشيب والغربة والمرض وكوني مغلوباً على أمري، وافقت تلك العوارض فترة غفلتي، فكأن وجودي الذي أتعلق به بشدة يذهب إلى العدم، بل وجودُ المخلوقات كلها تفنى وتنتهي إلى الزوال، فولّد عندي ذهاب الجميع إلى العدم قلقاً شديداً واضطراباً أليماً فراجعت الآية الكريمة أيضاً ﴿حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ فقالت لي: «تدبّر في معانيّ، وانظر إليها بمنظار الإيمان» وأنا بدوري نظرت إلى معانيها بعين الإيمان فرأيت:

أنَّ وجودي الذي هو ذرة صغيرة جداً -كوجود كل مؤمن- مرآةٌ لوجود غير محدود، ووسيلة للظفر بأنواع من وجود غير محدود بانبساط غير متناهٍ.. وهو بمثابة كلمة حكيمة تثمر من أنواع الوجود الكثيرة الباقية ما هو أكثر قيمة من وجودي حتى إن لحظةَ عيشٍ له من حيث انتسابه الإيماني ثمينٌ جداً، وله قيمةٌ عالية كقيمة وجودٍ أبدي دائم، فعلمتُ كل ذلك بعلم اليقين؛ لأن معرفتي بالشعور الإيماني بأن وجودي هذا أثرٌ من آثار واجب الوجود وصنعةٌ من صنعته وجلوة من جلواته جعلتني أنجو من ظلمات لا حدّ لها تورثها أوهام موحشة، وأتخلص من آلام لا حدّ لها نابعة من افتراقات وفراقات غير متناهية، ودفعتني لأمدّ روابطَ أخوة وثيقة إلى جميع الموجودات ولاسيما إلى ذوي الحياة، روابط بعدد الأفعال والأسماء الإلهية المتعلقة بالموجودات. وعلمت أن هناك وصالاً دائماً بهذه الروابط مع جميع ما أحبّه من الموجودات من خلال فراق مؤقت.

وهكذا فإن وجودي كوجودِ كل مؤمن، قد ظفر بالإيمان والانتساب الذي فيه بأنوارِ أنواع وجود غير محدودة لا افتراق فيها. فحتّى لو ذهب وجودي فإن بقاءَ تلك الأنواع من الوجود من بعده يُطمئن وجودي وكأنه قد بقي بنفسه كاملاً.

والخلاصة: أن الموت ليس فراقاً بل هو وصال وتبديل مكان وإثمار لثمرة باقية.

المرتبة النورية الحسبية الخامسة

لقد تصدّعتْ حياتي حيناً تحت أعباء ثقيلة جداً، حتى لفتت نظري إلى العمر، وإلى الحياة فرأيت أن عمري يجري حثيثاً إلى الآخرة.. وأن حياتي المتقربة إلى الآخرة قد توجهت نحو الانطفاء تحت المضايقات العديدة، ولكن الوظائفَ المهمة للحياة ومزاياها الراقية وفوائدَها الثمينة لا تليق بهذا الانطفاء السريع، بل تليق بحياة طويلة، مديدة، ففكرتُ في هذا بكل ألم وأسى، وراجعت أستاذي الآية الكريمة: ﴿حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكيل فقالت لي: انظر إلى الحياة من حيث «الحي القيوم» الذي وهب لك الحياة. فنظرت إليها بهذا المنظار وشاهدت أنه: إن كان للحياة وجهٌ واحد متوجه إليّ أنا فإن لها مائة وجه متوجه إلى «الحي المحيي» وإن كانت لها نتيجة واحدة تعود إليّ أنا، فإن لها ألفاً من النتائج تعود إلى خالقي؛ لذا فإن لحظةً واحدة من الحياة، أو آناً من الوقت ضمن هذه الجهة كافٍ جداً، فلا حاجة إلى زمان طويل.

هذه الحقيقة تتوضح بأربع مسائل؛ فليفتش أولئك الذين ينشدون الحياة أو الذين هم ليسوا أمواتاً.. ليفتشوا عن ماهية الحياة وعن حقيقتها وعن حقوقها الحقيقية ضمن تلك المسائل الأربع. فليظفروا.. وليحيوا..

وخلاصتها هي: أن الحياة كلما تتوجه إلى الحيّ القيوم وتتطلع إليه، وكلما كان الإيمانُ حياةً للحياة وروحاً لها تكسب البقاء بل تعطي ثماراً باقية كذلك، بل إنها ترقى وتعلو إلى درجة تكتسب تجلى السرمدية، وعندها لا يُنظر إلى قصر العمر وطوله.

المرتبة النورية الحسبية السادسة

من خلال الشيب الذي يذكّر بفراقي الخاص، ومن خلال حوادث آخر الزمان التي تنبئ عن دمار الدنيا ضمن الفراقات العامة الشاملة، ومن خلال الانكشاف الواسع فوق العادة في أواخر عمري لأحاسيس الجمال والعشق له والافتتان بالكمالات المغروزة في فطرتي. من خلال كل هذا رأيت أن الزوال والفناء اللذين يدمّران دائماً، وأن الموت والعدم اللذين يفرّقان باستمرار، رأيتهما يفسدان بشكل مرعب ومخيف، جمالَ هذه الدنيا الرائعة الجمال ويشوهانه بتحطيمهما لها، ويُتلفان لطافة هذه المخلوقات.. فتألّمت من أعماقي بالغَ التألم لما رأيت. ففار ما في فطرتي من عشقٍ مجازي فوراناً شديداً وبدأ يتأجج بالرفض والعصيان أمام هذه الحالة المفجعة، فلم يَكُ لي منها بد إلّا مراجعة الآية الكريمة أيضاً لأجد المتنفَس والسلوان، فقالت: «اقرأني جيداً، أنعم النظر في معانيَّ» وأنا بدوري دخلت إلى مركز الإرصاد لسورة النور لآية: ﴿اَللّٰهُ نُورُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ﴾ (النور:35) فنظرت من هناك «بمنظار» الإيمان إلى أبعد طبقات الآية الحسبية، وفي الوقت نفسه نظرتُ «بمجهر» الشعور الإيماني إلى أدق أسرارها.. فرأيت أنه مثلما تُظهر المرايا والزجاجُ والمواد الشفافة وحتى حباب البحر الجمالَ المخفي المتنوع لضوء الشمس، فيُظهر كلٌّ منها مختلف الجمال للألوان السبعة لذلك الضوء، ومثلما يتجدد ذلك الجمال وذلك الحسن بتجدد تلك المواد وبتحركها وحسب قابليتها المختلفة ووفق انكساراتها المتنوعة، أي مثلما أنها تُظهر الجمالَ المخفي للشمس ولضوئها ولألوانها السبعة -بشكل جميل جذاب- فكذلك الأمر في هذه المصنوعات الجميلة وهذه المخلوقات اللطيفة والموجودات الجميلة التي تقوم مقام مرايا عاكسة لذلك الجمال المقدس للجميل ذي الجلال الذي هو «نور الأزل والأبد». فهذه المخلوقات لا تلبث أن تذهب دون توقّف مجدّدة بذلك تجليات لأسمائه الحسنى جل وعلا. فالجمالُ الظاهر في هذه المخلوقات والحُسن البارز فيها إذن ليس هو ملك ذاتها، وإنما هو إشاراتٌ إلى ذلك الجمال المقدس السرمدي الذي يريد الظهور، وعلامات وإشارات وتجليات لذلك الحسن المجرد والجمال المنـزّه المتجلي دائماً والذي يريد المشاهدة والإشهاد.

وقد وُضِّحَتْ دلائل هذا مفصلاً في «رسائل النور» لاسيما تلك الرسالة التي تستهل بـ«هنا سنذكر ثلاثة براهين بصورة مختصرة جداً ومعقولة». فأيّما إنسانٌ نظر إلى هذه الرسالة من أصحاب الذوق السليم لا يمكن أن يتمالك نفسه من غير الإعجاب والتقدير بل سيرى أن عليه أن يسعى لإفادة الآخرين بعدما أفاد نفسه، ولاسيما النقاطُ الخمسُ المذكورة في البرهان الثاني. فلابد أن مَن لم يفسد عقلُه ولم يصدأ قلبُه يقول مستحسناً ومستصوباً: ماشاء الله.. بارك الله.. ويجعل وجوده الذي يظهر فقيراً حقيراً يسمو ويتعالى.. ويدرك مصدقاً أنه: معجزة خارقة حقاً!!.