إخوتي!

اقرؤوا مكررا وبإمعان ما كُتب في الرسائل الصغيرة من مدار السلوان والصبر والتحمل. فأنا أَضعفُكم وأكثرُكم نصيبا من هذه المصيبة الضجرة. إلّا أنني بفضل الله أتحمل ذلك الضِيق. فللّه الحمد والشكر لم أَمتعض أبدا ممن يحمّلون الأخطاء والتبعات كلها عليّ. ولم أضجَر أيضا ممن دافعوا عن أنفسهم وألقوا التبعات -ضمنا- على الجماعة وحمّلوها علينا باعتبار وحدة المسألة.. فما دمنا نحن إخوة في الله فأرجو الاقتداء بي في هذا الصبر.

إخوتي الأعزاء الأوفياء ويا أصحابي في مَضيف هذه الدنيا!

لقد فكرتُ هذه الليلة -بمشاعرِ «سعيد القديم» العزيزة- في سَوقنا معا إلى المحكمة وأنا مكبّل اليدين وسطَ جنود مدججين بالسلاح الأبيض، فانتابنى غضب شديد. وفجأة أُخطر إلى القلب:

ينبغي استقبال هذا المشهد بالشكر المكلل بالفخر والسرور، لا بالغضب والحدة، لأن هؤلاء في نظرِ ما لا يُعد ولا يحصى من ذوي الشعور والمَلك والروحانيين وأهلِ الحقيقة من الناس وأصحاب الضمائر وأهل الإيمان التحقيقي، يَظهرون بمظهرِ قافلةِ الأبطال الميامين الذين يَتَحدَّون هذا العصر في سبيل الحق والحقيقة ورفعِ راية القرآن والإيمان. وحيث إن الرحمة الإلهية والرضى الرباني متوجهان إليهم، ويُقدَّرون في نظرهما بالاستحسان والإعجاب، فلا قيمة ولا أهمية لنظر الإهانة الآتية من قبل شرذمة من السفهاء السائبين.

حتى إنني عندما ذهبت بالسيارة -بسبب المرض- استشعرت ضيقا شديدا. بينما شعرت بانشراح عظيم عندما كنت معكم في أثناء السَوق مُكبل اليدين مثلكم. بمعنى أن تلك الحالة ناشئة من هذا السر. أُكرر ما قلته مرارا:

إنه لا يشاهَد في التاريخ من يتحمل في سبيل الحق أقلَّ المشاق وينال أعظمَ الثواب مثل طلاب رسائل النور. فمهما تحمّلنا من مشاقَّ فهي زهيدة أيضا.


باسمه سبحانه

﴿وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه﴾

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

كان من الصعوبة النجاة من مصيبتنا هذه والتهرّب منها بجهتين:

أولاها: كان لابد لنا من المجيء إلى هنا، ليُطعمنا القدرُ الإلهي هنا ما قسّمه لنا. إذن فهذا الوضع هو أفضلُه وأكثره خيرا.

ثانيتها: لم نتمكن من الخلاص من المؤامرة والشِباك التي حيكت لنا. فقد شعرت بها ولكن لا خلاص. حتى إن الشيخ عبد الحكيم والشيخ عبد الباقي لم ينجيا. بمعنى أن شكوى بعضِنا لبعض في مصيبتنا هذه باطلٌ لا أساس له، ولا معنى، وهو مضر، ونوع من الإعراض عن رسائل النور.

حذار.. حذار مِن جعل ما أظهره الأركانُ الخواص من أعمالٍ وخدمات سببا لهذه المصيبة، ومن ثم الاستياء منهم. فهذا تخلّف عن رسائل النور وندامةٌ على تعلم الحقائق الإيمانية. وتلك مصيبةٌ معنوية أدهى من المصيبة المادية.

فأنا أُطَمْئِنكم -مقسما بالله- أنه بالرغم من أن لي نصيبا في هذه المصيبة أكثر من كلٍ منكم بعشرين أو ثلاثين درجة، فلا أَستاء ممن سبّب هذه المصيبة بنيّة خالصة ومن جراء فعاليته في الخدمة وعدم أخذه بالحذر، بل حتى لو تضاعفت هذه المصيبة بعشرة أمثالها فلا أمتعض منه ولا أَستاء. وكذا لا معنى للاعتراض على ما فات. لأنه غير قابل للترميم.

إخوتي!

إن القلق يضاعف المصيبة ويكون جذرا في القلب لتستقر عليه المصيبةُ المادية، فضلا عن أنه يومئ ويُشَمّ منه نوع من الاعتراض والنقد تجاه القدر الإلهي، وهو نوع من الاتهام تجاه الرحمة الإلهية.

فما دام في كل شيء جهةُ جمال وجلوة من الرحمة الإلهية وأن القدر يفعل ما يفعل وفق عدالة وحكمة، فلابد أننا مكلفون بعدم الاهتمام بالمشقات الهينة في سبيل وظيفة مقدسة في هذا الزمان وذاتِ مساس بالعالم الإسلامي عامة.


(حالة جزئية اعتيادية بسيطة من أحوالي استوجبت كتابتَها إليكم)

إخوتي!

إنني اقتنعت قناعة تامة أنَّ العين تصيبني وتؤثر فيّ تأثيرا شديدا وتمرضني. وقد جربت هذا كثيرا.

فأنا أُحب مصاحبتكم من صميم روحي في كل الأحوال ولكن حسب القاعدة المشهورة: «النظر يدخل الجملَ القِدر والرجلَ القبر» تصيبني العينُ والنظر. لأن الذي ينظر إليّ إما أنه ينظر بعداوة شديدة، أو بالتقدير والاحترام، فكلا النظرَين أيضا موجودان لدى بعض الناس الذين يحملون خاصية الإصابة في نظرهم، لذا إذا كان من المستطاع ولم يرغموني على مرافقتكم، فلا آتي المحكمة برفقتكم دائما.


إخوتي الأعزاء الأوفياء!

حسب مضمون الآية الكريمة: ﴿وَعَسٰٓى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْـًٔا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ (البقرة:216) والقاعدةِ المقررة: «الخير فيما اختاره الله» فإن بلوغ أكثر الرسائل سرّيّة إلى أيادي أغرب الناس عنّا، وتحدّيها لأعتى المتكبرين، وإظهارَ أخطاءِ مَنْ هم في أعلى مناصب الدولة.. جعلتها تنسلُّ من تحت ستار القاعدة المقررة: «سِرًّا تَنَوَّرَتْ». فقد كان الغرض إلى الآن استصغار قضية رسائل النور ولكن على كل حال قد علموا أنها قضية عظيمة جدا، وأنّ جلبها للأنظار يفتح السبيل إلى فتوحات باهرة جديدة للرسائل ويُلجئ كذلك أعداءَها إلى قراءتها بإعجاب واهتمام. حتى إنها نوّرت كثيرا من المترددين في محكمة «أسكي شهر» والمتحيرين والمحتاجين وأنقذتهم. فبدّلت مشقاتنا تلك إلى رحمات. وستُظهر تلك الخدمة المقدسة فتوحاتِها بإذن الله هذه المرةَ في ساحة أوسع وفي محاكم كثيرة، ومراكز عديدة.

نعم، إن مَن يُشاهد أسلوبَ بيان رسائل النور لا يمكن أن لا يهتم بها، فهي لا تشبه المؤلفات الأخرى بتأثيرها في العقل والقلب وحدهما، بل تسخّر أيضا النفسَ والمشاعر.

إن تبرئة ساحتكم والإفراج عنكم لا يضر هذه الحقيقة ولكن براءتي أنا فيه ضرر. لأنه حتى نفسي الأمارة قد قبلتْ بأن أُضحّى لأجل حقيقة واحدة تمس العالم الإسلامي لا بحياتي الدنيوية وحدها بل إذا لزم الأمر بحياتي الأخروية وسعادتِها أيضا في سبيل إسعاد أهل الإيمان برسائل النور.


إخوتي الأعزاء الأوفياء الصادقين!

لقد غيرتُ أحد أدعيتي منذ بضعة أيام، إذ رفعتُ كلمة «الصادقين» من دعائي الذي يضم: «واغفر لنا».. أو «وفّق طلبة رسائل النور الصادقين». والذي كنت أكرره لحد الآن مائة مرة أحيانا. وذلك لئلا يُحرَم من تلك الأدعية أولئك الإخوة الذين يرون أنفسهم مضطرين إلى العمل بالرخصة الشرعية ويتبرؤون منّا ظاهرا، مما يسببه الضيقُ والشبهات المثارة من ضجر ويأس واتخاذ موقف يخالف العزيمةَ والوفاء.


أخي العزيز الحافظ علي!

لا تهتم لمرضك، نسأله تعالى أن يرزقك الشفاء. آمين. فإنك رابح غانم كثيرا، لأن كل ساعة من العبادة في السجن بمثابة اثنتي عشرة ساعة. فإن كنت محتاجا إلى الدواء فلديّ بعضه لأرسله إليك. علما أن وباءً خفيفا منتشر في الأوساط. ففي اليوم الذي أذهب فيه إلى المحكمة أَمْرَضُ بلا شك.. ولعلك أصبحت معينا لي في ذلك فأخذت شيئا من مرضي، كما كانت تحدث بطولات خارقة سابقا، فيتمرض أحدهم بدلا من أخيه أو يموت بدلا منه.


«عزاء جميل وفي أنسب وقت»

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

لكل مصيبة نقول: ﴿اِنَّا لِلّٰهِ وَاِنَّٓا اِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ (البقرة:156).

أُعزّي نفسي وأعزّيكم وأعزّي رسائل النور. ولكني أهنئ المرحوم «الحافظ علي» وأهنئ مقبرة «دنيزلي» لأن أخانا الرائد الذي أدرك حقيقةَ «رسالةِ الثمرة» عِلمَ اليقين، قد تَرك جسده في القبر، صاعدا كالملائكة إلى النجوم وعالم الأرواح، لأجل الارتقاء إلى مقامِ عين اليقين وحق اليقين، وخلد إلى الراحة والسكون متسرحا عن وظيفته التي أدّاها حق الأداء.

نسأل الله الرحمن الرحيم أن يكتب في سجل أعماله حسناتٍ بعدد جميع حروف رسائل النور المكتوبة والمقروءة. آمين. وينـزلَ شآبيب رحمته بعددها على روحه… آمين. ويجعلَ القرآن الكريم ورسائل النور مؤنسين لطيفين له في القبر.. آمين. ويحسنَ إلى «مصنع النور» بعشرةِ عاملين بدلا منه.. آمين.. آمين.. آمين.

أما أنتم فيا إخوتي، اذكروه في أدعيتكم، كما أذكره أنا، مستعملين ألف لسان عوضا عن لسانه، راجين من رحمته تعالى أن يكسبه ألف حياة وألف لسان بدلا عما فقده من حياة واحدة ولسانٍ واحد.

ويا إخوتي الأعزاء الأوفياء!

نحمد الله سبحانه وتعالى بما لا يتناهى من الحمد والشكر، على ما يسّر لنا من نيلِ شرف المقام الرفيع لطلبة العلوم وأعمالهم الجليلة بوساطتكم في هذا الزمان العجيب والمكان الغريب.

ولقد ثبت بوقائع عديدة بمشاهدة أهل كشف القبور، أن طالبَ علمٍ جاداً تواقاً للعلوم عندما يتوفى أثناء تحصيله لها، يرى نفسه -كالشهداء- حيا يُرزق ويزاول الدرس. حتى إن أحد أهل كشف القبور المشهورين قد راقب كيفية إجابة طالبِ علم متوفى في أثناء دراسته لعلم الصرف والنحو، لأسئلة المنكر والنكير في القبر، فشاهد أنه عندما سأله الملك: من ربك؟ أجاب: مَن: مبتدأ، ربك: خبره، وذلك على وفق علم النحو، يحسب نفسه أنه مازال في المدرسة يتلقى العلم.

فبناء على هذه الحادثة فإني أعتقد أن المرحوم الحافظ علي منهمك برسائل النور كما كان دأبه في الحياة، وهو على هيئة طالب علم يتلقى أرفع علم وأسماه، وقد تسنّم مرتبة الشهداء حقا ويزاول نمط حياتهم.

وبناء على هذه القاعدة أدعو له في أدعيتي، وأدعو لمثيله «محمد زهدي» و«الحافظ محمد» قائلا: «يا رب سخِّر هؤلاء إلى يوم القيامة لينشغلوا بحقائق الإيمان وأسرار القرآن ضمن رسائل النور بكمال الفرح والسرور… آمين. إن شاء الله».


باسمه سبحانه

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

إنني لا أستطيع نسيان الأخ «الحافظ علي» وقد هزّني ألمُ فراقه هزا عنيفا. وأحسب أن ذلك المرحوم قد رحل بدلا مني كما كان أشخاصٌ مضحّون يتوفّون أحيانا بدلا من أصحابهم. فلولا أن قام أمثالُكم بما قام به هو من خدمات جليلة وعلى نسقه، لَلَحِق العملَ للقرآن وللإسلام ضررٌ كبير. وإنني كلما تذكرت وارثيه، وهم أنتم، زالت تلك الآلام وتركت مكانها للسرور والانشراح.

وإنه لأمر محيّر أن يتولد لديّ حاليا شوق للذهاب إلى ذلك العالم، عالم البرزخ الذي ذهب إليه أخونا بحياته المعنوية بل المادية وانكشف لروحي مشهد آخر.

وكما نتحاور ونتسامر مع إخوتنا في «إسبارطة» بالمراسلات ونحن مازلنا هنا، ونهدي لهم التحيات ونتجاذب أطراف الحديث معهم، كذلك عالم البرزخ الذي سكن فيه «الحافظ علي» قد أصبح في نظري مثل «إسبارطة» و«قسطموني». حتى طرق سمعي أنه قد رحل أحدهم هذه الليلة إلى هناك (أي توفي) فتأسفتُ أكثر من عشر مرات: لِمَ لم أَبعث معه السلام إلى «الحافظ علي»؟ ثم أُخطر إلى القلب: لا حاجة إلى وسائط لإبلاغ السلام. فإن رابطته كالتلفون، فضلا عن أنه يأتي ويستلم!

إن ذلك الشهيد العظيم قد حبّب إليّ مدينة «دنيزلي» فلا أَرغب في مغادرتها.

إن ما أنجزه هو و«محمد زهدي» و«الحافظ محمد» من خدمات في سبيل الإيمان والنور تدوم بإذن الله، وهم يشاهدونها من أَقرب موضع، وربما يعاونون في إنجازها.

وحيث إنهم قد أخذوا مواقعَ رفيعة لدى دائرة الأولياء العظام -من حيث خدماتهم الجليلة- فأنا أذكر ذينك الاثنين مع «الحافظ محمد» ضمن سلسلة الأقطاب وأبعث إليهم هدايانا.


إخوتي الأعزاء الصادقين!

إن ما تتحلّون به من إخلاص ووفاء وثبات كاف لغضّ الطرف عن نقائص بعضِكُم للبعض الآخر وسترها وأنتم ترزحون تحت ثقل هذه المضايقات والمشقات. وإن رابطة الأخوة الموثوقة بسلسلة رسائل النور لَحسنةٌ عظيمة تذهب بألف سيئة. فينبغي التعامل بالمحبة والصفح فيما بينكم حسب رجحان الحسنات على السيئات كما هو في الحشر الأعظم حيث تُذهب العدالةُ الإلهية السيئات برجحان الحسنات. وبخلاف ذلك فإن الانفعال وسَورة الغضب إزاء سيئة واحدة، والإثارة المضرة الناجمة من الضجر والضيق، يكون ظلما مضاعفا.. نسأل الله أن تزيلوا الضجر والسآمة بمعاونة بعضكم البعض الآخر في السراء وبث السلوان.


إخوتي الأعزاء الميامين الأوفياء!

إن سبب عدم محاورتي معكم منذ بضعة أيام هو ما انتابني من مرض شديد مسمّم لم أرَ مثلَه لحد الآن.

فأنا أشكر الله عز وجل باسم رسائل النور إلى آخر رمق من حياتي، وأفتخر بإخوتي الثابتين الأقوياء العاملين الذين لا يتزعزعون ضمن دائرة «النور» ودائرة «الورد»، مع الأوفياء المضحين في «قسطموني». وأجد السلوان التام والمرتكز القوي معهم إزاء جميع ما يصبّه الظلمة علينا من عذاب. وحتى لو مُتّ الآن لاستقبلتُ الأجل بصدر رحب وقلب بهيج، ما داموا موجودين.

إن أهل الدنيا تُساورهم شكوك وأوهام لا أساس لها أصلا، وكأنني أتحداهم وأبارزهم في الميدان، لذا ألقَوني في غياهب السجن؛ بينما القدرُ الإلهي ألقاني في السجن، لأنني لم ادعُهم إلى الخير ولم أحاول إصلاحَهم.

ولئن لبثتُ في السجن مع بضعٍ مِن أحبّتي فحسب، لطالبتُ السلطات في «أنقرة» بإجراء محاكمة علنية تهم العالم الإسلامي. وسنرسل إن شاء الله نسخا عدة من رسالة «الثمرة» وأجزاء من «الدفاع» بالحروف الجديدة، إلى المراجع العليا المهمة.


إخوتي الأعزاء الأوفياء!

إن قسما من الأحاديث النبوية متشابهات، ليس خاصا ولا جزئيا، ولا يتوجه إلى مواضع عامة. وقسم آخر من الأحاديث يبيّن من الفتن الدينية التي تصيب الأمة الإسلامية زمانا واحدا فقط ومواضع محددة كالحجاز والعراق مثالا لها.

وفي الحقيقة ظهرت في زمن العباسيين فرقٌ ضالة كثيرة أضرت بالإسلام كالمعتزلة والروافض والجبرية والزنادقة والملاحدة المتسـترين. وقد أَخمد أئمةُ الإسلام العظام كالإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل والإمام الغزالي والشيخ الكيلاني والجنيد البغدادي نارَ تلك الفتن التي دبّت في مجال الشريعة والعقيدة.

وعلى الرغم من مرور ثلاثمائة سنة على هذا الظهور الإيماني فإن تلك الفرق الضالة المتسترة قد أوقعت المسلمين في فتنة هولاكو وجنكيز خان عن طريق السياسة. وقد أشار الحديث الشريف والإمام علي رضي الله عنه إلى هذه الفتنة إشارة صريحة وبتاريخها. ولما كانت فتنةُ زماننا هذا أعظمَ الفتن فقد أخبرتْ أحاديثُ شريفة متعددة وإشارات قرآنية كثيرة عنها بتواريخها.

وقياسا على هذا، عندما يبيِّن حديثٌ شريف الأحداثَ التي تمر على الأمة بصورة كلية، يبين حادثة واحدة -أحيانا- بتاريخها كمثال من ذلك الكلي. فمثل هذه الأحاديث المتشابهة قد لا تُدرَك معانيها على الوجه الصحيح، وقد أَثبتت أجزاءُ رسائل النور إثباتا واضحا تأويلَ تلك الأحاديث، وأظهرتْ هذه الحقيقةَ مع قواعدها وأصولها في كل من «الكلمة الرابعة والعشرين» و«الشعاع الخامس».