دفاع «جَيلان»

إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:

إن مقام الادعاء العام الذي استهول الأمر وجعل من الحَبَّة قُبَّة خصّني بحصة كبيرة من التُهم المزعومة الموجهة إلى رسائل النور وقدمني بصورةِ رجل سياسي خطر ورجلِ تآمر لأنني قمت بخدمة أستاذي ورسائل النور، تلك الخدمة التي أفتخر بها في الحقيقة. وأنا أقول ردًّا على هذا:

إنني على علاقة وثيقة بأستاذي «بديع الزمان» الذي استفدت فائدة كبيرة من قراءة كتبه الدينية والإيمانية والأخلاقية إلى درجةِ أنني مستعد بتضحية نفسي وحياتي رخيصةً في هذه السبيل. ولكن هذه العلاقة لم تكن -كما زعم المدعي العام- علاقة ضارة بالوطن وبالأمة، ولا كانت في سبيل تحريض الشعب ضد الدولة، بل هي علاقةٌ وُثقى لا تنفصم أبدا، لأنها من أجل إنقاذ أنفسنا من الإعدام الأبدي للقبر -الذي لا يمكن لأحد أن يجد منه مهربا-، وإنقاذِ إيمان أمثالي من إخواني في الدين في هذا الزمن الخطر وتزكيةِ أخلاقهم وجَعْلِهم أعضاءً نافعين لهذا الوطن ولهذه الأمة.

إنني من القريبين إليه؛ فقد خدمته على فترات متقطعة أربع سنوات وأنا فخور بذلك. وطوال هذه المدة لم أشاهد منه إلّا الفضيلة الخالصة، ولم أسمع منه كلمة واحدة حول كونه مهديا أو مجددا. إن مئات الآلاف من رسائل النور ومئات الآلاف من طلبة النور الذين أنقذوا إيمانهم بقراءتها يشهدون على كمال تواضعه. فأستاذي المبارك هذا يرى نفسه طالبا من طلبة النور ويقدّم نفسه على هذا الأساس.

من اليسير ملاحظةُ ومشاهدةُ ذلك بسهولة من قراءة الرسائل الموجودة بين أيديكم ولاسيما رسالة «الإخلاص» الموجودة ضمن مجموعة «عصا موسى» إذ يقول فيها: «إن الحقائق الباقية هي كالشمس وكالألماس، لا تُبنى على الأشخاص ولا يمكن لأشخاص فانين أن يتملّكوها» وهو يكرر هذا في كثير من رسائله وخطاباته. وليس من شأن العقل السليم أن يحكم أنه يدّعى الفخر والتباهي بنفسه أو أنه مهدي ومجدد. وإذا ما قرأتم الرسائل والمكاتيب بدقة وبإنصاف علمتم وتأكدتم أنه علّامة زمانه هذا الذي قلما يجود الدهر بمثله في العلم بالدين ولم يقابَل بنظيره كمنقذ للإيمان منذ عصور، فهو ذو عطاء وبركة للوطن والأمة تفوق ما يقدمه جيش كامل من المنافع وبخاصة في عصر انتقلت إلينا الشرارات الحمراء للبلشفية تريد الْتِهامَ بلادنا.

فيا أسفى إنني لم أحظَ بالتتلمذ على يديه وعلى هذه المؤلفات القيمة منذ نعومة أظفاري.

 هيئةَ المحكمة الموقرة!

لقد شاهدت في نفسي منافع جليلة لا تعد ولا تحصى من قراءة رسائل النور، لذا قمت بطبع رسالة «مرشد الشباب» في مدينة «أسكي شهر» وبإذن رسمي، وذلك لكي يستفيد أمثالي من أبناء هذا الوطن، أي قمت بخدمة وطنية سامية. وأنا أرغب أن أسألكم:

لقد قمت -وأنا الشخص الفقير لرحمة الله تعالى- بطبع رسائل النور التي تُعدّ تفسيرا حقيقيا للقرآن الكريم وبعيدةً عن أي تجريح أو طعن من الآخرين، أي قمت بخدمة إيمانية. فهل من الحق وهل من العدل أن أقابَل بمثل هذه المعاملة الخشنة في الوقت الذي كان من المفروض ومن الضروري أن أقابَل بالتقدير؟

إنني أطلب من محكمتكم العادلة أن تُصدِر حكمها بإعطاء الحرية لنشر رسائل النور التي هي غذاء أرواحنا وسببُ نجاتنا ومفتاحُ سعادتنا الأبدية، وإذا كان قسم مما ذكرته وعددته أعلاه يعدّ في نظركم ذنبا أو جُرما فإنني أود أن أبين لكم بأنني سأتقبل بصدرٍ رحبٍ أية عقوبة تصدرونها مهما كانت شديدة.

جَيلان جالشقان

من أميرداغ

الموقوف في سجن أفيون

* * *

دفاع «مصطفى عثمان»

إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:

ردّا على التهمة الموجهة إليّ حول اشتراكي بفعاليات «بديع الزمان سعيد النُّورْسِيّ» المزعومة في تشكيل جمعية سرية واستغلالِ المشاعر الدينية للإخلال بأمن الدولة وقيامِه ضد النظام القائم أقول ما يلي:

1– أجل، لقد قمت -مثل طلاب النور- بالحصول على رسائل النور وقراءتها لكي أتعلم الأخلاق القرآنية التي هي شعار التربية المدنية والدينية اللائقة بالشرف التاريخي لأُمتنا التركية المسلمة، وأحفظ ديني وإيماني من تأثير الأيديولوجيات الأجنبية وأكون عضوا نافعا لوطني وأمتي. لقد حلَّ الفساد والرذيلة محل الأخلاق التي عُرف به أجدادنا الذين سَجلوا مآثرهم في التاريخ، وبدأ هذا الفساد يستشري وينتشر ويُفسد الحياة الاجتماعية إلى درجة أن أصحاب الخُلق السيء أنفسَهم أصبحوا يتقززون من مثل هذا السقوط الأخلاقي المنتشر، الذي أقلق الرأي العام وأصبح حديث المجالس في كل بيت وحديثَ الصحف والمجلات التي تعد لسانَ الرأي العام والمعبّرَ عنه، ثم إن هذه الأحوال المؤلمة في انتشار سريع وقد أخذت طابع البلاء العام.. في مثل هذه المرحلة استطاعت رسائل النور أن تنقذني من السقوط الأخلاقي مثلما أنقذت جميعَ قرائها المسلمين. لقد أعطيتُ هذه الرسائل لمن طلبها مني بإصرار -بعد أن عرف أنني قرأتها- وذلك لكي يستفيدوا من تهذيبها للأخلاق. وبعملي هذا ساعدت على إنقاذ كثير من الأفراد الذين كانوا على وشك الانحدار الأخلاقي، وعلى وشك أن يكونوا أعضاء مضرين بالوطن والأمة. فاستطاعت رسائل النور بتعليماتها وبتلقيناتها إن تنقذَ هؤلاء وأن تجعلَ أفرادا مفيدين للبشرية وتحصنَهم أمام الوباء الشيوعي الأحمر الذي بدأ ينتشر في بلدنا والذي بدأ العالم يرتجف منه رُعبا. إذن فإن «بديع الزمان» يُعدّ مجاهدا معنويا يستحق التقدير والتبجيل. أما السلاح النوراني والفعال لهذا الجهاد فهو رسائل النور التي استطاعت في ظرف عشرين سنة أن تُحوِّل عشرين ألفا من الأفراد -وربما أكثر- إلى أفراد مفيدين للوطن وللأمة، فكيف يكون حثّي على قراءة الرسائل ذنبا، وكيف يكون تأليف رسائل النور تهمة في حق مؤلفها؟.. أسأل هذا من ضمائركم.

2– أما ما ادَّعاه المدعي العام حول كون ذلك الحديث «موضوعا» فهو حُكمٌ غير عِلميّ، لأن ذلك الحديث «صحيح» ووارد في كتب الأحاديث وعلماء الحديث يقبلونه. ففي عهد المشروطية -أي قبل عهد الحرية- تقدّم اليابانيون والكنيسة الإنجليزية الإنكليكانية بأسئلة إلى علماء ذلك العهد، فقدم علماء إسطنبول بهذه الأسئلة إلى «بديع الزمان» الذي أدرج تأويل هذا الحديث ضمن الرسالة التي أصبح اسمها الآن «الشعاع الخامس». وإن قبول هؤلاء العلماء الأعلام بهذه الأجوبة وعدم اعتراضهم عليها يدل على صحة الحديث.

وليس هذا الجزء فقط من رسائل النور، بل إن جميع الحقائق الواردة فيها وجميع دروسها، قوية جدا بحيث لا يستطيع عالِم إسلامي حقيقي الاعتراضَ عليها، لذا نرى أن جميع العلماء الحقيقيين في هذا البلد -ومنذ عهد المشروطية- وعلى رأسهم رئاسة الشؤون الدينية اضطروا إلى تقدير هذه الرسائل وتوقيرها. لذا لا يمكن أن تُطمسَ حقائقها وبراهينها القوية من قِبَل فرد أو فردين ممن لا نصيب لهم من العلم الحقيقي، ولا يملكون من العلم إلا اسمه. بل سيكون هذا أمرا مضحكا.

إن رسائل النور تُقرأ بكل تقدير في جميع أرجاء الوطن ومن قِبَل كافة طبقات الشعب لإنقاذ حياتهم الأبدية وإيمانهم، ولأن منافعها المادية والمعنوية ظاهرة وجليلة. لذلك فإن آلافا من المواطنين الذين استفادوا وأعجبوا بحقائق القرآن وحقائق الإيمان يحملون عاطفة العرفان بالجميل والامتنان العميق لمؤلف هذه الرسائل.. فهل قيام بعض هؤلاء بكتابة رسائل إلى المؤلف -انطلاقا من العرفان بجميله- وفهمُ الحديث الشريف الذي هو موضوع الاتهام استنادا إلى الحقائق التي لا يمكن أن تُرد، والنظرُ إليه وكأنه قد تحقق في هذا الوطن بناءً على بعض الأفعال والآثار.. وبيانُ تمنياتهم بأن لا يقع وطننا في أحضان الفوضى وفي أحضان هذا الخطر الأحمر، تُعدّ خيانة للنظام القائم؟ وهل هي نقد للانقلاب؟ ومع أن هذا العالِم المُبجل دخل عدة محاكم بسبب هذه الافتراءات وصدرتْ قراراتُها بتبرئته، إلا أنه لا يزال متهما بنفس التُّهم السابقة ويُسجن في سجن انفرادي ويقدّم للمحاكمة، مع أنه شخص منـزوٍ ومتقدم في العمر وشخص وحيد، أما نحن فقد عُدّت مساعينا العلمية ومحاولاتنا لإنقاذ إيماننا دليلا على أننا نحاول الإخلال بأمن الدولة، ونحن نتساءل من محكمتكم: «أيّ وجدان وضميرِ عادل يستطيع إصدار مثل هذا القرار؟». نَدَعُ ذلك لضمائركم..

3– ولنأتِ إلى سبب التهمة الأخرى القائلة بأننا «نحمل صور بديع الزمان وكأنها صور مقدسة ونجمع خطاباته، ونرسل له الرسائل.» نقول ردا على هذا:

إن من حقي -كأي فرد آخر- أن أبعث له الرسائل وبطاقات التهنئة وأن أصادق محبيه وأن أحمل صورته.. ليس فقط صورته البسيطة، بل لو زينت صورته بإطار من الجواهر أو الذهب لكان شيئا زهيدا بجانب ما أسداه إليّ هذا العلامة الكبير من فضل، فقد أنقذ حياتي المعنويةَ والأبدية من الإعدام، وجعلني أتذوق السعادة في حياتي المادية، وأصبح بمؤلفاته وسيلة لإنقاذ إيمانِ آلاف الأفراد الآخرين مثلي. هذا من حقي، ولا أظن أنه يُشكل ذنبا، وفي الختام أقول:

إن رجال الأمن في ولايتين وفي أقضية عدة يشهدون بأن طلبة النور -الذين أنقذوا أنفسهم من الأخلاق السفيهة بقراءة رسائل النور وأنقذوا غيرهم كذلك- قد خدموا طوال سنين عديدة هذا الوطن وهذه الأمةَ خدمةً جليلة لا يستطيع إيفاءها الآلاف من رجال الأمن، لذا فإنهم بدلا من أن يروا التقدير والمديح، فقد أُسيءَ فهمهم وعوملوا وكأنهم عملاء للأجانب، فقد اعتُقلنا وقُدِّمنا للمحاكم وتعطلت مصالحنا وأشغالنا، وتُركت عوائلنا وأطفالنا في وضعٍ بائس، فأية ديمقراطية تَرضى لعوائلنا هذا الوضع المفجع ولأطفالنا البكاء، وضميرُ أيّ حاكم عادل يرضى بهذا؟.. أسأل هذا من محكمتكم ومن ضمائركم.

لذا فإنني أسأل باسم محكمتكم المحترمة وباسم الأمة التركية المجيدة وباسم مجلسه العادل الذي تعملون في ظله أن تصدروا قراركم بحرية نشر رسائل النور التي لا يمكن أبدا إنكار فوائدها ومنافعها الجمة وأن تصدروا قراركم أيضا ببراءتنا.

مصطفى عثمان  

من صَفْرانْبُولُو

الموقوف في سجن أفيون

* * *

دفاع «حفظي بيرام»

إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى

إن التهم الموجهة إليّ هي قيامي بقراءة مؤلفات العالم الإسلامي «بديع الزمان» المتهم باستغلال المشاعر الدينية للإخلال بأمن الدولة، علما بأن هذه المؤلفات قيِّمة وذات نفع كبير للامة وللبلد. وهي تعطي دروسا مفيدة جدا عن الحقائق القرآنية والإيمانية. وكذلك قيامي بإعطاء بعض هذه المؤلفات إلى عدد من أصدقائي -نزولا عند طلبهم- بعد أن اكتشفتُ مدى استفادتي منها من الناحية الدينية والأخلاقية، وذلك اتباعا لشعارنا (أي مَبدئنا) في السعي لنيل الثواب والأجر بنشر هذه التربية الدينية والأخلاقية، وكذلك قيام بعض معارفي بإرسال رسائِل صداقةٍ أو رسائلَ علمية إلى عنواني. هذه هي المعاذير التي تم الاستناد إليها لجعلي في الذنب مع الموما إليه.

إنني أعترض على إيراد هذه المسائل كسبب للاتهام:

1– إنني لا أعتقد أن قيامي بقراءة رسائل النور بقصد التعلم وللحفاظ على ديني وإيماني، ولا قيامي بإعطاء هذه الرسائل إلى بعضهم بقصد التعلم ذنبا أو جريمة، ذلك لأن هذه الرسائل مرت من محاكم عديدة وبُرئت من قِبَلها وأعيدت إلى مؤلِّفها، وهي رسائل حازت على تقدير علماء البلدان الإسلامية وعلماء بلادنا، وهي لا تحتوي على أفكار فاسدة كما زعم المدعي العام، فكل رسالة من هذه الرسائل تفسير مهم للقرآن الكريم من بدايتها وحتى نهايتها، وهي تدعو الناس إلى السمو الخلقي وإلى الفضيلة وتعطي دروسا إسلامية وتربية دينية بشكل مؤثر فتكون سببا لحفظ الأمم من السقوط في الهاوية، لذا فهي ليست كتبا مفيدة لهذه الأمة ولهذا البلد وحده، بل هي أيضا مفيدة للإنسانية جميعها من الناحية المعنوية. ذلك لأنه ما من أحد سجل حادثة ضارة للوطن أو للامة أو ضد إدارة الدولة اشترك فيها طالب من طلاب النور في أي مكان أبدا، ولم يسجِّل رجال الأمن والشرطة أيةَ حادثة من هذا القبيل ضدهم. ثم لا توجد هناك جمعية سرية لكي تكون قراءة رسائل النور قراءة سرية، ذلك لأن طلاب النور لا علاقة لهم بأية جمعية، علمية كانت أم سياسية. ظاهرة كانت أم سرية، حتى إن «بديع الزمان» ومعه العديد من طلاب النور قُدموا إلى محكمة الجنايات الكبرى في «دنيزلي» قبل عدة سنوات وبنفس هذه التهم، وقامت المحكمة ببحث دقيق وتحقيق عميق ثم اضطرت إلى إصدار قرارها بتبرئة الجميع وتبرئة رسائل النور كذلك.

ولا أدري كيف تُعد قراءةُ مؤلفاتِ مؤلِّفٍ صدر القرار بتبرئته وتبرئة كتبه.. كيف يعد ذلك دليلا على جُرم كبير مثل جُرم الإخلال بأمن الدولة والسعي ضد النظام القائم، وكيف تكون سببا للاتهام؟ وما هي درجة العدالة في هذا الأمر؟ أُحيلُ هذا السؤالَ إلى ضمائركم.

2– ثم هناك رسالة أخرى أُرسلت إليّ وأنا في السجن من قضاء «بايزيد» من شخص لا أعرفه، وأصبحت هذه الرسالةُ سببا لاتهامي. إنني لم أرَ هذه الرسالة، ولا أدري محتوياتها، فإن كانت إحدى رسائل النور فإني أقبل بها. اسألوا عنها لكي أجيبكم عن اتهامي هذا. وقد ورد في كلمة المدعي العام شيء حول المهدوية. ولم أسمع هذا إلّا منه. أما أستاذي فهو بريء من هذه الادعاءات. فهذا الأمر لم يُرد لا في حديثه ولا في رسائله، وقد اعتاد في كل مناسبة التنبيه على طلابه بضرورة ابتعادهم عن تعظيمه أو إبداء احترام مفرط أو إعطاء رتبة عالية له. ونحن على يقين بأنه أفضل علماء عصره وأنه بريء من حُب الشهرة ومن حُب الجاه، فهو عالم أصيل.

السجين

حفظي بيرام

* * *

دفاع «مصطفى آجت»

إلى محكمة «أفيون» الكبرى للجنايات:

أُجيبُ عن الاتهام الموهوم الذي اتهم به الادعاءُ العام أستاذي «بديع الزمان»:

إن خدماتي لأستاذي ولرسائل النور ليست إلّا قطرة من بحر اللطف والإحسان الذي قوبلتُ به. فأنا لست نادما قطعا بهذا الانتساب. فكما يُضحَّى بقطع زجاجية في سبيل كسب خزينة الألماس الثمينة جدا، فإنني مستعد في كل وقت لأُضحي بحياتي في سبيل رسائل النور التي هي وسيلة لإنقاذ حياتي الأبدية. فلقد تحققت منافع أخروية ودنيوية لرسائل النور، لذا فإن التخلي عن تلك المنافع الجليلة وإبداءَ الفتور تجاه رسائل النور وأستاذي المحترم، لئلا يصيب الحياة الدنيوية المضطربة القصيرة ضرر من سجن تافه ومضايقات لا تلبث أن تزول.. إنني أعدّ هذا التخلي إهانة عظيمة لأستاذي علّامة الزمان، ولغايته الوحيدة الجليلة التي هي خدمة الإيمان والقرآن. فأنا لا أريد قطعا أن أخالف أوامره ولا أن أحيد عن إذنه.

هيئةَ الحكام المحترمين!

لِمَ تستهولون كوني طالبا -مع فقري- لعالِم عظيم يجاهد البلشفية التي تحاول بث سمومها في وطننا العزيز. إن هذا بلا شك يُثبت أن الثروة التي يمتلكها النور تفوق كثيرا ثروة الدنيا بأسرها، فأطلِقوا يد أستاذي ورسائل النور كي ينقذ ملايين الشباب من الأمة التركية، ليصبحوا أبناء نافعين للبلاد.

نعم، إن حاجتنا نحن شبابَ الأمة التركية إلى رسائل النور أكثر بكثير من حاجة المختنق إلى الهواء العليل، ومن حاجةِ من يعيش في الظلام الدامس إلى النور الواضح، ومن حاجة الجائع العطشان التائه في الصحراء إلى الماء السلسبيل والغذاء النافع، بل من حاجة الغريق إلى النجاة.

إنه لا يتلاءم مع شرف العدالة إهدارُ وإفناءُ حياةِ «بديع الزمان» الذي كَسَب حُسنَ ظننا المفرط وتوجهَنا نحوه وارتباطنا الوثيق به، وإفناءُ ضعفاءَ أصبحوا طلابا له بنية خالصة.

الموقوف في السجن

مصطفى آجت من أميرداغ

* * *

دفاع «خليل جاليشقان»

إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:

هيئة المحكمة الموقرة!

في لائحة الاتهام التي قدمها المدعي العام عدّ خدمتي لأستاذي كذنب كبير اقترفته. إن أستاذي الذي قَدِم إلى بلدتنا ضيفا سنة 1944م وهو مقيم فيها منذ أربع سنوات.. إن أستاذي هذا قد ترك ومنذ أربعين سنة كل لذائد الحياة ومتاعها وراحتها ونذر نفسه لخدمة الإيمان والإسلام، ولاسيما لإنقاذ السعادة الأبدية للمسلمين في وطننا، ولوضع سد أمام الأفكار الضارة لدين هذه الأمة التركية المسلمة كالأفكار البلشفية التي لها أضرار مادية ومعنوية بليغة والأفكارِ الضارة الأخرى للوطن وللأُمة، وذلك بوساطة الدروس الإيمانية والأخلاقية لرسائل النور التي اعترف بفضلها جميعُ العلماء. فهل قيامي -وأنا فخور بذلك- بخدمة أستاذي بين حين وآخر طوال ثلاث سنوات يعد ذنبا؟ ثم إنهم يرون أن تركي لمهنتي كخياط في سبيل هذه الخدمة ذنبٌ كذلك. ولئن ضحيتُ بحياتي في سبيل أستاذي وفي سبيل رسائل النور -التي أرشدتنا إلى الحق وإلى الحقيقة والتي هي تفسير حقيقي للقرآن الكريم- فهل أُعدّ مذنبا وخائنا للوطن؟.. أسأل هذا منكم.

رئيس المحكمة الموقر!

لقد قرأتُ بعض رسائل النور واستنسخت بعضها. وبدأت بحمد الله تعالى حمدا كبيرا بالاستفادة من هذه الرسائل، إذ كان قلبي منذ البداية متعلقا تعلقا كبيرا بالعلم ومشتاقا له. ومع أنني مرتبط بهذه الرسائل عن قرب إلا أنني لم أجد فيها لا تحريضا للشعب ضد الحكومة ولا دعوة لتأسيس جمعية سرية تقوم بإخلال الأمن، ولم أسمع من أستاذي أيّ شيء حول دعوى المهدوية أو دعوى التجديد ولا أي تحريض ضد الأمن. إن الهدف الوحيد والخدمة الوحيدة لرسائل النور ولأستاذنا ولنا نحن طلبة النور هي إيفاء خدمة مقدسة للإسلام ولاسيما إيفاء خدمة مقدسة للأُمة التركية المسلمة من ناحية الإيمان والأخلاق. لذا فمن الضروري ومن الواجب عدمُ التعرض لرسائل النور ولطلابها من جراء خدماتهم هذه. هذا هو هدفنا، وهذه هي غايتنا وليس شيئا آخر، وإن إيفاءنا هذه الوظائفَ هو في سبيل الحصول على رِضَى الله تعالى. ومن الطبيعي أننا لا يمكن أن نؤدي هذه المهمة المقدسة في سبيل الدنيا وفي سبيل متاعها ومنافعها، ولا نتنـزل أصلا لهذا. إن طلبة النور الطاهرين لا يشغل قلوبهم أهدافٌ وغايات دنيوية، لأن قلوبهم مشغولة بالإيمان وبأمور الآخرة، لذا فإنه لم يخطر ببالنا أبدا ما اتهمَنَا به المدعي العام من القيام بتشكيل جمعية سرية، ولا نتحمل مثل هذا الاتهام.

هيئة المحكمة الموقرة!

إننا نعتقد بأنكم اقتنعتم بماهية أهدافنا وغايتنا نحن طلاب النور، واقتنعتم بعدم وجود أية علاقة لنا بالتهم التي أوردها المدعي العام، لذا فإننا نطلب من محكمتكم الموقرة ومن ضمائركم أن تعيدوا لنا كتبنا وتسمحوا بكونها حرة وتصدروا قراركم ببراءتنا.

خليل جالشقان

من أميرداغ 

الموقوف في سجن أفيون

* * *

دفاع «مصطفى كول»

إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:

إنني لست عضوا في جمعية سرية، كما أن أستاذي «بديع الزمان» لم يشكل مثل هذه الجمعية، إذ قام على الدوام بإعطائنا دروسا حول الحقائق القرآنية وحظَّر علينا وبشدة أن تكون لنا أية علاقة بالسياسة. إنني فقط طالب للأستاذ الكبير «سعيد النُّورْسِيّ»، وأنا متعلق به وبرسائل النور من أعماق قلبي وروحي، وأنا مستعد لأية عقوبة في سبيل رسائل النور وفي سبيل أستاذي. لقد أنقذ أستاذي برسائل النور إيماني وحياتي الأخروية. فغايته تنحصر في إنقاذ جميع المسلمين وجميع مواطنينا من الإلحاد لكي ينالوا السعادة الأبدية. لقد ظهر بوضوح في جميع المحاكم بأنه لا توجد لنا أية علاقة بأي هدف سياسي، ومع أن هذه هي الحقيقة فلا نزال نُقَدَّم للمحاكم من دون سبب ومن دون وجه حق، ونحن نفهم من هذا أنهم يريدون تحطيم وحدتنا وتساندنا، مع أن تساندنا وتعاوننا لا يهدف أية غاية دنيوية أو سياسية. وكل ما في الأمر أننا نوقر أستاذنا توقيرا كبيرا، لأن كل من يقرأ رسائل النور يكتسب إيمانا قويا وإسلاما قويا وخلقا وكمالا عاليين.

ونحن لا نملك إلّا أن نُكنّ لأستاذنا حُبا شديدا، وأنا مرتبط بمثل هذا الأستاذ وبمثل طلاب رسائل النور هؤلاء بكل جوارحي، ولا يمكن لهذا الارتباط أن ينفصم أو ينقطع وإن شُنقت. إننا مع جميع أخواني أبرياء، ونحن نطالب وبكل قوتنا بحرية رسائل النور، وأنا أطالب بتبرئة أستاذنا الكبير وتبرئة إخواني الأبرياء من طلبة النور وتبرئتي كذلك.

مصطفى كول

من إسبارطة

* * *

دفاع «إبراهيم فاقازلي»

إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:

أيها الحكام المحترمون!

إن التهمة الموجهة إلينا باطلة أولا، وتتعلق بالدنيا، فهي سياسية. ولاشك أنكم -أيها الحكام المحترمون- قد عرفتم مِن نظرتكم الأولى لنا بأننا لسنا من الذين يعملون في ميدان السياسة، ولو قام المئات من ذوي الصلاحية بتوكيد هذه التهمة السمجة والغريبة عنا، ولو كان عقلي أكبر بمئات المرات من عقلي الحالي لكان التأثير المعنوي الذي تركتْه لديّ رسائلُ النور ومؤلِّفُه الموقر كافيا لي لكي أهجر لذة السياسة الموقتة والفانية وأهرب بكل كياني ووجودي إلى الطريق المؤدي إلى الآخرة وإلى الطريق المؤدي إلى النجاة من جهنم. إن علاقتنا سواء أكانت مع مؤلف رسائل النور المبجل واحترامَنا له أو قراءتنا لرسائل النور واستنساخها أو علاقتنا وارتباطنا مع طلاب النور.. هذه العلاقات كلها علاقات أخروية، وقد أقرت محكمة «دنيزلي» للجنايات الكبرى ومحكمة التمييز العليا هذا الأمرَ وصادقتْ عليه. وإن الأفكار التي استلهمناها من رسائل النور تدعونا بأن لا نفرط في هذه العلاقة النورانية وأن لا نستبدلها بأي عرض دنيوي ومادي. وسيبقى إيماننا هذا معنا حتى آخر لحظة من أعمارنا.

هيئة المحكمة الموقرة!

ما دمنا قد جُمعنا ها هنا بسبب هذه التهمة المذهلة، فإنني أرى أن ضميري وحُبي لبلدي يحتمان عليَّ أن أُبين لكم هذه الحقيقة المهمة. لقد شاهدت في أوساطنا وفي البيئة التي أعيش فيها مدى الإصلاحات الكبيرة التي أنجزتْها رسائلُ النور، وشاهد الناس هذا كذلك، ففي أثناء ما يزيد عن عشر سنوات عرف العديد من الأفراد -وأنا منهم- الطريقَ إلى بيوتهم والاهتمامَ بعوائلهم، وتركوا الأمور الشائنة وعرفوا طَعم السعادة العائلية. وآباءُ هؤلاء وأمهاتهم يرفعون الآن أيديهم بالدعاء لمَنْ كان السبب لمثل هذا التحول، وتستطيعون أن تسمعوا المزيد حول هذا الأمر من أهالي ولايتنا وما يجاورها. وعندما دخلتْ رسائلُ النور إلى سجن «دنيزلي» كان تأثيرها في المسجونين إيجابيا جدا، ولا يزال هذا التأثير الإيجابي أحاديثَ الناس. وكذلك عندما دخلتْ إلى سجن «أفيون» رأيت كل سجين أتحدث معه يدعو لطلاب النور بالخير ويذكر لي الفرق الكبير بين أحوالهم السابقة وأحوالهم الحالية.. هذه حقائق ملموسة وموجودة أمام جميع الأنظار. والحقيقة أنني أستغرب جدا كيف يمكن أن يقال إنني أشتغل في ساحة السياسة لمجرد أنني قمت بإرسال خطابات مَحَبّةٍ إلى مؤلف رسائل النور المحترم؟ هذه الرسائل التي كانت مفيدة لي ولجميع أبناء جنسي من الناحية الأخلاقية والاجتماعية ومن ناحية الحياة الأخروية لكونها تفسيرا حقيقيا للقرآن الكريم، أو لأنني قمت بإرسال رسائلِ محبةٍ إسلامية ورسائلِ سلوان إلى بعض مواطِنِيَّ!.. وأنا أقول وسط هذه الدهشة والاستغراب بأنه لا يمكن أن يكون هذا العمل موضع تهمة أو ذنب. والاحتمالُ الوارد هنا هو أن أعداء القرآن الكريم -وبالتالي رسائل النور- المتخفين هم الذين نفثوا الأوهام والظنون والخوف منا، في نفوس موظفي جهاز العدل وجهاز الأمن لكي يُلقوا بنا في غياهب السجون، ولكن سيعرف الحكام المحترمون هذه الحقائق دون شك وسيضعون أيديهم على ضمائرهم لكي يُصدروا قراراتهم العادلة التي لها ثواب كبير عند الله تعالى.

وسيجعلون الأمة التركية المسلمة التي تنتظر هذه القرارات بكل اهتمام في جميع أرجاء هذا الوطن.. ممتنة وشاكرة لهم.

إبراهيم فاقازلي

الموقوف في سجن أفيون

* * *