لاندو ([1])

1) «بسبب من أن مهمة ترجمة القرآن بكامل طاقته الإيقاعية، إلى لغة أخرى، تتطلب عناية رجل يجمع الشاعرية إلى العلم، فإننا لم نعرف حتى وقت قريب ترجمة جيدة استطاعت أن تتلقف شيئاً من روح الوحي المحمدي. والواقع أن كثيراً من المترجمين الأوائل لم يعجزوا عن الاحتفاظ بجمال الأصل فحسب، بل كانوا إلى ذلك مفعمين بالحقد على الإسلام إلى درجة جعلت ترجماتهم تنوء بالتحامل والغرض ولكن حتى أفضل ترجمة ممكنة للقرآن في شكل مكتوب لا تستطيع أن تحتفظ بإيقاع السور الموسيقي الأسر، على الوجه الذي يرتلها به المسلم. وليس يستطيع الغربي أن يدرك شيئاً من روعة كلمات القرآن وقوّتها إلا عندما يسمع مقاطع منه مرتلة بلغته الأصلية».

2) «.. كلف كاتب الوحي، زيد بن ثابت، جمع الآيات القرآنية في شـكل كتاب وكان أبو بكر رضي الله عنه قد اشرف على هذه المهمة. وفي ما بعد، إثر جهد مستأنف بذل بأمر من الخليفة عثمان رضي الله عنه اتخذ القرآن شكله التشريعي النهائي الذي وصل إلينا سليماً لم يطرأ عليه أي تحريف».

3) «.. إن بين آيات قصار السور ترابطاً باهراً له تأثيره الوجداني برغم أنه ليس ثمة أيما وزن نظامي. وفي الحق إن سماع السور تتلى في الأصل العربي، كثيراً ما يخلف في نفس المرء تأثيراً بليغاً. لقد أريد بالقرآن.. أن يتلى في صوت جهير. ويتعين على المرء أن يسمعه مرتلاً لكي يحكم عليه حكماً عادلاً ويقدره حق قدره.. وبوصفه كلمة الله الحقيقية، كان معجزاً لا سبيل إلى محاكاته، ولم يكن ثمة، بكل بساطة، أيما شئ من مثله».

لوبون ([2])

1) «.. إن أصول الأخلاق في القرآن عالية علوّ ما جاء في كتب الديانات الأخرى جميعها، وان أخلاق الأمم التي دانت له تحولت بتحول الأزمان والعروق مثل تحول الأمم الخاضعة لدين عيسى عليه السلام.. إن أهم نتيجة يمكن استنباطها هي تأثير القرآن العظيم في الأمم التي أذعنت لأحكامه، فالديانات التي لها ما للإسلام من السلطان على النفوس قليلة جداً، وقد لا تجد دينا اتفق له ما اتفق للإسلام من الأثر الدائم، والقرآن هو قطب الحياة في الشرق وهو ما نرى أثره في أدقّ شؤون الحياة».

2) «إن هذا الكتاب (القرآن) تشريع ديني وسياسي واجتماعي، وأحكامه نافذة منذ عشرة قرون..»

ليختنستادتر ([3])

1) «.. إن المسلم العصري يعتقد أن كتابه المنـزل يسمح له، بل يوجب عليه، أن يعالج مشكلات عصره بما يوافق الدين ولا يضيع المصلحة أو يصد عن المعرفة كما انتهت إليها علوم زمنه.. وإن مزية القرآن -في عقيدة المسلم- أنه متمم للكتب السماوية ويوافقها في أصول الإيمان، ولكنه يختلف عنها في صفته العامة فلا يرتبط برسالة محدودة تمضي مع مضي عهدها ولا بأمة خاصة يلائمها ولا يلائم سواها. وكل ما يراد به الدوام، ينبغي أن يوافق كل جيل ويصلح لكل أوان».

2) «إنه من الضروري لإدراك عمل القرآن من حيث هو كتاب ديني وكتاب اجتماعي أن تدرك صدق المسلم حين يؤكد أن القرآن يمكن أن يظل أساساً لإدراك الحكم المعقدة التي تعالج مشكلات المجتمع الحديث. فإن النبي ﷺ يرى أن القرآن هو حلقة الاتصال بين الإله في كماله الإلهي وبين خليقته التي يتجلى فيها بفيوضه الربانية وآيتها الكبرى الإنسان. وان واجب الإنسان أن يعمل بمشيئة الله للتنسيق بين العالم الإلهي وبين عالم الخلق والشهادة، وخير ما يدرك به هذا المطلب أن تتولاه جماعة إنسانية تتحرى أعمق الأوامر الإلهية والزمها وهي أوامر العدل للجميع والرحمة بالضعيف والرفق والإحسان، وتلك هي الوسائل التي يضعها الله في يد الإنسان لتحقيق نجاته، فهو ثم مسئول عن أعماله ومسئول كذلك عن مصيره.»

مونتاي ([4])

1) «إنني لا أشك لحظة في رسالة محمد ﷺ. واعتقد أنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وأنه بعث للناس كافة، وأن رسالته جاءت لختم الوحي الذي نزل في التوراة والإنجيل. وأحسن دليل على ذلك هو القرآن المعجزة. فأنا أرفض خواطر بسكال العالم الأوروبي الحاقد على الإسلام والمسلمين إلّاخاطرة واحدة وهي قوله: ليس القرآن من تأليف محمد ﷺ كما أن الإنجيل ليس من تأليف متّي»

2) «إن مثل الفكر العربي الإسلامي المبعد عن التأثير القرآني كمثل رجل أفرغ من دمه»

هوني ([5])

«.. لن أستطيع مهما حاولت، أن أصف الأثر الذي تركه القرآن في قلبي، فلم أكد أنتهي من قراءة السورة الثالثة من القرآن حتى وجدتني ساجدة لخالق هذا الكون، فكانت هذه أول صلاة لي في الإسلام..»

وات ([6])

1) «يعتبر القرآن قلاقل العصر نتيجة أسباب دينية بالرغم من الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية وانه لا يمكن تقويمها إلا باستخدام الوسائل الدينية مثل كل شئ. وانه لمن الجرأة الشك في حكمة القرآن نظراً لنجاح محمد ﷺ في تبليغ الرسالة التي أمره الله بتبليغها..»

2) «يجب علينا في رأيي، مهما كان موقفنا الديني، أن نعتبر رسالة القرآن انبثاقاً خلاقاً في الوضع المكي. ولا شك انه كانت توجد مشاكل تتطلب الحلّ، وأزمات حاول البعض تخفيفها، ولكن كان يستحيل الانتقال من هذه المشاكل وتلك الأزمات إلى رسالة القرآن بواسطة التفكير المنطقي.. ولا شك أن رسالة القرآن تحل مشاكل اجتماعية وأخلاقية وفكرية، ولكن لا تحلّها جميعاً دفعة واحدة وليس بصورة بدهية، ولربما قال مؤرخ دنيوي أن محمداً وقع صدفة على أفكار كانت بمثابة المفتاح لحل المشاكل الأساسية في زمانه وليس هذا ممكناً. ولا يمكن للمحاولات التجريبية ولا للفكر النافذ أن يفسّر لنا كما يجب رسالة القرآن».


من مخطوط «السيد طاهر الشوشي» رحمه الله تعالى

قيمة الكتاب

 

هذا الكتاب الذي يشتريه فتىً              بوزنه ذهباً أقسمتُ لم يُلَمِ

لأنه معدن الأسرار والنكت           وأنه منبع الأنوار والحِكَم

وأنه سلم المستصعدين إلى          إعجاز نظم كلام اللّه، فاغتنم

طوبى لصاحبه يا أجر ناشره        بشرى لقارئه بأوفر النعم

اغفر لصاحبه واغفر لكاتبه        واغفر لقارئه يا أوسع الكرم


[1] روم لاندو R. Landau: نحّات وناقد فني إنكليزي، زار زعماء الدين في الشرق الأدنى (1937)، وحاضر في عدد من جامعات الولايات المتحدة (1952-1957)، أستاذ الدراسات الإسلامية وشمالي افريقيا في المجمع الأمريكي للدراسات الاسيوية في سان فرنسيسكو (1953).

       من آثاره: «الله ومغامرتي 1935»، «بحث عن الغد 1938»، «سلم الرسل 1939»، «دعوة إلى المغرب 1950»، «سلطان المغرب 1951»، «فرنسا والعرب 1953»، «الفن العربي1955» وغيرها.

[2] كوستاف لوبون  Dr. G. lebon: ولد عام 181م، وهو طبيب، ومؤرخ فرنسي، عني بالحضارة الشرقية. من آثاره: «حضارة العرب-باريس 1884»، «الحضارة المصرية»، و«حضارة العرب في الأندلس».

[3] الدكتورة إلس ليختنستادتر  Ilse lictenstadter: سيدة ألمانية، درست العلوم العربية والإسلامية في جامعة فرانكفورت، ثم في جامعة لندن، وأقامت زهاء ثلاثين سنة بين بلاد الشرقين الأدنى والأوسط، وعنيت عناية خاصة بدعوات الاجتهاد والتجديد والمقابلة بين المذاهب. من مؤلفاتها (الإسلام والعصر الحديث).

[4] فنساي مونتاي: المنصور بالله الشافعي F. Montague: فرنسي، رجل بحث وترحال، اختص بدراسة القضايا الإسلامية والعربية، عن كثب، قضى سنوات عديدة في المغرب والمشرق وأفريقيا واسيا، ونشر عشرات الأبحاث والكتب عن الإسلام والحضارة لإسلامية، وانتهى الأمر به إلى إعلان إسلامه في صيف عام 1977.

[5] عائشة برجت هوني Ayesha Bridget Honey: نشأت في أسرة إنكليزية مسيحية، وشغفت بالفلسفة، ثم سافرت إلى كندا لإكمال دراستها، وهناك في الجامعة أتيح لها أن تتعرف على الإسلام، وأن تنتهي إليه، وقد عملت مدرّسة في مدرسة عليا في نيجيريا.

[6] مونتجومري وات Montgomery Watt: عميد قسم الدراسات العربية في جامعة ادنبرا سابقاً.

       من آثاره: «عوامل انتشار الإسلام»، «محمد في مكة»، «محمد في المدينة» «الإسلام والجماعة الموحدة»، وهو دراسة فلسفية اجتماعية لردّ أصل الوحدة العربية إلى الإسلام (1961).