تنبيه.. إخطار.. اعتذار!

اعلم أن هذه الرسالة نوعُ تفسيرٍ شهوديّ لبعض الآيات القرآنية. وما فيها من المسائل أزاهيرُ اقتُطفت من جنّات الفرقان الحكيم، فلا يوحشك ما في عباراتها من الإشكال والإجمال والإيجاز، فكررْ مطالعتَها حتى ينفتح لك سرُّ تكرار القرآن؛ أمثال:

﴿لَهُ مُلْكُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ﴾ (الحديد:2).

ولا تخف من تمرد النفس؛ لأن نفسي الأمارة المتمردة المتجبرة انقادتْ وذُلّلت تحت سطوة ما في هذه الرسالة من الحقائق! بل شيطاني الرجيم أُفحِم وانخنس.

كُن مَن شئت، فلا نفسُك أطغى وأعصى من نفسي، ولا شيطانُك أغوى وأشقى من شيطاني.

أيها القارئ!

لا تحسبَنّ براهين التوحيد ومظاهره في الباب الأول يغني بعضها عن بعضٍ.. مطلقا. إذ شاهدتُ الاحتياج إلى كل واحدٍ في مقام مخصوص، إذ قد تُلجئ الحركةُ الجهادية إلى موقع لابد -للخلاص- من فتح بابٍ في ذلك الموقع؛ إذ لا يتيسّر في ذلك الآنِ التحولُ إلى الأبواب الأُخر المفتوحة.

وكذا لا تظنن أني باختياري أشكلتُ عليك عبارةَ هذه الرسالة؛ إذ هذه الرسالة مكالمات فجائية مع نفسي في وقتٍ مدهش. والكلمات إنما تولدتْ في أثناء مجادلةٍ هائلة كإعصارٍ يتصارع فيه الأنوارُ مع النيران، يتدحرج رأسي في آن واحد من الأوج إلى الحضيض، ومن الحضيض إلى الأوج، من الثرى إلى الثريا؛ إذ سلكتُ طريقا غير مسلوك، في برزخٍ بين العقل والقلب، ودارَ عقلي من دهشة السقوط والصعود. فكلما صادفتُ نورا نصبتُ عليه علامة لأتذكّره بها. وكثيرا ما أضع كلمةً على ما لا يمكن لي التعبير عنه، للإخطار والتذكير، لا للدلالة.. فكثيرا ما نصبتُ كلمة واحدة على نور عظيم.

ثم شاهدت أنّ أولئك الأنوار الذين يمدونني في بطون أرض الظلمات ما هم إلّا شعاعاتُ شمسِ القرآن تمثلوا لي مصابيحَ.

اَللَّهُمَّ اجعل القرآن نورا لعقولنا وقلوبنا وأرواحنا، ومرشدا لأنفسنا.. آمين

يا من نظر في كتابي!

إن استفدت منه شيئا لابد أن تفيدني فاتحةً أودعاءً خالصا في سبيل الله.

* * *


[1] قد تَرجم المترجم مقدمة هذا «المثنوي» قرب صاحب «المثنوي الأول» -جلال الدين الرومي- في مدينة قونية في تركيا. وهذا ليس من التصادف، بل فيه إشارة وحكمة لا أقدر أن أعبر عنها. (عبد المجيد)