خاتمة الخاتمة:

كما تنحرف الحملية عن طبيعتها وتختفي تحت قيد، حتى تحت حرف واحد؛ كذلك الشرطية تنحرف عن صورتها وتندمج تحت كلمة، أو حملية تدلّ عليها بإحدى الروابط العطفية أو غيرها.. وكذلك القياس الاستثنائي كثيرًا ما يندمج ويستتر تحت «لما» وأمثاله. وغير المستقيم تحت «لو» وأمثالها. مثلا عطف جملة موجبة على منفية بواو الجمع يتضمن مانعة الجمع. لأن النفي المتوجه إلى الواو نفي الجمع. وقس عليه ما يفيد هذا المعنى، وعطف المثبت على المنفي بـ«أو»، يتحرك تحته منع الخلوّ. و«إلى» و«حتى» وما يفيدهما أو يرادفهما، تحمر تحتهما المتصلة اللزومية. و«لما جئتني أكرمتك» يدل على المقدمة الشرطيةِ والاستثنائيةِ والنتيجة لدلالة «لما» على تحقق المقدم، وكذا ما يرادفها. و«لو جئتني لأكرمتك» يدل على الشرطيةِ، واستثناءِ نقيض التالي، والنتيجة عند المنطقيّين، وبالعكس عند أهل العربية. مثلا: «لو خدمتني لأكرمتك» يقال مرة في مقام لَومِ المخاطب له، ومرّة في مقام منة المخاطب عليه. ففي الأول عند الثاني،([1]) وفي الثاني عند الأول. وكذا يقال «لَو» لامتناع لامتناع([2]) وإنما عَبَّروا بالامتناع دون العدم، لأن كلّ([3]) الماضي إن كان عدمًا فوجودها محال، وإن كان وجودا فعدمه محال. أما «لولا عليٌّ لهلك عمر»([4]) فنقيض التالي هو التالي، فيصير كـ«لَمَّا».([5]) وأصل «لولا»، «لا لو». أي دخل «لا» على أحد جزئي منع الجمع فاستلزمه.([6]) أي النفي عين الآخر فاستجلب «لو» للزوم، وبتركيبه «مع» لا للدلالة على وجود العين، وإنتاجه لتالينا، التي فارقته لا صورة.


[1] هو أهل العربية.

[2] أطنب بالإيجاز كالتنزيل، أي لامتناع الأول بدليل امتناع الثاني عند الأول.. ولامتناع الثاني بدليل امتناع الأول عند الثاني. (تقرير)

[3] أي الامتناع يستعمل في محال. والحال أن الحقيقة ليس كذلك؟. فأجاب: بأن المحال عام… والتفصيل: = أن الطبقات ثلاثة. الوجوب، والامتناع، والإمكان، والحال بمشخصاته مثال الوجوب بتعلق العلة العامة، وهو إرادة الله بوجودها. والماضي للثاني. إذ ما وجد بوجود العلة فعدمه محال. وما لا وجود له محال. والاستقبال للثاني. (تقرير)

[4] ذخائر العقبى، للحافظ محب الدين أحمد بن عبدالله الطبري ص82 (ع.ب.).

[5] أي «لولا» كـ«لما» في كون تاليه استثنائيًا مستقيما كاستثناء عين المقدم المنتج لعين التالي. (تقرير)

[6] أي إن بين طرفي ما بعد «لولا»، وكذا «لوما» بمعناها منع الجمع في الأصل -كما في المثال المذكور-، و«لولاك لولاك لما خلقت الأفلاك» لولاك لصدق منع الجمع.. كإما وجد عليّ وإما هلك عمر.. وأما أنت توجد وأما لا أَخلُق. فلما أريد اللزوم بين الطرفين، جيء بـ«لا» على التالي. إذ الشرطية المتصلة اللزومية تتركب من مانعة الجمع، بجعل عين أحد الجزئين مقدما ونقيض الآخر تاليًا. وجيء بـ«لو» للدلالة على اللزوم، فكان بمعنى «لما». فالقياس بعده مستقيم. والحال أن «لولا» يدل على تحقق وجود المقدم كـ«لمّا» فرفع «لا» صورة على التالي، واجتمع مع «لو». هو عارض البسيط.. والبسيط إما ليس بمادة كالمجرّدات؛ كالواجب والنفوس مطلقا. وأما مادة: وهو أيضًا إما غير متجزئ؛ كالجوهر الفرد ومفروض النقطة.. وإما ليس من الطبائع المختلفة، كالسماء.. وإما مشترك الجزئي والكليّ في الاسم: كالماء.. فاحفظ. (تقرير)