[وقد تعتبر تلك النسب بحسب الصدق([1]) والتحقق باعتبار الأزمان والأوضاع، لا باعتبار الأفراد، بأن يقال: المفهومان،([2]) إن كان بينهما اتصال كليّ من الجانبين؛ بأن يتحقق كلّ منهما مع الآخر في جميع الأزمان والأوضاع الممكنةِ الاجتماع معه([3]) فمتساويان كطلوع الشمس ووجود النهار، أو من أحد الجانبين فقط فأعم وأخص مطلقًا.([4]) وإن كان بينهما افتراق كليّ من الجانبين بأن لا يتحقق شيء منهما مع الآخر في شيء من الأزمان والأوضاع، فمتباينان كليًّا([5]) وإلّا فأعمّ وأخصّ من وجهٍ.([6]) وهذه هي النسب المعتبرة بين القضايا]([7]) وما يفيده أدوات الشرط من الأزمان، «كمتى». والأمكنة «كأين». والأوضاع والأحوال «ككيف» والكيفيات «ككيفما» في حكم الأفراد…

والنسبة إما حمليّ -كما مرّ- وإما وجودي. ومرجعها قضايا شرطية متّصلة([8]) وكليّها وجزئيّها باعتبار ما يدل عليه أدواتُ الشرط الكليّةُ من الأوضاع، ولو كانت محالًا، بشرط الاجتماع([9]) مع اللزوم.([10]) وإلّا لكذب كلُّ كليّةٍ من الشرطيات.

وما يناسب هذا المقام المغالطة المشهورة على إنتاج الشكل الثالث؛ بـ«كلما تحقق النقيضان تحقق أحدهما. وكلّما تحقق النقيضان تحقق الآخر»، فينتج أن يكون إذا تحقق أحد النقيضين تحقق الآخر. وهذه النتيجة تفيد ملازمة بين النقيضين وهو محال؟

والجواب: إن أردت بأحدهما([11]) وحده، فالصغرى([12]) كاذبة، ومع الآخر فالنتيجة صادقة([13]) غير مطلوبة.([14]) لأن الشرطية اللزومية تنظر إلى اللزوم، سواء كانا موجودين([15]) أو محالين.. وموجبتين أو سالبتين. وفي الاتفاقية الخاصّةِ صدق الطرفين([16]) وفي العامة صدق التالي فقط. فالاتصال([17]) والافتراق في اللزوميات والعامةِ يكفي بحسب الفرض.

[ واعلم أنّ بين المفهومين مفردين كانا، أو مركبيّن، أو مختلفين نسبًا أخرى بحسب تجويز العقل بمجرد النظر إلى ذاتهما، مع قطع النظر عن الخارج عنهما. وتسمى نسبًا بحسب المفهوم. بأن يقال: إن تصادقا بحسب ذلك التجويز كليًّا من الجانبين، فمتساويان، كالحدّ التّام مع المحدود. أو من أحد الجانبين فقط. فأعم وأخصّ مطلقًا، كالحدّ الناقص مع المحدود، وإن تفارقا كليًّا من الجانبين. فمتباينان كليًّا كالمتناقضين؛ نحو «الإنسان واللاإنسان». وإلّا فأعمّ وأخصّ من وجه؛ كالإنسان مع الضّاحك أو مع الماشي].([18])


[1] فالصدق في الأول يتعدى بـ«على» وهنا بـ«في».

[2] اعمّ من أن يكون قضايا أو مفردًا.

[3] أي اجتماع الأوضاع مع اتصال التالي للمقدّم.

[4] كإضاءة المسجد وطلوع الشمس.

[5] كطلوع الشمس ووجود الليل..

[6] كطلوع الشمس وهبوب الريح.

[7] شبيه بمتن كلنبوي ص7 س11.

[8] أي لا منفصلة ولا موجّهة.

[9] أي اجتماع الأوضاع.

[10] أي لزوم التالي للمقدم.

[11] في الصغرى.

[12] لعدم اللزوم.

[13] والمقدّمتان صادقتان لوجود اللزوم.

[14] كأن يقال: كيف يكون صادقًا، مع أن المقدمتين محالان؟ فأجاب: (تقرير)

[15] أي الطرفين.

[16] لا اللزوم.

[17] أي اتصال التالي للمقدّم وافتراقه منه.