وشرط [1] كل أن يرى [2] مطردا [3] منعكسا [4] وظاهرًا [5] لا أبعدا [6]

اعلم

أنه لما اقتضت العناية الإلهية ترقى البشر واستكماله بالمسابقة والمجاهدة؛ لاجرم ما أخذت على أيدي سجاياه وما قيدت ميوله وما حددت أخلاقه. بل أطلقتها يسرح أينما شاء… فتشعبت على البشر الطرقُ صحةً وفسادًا، قربًا وبعدًا.. فإذا جرى ذوو السجايا السليمة إلى الحق رجعوا إلى بدئهم. فوضعوا تعميمًا لمسلكهم في الطبقات السافلة على مظان الباطل والضلال، علاماتٍ للتحرز عن الباطل سموها شروطًا. وإذ امتاز المنطق بتكفل معالجة القوة العقلية وضع للفكر شروطا – الجامع لها معلوم الصحة وفاقدها فاسد ومجهول الصحة.

[1] أي للتحقق أو الصحة – كما في الحد التام اتفاقا -أو للعلم بالصحة- كما في غيره على المشهور.([1])

[2] لأن ظهور العلم بالشرط شرط للعلم بالصحة.

[3] اعلم

أن أساس هذه الشروط المساواة صدقًا ومفهومًا، وعدمُ المساواة معرفة وجهالة.. ثم إن مرجع المساواة كليتان، هما مدار الجمع والمنع.. (مطردا) أي العدم عند العدم -اللازم بعكس النقيض- لـ «الحدُّ كلُّ المحدود» كبرى. لاندراج الجزئي تحت الكلي([2])..

[4] أي الوجود عند الوجود – المدلول لـ «المحدودُ كلُّ الحد» المنعكس لغة بعكس المستوى، المنعكس بعكس النقيض إلى الطرد…

[5] إذ العلة متقدمة، والتقدم هنا بالظهور.([3])

[6] أي ولا بنفسه ولا بالمضايف بل بذات المضايف.([4])


[1] (أي للتحقق) إذ الاطراد يدل على وجود التحقق وهو يستلزم وجود الصحة. فهو شرط إما للملزوم أي التحقق. أو اللازم أي الصحة: كما قال (للتحقق أو الصحة). هذا في الحد التام لأنه المتكفل لبيان حقيقة المعرف. أما غيره فغير متكفل ببيانها فالاطراد فيه للعلم بالصحة فقط.

[2] (اعلم أن أساس الخ) حاصله: أن المعرف والتعريف لابد أن يكونا متساويين مَاصَدَقًا. وعلامة المساواة بينهما صدقُ موجبتين كليتين من الطرفين، لكن الكليتين في الحملية باعتبار الأفراد والحمل عليها. وفي الشرطيات باعتبار التحقق في الأزمان والأوضاع. والتعريف مع المعرف لكونهما من التصورات تنعقد الكليتان يبنهما باعتبار التحقق لا باعتبار الحمل.

(ثم إن مرجع المساواة الخ) حاصله: أن الحد لا يصح بالأخص ولا الأعم من المحدود بل يلزم يبنهما المساواة في الأفراد. وعلامة تحققها بينهما صدق موجبتين كليتين من الطرفين: إحداهما تدل على كون الحد (مطردًا) أي جامعًا لأفراد المحدود. عبّر عنها بـ (الحدُّ كلُّ المحدود) دالًا على عدم الأخصية والأعمية بينهما مع دلالته على الاطراد. وفسرها (بالعدم عند العدم) أي جعل نقيض الحد موضوعا ونقيض المحدود محمولا: مثل (كل لا ناطق لا إنسان) في تعريف الإنسان بالناطق حدًا ناقصًا.. ولما كان التفسير غير دال على جمع الأفراد بمنطوقه مع مخالفته للتعبير في ترتيب الطرفين -دَفَعه توصيفا باللازم لــ (الحد كل المحدود): يعني أن التفسير وإن لم يطابق التعبير لكنه لازم له. والدلالة على اللازم معتبرة عند المنطقي… وجَّه اللزوم بينهما بقوله (كبرى) أي يجعل (الحد كل المحدود) كبرى وكل جزئي داخل في موضوعه الذي هو (الحد) الكلي الشامل لجميع الحدودات (صغرى) مثل (الحيوان الناطق حد، والحد كل المحدود، فهو كل المحدود).. وهكذا أمثاله.. وبهذا يثبت اللزوم.. والجملة الثانية الدالة على عكس الحد أي دفعِه للأغيار (المحدود كل الحد). فسرها بـ (الوجود عند الوجود) أي وجود المحدود عند وجود الحد. مثل (كل ناطق إنسان) المنعكس لغة إلى (كل إنسان ناطق) المنعكس بعكس نقيضه أي كل لا ناطق لا إنسان (إلى الطرد) أي دفع الأغيار أي تحقق المعرف عند تحقق التعريف. هذا هو المنع.. وقد أشار إلى هذا بقوله (المحدود كل الحد).

[3] (إذ العلة متقدمة) أي التعريف علة للمعرف، وتقدمُها إنما يعلم بالظهور معنى…

[4] (أي ولا بنفسه) عطف على (بمفهومه) المقدرِ بعد قوله (لا أبعدا) أي لابد أن يكون التعريف غير بعيد عن الفهم لا بمفهومه ولا بذاته. وكذا إذا كانا من المتضايفات لزم أن يكون عنوان التعريف التضايفي غير بعيد عن الفهم لا ذاته.