ثم الكل: إما حقيقة أو مجاز([1]) ومن فوائده: التعظيم، والتحقير، والترغيب، والتنفير، والتزيين، والتشويه، والتصوير، والضبط، والإثبات، والإقناع، ومطابقة تمام المرام.


[1] اعلم أن المعنى الحقيقي في المجاز والكناية وأقسامهما لا يذهب بالكلية أصلًا. بل إما متوضع عليها، أو جلّ أو جلد. وهو إما محال، أو ممكن موجود.. أو لا. أما في الكناية فهو مطلوب وجلد، فلابد من الإمكان. إذ المحال لا يكون مطلوبًا، لكنه تابع للمكنى به، أي كحجاب شفاف يتصورها، فينقل إلى المكنى إليه فلا يلزم وجوده. إذ الممكن يتصور، وان لم يكن موجودًا. مثلًا: قلتَ: زيد كثير الرماد وطويل النجاد… فإنهما كنايتان عن السخاوة وطول القدّ. والحال أنه لا رماد ولا سيف له في الواقع. لكنهما ممكنان. 

     وأما في المجاز فلابد أن يتصوّر.. ليتصور سلسلة الخارجي، ويمرّ فيه إلى إيصال المعنى المتجاوز إليه، كأمطرت السماء نباتًا مثلًا، وقس عليه. فيجوز أن يكون محالًا، إذ يتصور. لأنه غير مطلوب من حيث هو معنى. بل لفائدة البلاغة فقط، فهو صورة. وفي الاستعارة ليس. فهو متخيل لفائدتها أيضًا.

واعلم أيضًا أن المعنى الغير الحقيقي للّفظ لابد أن يكون مطمحًا للنظر، ومقصودًا من الكلام باعتبار قصد المقام. مثلًا كالسخاوة لكثرة الرماد، والشجاعة للأسد، والعين للرقيب، والأذن للجاسوس وقس. فتنتقل من المعنى الحقيقي للّفظ إليه. سواء كان تابعًا له حقيقة كَمِنْ كثرة الرماد (بأن قلت: «زيد كثير الرماد» وانتقلت منه إلى السخاوة).. أو اعتبارًا كَمِنَ السخاوة. (أي بأن كان المقصود من المقام الثابت كثرة الرماد لزيد مثلا.. وإعلام المخاطب إيّاه بالكناية فتقول: «زيد سخي») باعتبار المقام. فتكون كناية. أو كان متبوعًا حقيقة؛ كمن الأسد مثلًا. أو اعتبارًا كمن العين والأذن مثلا. فيكون مجازًا. لكنه قليل في الاستعارة أي الانتقال من المتبوع الاعتباري إلى التابع الاعتباري، قليل. والغالب من الحقيقي.  

    أما المشهور فهو: أن في المجاز قرينة مانعة من الحقيقي دون الكناية. وان المجاز استعمال في اللازم دون الكناية بل هو في كاللازم فاحفظها أي غلام (أَوهَ فَرُقَا سَيْدَايَه) [جملة كردية من الملا حبيب تعني: هذه هي ميزة الأستاذ]. (تقرير)