بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله.. والصلاة على رسول الله

اعلم أن المنطق آلة قانونية، تعصم مراعاتُها الذهنَ عن الخطأ في الفكر.

لابد لمن يبتدئ بشيء من العلوم:

من معرفة الرؤوس الثمانية استحسانًا: وهي الفهرستة،([1]) وبيان المسائل إجمالًا، واسم الفن، وموضوعه، وغايته، وتعريفه، وشرفه باعتبارٍ مّا؛ إما باعتبار الموضوع أو الغاية، أو الدليل والرتبة. هل هو من موجود النقش، أو اللفظ، أو الذهني، أو الخارجي؟ ليكون تحصيل المحصّل على ما فرضه الشرف والرتبة.

ومن ثلاث عرفًا: وهي الموضوع، والغاية، والتعريف.

ومن اثنين عقلًا: وهما التصوّر بوجهٍ مّا. والتصديق بفائدةٍ مّا.

فاللازم أن نبتدئ أولًا بالتعريف،([2]) وهو نوعان: إما بحسب الموضوع([3]) أو الغاية.([4])

والتعريف بحسب الغاية أولى؛ إذ العلم بالغاية يزيد شوق المحصِّل. فهذا، أي المنطق علم آليّ. وتعريفه بحسب الغاية موقوف على معرفة وجه آليّته. ومعرفة وجه الآليّة موقوفة على جهة احتياج ما يحتاج إليه. وهو كل العلوم([5]) وجهة الاحتياج عصمة الذهن عن الخطأ في الفكر. وتصوير سلسلة الاحتياج هكذا: الفكر ليس بصحيح بالدوام للاختلاف الكثير، ولا يكفي للتمييز عقلُ كلّ، بل مراعاة الكلّ، أي العقل العمومي الذي هو المنطق،([6]) المفسر بعضه بعضًا؛ إذ طريق الاكتساب العمومي الفكر. إذ البعض بدهي والبعض نظري، يكتسب التصور من التصور، والتصديق من التصديق؛ إذ شرط الولادة المجانسة.([7]) فإن العلم إما تصور وإما تصديق. فاصعد من هنا في هذه السلسلة السلميّة.


[1] كما صار عادة على ظهر الكتب المطبوعة وبعض المكتوبة، فيقال مثلًا: باب، أو فصل، أو بيان النسب، أو الحدّ، أو القياس. وقد يقال مثلًا: بيان الحدّ يفيد المحدود. أو القياس ينتج، فهو بيان المسائل إجمالًا. (تقرير)

[2] لأن كل فعل اختياري لابد من مباد أربعة: التصور بوجه ما، لأن طلب المجهول المطلق محال. فالتصديق بفائدة ما، لأنها الباعث للإرادة الناشئة من الميل، الناشيء من الشهوات، المتوقف عليها. فالإرادة، وهو القصد للتخصيص، فالشروع للإخراج… (تقرير)

[3] وهو كالحدّ.

[4] وهو كالرسم.

[5] حتى نفسه.

[6] لأن المنطق من حيث هو آلة للعلوم حرفي، كالمعقول الثاني للأول. ومن حيث هو علم جوهريّ اسمي، يحتاج لآلةٍ. فآلته بعضه البدهي للبعض النظري. (تقرير)

[7] والتصور والتصديق مغايران في المتعلق والمتعقل كليهما، إذ الأول كالعقد، والثاني كالكشف.