[وقد يقع الخطأ في الاكتساب، والعقل غير كاف. فلابد من قانون وهو المنطق]([1]) فعرّف المصنف رحمه الله بحسب الغاية والموضوع.

إن قلت: قد أخطأ المنطقيون ما أخطأوا، فكيف يكون عاصمًا؟

قلت: أقاموا الصنعة المسهّلة مقام الطبيعة، الصّنّاعة. والصنعة ولو كان على أكمل ما يمكن، لا تساوي الطبيعة.

ثم مراتب العلم هيولاني، وبالملكة، وبالفعل، ومستفاد، وحدسي، وقدسي.

ثم النظر، كَشَفَ ترتب العلل المتسلسلة في الخلقة، فيحلّل ويركب،([2]) فيكون قابل العلم والصنعة.

وقيل باعتبار الشرط: تجريد الذهن عن الغفلات.. وقيل باعتبار التحليل: تحديق العقل نحو المعقولات، كتحديق البصر نحو المبصرات.. وقيل باعتبار التركيب: ملاحظة([3]) المعقول لتحصيل المجهول.. وقيل باعتبار الصورة: ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى المجهول.

ثم طريق حصول المطلوب؛ إما بالإلهام،([4]) كعلم الأنبياء والأولياء، أو التعليم للأوائل عند الملاحدة، أو التصفية عند الإشراقيين، أو النظر عند الحكماء. فالثلاث الأُول لا يمكن لكل أحد، فبقي النظر([5]) وحصول المطلوب به توليدي عند المعتزلة، وعقلي عند الرازي، وإعدادي عند الحكماء، وعادي عند جمهور أهل السنة. فللفكر حركتان: تحليلي وتركيبي. فلكلٍ مبدأ ووسط ومنتهى. فمبدأ التحليليةِ المادية،([6]) المطلوبُ بوجه ما. ووسطها المبادي الغير المرتّبة. ومنتهاها الأجناس العالية والفصول([7]) البسيطة والأوليات.([8])

ومبدأ الحركة التركيبية الصورية([9]) منتهى الأول. ووسطها المبادي المرتبة. ومنتهاها المطلوب على وجه الكمال.([10])


[1] مأخوذ من كلنبوي ص4. وأصل العبارة: «فاحتيج إلى قانون… من حيث إيصال عاصم عن الخطأ وهو المنطق».

[2] باعتبار خَلقِ الله فيه ميلَ المحاكاة والتقليد. (تقرير)

[3] مع التفطن وتذكر هدف.

[4] يعم الوحي.

[5] اعلم أن النظر نور خلقه الله في البشر، يكشف به ترتب العلل المتسلسلة في الخلقة.. فـ«الترتيب» إشارة إلى الفاعلية والصورية، و«أمور» إلى المادية، و«للتأدي» إلى الغائية. والسر والحكمة في حسن التعريف المشتمل على العلل الأربعة جميعها فيه. لكن يحمل صفات مأخوذة من العلل على المحدود. إذ لا يجوز ذلك، فلا
= يقال: الكرسي جلوس السلطان، بل مجلسه. مع أن الحدود والمحدود أو المكنى به إليه مطلقًا ما يجب الهمل بينهما متحدان. (تقرير)

[6] العلمي.

[7] للتعريف.

[8] للدليل.

[9] الصنعية.

[10] أي المطلوب.