95

والتي حَمَلتِ المَشْرُوطِيّة اسمًا والاستبدادَ معنًى، وشوَّهتِ اسمَ الاتحاد والترقي ولطَّختْ سمعتَه.

إن لكلِّ واحدٍ فكرَه، ولهذا لا بد من تحقيق المصالحة العامة والعفو العام، ولا بد من رفع الامتيازات الخاصة، لكيلا ينظر أحدٌ إلى الآخرين بمنظار التعالي كأنهم حشرات، فينشأَ النفاق.

وإنني أقول: نحن مسلمون حقيقيُّون ولا فخر، قد نُخْدَع، ولكن لا نَخْدَع؛ نحن لا نتنزَّل للكذب لأجل مجرَّدِ حياة، لأننا نعلم أن الحيلة في ترك الحِيَل؛ لكنني أخذتُ على نفسي عهدًا باسم المَشْرُوطِيّة الحقيقية المشروعة أن أصفع الاستبداد حيثما لقيتُه، وبأيِّ شكلٍ كان، سواءٌ تزيَّا بزيِّ المَشْرُوطِيّة أو تسمَّى باسمها؛ وإنني أعتقد أن أعداء المَشْرُوطِيّة هم من يكثِّرون أعداءَ الشورى بإظهارِهم المَشْرُوطِيّة قبيحةً جائرةً تخالف الشريعة، مع أن القاعدة تقول: لا تَتبدَّل الحقائق بتبدُّل الأسماء.

وبما أن أعظمَ الخطأ أن يظن الإنسان نفسَه منزَّهًا عن الخطأ، فإنني أعترف بخطئي فأقول: لقد أردتُ أن أحمل الناس على قبول النصيحة دون أن أقبل نصيحتهم، وعملتُ على إرشاد الآخرين دون أن أرشد نفسي، فهوَّنتُ من شأن الأمر بالمعروف حتى بات عديم الأثر.

ثم إن الثابت بالتجربة أن الجزاء يَنزِل نتيجةَ تقصيرٍ ما، إلا أن الجزاء على تقصيرٍ سلَفَ قد يأتي في صورة عقوبةٍ على جُرْمٍ لم يُرتَكَبْ؛ إذْ يكون المرء مستحقًا للجزاء مع أنه في الظاهر بريء، فيرسل الله مصيبةً تَزُجُّ به في السجن، فيكون ذلك منه عَدلًا، ويعاقبه القاضي فيكون ذلك منه ظلمًا.

يا أولي الأمر..

كانت لي منزلةٌ ومكانةٌ أردتُ أن أخدم بها الأمة الإسلامية فحطَّمتموها؛ وكانت لي شهرةٌ كاذبةٌ ذاعتْ من غير أن أطلبَها، وكنتُ أنصح العوامَّ من خلالها فتُؤثِّر النصيحة،