85

الجريمة السابعة:

سمعتُ أنه قد شُكِّلَتْ جمعيةٌ باسم «الاتحاد المحمدي» [كلمةُ «الجمعية» في تلك الحقبة تقارب في معناها كلمة «الحزب» بلغة اليوم؛ هـ ت]، فتَوجَّستُ أشدَّ الخِيفة من أن تَبْدُر من بعضهم أخطاءٌ تحت هذا الاسم المبارك؛ ثم علمتُ بعد ذلك أن بعض الأفاضل كـ«سهيل باشا» و«الشيخ صادق» [شخصيتان بارزتان من الأعضاء المؤسسين لجمعية «الاتحاد المحمدي»؛ هـ ت] قد نقلوا هذا الاسم المبارك إلى مجرَّد العبادة واتباع السُّنَّة السَّنِيَّة، فقطعوا بذلك علاقتهم مع تلك الجمعية السياسية، ولم يَعُد لهم أيُّ تدخُّلٍ في السياسة؛ إلا أن الخوف راودني ثانيةً إذْ قلت: إن هذا الاسم حقٌّ عامٌّ للجميع لا يقبل التحديد ولا التخصيص، فكما أنني -باعتبارٍ ما- منتسبٌ إلى جمعياتٍ دينيةٍ متعددة، إذْ قد رأيتُ مقصدها واحدًا، فكذلك انتسبتُ إلى ذلك الاسم المبارك؛ إلا أنَّ تعريفَ «الاتحاد المحمدي» الذي عرَّفتُه وانضممتُ إليه هو: دائرةٌ مرتبطةٌ بسلسلةٍ نورانيةٍ ممتدة من الشرق إلى الغرب، ومن الشَّمال إلى الجنوب، وعددُ المنضوين فيها في هذا الزمان أكثر من ثلاثمئة مليون.

وجهةُ الوحدة والارتباط لهذا الاتحاد هو التوحيد الإلهي؛ وعهدُه ويمينُه الإيمان؛ وأعضاؤه جميعُ المؤمنين الذين دخلوه منذ أنْ قالوا: بلى؛ وسِجِلُّ أسمائهم اللوحُ المحفوظ؛ وناشرُ أفكاره جميعُ الكتب الإسلامية؛ وصُحُفُه اليومية جميعُ الصُّحُف الدينية التي مقصدُها وهدفُها إعلاء كلمة الله؛ ومقرَّاتُه وأماكنُ تجمُّعِ أعضائه الجوامعُ والمساجدُ والمدارسُ الدينية وأماكنُ الذكر؛ ومركزُه الحَرَمان الشريفان، أما رئيس هذه الجمعية ففخرُ العالَم (ص)، ومسلكُه مجاهدةُ كلِّ امرئٍ نفسَه، أي: التخلُّق بالأخلاق الأحمدية، وإحياءُ السنة النبوية، والتوادُّ، وإسداءُ النصيحة ما لم تَضُرّ.

والنظامُ الداخليُّ لهذا الاتحاد السنةُ النبوية؛ وقانونُه الأوامرُ والنواهي الشرعية؛ وسيوفُه البراهينُ القاطعة؛ لأن مُغالَبة المتمدِّنين إنما تكون بالإقناع لا بالإكراه، وتحرِّي