حياتُه الأولى
[1877م – أواخر 1925م]

ولد بديع الزمان سعيدٌ النُّورْسِيّ عام (1293 رومي) [يوافق العامَ 1294 هجري، والعامَ 1877 ميلادي، والتاريخ الرومي المذكور أعلاه يعود لتقويمٍ شمسيٍّ خاصٍّ عُمِل به في أواخر عهود الدولة العثمانية بالتوازي مع التقويم الهجري القمري؛ هـ ت.]، في قرية «نُوْرْس» التابعة لناحية «إسباريت» في قضاء «خِيْزان» من أعمال ولاية «بِتْليس».
اسم أبيه: ميرزا، واسم أمه: نورية.
عاش في كَنَفِ أبويه حتى التاسعة من عمره، وفي تلك السِّن دفعتْه حالةٌ روحيةٌ للتأمل في حالِ أخيه الأكبر «المُلَّا عبدِ الله» المُنكَبِّ على تحصيل العلوم والاستزادة منها، فكان كلما قارن بين أخيه الآخذ في الترقي بالعلم وبين أقرانه الأُميِّين في القرية تملَّكَه العَجَب، فجعل تحصيل العلم نُصْبَ عينيه، وتوجه إلى طلبه بجدٍّ وحماس.
ولقد ذهب بهذا القصد إلى مدرسة الشيخ «محمد أمين أفندي» بقرية «تاغ» الواقعة في ناحية «إسباريت»، إلا أنه لم يستطع البقاء بها طويلًا، فقد كان بفطرته شديد الحفاظ على عزته، لا يتحمَّل أيَّ أوامر تُملى عليه [إنَّ هذه العزة التي تُشاهَد في المُلَّا سعيد وهو صغير لم تأتِ من حبِّ النفس، وإنما هو القدَرُ الإلهيُّ الذي منحَ بعنايته عبدًا من عباده هذه الخصلةَ ليؤديَ وظيفةً عظيمةً في المستقبل، ألا وهي إعلاء كلمة الله، فكانت العزة العلمية إحدى الخصال اللازمة لأداء هذه الوظيفة على وجهها؛ ولعل المُلَّا سعيدًا لم يكن يدري آنذاك ماهيةَ هذا الأمر ولا حكمتَه، إلا أنَّ الزمان أظهَرَ أن العزة العلمية التي تستلزمها خدمةٌ عظيمةٌ واسعةٌ كرسائل النور، قد غرسَها الحقُّ سبحانه بذرةً صغيرةً في روح المُلَّا سعيد، حتى أضْحَتِ اليوم شجرةً عظيمة؛ المُعِدُّون]، فغادر المدرسةَ بعد زمنٍ يسيرٍ عائدًا إلى