49
الشروح والحواشي؛ كما أنه بهذه الصورة استطاع أن يُتِمَّ من العلوم والفنون ويحصِّل من زبدتها وخلاصتها في ثلاثة أشهرٍ ما يستلزم تحصيلُه وفق الأصول المتَّبعة عشرين سنةً.
فسأله أستاذه: أيُّ العلوم يوافق طبعَك؟
فأجابه: لا يمكنني التفريقُ بين هذه العلوم، فإمَّا أن أعلمَها جميعًا، وإما ألا أعلم منها شيئًا.
كان المُلَّا سعيدٌ يقرأ أيَّ كتابٍ يقع في يده فيفهمه، وكان نِصابُه اليوميُّ من المطالعة مع الفهم والاستيعاب بنفسه مئتي صفحةٍ في كتبٍ كـ«جمع الجوامع»، [متنٌ شهيرٌ في أصول الفقه، جَمَعَه مؤلِّفه تاجُ الدين عبد الوهاب السُّبكي من زهاء مئة مصنَّف، ت 771 هـ،؛ هـ ت] و«شرح المواقف»، [«المواقف في علم الكلام» لعضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي، ت 756 هـ، وهو كتابٌ يمثل ذروة ما ألفه المتأخرون في علم الكلام، وله شروح كثيرة؛ هـ ت] و«تحفة المنهاج»؛ [«تحفة المحتاج في شرح المنهاج» لابن حجر الهيتمي، ت 973 هـ، وهو كتابٌ في الفقه الشافعي شرح فيه مؤلِّفه كتابَ «منهاج الطالبين» للإمام النووي، ت 676 هـ؛ هـ ت] وقد استغرق في طلب العلم، وانقطع إليه لدرجةِ أنه لم تعد له صلةٌ بالحياة العامة، وكان يجيب من فوره وبغير ترددٍ على كلِّ سؤالٍ يُطرَح عليه من أيِّ علمٍ كان.

***