41

هذه السيرة رجلًا جَدَّ واجتهد مضحيًا في سبيل خدمة القرآن، واتَّبع السنة النبوية فكان نموذجًا يُحتذى.

وبناءً على ما قد يُفْهَم من بعض الرسائل الواردة في السيرة من أن سعيدًا النُّورْسِيّ قد توغَّل زمانًا في مسلك الفلسفة، ثم وصل إلى الحق والحقيقة بإرشاد القرآن الحكيم، فألَّف هذه المؤلفات ليُنقِذ من وقعوا في الشكوك والشبهات من المشتغلين بالفلسفة والعلوم في هذا الزمان، وليخلِّصهم من الشبهات بالدلائل والبراهين العقلية؛ فإن طريق رسائل النور ومسلكَها -بالنظر إلى الشروط الحياتية في هذا الزمان، والأحوال الروحية للإنسان- هي أسلمُ جادةٍ قرآنية وأخصرُها وأعمُّها؛ فهي من أولها إلى آخرها تسلك سبيل العلم والتفكر، وفوائدها للعاملين في شتى ميادين المجتمع كثيرةٌ جمة.

وإن الذين حصلوا على الفكر الإيماني بقراءة الرسائل والتعلُّم منها، سيحصلون على سعادةٍ كبرى باتخاذهم أعمالَهم ووظائفَهم الدنيوية وسيلةً للحياة الأخروية والسعادة الأبدية.

ولا ريب أن جيل الشباب المثقف الذي أدرك هذه الحقيقة الجليلة في دين الإسلام، سينهض لخدمة الدين الحق بسعادةٍ غامرة، وسيجتهد في نشر الحقيقة لهذه الإنسانية التي ما فتئتْ تبحث عنها دون أن تجدها.

نعم، فكل من كان في دائرة المسؤولية، سواءٌ كان طالبًا أو أستاذًا جامعيًّا أو نائبًا في البرلمان، مكلَّفٌ بتنوير محيطه، ولا شك أن من كان مسؤولًا عن مدينةٍ أو ولايةٍ أو حتى بلدٍ ومكلَّفًا بتنويرها وإرشادها وسعادتها وسلامتها، فإنه مطالبٌ بالتصرف بمزيدٍ من اليقظة والوعي.

لقد أسدى سعيد النُّورْسِيّ برسائل النور هذه أعظمَ معروفٍ وخدمةٍ لأبناء هذا الوطن، ولم يطلب لشخصه مقابلَ ذلك جزاءً ولا شكورًا، وعلى الرغم من وجود رسائل