أمثلة من محاورات بديع الزمان
ومناظراته مع عشائرِ شرقيِّ الأناضول

[تنويه: كَتَب الأستاذ رسالة «مناظرات» بالكردية في حدود العام 1910م، ثم ترجمها إلى التركية ومنها إلى العربية، ثم اطلع على الأصل التركي بعد قرابة خمسين سنة، فنقَّحه وهذَّبه فحذف منه وزاد عليه وألحق به بعض الحواشي، وقد أفدنا في هذا المقطع من «المناظرات» بنسختَيها: العربية، والتركية المنقَّحة؛ هـ ت]

سؤال: إن لم يكن على الدين ضرر، فليكنْ ما يكون ولا نُبالي.

الجواب: الإسلام كالشمس، لا ينطفئ بنفخِ الأفواه؛ وكالنهار، لا ينقلب بإغماضِ العين ليلًا إلا لمن أغمض عينيه.

فيا عجبًا!! أيُّ الأمرَيْن أَوْلى: أن يُعتَمَد على رئيسٍ مغلوبٍ على أمره ولا حيلةَ له، وموظَّفين مداهِنين، وضباطٍ لا منطق لهم، وتُترَكَ حمايةُ الدين لهم؛ أم تُترَك للسيفِ الألماسي الحاصل من امتزاج شراراتِ الحَمِيَّة الإسلامية الساطعة، وللعمود النورانيِّ الحاصل من اجتماعِ لمَعاتِ الأنوارِ الإلهيَّة، وهي الشَفَقةُ الإيمانيَّة التي يَجِيْشُ بها كلُّ قلب، والمشاعرُ الإسلاميَّة التي يقوم عليها الرأي العام للأمة؟! فاحكموا أنتم أيُّهما أولى؟

بلى؛ سيَحمِل هذا العمودُ النورانيُّ حمايةَ الدين على عاتِق حَمِيَّته، وسيجعله على رأسِ شهامته وعينِ مراقبته.

فها أنتم تَرَون اللمعاتِ المتفرِّقةَ قد أخذت تتلألأ، ولسوف تمتزج بالانجذاب شيئًا فشيئًا؛ فلقد تَقَرَّر في علم الحكمة أن الحسَّ الديني -لا سيَّما الدينَ الفطريَّ الحق- أَنْفَذُ كلامًا، وأعلى حُكمًا، وأشدُّ تأثيرًا.

نعم، نعم، لا تتأسَّفوا، ولا يَفتُرْ شوقُكم إنْ قطعَ البعوضُ طنينَه، أو خَفَتَ النحلُ دَوِيَّه؛ فالموسيقا الإلهيَّة التي تُرقِص الكائناتِ بنغماتها، وتَهُزُّ أسرارَ الحقائق بإنشاداتها