187
منها تعيينُه نائبًا في البرلمان، وإعادتُه إلى وظيفته السابقة في «دار الحكمة»، وتسليمُه منصبَ الواعظ العام في الولايات الشرقية بدلًا من الشيخ السنوسي، [هو الشيخ أحمد الشريف بن محمد السنوسي، مجاهد وزعيمٌ وطنيٌّ ليبي، قام بنشاطٍ دعويٍّ وجهاديٍّ معًا في ليبيا ومصر والسودان وتشاد، اضطر لمغادرة ليبيا مُكرهًا إلى اسطنبول في العام 1918م، بقي في تركيا حتى العام 1924م، حيث غادرها إلى الحجاز وأقام بها إلى أن توفي بالمدينة المنورة عام 1933م؛ هـ ت] ومنحُه دارًا فخمةً، وغيرُ ذلك من العروض؛ إلا أن بديع الزمان شاهَدَ تحقُّقَ بعض الأوصاف الواردة في الأحاديث عن أشخاصِ آخر الزمان، وكان سَبَقَ له تأويلُ هذه الأحاديث عندما كان في اسطنبول قبل عهد الحرية، وعايَنَ ظهورَهم في العالَم الإسلامي وفي العالَم عامةً، وكان من الوصية الواردة في تلك الروايات لأهل القرآن الذين سيدركون أولئك الأشخاص ويواجهونهم، أنَّ هؤلاء متى ظهروا لم يُغلبوا في ميدان السياسة، ولا يمكن أن يواجَهوا إلا بسيفٍ معنويٍّ هو أنوارُ إعجاز القرآن، فقرر بديع الزمان التخليَ عن العمل في أنقرة مع هؤلاء عملًا بما جاءت به الروايات، ورفضَ ما عرضوا عليه من مناصب مغرية.
وفي طريقه إلى محطة القطار رافقه بعض النواب راجين منه أن يَعدِل عن قرار السفر ويبقى في أنقرة، إلا أنه اعتذر عن تلبية طلبهم وغادر متوجهًا إلى «وان»، ليستأنف حياتَه في مغارةٍ على رأس عينِ «زَرْنَباد» الواقعة على سفح جبل «أَرَك» بعيدًا عن الحياة الاجتماعية.