177
وقد وقع ذات مرةٍ اضطرابٌ بين عشائر «بيت الشباب»، [«بيت الشباب» منطقةٌ تقع بأقصى جنوب شرقيِّ تركياـ بالقرب من الحدود مع سورية والعراق؛ هـ ت] فلما ذهبتُ واستفسرتُ عن السبب قال لي القوم: إن مدير منطقتهم لا يصلي، فكيف يطيعون مَن لا دين له؟! والحال أن قائلي هذا الكلام كانوا هم أنفسُهم أُناسًا لا يصلون، بل كانوا فوق هذا قطَّاعَ طرقٍ!!
5. إن مجيء أكثرِ الأنبياء في الشرق، ومجيءَ أغلب الحكماء في الغرب، إنما هو رمزٌ من القدر الأزليِّ إلى أن ما يَنهَض بالشرق إنما هو الدين والقلب لا الفلسفة والعقل؛ فما دمتم قد أيقظتم الوعي في الشرق فامضوا إذًا في نهجٍ يوافق فطرتَه، وإلا ذهَبَ سعيكم هباءً منثورًا، أو ظل أثرُه سطحيًّا.
6. إن خصمَكم وخصمَ الإسلام -أعني الإنكليز- قد استفادوا وما زالوا يستفيدون أيَّما فائدةٍ من إهمالكم أمرَ دينكم، بل إنني أستطيع أن أقول: إنهم يُلحِقون بالإسلام ضررًا لا يقل عن إضرار اليونانيين به، [كانت اليونان تحتل بعض أراضي تركيا بعد الحرب العالمية الأولى، وقد ألقى الأستاذ خطابَه بعد دحرها من البلاد؛ هـ ت] فينبغي عليكم أن تُبدِّلوا هذا الإهمال إلى أعمالٍ باسمِ مصلحة الإسلام وسلامة الأمة.
ولقد تبيَّن لكم كيف قابَلَ أبناءُ الأمة في الداخل الاتحاديين بالكرهِ والازدراءِ بسببِ ما أبداه بعضُهم من استخفافٍ بالدين، هذا بالرغم مما كانوا يتحلَّون به من عزمٍ وثباتٍ وتضحيةٍ، وبرغم كونهم سببًا في صحوة الإسلام هذه؛ أما المسلمون في الخارج فما زالوا يُكنُّون لهم التقدير والاحترام لعدم اطلاعهم على إهمالهم للدين.
7. رغم هجومِ عالَم الكفر بكلِّ وسائلِه ومدنيَّته وفلسفتِه وعلومِه ومنصِّريه على عالَم الإسلام، ورغم غَلَبَتِه عليه ماديًّا منذ زمنٍ بعيد، إلا أنه لم يستطع التغلُّبَ عليه دينيًّا.