178
لقد حافظ الإسلام على قوَّته وصلابته بأهل السنة والجماعة، بينما بقيتْ جميع الفِرَق الإسلامية الضالَّة أقليةً ضارَّةً محكومةً، وبناءً على هذا فإنه ليس بمقدورِ أيِّ تيارٍ مبتدِعٍ مستخِفٍّ بالدين مترشِّح من مدنيةِ أوروبا الخبيثة أن يجد مكانًا في صدر العالم الإسلامي؛ أي: لا يمكن أن يتحقق في العالم الإسلامي أيُّ تحوِّلٍ ذي شأنٍ إلا بالانقياد للدساتير الإسلامية، وإلا فلا، بل لم يسبِق أنْ تحقق ذلك، وحتى لو وقع، فإنه سُرعان ما خبا وانطفأ.
8. لا يمكن القيام بعملٍ إيجابيٍّ بَنَّاء بالتوازي مع إهمالِ الدين والتهاون بأحكامه، في وقتٍ توشك فيه مدنيَّةُ القرآن على الظهور، بينما مدنيَّةُ أوروبا التي تعجُّ بالمفاسد والرذائل والتي سبَّبتْ ضعف الدين تؤْذِنُ بالتمزُّق؛ أما العمل السلبي الهدَّام فيكفي الإسلامَ ما تعرَّض له من الجراح والمآسي.
9. إن الذين يحبُّونكم ويقدِّرون جهودَكم وانتصاراتكم هم جمهور المؤمنين، خصوصًا طبقة العوام، وهم مسلمون أصحاب استقامةٍ ومحلُّ ثقة، يُوْلُونكم صادقَ المحبة، ويساندونكم، ويحفظون لكم الود، ويقدِّرون تضحياتكم، ويقدِّمون لكم أعظمَ وأروعَ قوةٍ واعيةٍ يَقِظة؛ فمن الضروري لكم -باسم مصلحةِ الإسلام- أن تتصلوا بهم وتعتمدوا عليهم بامتثالكم لأوامر القرآن؛ وإلا فإن تقديمَ مقلِّدي الإفرنج ومفتوني أوروبا الأشقياء الذين تجرَّدوا عن الإسلام وقطعوا صلتهم بالأمة، وتفضيلَهم على عوامِّ المسلمين ينافي مصلحة الإسلام، وسيؤدي إلى أن يولِّي العالَمُ الإسلاميُّ وجهَه إلى جهةٍ أخرى سواكم، ويطلب منها العون والدعم.
10. إذا كان في طريقٍ ما تسعةُ احتمالاتٍ للهلاك واحتمالٌ واحدٌ للنجاة، فلن يسلكها إلا من كان متهورًا مجنونًا لا يبالي بحياته؛ وإذا نظرنا في امتثالِ إحدى الفرائض الدينية كالصلاة التي تَشغَل ساعةً واحدةً من الأربع والعشرين، لوجدنا احتمالَ النجاة فيه بمقدار تسعةٍ وتسعين بالمئة، بينما قد يكون فيه احتمالُ ضررِ بنسبةِ واحدٍ بالمئة، وهو