142
ثم إني بينما كنتُ منتظِرًا ومتوجِّهًا لهذا المقصد بتظاهرِ هيئةٍ كذلك -وقد كان هذا غايةَ خيالي من زمان مديد- إذْ سَنَح لقلبي من قبيلِ الحسِّ قبل الوقوع تَقرُّبُ زلزلةٍ عظيمةٍ، [أجل، أَخبر في أثناءِ أحد الدروس على سطحِ مدرستنا «خورخور» في «وان» عن زلزلةٍ عظيمة ستقع، وتحقَّق ذلك كما أخبر، إذِ اندلعت الحرب العالَمية بعد زمنٍ يسيرٍ؛ حمزة، محمد شفيق، محمد مِهْري] فشرَعْتُ -مع عجزي وقصوري والإغلاق في كلامي- في تقييد ما سَنَح لي من إشاراتِ إعجاز القرآن في نظمِه وبيانِ بعض حقائقه، ولم يتيسَّر لي مراجعةُ التفاسير، فإن وافقَها فبِها ونِعْمَتْ، وإلا فالعُهدة علَيّ.
فوقعتْ هذه الطامَّة الكبرى، ففي أثناء أداء فريضة الجهاد، كلما انتهزتُ فرصةً في خطِّ الحرب قيدتُ ما لاحَ لي في الأودية والجبال بعباراتٍ متفاوتةٍ باختلاف الحالات، فمع احتياجها إلى التصحيح والإصلاح لايرضى قلبي بتغييرها وتبديلها، إذْ ظَهَرتْ في حالةٍ من خُلوصِ النيَّة لا توجد الآن، فأعرِضُها لأنظارِ أهل الكمال لا لأنه تفسيرٌ للتنزيل، بل ليصير -لو ظَفِر بالقبول- نوعَ مأخذٍ لبعضِ وجوهِ التفسير.
وقد ساقني شَوقي إلى ما هو فوق طَوقي، فإن استحسنوه شجَّعوني على الدوام.
ومن الله التوفيق

سعيد النُّورْسِيّ

***

وفي أثناء تلك المعارك استشهد كاتبُ تفسير «إشارات الإعجاز» «المُلَّا حبيب» الذي يَعدِل عشرين تلميذًا من تلاميذ الأستاذ النجباء، وذلك في «وَسْطان» إثر قيامه بمهمَّةٍ استخباراتيةٍ مهمَّةٍ مع قائدِ جبهة إيران «خليل باشا».
وكان فدائيو الأرمن في ذلك الحين يذبحون أطفال المسلمين في عددٍ من المناطق، فيُقتَل أطفالُ الأرمن في بعض الأحيان ردًّا على ذلك؛ وحدَثَ ذات مرةٍ أن جُمِع آلافٌ