168

وإذا بأمارات التصديق على كلامي تظهر من المجلس، فقالوا: نعم، كونوا على أمل؛ فإن التحوُّلات التي سيشهدها المستقبل سَيُجلجِل فيها صدى الإسلام قويًّا هادرًا بلا منازع.

ثم سأل أحدهم مرة أخرى: إن المصيبة تَحُلُّ نتيجةً لجنايةٍ ومقدمةً لمكافأة، فماذا فعلتم حتى أفتيتم للقدر بأن يحكم عليكم بهذه المصيبة؟ إذْ إن المصيبة العامة تترتب على خطايا الأكثرية؛ ثم ما مكافأتكم العاجلة؟

قلت: إن مقدمةَ هذه المصيبة إهمالُنا لثلاثةٍ من أركان الإسلام: الصلاة، والصيام، والزكاة؛ فقد طلب الخالقُ منا ساعةً واحدةً من أربع وعشرين لأجل الصلوات الخمس، فتكاسَلْنا عنها، فجعَلَنا نصلي نوعَ صلاةٍ بالمشقة والتدريب والسعي الدائب أربعًا وعشرين ساعةً طَوالَ خمس سنين. [يشير إلى عدد السنوات التي اشتركت فيها الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وذلك بين العام 1914م، والعام 1919م؛ هـ ت]

وطَلَب منا صيام شهرٍ واحدٍ في السنة، فأشفقنا على أنفسنا منه، فجعلَنا نصوم خمسَ سنين كفَّارةً لذلك.

وطَلَب زكاةَ المال الذي أحسنَ به إلينا، بأن ندفع منه مقدارَ العُشر أو ربع العُشر، فبَخِلنا وظَلمْنا، فأَخَذَ منا الزكاة المتراكمة، إذِ الجزاءُ من جنس العمل.

وأما مكافأتُنا العاجلة فهي أنه سبحانه رفعَ خُمُسَ هذه الأمة التي وقعتْ في الفسوق والعصيان -أي ما يعادل أربعة ملايين- ورقَّاهم إلى مرتبة الولاية، ومنحَهم مقام الجهاد والشهادة؛ فضلًا عن أن المصيبة العامَّة التي نشأتْ عن الخطايا العامَّة قد محتْ آثام الماضي.

فقال أحدهم أيضًا: وماذا إنْ كان بعض المسؤولين قد ارتكب خطيئةً فقاد الأمة إلى الهلاك؟