قِسمٌ من الأجوبة

إنْ كان الأمر كذلك فإني أقول: إنَّكم تملكون بحقٍّ استعدادًا لشجاعةٍ خارقة، بدليلِ أن أحدكم تهون عليه حياتُه في سبيل أمورٍ صغيرةٍ كمنفعةٍ يسيرةٍ، أو جاهٍ جزئيٍّ، أو شرفٍ رمزيٍّ، أو لِيقال عنه إنه بطل، ويقدِّمُ روحَه فداءً في سبيل تعظيم مقامِ رئيسه؛ فماذا لو صحا هؤلاء يا تُرى؟! ألا تَهون عليهم حياتُهم -حتى وإن كانت لهم آلافُ الأرواح- في سبيل قوميَّةِ الإسلام التي لا تقدَّر بثمن، [إن قوميَّتنا جسدٌ، روحُه الإسلام، وعقلُه القرآن والإيمان؛ سعيد] إذْ تمنحهم أُخوَّةَ ثلاثمئةِ مليون مسلمٍ وعونَهم المعنوي؟!
إن مَن يبيع حياتَه لأجل عشر بارات، لا بدَّ أنه سيبيعها بكلِّ حماسٍ لأجل عشر ليرات. [تتألف الليرة العثمانية من مئة قرش، ويتألَّف القرش الواحد من أربعين بارة؛ هـ ت]
فواأسفاه!! مثلما خرجتْ محاسنُنا من أيدينا وأفضَت إلى غير المسلمين، سَرَق هؤلاء منا أخلاقَنا العالية؛ فكأنَّ بعضَ أخلاقنا الاجتماعية الرفيعة إذْ لم تلقَ رواجًا عندنا، نفرتْ منا ولجأتْ إليهم؛ وكأنَّ بعضَ رذائلهم إذْ لم تجدْ كثيرَ رواجٍ عندهم، جُلِبَتْ إلى سوق جهالتنا!
ألا تَعجَبون إذْ تَرَون أنَّ كلمةً بيضاء وخَصلةً حمراء مثل: «إنْ أنا مِتُّ فلتسلَم دولتي وأمتي وأحبَّتي»، التي هي أُسُّ أساسِ الرقيِّ والتقدم الحاضر، بل مقتضى الدِّين الحق، قد سرقها منا غيرُ المسلمين؟! فإنَّ الفدائيَّ والمُضَحِّيَ منهم يقول: «إنْ أمُتْ فلْتسلمْ أمَّتي؛ فإن حياتي المعنوية فيها»!! بينما تقودُنا وتكُفُّ يدَ هِمَّتِنا كلمةٌ حمقاءُ وسَجيَّةٌ