129
جميعِ شعوبِ الإسلام وأئمتَهم، وكنتم مجاهدي الإسلام، ثم ساندتْكم أمةُ التُّرك العظيمة في وظيفتكم القدسيَّة هذه أتمَّ مساندة؛ ولهذا فإن ذنبكم بالتقاعس أعظم، كما أن حسنتكم أعظم وأعلى، وإن رجاءنا برحمة الله لعظيمٌ -لا سيما بعد أربعين أو خمسين سنة- في أن تتحد الشعوب العربية كما اتحدت الجماهير الأمريكية المتحدة، فتتبوَّأَ أسمى منزلة، وتُوَفَّق لأن تُقيم حاكميَّةَ الإسلام -الأسيرةَ اليومَ- على شطر المعمورة بل على أكثرها؛ وسيراها الجيل القادمُ إن شاء الله، ما لَم تقم القيامة عاجلًا.
وإياكم يا إخوتي أن تتوهموا أو تتخيلوا أنني بكلماتي هذه أستنهِضُ هِمَمَكم للاشتغال بالسياسة؛ حاشا!! فحقائقُ الإسلام أسمى من السياسة كلِّها، وإنما يُمكن للسياسة أن تكون خادمةً لتلك الحقائق، وليس من حقِّ أيَّةِ سياسةٍ أن تتخذ الإسلام أداةً لها.
إنني -بفهمي القاصر- أتصوَّر الهيئةَ الاجتماعية الإسلامية في هذا الزمان في هيئةِ معملٍ ذي مُسنَّناتٍ وتُروسٍ كثيرة، إنْ تباطأ منها أحدُها أو تعدَّى على رفيقِه اختلَّتْ ميكانيكية الآلة؛ ولهذا فقد آن أوانُ الاتحاد الإسلامي، ووجبَ صرف النظر عما بينكم من عيوبٍ ونواقص شخصيَّة.
هذا، وإنني ببالغِ التألُّم والأسف أبيِّن لكم أن بعضَ الأجانب مثلما أخذوا منا أوطانَنا ونفائسَ أموالنا، وبادلونا بها بضاعةً رديئةً، فقد فعلوا الأمر نفسَه إذْ أخذوا أخلاقَنا العالية وبعضَ ما أثمرتْه من سجايا تخصُّ حياتَنا الاجتماعية، فجعلوها أساسَ رُقيِّهم، وأعطَونا ثمنَها أخلاقَهم السيئة وسجاياهم الرذيلة.
فمثلًا: يقول أحدهم مُتمثِّلًا إحدى سجايا أمَّتنا التي أخذوها منا: «إن أنا مِتُّ فلتَسْلَم أمتي، فإنَّ لي فيها حياةً باقية»، فهذه كلمة حقٍّ منا قد أخذوها؛ وهي أقوى أساسٍ لرقيِّهم منا قد سرقوها؛ إنها كلمةٌ نابعةٌ من الدين الحق وحقائق الإيمان، فهي بضاعتُنا نحن أهلَ الإيمان؛ إلا أن واقع الحال أن الأنانيَّ منا يقول -متمثِّلًا سيِّئَ خصالِ