131
أجل، فكما كان أساسُ جميعِ علومِ البشرية وترقِّياتها شورى الأزمنة والعصور التي نقلها التاريخ تحت ما يسمى «تلاحق الأفكار» عند بني البشر؛ فإن أحد أسباب بقاء القارة الكبرى «آسيا» في مؤخَّر الرَّكْب هو عدم أخذها بتلك الشورى الحقيقية، وما مفتاحُ قارَّة آسيا وكشَّافُ مستقبلها سوى الشورى.
أي إنه كما يتشاور الأفراد فيما بينهم، ينبغي كذلك على الشعوب والقارَّات أن تتشاور فيما بينها أيضًا، وإن فكَّ القيود المتنوعة التي كبَّلت أقدام ثلاثمئةِ بل أربعمئةِ مليون مسلم، وتحطيمَ أغلال الاستبداد إنما يكون بالشورى الشرعية وبالحريَّة الشرعية النابعة من الشهامة والشفقة الإيمانيَّتَين، تلك الحريةِ الشرعيَّةِ المتحلِّيةِ بالآداب الشرعية، المتخلِّيةِ عن السيئات الموجودة في المدنيَّة الغربية المتحلِّلة.
إن الحرية الشرعية النابعة من الإيمان تأمر بأمرين اثنين:
ألَّا يُذلِّل ولا يَتذَلَّل.. من كان عبدًا لله لا يكون عبدًا للعباد
﴿وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [آل عمران:64]

نعمْ، الحرية الشرعية عطيَّةُ الرحمن

[كتبَ الأستاذ هذه الفقرة في الأصل بالعربية هي والتي تليها، ثم ترجمها بما مُفاده: «أي إن الإيمان يقتضي عدمَ إذلال الآخرين بالتحكُّم والاستبداد، وعدمَ الذِّلَّة، وعدمَ التذلُّل للظالمين؛ فمن كان عبدًا حقيقيًّا لله، لم يكن عبدًا لسواه؛ وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ، إذْ مَن لم يعرف الله توهَّم ربوبيَّةً لكلِّ شيءٍ ولكلِّ شخصٍ، كلٌّ بحسَبه، فسلَّطه على نفسه؛ نعم.. الحرية الشرعية إحسانٌ من الله سبحانه بتجلِّي اسم الرحمن الرحيم؛ وهي خاصِّيَّة الإيمان»؛ هـ ت]
فلْيَحْيَ الصدق، ولا عاش اليأس؛ فلْتَدُمِ المحبة، ولْتقْوَ الشورى؛
المَلامُ على منِ اتبع الهوى، والسلام على من اتبع الهدى.
[جاء في ترجمة هذه الفقرة أيضًا: «إن اللوم والعتاب والكُره لمن اتبع الهَوَسَ والهوى، والسلام والسلامة على من اتبع الهدى، آمين»؛ هـ ت]

***