119
ترقِّيَ أهل الإسلام وتمدُّنَهم إنما كان بقدْرِ قوةِ الحقائق الإسلامية، وبقدْرِ تحرُّكِهم بهذه القوة؛ وأنه بقدر ضَعفِ تلك الحقائق كان سقوطُهم في التخلُّف والبدائية والانحطاط، ووقوعُهم في البلايا والهزائم والهَرْج والمَرْج؛ أما سائر الأديان فعلى العكس من ذلك».
…….
ولو أننا أظهرنا بأفعالنا مكارمَ الأخلاقِ الإسلاميَّة وكمالاتِ الحقائقِ الإيمانيَّة، لدخل أتباعُ الأديان الأخرى في الإسلام أفواجًا، بل لَلَجأتْ إلى حِماه دولُ الأرض وقارَّاتُها.
…….
فاعتبروا يا إخواني في هذا الجامع الأُموي، ويا إخواني في جامع العالم الإسلامي الكبير، خذوا العِبرة من هذه الأحداثِ الجِسام التي وقعَتْ في السنوات الخمس والأربعين الماضية، وتعقَّلوا يا أهل الفكر والرأي ويا مَن يَعُدُّون أنفسَهم مثقفين.
حاصل الكلام: نحن معاشرَ المسلمين تلاميذُ القرآن، نَتَّبع البرهان، ونَدخل بعقلِنا وفِكرنا وقلبنا في حقائق الإيمان، ولا نَدَعُ البرهان تقليدًا للرُّهبان كما يفعلُ بعضُ أفرادِ سائرِ الأديان.
وبناءً على هذا فإنَّ الحاكم في المستقبل الذي سيَسُوده حكمُ العقل والعلم والمعرفة هو القرآنُ بلا ريب؛ إذْ هو الذي يُصدِّقه البرهانُ العقلي، ويؤيِّد العقلُ جميعَ أحكامِه.
ثم إنَّ الحُجُبَ التي كانت تَحُول دون ظهور شمسِ الإسلام قد أَخذت تنقشع، والموانعَ التي كانت تمنع النور عن البشريَّةِ قد أخذتْ ترتفع؛ ولاحَتْ أَماراتُ ذلك الفجر قبل خمسٍ وأربعين سنة، وبَزَغَ الفجرُ الصادق سنةَ إحدى وسبعين وثلاثمئةٍ وألف أو كاد؛ فإن يكن هذا الفجر كاذبًا فسيطلُع الفجر الصادق بعد ثلاثين أو أربعين سنةً إن شاء الله.
نعم، لقد حالَتْ ثمانيةُ موانعَ رهيبةٍ دون استيلاء حقيقةِ الإسلام على حقبةِ الزمانِ الماضي بتمامها: