253
تُدَرَّس في هذه الرسائل لأدنى طبقات العوام والأميين من خلال التمثيلات، في حين أن كبار العلماء يقولون عن معظم هذه الحقائق: إنه لا سبيل لإفهامها؛ فلا يعلِّمونها للخواص فضلًا عن العوام.
إن هذه التسهيلاتِ العجيبة وسهولةَ البيان البالغةَ درجةَ تعليم أبعد الحقائق بأقرب أسلوبٍ لأدنى طبقات العوامِّ، قد جَرَت على يدِ شخصٍ مثلي قصيرِ الباع في التركية، مستغلقِ الكلام لا يُفهَم كثيرٌ منه، حتى لقد اشتهر عنه في السابق أنه يُعقِّد الحقائق الظاهرة، وصَدَّقتْ مؤلفاتُه القديمة هذه الشهرةَ السيئة!! فلا ريب أن هذا لا يمكن أن يكون ثمرةَ براعة هذا الشخص بحال، وإنما هو أثرُ العناية بلا شك، وجَلوةٌ من جلوات الإعجاز المعنوي للقرآن الكريم، وانعكاسٌ وتجلٍّ للتمثيلات القرآنية.
الإشارة الخامسة:
بالرغم من أن الرسائل انتشرت انتشارًا عامًا واسعًا بين الجميع، وبالرغم من أنه اطلع عليها وقرأها طبقاتٌ وطوائفُ شتى من الناس، بدءًا من أكبر عالِمٍ وصولًا إلى أدنى عامِّيٍّ، وبدءًا من أكبر وليٍّ من أهل القلب وصولًا إلى أشد الفلاسفة الملحدين عنادًا، بل بالرغم من أن البعض تلقى صفعاتها، إلا أنها لم تُنتَقَد، بل استفادت منها كلُّ طائفةٍ بحسب درجتها؛ وهذا ليس إلا كرامةً قرآنيةً وأثرَ عنايةٍ ربانيةٍ مباشِرة.
وكذلك فإن إملاءَ هذا النوع من الرسائل التي لا تتحصَّل إلا بعد مزيد تدقيقٍ وتمحيصٍ، وتأليفَها بسرعةٍ عجيبةٍ في ظروفٍ من الشدة والانقباض تُشوِّش فهمي وإدراكي، ليس إلا إكرامًا ربانيًّا وأثرًا من آثار العناية.
نعم؛ يعلم أكثر إخواني ومعظم أصحابي مِن حولي والمستنسخون كذلك، أن الأجزاء الخمسة من «المكتوب التاسع عشر» قد أُلفت في بضعةِ أيامٍ بما مجموعه اثنتا عشرة ساعةً دون مراجعة كتاب، حتى إن أهم أجزائه، أعني الجزء الرابع الذي أظهر خاتم نبوةٍ