254
جليًّا في كلمة الرسول الأكرم (ص)، قد أُلِّف إملاءً من الذاكرة في حوالي أربع ساعات بين الجبال وتحت المطر؛ ويعلمون كذلك أن رسالةً دقيقةً مهمةً كـ«الكلمة الثلاثين» أُلِّفتْ في أحد البساتين في غضون ستِّ ساعات؛ وكذلك «الكلمة الثامنة والعشرون» أُلِّفتْ في زمنٍ لا يتجاوز الساعتين في بستان «سليمان»، وهكذا كان الأمر في معظم الرسائل.
ويعلم أصدقائي المقربون أنني منذ القديم متى كنتُ منقبضًا أو في شدةٍ، عجَزتُ عن بيانِ أوضح الحقائق، بل أُصبح كمن يجهلُها، خصوصًا إذا انضاف إلى هذا المرضُ، فيمنعني حينئذٍ من الدرس والتأليف؛ والحالُ أن أهم «الكلمات» والرسائلِ الأخرى قد أُلِّفتْ بأسرعِ وجهٍ في أقسى ما عانيتُ من أوقات الشدة والمرض؛ فإن لم يكن هذا عنايةً إلهيةً مباشرةً وإكرامًا ربانيًّا وكرامةً قرآنية فما هو إذًا؟!
ثم إن أيَّ كتابٍ مهما كان، إذا تناول مثلَ هذه الحقائق الإلهيةِ والإيمانيةِ بالبحث، لا بدَّ أن تعود بعضُ مسائله بالضرر على بعض الناس، ولهذا لا تُنشَر كلُّ مسائله لكلِّ أحد؛ أما هذه الرسائل فإنها حتى يومنا هذا لم تُلحِق ضررًا بأحد، كأنْ تشوِّش الأذهان أو تترك أثرًا سيئًا أو ترتدَّ بنتائج عكسية، ولقد سألتُ الكثيرين عن هذا الأمر؛ وتَحقَّق عندنا أن ذلك عنايةٌ ربانيةٌ وإشارةٌ غيبيةٌ مباشِرة.
الإشارة السادسة:
لقد بتُّ اليوم على يقينٍ من أن حياتي قد خُطَّ لها مسارٌ بشكلٍ غريب، ومضتْ بمعظمها خارجَ اختياري واقتداري وشعوري وتدبيري، كي تُثمِر هذا النوعَ من الرسائل التي تخدُم القرآن الحكيم؛ حتى لكأنَّ حياتي العلمية جميعَها كانت بمثابةِ مقدِّماتٍ تمهِّد لإظهارِ إعجاز القرآن من خلال «الكلمات».
بل إنَّ ما جرى في هذه السنين السبع من نفيي وغربتي، وعَزلي عن الناس تعسُّفًا