251
ولا ريب أن في هذه الجماعة المباركة إشاراتٍ غيبيةً قويةً فضلًا عن التوافقات الغيبية؛ وإنني أراها لكن لا أستطيع إراءتَها لكلِّ أحد ولا لعموم الناس.
الإشارة الثالثة:
إن إثبات أجزاءِ رسائل النور لجميع الحقائق الإيمانية والقرآنية الجليلة إثباتًا ساطعًا حتى لأشدِّ المعاندين، إنما هو عنايةٌ إلهيةٌ وإشارةٌ غيبيةٌ قوية؛ ذلك أن من الحقائق الإيمانية والقرآنية ما اعترف بعجزه عن فهمه أحد كبار العباقرة كـ«ابن سينا»، وقال فيها: «لا يجد العقل إليها سبيلًا»، في حين أن رسالة «الكلمة العاشرة» تُعلِّم تلك الحقائق التي عجز هذا الرجل عن بلوغها بعبقريته، وتُبيِّنها حتى للعوام، بل حتى للصغار.
وكذلك مثلًا مسائلُ سرِّ القَدَر والجزءِ الاختياري، فلم يتمكن من حلِّها علَّامةٌ جليلٌ كـ«السعد التفتازاني» [هو سعد الدين، مسعود بن عمر بن عبد الله التَّفتازاني، فقيهٌ متكلِّمٌ أصوليٌّ نحويٌّ بلاغيٌّ ولد عام 712 هـ بـ«تفتازان» من مدن «خراسان»، ألَّف العديد من الآثار الدالة على براعته ورسوخ قدمه، توفي بـ«سَرَخْس» عام 793 هـ؛ هـ ت] إلا فيما يقرب من خمسين صفحةً، وذلك في «المقدمات الاثنتي عشرة» من كتابه الشهير بـ «التلويح»، ولم يُعْلِم بها سوى الخواص؛ بينما «الكلمةُ السادسة والعشرون» التي تبحث في القدَر بيَّنتْ تلك المسائل بتمامها في صحيفتين من المبحث الثاني، ووضحتْها بأسلوبٍ يبلغ أفهام الجميع؛ فإن لم يكن هذا من آثار العناية الإلهية فما هو إذن؟!
وكذا الطلسمُ العويص واللغز العجيب الذي حيَّر العقول ولم تهتدِ الفلسفة إلى حلِّه، والذي حُلَّ بإعجاز القرآن العظيم الشأن، أعني ما يُسمَّى سرَّ خِلْقة العالَم وطلسمَ الكائنات؛ فقد حُلَّ في «المكتوب الرابع والعشرين»، وفي «النكتة المرموزة» في ختام «الكلمة التاسعة والعشرين»، وفي «الحِكَم الست لتحوُّل الذرات» في «الكلمة