214

إلى الشخص المعنوي لرسائل النور الذي اندرجتْ فيه أنوار الحقائق الإسلاميَّة وتجلياتُها. [تمثل هذه الكلمات تعبيرًا صادقًا عن العرفان والامتنان العميق الذي يُكنه أهل الإيمان في تركيا للجهود التي قام بها الأستاذ النُّورْسِيّ في تصديه لحملات الإلحاد الشرسة التي شُنَّت على أبناء هذا البلد الإسلامي العريق، والذي لولا خدمة رسائل النور لكان اليوم بلدًا لا يختلف في شيءٍ عن بعض بلاد أوروبا الشرقية التي امَّحتْ هويتها الإسلامية تحت مدِّ الشيوعية وضربات الإلحاد، وها هو نموذج بلغاريا والبلقان ماثلٌ للعيان؛ هـ ت]

وهكذا ذاب النُّورْسِيّ في رسائل النور التي هي مرآةٌ جامعة للرسالة الأحمديَّة والحقيقة المحمديَّة، وفنيَ فيها بشخصه، لكنَّه وُلد وبقي بمعناه في عالَم الإسلام، وستظلُّ رسائل النور بإذن الله باقيةً مثمرةً تؤتي أُكُلَها إلى أن يرِث الله الأرضَ ومن عليها، فهل يمكن للصانع الجليل الذي لم يُهمِل خلقَ جَناحِ الذبابة، فأدرجَ في ذرَّاته حِكمًا ومصالحَ كثيرة، ألّا تكون لرحمته علاقةٌ بالأماكن التي أُلِّفت فيها رسائل النور، والمَواضع التي أدى فيها مؤلِّفها وظائفَه القدسيَّة، أو أن تكون تلك الشجرةُ المبارَكة والأماكن والمدارس النُّوريَّة التي قَدَّمتْ هذه الخِدماتِ القدسيَّةَ خارج الرحمة الإلهية الخاصة؟! حاشا.. هذا غير ممكن قطعًا.

وكان الأستاذ النُّورْسِيّ أثناء إقامته في «بارلا» يصعد أحيانًا في شهور الصَّيف إلى جبل «چام»، فيختلي فيه مدةً من الزمن، وكان على قمةِ ذلك الجبل الشاهق شجرتان كبيرتان يأوي إليهما، إذْ كانتا بمثابةِ مدرستين نُوريَّتين على غرار خُصِّه الصغير في شجرة الدُّلب تلك، فكان يشتغل برسائل النور هناك ويقول: «أنا لا أستبدل بهذه الأماكن قصرَ يلدز».

ونختصر الكلامَ هنا لنُورِدَ بعضَ الرسائل والمراسلات التي تخصُّ حياة الأستاذ في «بارلا» وجبل «چام»، وتُبيِّن حقيقة رسائل النور.

***