215

باسمه سبحانه.. وإن من شيءٍ إلا يسبِّح بحمده

سلامُ الله ورحمتُه وبركاتُه عليكم وعلى إخوانكم لا سيما… إلى آخره

إخواني الأعزاء…

أنا الآن جالسٌ فوق شجرةِ صنوبرٍ ضخمةٍ على قمةٍ شاهقةٍ بجبل «چام»؛ [اسم الجبل في التركية: ﭼام، بالجيم المعطَّشة، ومعناه: الصنوبر؛ هـ ت] قد استوحشتُ من الإنس واستأنست بالوحوش، وكلما رغبتُ في مجالسة الناس تخيَّلتُكم بقربي فبَثَثتُكم أشجاني ووجدت معكم السُّلوان؛ أرغب أن أبقى هنا بمفردي شهرًا أو شهرين إن لم يحدث مانع؛ تطلبون اللقاء والمجالسة، وأنا أشتاق إلى ذلك أكثر منكم، فمتى رجعتُ إلى «بارلا» تحرَّينا سبيلًا لنلتقي ونتجالَس كما طلبتم.

أكتب إليكم الآن خواطرَ وردتْ بالبال على شجرة الصنوبر هذه:

أوَّلُها: سرٌ خاصٌّ، لكنَّ السر لا يُكتَم عنك، وهو:

مثلما أن بعض أهل الحقيقة هم مَظهَرٌ لاسم «الودود»، ينظرون إلى واجب الوجود عبر نوافذ الموجودات بتجلياتِ المرتبة العظمى لهذا الاسم، فإن أخاكم الفقير اللاشيء هذا، قد أُعطي حالةً تتجلى فيها مَظهريَّةُ اسمَي «الرحيم» و«الحكيم»، وذلك حصرًا عندما يكون مستخدَمًا في خدمة القرآن، ودلَّالًا لكنزه الذي لا يَنفَد؛ فجميع «الكلمات» [يتحدث الأستاذ هنا عن «الكلمات» حيث لم تكن قد ظهرت بعدُ بقية أجزاء رسائل النور من «اللمعات» و«الشعاعات» و«المكتوبات»، على أن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه؛ هـ ت] إنما هي جلواتٌ لذلك المظهر، وهي بإذن الله مَظهَرٌ لسِرِّ قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة:269].

ثانيها: خطر بالبال فجأةً فقرةٌ لطيفةٌ من قواعد الطريقة النقشبندية تقول: