220

فدعِ الشكوى واشكر كالبلابل..

ألا ترى كيف تبتسِم لسرورها الخمائل..

وإن جهلتَ المبتلي كانت الدنيا جفاءً وفناءً وهباءً وبلاء..

مالكَ تجأرُ بالشكوى من بلوى صغيرة.. بينما أنت مثقلٌ ببلايا تَسَعُ المعمورة!!

تعال توكَّل.. تبسَّم بالتوكل في وجه البلاء.. ليبتسمَ البلاء..

فكلما تبسَّم صغُر وتبدَّل.

وقلتُ كما قال أحد أساتذتي -أعني مولانا جلال الدين- مخاطبًا نفسه:

اُو گُفْتِ: «ألَسْتُ» وتُو گُفْتى: «بلى»

شُكْرِ «بلى» چِيْسْت گشيدَن بَلا

سِرِّ بَلا چيسْت كه

يعنى مَنَمْ حَلْقه زَنِ دَرْگَهِ فقرُ وفَنا

[المعنى: لما قال سبحانَه: ألستُ بربِّكم، قلتَ: بلى؛ فما شُكرُ قولك: بلى؟ إنه مقاساة البلاء؛ أتدري ما سِرُّ البلاء؟ إنه طرقُ بابِ الفقر والفناء؛ هـ ت]

وحينئذٍ قالت نفسي كذلك: أجل أجل، فبالعجز والتوكل، وبالفقر والالتجاء، ينفتح باب النور وتتبدد الظلمات، فالحمد لله على نور الإيمان والإسلام.

وشاهدتُ الحقيقةَ العاليةَ التي انطوتْ عليها هذه الفقرة من الحكم العطائية المشهورة:

ماذا وجَدَ من فقده؟! وماذا فقد مَن وجده؟!

أي: مَنْ وَجَدَ الله سبحانه وَجَدَ كلَّ شيء، ومن فقده لم يجد شيئًا، بل حتى إنْ وَجَدَ شيئًا وَجَدَ البلاء ينهال عليه.