262
ولقد نفينا دورَ الطبيعةَ والمصادفةَ بحججٍ قاطعةٍ في عشرين موضعًا من الرسائل، وأعدمناهما بسيف القرآن، وبيَّنَّا استحالة تدخُّلهما؛ لكنَّ أهل الغفلة عَمَدوا إلى الأمور التي لم تُعرَفْ حكمتُها ولا سببُها بنظرهم، وهي أمورٌ واقعةٌ في دائرة الأسباب الظاهرية من الربوبية العامة، فأطلقوا عليها اسمَ المصادفة؛ وخَفِيَتْ عليهم قوانينُ بعضِ الأفعال الإلهية التي لا يُحاط بحكمتها، والتي استترت بحجاب الطبيعة فلم يروها، فردُّوها إلى الطبيعة.
أما الثانية فهي الربوبية الخاصة، والعناية والنجدة الرحمانيتان الخاصتان، بحيث إن الذين لا يطيقون وطأة القوانين العامة يُسارع لنجدتهم كلٌّ من اسم «الرحمن» و«الرحيم» فيُعينانهم إعانةً خاصة، وينقذانهم من الشدائد؛ ولهذا يَستمدُّ منه سبحانه كلُّ حيٍّ لا سيما الإنسان، ويتلقى منه المدد كل آن؛ فإحساناته في هذه الربوبية الخاصة لا تحتجب خلف المصادفة، ولا تُرَدَّ إلى الطبيعة حتى لدى أهل الغفلة أنفسهم.
وبناءً على هذا السر، فقد نظرنا إلى الإشارات الغيبية التي في إعجاز القرآن والمعجزات الأحمدية على أنها إشارةٌ خاصة، وأيقنَّا أنها نجدةٌ خاصةٌ وعنايةٌ خاصةٌ تُظهِر نفسَها أمام المعاندين، فأعلنَّا عنها ابتغاء مرضاة الله تعالى وحدَه، عفا الله عنا إن قصَّرنا؛ آمين.

﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة:286]
***