453

ثم إنه قال لعقله: علينا أولًا أن نعرف شيئًا عن قيمةِ هذه الشخص الفريد (ص) وحَقَّانِيَّةِ أقواله، وصِدْقِ إخباراته، ثم نسأله عن خالقنا؛ فشَرَعَ بالتحري فوجد ما لا يُحصى من الدلائل القطعيَّة، نشير هنا إلى تسعةٍ كُلِّيَّةٍ منها على سبيل الإيجاز:

أوَّلُها: اتصافه بجميعِ الأخلاق الحسنة والخصال الحميدة، حتى شهِدَ له بذلك أعداؤه؛ وظهورُ مئاتِ المعجزات على يديه كما ثبت بالنقل القطعي الذي يبلغ بعضُه حدَّ التواتر؛ كانشقاقِ القمر بإشارةٍ من إصبعه كما صرَّحت الآية الكريمة: ﴿وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر:1]، وفِرارِ جيشِ عدوِّه بحفنةِ ترابٍ رماها في وجوههم فدخلتْ أعينَهم كما صرَّحت الآية الكريمة: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال:17]، وكنبعِ الماء من بين أصابعه الخمسة كالكوثر، وسَقيِه جيشَه الظمآن من هذا الماء إلى أن ارتوى.

ولما كان المكتوب التاسع عشر المسمَّى «المعجزات الأحمديَّة» على صاحبها الصلاة والسلام -وهو رسالةٌ بديعةٌ ذاتُ كرامة- قد بيَّنَ ما يزيدُ على ثلاثمئةِ معجزةٍ من هذا النوع بأدلةٍ قاطعةٍ، فقد أحال السَّيَّاحُ المعجزاتِ المذكورة آنفًا على هذه الرسالة قائلًا: إنَّ مَن كان على هذا القدر من الكمالات والأخلاق الحسنة، مع هذا القدر من المعجزات الباهرة، كان بلا مريةٍ أصدقَ الناس حديثًا، وأنزَهَهم عن الكذب والحيلة والخداع ونحوِها من خصال الوُضعاءِ عديمي الأخلاق.

ثانيها: أنه يحمل في يده مرسومًا صادرًا عن صاحب هذا الكون؛ وهو مرسومٌ يصدِّقه ويتلقاه بالقبول أكثرُ من ثلاثمئة مليون إنسانٍ في كل قرن، ألا وهو القرآن العظيم الشأن المعجِزُ من سبعةِ وجوه.

ولما كانت «الكلمةُ الخامسة والعشرون» الشهيرةُ المسماةُ «رسالةَ المعجزاتِ القرآنية» -وهي شمسُ رسائل النور- قد بيَّنتْ بالتفصيل وبالأدلة القويَّة أن هذا القرآنَ معجزٌ بأربعين وجهًا، وأنه كلامُ خالق الكون، فقد أحال السَّيَّاح عليها قائلًا: إنَّ مَن كان