467

ويبيِّن ويوضِّح كذلك إيمانَ ذلك المخاطَبِ الكريم المستوعبَ لجميعِ الحقائق الإسلامية، وهو أوسعُ إيمانٍ وأسماه..

كما يعلِّم ويَصِف شؤونَ الصانعِ المبدع لهذا الكون العظيم، إذْ يَعرِضُ كلَّ ناحيةٍ من نواحيه ويقلِّبها كما لو أن الكون خريطةٌ أو ساعةٌ أو منزل..

فلا ريب أن الإتيان بمثل هذا القرآن المعجزِ البيان محال، ولا ريب أن درجةَ إعجازه لا تُنال.

وكذلك تِبيانُ مفسِّري القرآن من آلاف العلماء المتفنِّنين والمدقِّقين ذوي الذكاء الرفيع -ممن بلغت تفاسير بعضهم ثلاثين أو أربعين مجلدًا بل حتى سبعين- تِبيانُهم بدلائلهم وأسانيدهم ما لا يُحَدُّ من مزايا القرآن ونُكاته وخاصِّياته وأسراره ومعانيه السامية، وإثباتُهم وكشفُهم الكثيرَ من إخباراته الغيبية عن كل نوعٍ من أنواع المغيَّبات؛

ومن هذه التفاسير رسائلُ النور المئةُ والثلاثون التي أظهرَ كلُّ جزءٍ منها حقيقةً من حقائق القرآن ونورًا من أنواره، وأثبتتْ كلُّ رسالةٍ منها مزيةً من مزاياه أو نُكتةً من نُكاته بالبراهين القاطعة؛ خصوصًا «رسالةُ المعجزات القرآنية» و«المقام الثاني من الكلمة العشرين» التي استخرجت من القرآن كثيرًا من عجائب المدنيَّة كالقطار والطيارة؛ و«الشعاعُ الأول» المعروف بـ«الإشارات القرآنية» الذي عرَّف بإشاراتِ الآيات المشيرة إلى رسائل النور وإلى الكهرباء؛ والرسائلُ الصغيرة الثماني المسمّاة بـ«الرموزات الثمانية» التي تُظهِر ما في الحروف القرآنية من عظيمِ الانتظام والأسرار والمعاني؛ ورسالةٌ صغيرةٌ تثبِتُ إعجازَ آخرِ آيةٍ في سورة الفتح من جهةِ الإخبار بالغيب بخمسةِ أوجُه.

فجميعُ هذا إنما هو إمضاءٌ على أن القرآن معجزةٌ وأُعجوبةٌ لم يأتِ مثلها، وأنه لسانُ عالَم الغيب في عالَم الشهادة هذا، وأنه كلامُ عَلَّامِ الغيوب.

وهكذا فهِم سَيَّاحُ الدنيا أنه لأجلِ مزايا القرآن وخاصِّياتِه المذكورةِ المُشارِ إليها