474

المزركشات؛ والتنظيمِ الساري حكمُه من درب التبَّانة والمنظومة الشمسية إلى أمثال الذُّرَةِ والرُّمَّان من الثمرات؛ والتوظيفِ الذي يَعُمُّ تكليفُه جميعَ الموجودات، بدءًا من الشمس والقمر، والعناصر والسحاب، حتى النحلات؛ وهي شهاداتٌ عظيمةٌ بقدرِ عَظَمَة هذه الحقائق، إنما تُثْبِتُ شهادة الكون وتُشَكِّلُ جَناحها الآخَر.

وبما أن رسائل النور قد أثبتتْ هذه الشهادة العظيمة ووضَّحتها، فإننا نكتفي بهذه الإشارة الموجزة هنا.

وهكذا أشارت المرتبةُ الثامنة عشرة من المقام الأول بإيجازٍ إلى الدرس الإيماني الذي تلقَّاه سَيَّاحُ الدنيا من الكون، فذُكِر فيها:

لا إله إلا الله الواجبُ الوجود، الممتنعُ نظيرُه، الممكِنُ كلُّ ما سواه، الواحدُ الأحد، الذي دلَّ على وجوبِ وجوده في وَحدته هذه الكائناتُ الكتابُ الكبيرُ المُجَسَّم، والقرآنُ الجِسْمانيُّ المعظَّم، والقصرُ المزيَّنُ المُنَظَّم، والبلدُ المُحْتَشَم المنتَظَم؛ بإجماع سُوَره وآياته وكلماته وحروفه، وأبوابه وفصوله، وصُحُفِه وسطورِه؛ واتفاقِ أركانه وأنواعه، وأجزائه وجزئيَّاته، وسَكَنَتِه ومشتَمِلاته، ووارِداته ومصارفه؛ بشهادةِ عظَمَةِ إحاطةِ حقيقةِ الحدوثِ والتغيُّر والإمكان؛ بإجماعِ جميع علماءِ علمِ الكلام، وبشهادةِ حقيقةِ تبديل صورته ومشتَمِلاته بالحكمة والانتظام، وتجديد حروفه وكلماته بالنظام والميزان؛ وبشهادةِ عظَمَةِ إحاطةِ حقيقةِ التعاونِ والتجاوبِ والتسانُدِ والتداخلِ والموازنةِ والمحافظةِ في موجوداته بالمشاهدة والعِيان.

ثم إن هذا الرجلَ المسافرَ التوَّاقَ الشَّغوفَ الذي أتى إلى الدنيا وبحث عن خالقها، وارتقى ثماني عشرة مرتبة، وبلغَ عرشَ الحقيقة، وترقَّى بمعراجٍ إيمانيٍّ من مقامِ المعرفة الغيابيَّة إلى مقامِ الحضور والمخاطبة.. خاطب روحَه قائلًا:

مثلما حصل بالمدح والثناء الغيابِيَّين اللذَين في أول الفاتحة طمأنينةٌ وسكينةٌ فارتقاءٌ